فاطمة عبد الرضا محمد اللواتية – الرؤية
كلنا نخطئ… فالخطأ وارد؛ لأن الإنسان خلق بطبعه خطّاء، والخطأ جزء من طبيعة الإنسان البشرية.
ولا يوجد أحد معصوم عن الخطأ، ومن النّاس من يعتقدون أنّ الخطأ يتنافى مع النضج والكبر، فهذا ليس صحيحاً، وإنّما النضج والحكمة لهما الدور في كيفية التعامل المتزن والهادئ لمعالجة الأخطاء والاستفادة منها.
يتعرّض الإنسان في حياته إلى مجموعة من المواقف والأحداث فلا بد من حدوث الخطأ، ومن خلال أخطائنا في الحياة نتعلّم ونستفيد ونطوّر أنفسنا – وعندها نتقبل الأخطاء ونعترف بها – حتى لا نكررها، والاعتراف بالخطأ من الشيم الأخلاقية العظيمة التي يتّصف به الكبار كما في المقولة ” الكبار يخطئون في العلن، ويتوبون في السر”.
يوجد فرق بين الخطأ والخطيئة، حيث إنّ الخطأ يصدر من الشخص من غير قصد أو عمد ويمكن أن يصحح ويصلح من قبل المخطئ ولا يعاقب عليه شريطة ألا يعود إلى خطئه مرة أخرى، أمّا الخطيئة فتكون مقصودة ومتعمدة ويرتكبها الإنسان وهو على علم بأنّها خطيئة هدفها إلحاق الأذى بالآخرين.
وأنا هنا لا أتحدث عن الخطيئة، وإنما أتحدث عن الأخطاء غير المقصودة والتي تصدر من الجميع دون استثناء؛ لأننا بشر ولا بد أن نخطئ…نعم أتفق أنّ نسبة الخطأ تختلف من فرد إلى آخر حسب علمه ومعرفته ونضجه وثقافته.
هدفي من طرح هذا الموضوع هو ملاحظتي لوجود أشخاص في معظم المجتمعات هدفهم تصيد أخطاء الآخرين في مختلف المواقف والمناسبات والأحداث الاجتماعية وفي العمل أو في محيط الأصدقاء ومن ثَمَّ يستغلونها لنشرها في مختلف وسائل التواصل الاجتماعي وعلى نطاق واسع. والشخص الذي يتصيّد أخطاء الآخرين لا يلاحظ الإيجابيات الأخرى في الموقف أو الحدث وإنّما هدفه فقط إظهار نفسه على حساب الآخرين.
من وجهة نظري أعتبر هذا الشخص مريضًا نفسيا، ويحاول إعطاء أهميّة لذاته والهدف منه الشهرة لنفسه والتشهير بأخطاء الآخرين والتقليل من شأنهم وبأنّه صاحب العلم والمعرفة وللأسف أشخاص مثقفون وصلوا إلى مراكز علمية عالية ولكن مع ذلك لديهم خصلة تصيد أخطاء الآخرين لا لشيء فقط لجلب الانتباه والشهرة.
وتصيد الأخطاء يحصل كثيرا في مجالات الحياة المختلفة مثل: مجال العمل بين الزملاء أو بين الرئيس والمرؤوسين، وفي التجمّعات العائلية وفي المناسبات الاجتماعية المختلفة.
ومن خلال خبرتي في مجال التدريس والعمل (في السنوات الماضية) حيث كان التوجيه والإشراف تقليديا من قبل المديرين والمشرفين عند دخولهم الحصص الإشرافية، كان الهدف تصيد الأخطاء التي تصدر من المعلمين فقط، دون التطرق للإيجابيات التي يجدها عند المعلمين ولا يعززها، وبالتالي ينعكس ذلك سلبًا على المعلمين ويؤثر على نفسياتهم، ولكن الحمد والشكر لله ربّ العالمين تغيّرت النظرة التقليدية، وأصبح الإشراف من قبل المديرين والمشرفين يركز أولا على الإيجابيات التي لاحظها لدى المعلم ويتم تعزيزها بصورة محببة، يرفع من معنويات المعلم ثم يتجه إلى الأخطاء والسلبيات بأسلوب تربوي وحديث راقٍ لا يجرح المعلم، والهدف منه التوضيح من أجل التطوير والإصلاح فيتقبلها المعلم برحابة صدر، يؤدي هذا إلى التحسين والتطوير في العملية التعليمية.
في الوقت الحاضر يتم تصيّد أخطاء الآخرين من خلال وسائل التواصل الاجتماعي عبر (واتساب وتوتير وفيسبوك) مما أدى إلى ظهور الكثير من المشاكل والقضايا وخروج الكثير من هذه الوسائل وعدم التعامل من خلالها.
إذا كان هدف الإنسان التصحيح والنصح فإنّه توجد وسائل كثيرة منها: التواصل المباشر وبطريقة خاصة وعدم التشهير والإعلان عن الأخطاء، وفي كثير من الأوقات نجد الكثيرين لا ينتبهون للخطأ ولكن بمجرد تلميح الشخص ينتبه الآخرون وخاصة أصحاب النفوس الضعيفة يجدونها فرصة لتصيد الأخطاء والتشهير به.
الحياة جميلة ويجب علينا أن نكون أكثر مرونة في معاملاتنا مع الآخرين، نحن جميعا نخطئ ولسنا ملائكة فيجب أن نكون واقعيين ولا نستغل الفرص لتصيد أخطاء الآخرين علينا تصيد أخطائنا أولا من أجل الإصلاح الذاتي وصقل مهارتنا والاستفادة من أخطائنا.