Image Not Found

المواطنون المغتربون: كورونا أثر سلبا على أسلوب حياتنا في رمضان

عُمان – أجرت اللقاءات: وردة بنت حسن اللواتية

مع انتشار جائحة الكورونا في مختلف دول العالم، فضل الكثير من العمانيين المقيمين في الخارج للدراسة أو العمل العودة إلى أرض الوطن، ولكن لبعض الظروف الخاصة لم يستطع بعضهم العودة، والتقينا مع مجموعة منهم لمعرفة كيف يقضون أيامهم هناك خلال هذا الشهر الفضيل.

د. قُصي بن حمد العُميري (أخصائي في الطب النووي) ومبتعث لإكمال درجة الدكتوراة البحثية (نظام انضمام كلي) في الهند، يحدثنا عن شعوره بقضاء شهر رمضان خارج عُمان قائلا: قد يكون شعور مصحوب بالوحشة ومرارة الحنين لأرض الوطن، وذلك بحكم فقد الشعور بدفء العائلة وصلة الرحم المصحوب بجماليات التقارب والتواصل وتبادل الأحاديث والذكريات فيما بيننا، وأيضا افتقد الالتقاء بهم على مائدة السحور والفطور، والذهاب معهم لأداء الصلوات والمناسك. وأيضا افتقد روح جلالة السلطان قابوس ـ طيب الله ثراه ـ، وحفيد العائلة الوحيد (قُصي).

وحول الطقوس التي يمارسها ليشعر بالأجواء الرمضانية، أجاب قائلا: للأسف لا توجد أية طقوس تذكر بحكم انشغالي المتواصل في العمل، وان سنحت لي الفرصة أقوم بالتواصل مع الأهل عبر الهاتف لنخفف من حدة الشعور بألم الغربة والفراق، رغم يقيني بأنهم يشعرون بالفقد كثيرا بحكم اغترابي الطويل عنهم منذ 8 سنوات، إلا أنني واثق من أنها ظروف جُبرت عليها وستثمر بثمارها في الغد القريب، وسأستطيع أن أخدم وطني بالشكل المطلوب واجعله في مصاف الدول المتقدمة.

وأضاف: برنامجي الروتيني مزدحم، حيث أذهب للعمل (المستشفى أو الكلية أو المكتبة أو المختبر البحثي ) لأداء واجبي الوظيفي تجاه المرضى أو الطلاب والاجتماع بالبروفيسور لمناقشة سير الأبحاث، ويستمر هذا حتى وقت المساء، وبعدها وحتى وقت السحور أقوم بكتابه أبحاثي وإنهاء بعض البرامج التعليمية (عن بعد) المتوفرة في شبكات الإنترنت بهدف استغلال الوقت في نهل المعارف.

وحول تأثير انتشار الكورونا في توفير ما يحتاجه لشهر رمضان، أوضح قائلا: بالطبع تفشيها له أثر سلبي على المغترب، خاصة من حدوث غلاء ملحوظ في كل من السلع الاستهلاكية، وارتفاع في نسبة الضريبة المحتسبة وذلك بعد فرص الحكومات هنا حالة إغلاق عام وحظر تجوال، وأمرت الجميع بالالتزام في المنازل، إلا لمن كانت لديهم واجبات إنسانية وتصاريح مثلي وبقية الطاقم الطبي لخدمة الغير ورعاية المرضى.

لا توجد صعوبات

تدرس رزان بنت عادل اللواتية في استراليا، وتقول إنها لا تشعر بالغربة إلا في شهر رمضان، حيث يشتد الشوق للأهل في هذا الشهر الفضيل، لكنه بنفس الوقت تحدي للذات، فالأجواء مختلفة بالكامل عن أجواء الوطن ولمة الأهل.

وتضيف: أفتقد الطبخ مع والدتي، والجلوس على مائدة الإفطار بصحبة العائلة، وأيضا لصوت المؤذن والأجواء الروحانية بالذات في هذه الأيام المباركة. لذا قمت مع زميلاتي بتزيين السكن لخلق جو رمضاني، والتقليل من الشعور بالغربة، وكذلك نقوم بإعداد وجبة الإفطار والأطباق الرمضانية سوياً.

وفي الصباح نحرص على حضور المحاضرات حسب توقيت كل درس عن بُعد من المنزل، وبعدها نقوم أنا وزميلاتي بإعداد وجبة الإفطار معا، وتاليها نقضي وقتنا بالعبادة وتلاوة القرآن، وأيضاً الدراسة مع بعضنا البعض.

وأشارت رزان أنها لم تواجه أي صعوبة إلى الآن ولله الحمد بسبب كورونا، فكل شيء متوفر في الأسواق، كما تشكر القنصلية العمانية في أستراليا على اهتمامهم بالطلاب.

طبخ أمي

تشعر سمية الكندية الطالبة الجامعية في أمريكا بالحزن لأنها لن تقضي شهر رمضان مع أهلها، ولكنها في النهاية تحمد الله أنها تستطيع التواصل معهم، كما أن المبنى الذي تقطن فيه يوجد بها مسلمون ومبتعثون عمانيون الذين أيضا لم يعودوا إلى مثلها إلى أوطانهم، ولذا فهم يساندون بعضهم البعض في هذه الظروف.

وتضيف قائلة: أكثر ما اشتقت إليه هو طبخ أمي، فهي طباخة ماهرة، ولديها مزيجها الخاص من النكهات التايلندية والزنجبارية والعمانية والذي للأسف لا أجد له مثيل هنا.

وعادة في عمان أقوم أنا وأخواتي بمساعدة أمي في الطبخ، وأبي يقوم بإعداد قدر كبير من الشاي بالحليب والفانيليا، وبعد الإفطار والصلاة، نجتمع كل أفراد الأسرة لقضاء وقت معا، ونتكلم حول مواضيع مختلفة أو نشاهد مسلسل طريف.

وأضافت: هنا في بوسطن نستيقظ لنتناول السحور حوالي الساعة الرابعة فجرا، ثم نصلي وبعدها نعود للنوم، وفي الصباح نتابع محاضراتنا عن طريق الإنترنت، ثم أجهز الوجبات التي تأخذ وقتا طويلا في الإعداد كالخبز والسمبوسة.

بعدها أبدأ بكتابة واجباتي، أو أشغل نفسي بهواياتي مثل الرسم أو الكتابة أو صنع فيديوهات في اليوتيوب والاتصال بالأهل، ثم في الساعة السادسة إلا ربع أبدأ بتجهيز طعام الإفطار، حيث أفطر الساعة الثامنة إلا ربع تقريبا.

وحول ما إذا كانت تواجه أية صعوبات في توفير ما تحتاجه لشهر رمضان مع انتشار فيروس كورونا، أوضحت قائلة: الحمد لله انني أسكن بالقرب من متجر مملوك لعائلة عربية، ويبيعون فيه كل الأغراض التي أحتاجها، ومن ضمنها الطعام الحلال.

كما استعين بالتطبيقات الإلكترونية للشراء من البقالة، ويقومون بتوصيل الأغراض للسكن، وبالطبع نقوم بتعقيم الأغراض عند وصولها، كما نأخذ احتياطاتنا عند الخروج من السكن، حيث نحرص على لبس أقنعة الوجه، وغسل اليدين لمدة 20 ثانية على الأقل، والحرص على التباعد الاجتماعي.

الصلاة والتلاوة مع الأسرة

تعمل إيمان بنت محمد نحيب اللواتية كموظفة في إحدى شركات البترول في السلطنة، وحاليا مبتعثة إلى مدينة هيوستن للعمل بنفس الشركة بفرعها بأمريكا، وتشير قائلة: ينتابني شعور مختلط بين فرحة ولذة الأيام الفضيلة المباركة، والشوق إلى تجمعات الإفطار ولقاءات الأهل والأحباب التي اعتدنا عليها، وأكثر ما أفتقده هو حلقات القرآن الرمضانية وجلسات الدعاء.

وأحاول مع أسرتي إقامة الطقوس الرمضانية هنا، كإقامة الصلوات معا، ونتبعها بجلسة تلاوة للقرآن الحكيم، أيضا بفضل الله وتقدم التكنولوجيا نستمع إلى بعض المحاضرات والبرامج اللي يقيمها الشباب العمانيين، فبسبب الوباء أصبحت الكثير من البرامج متوفرة على وسائل التواصل الاجتماعي،

أيضا قمنا مع الأطفال بتركيب زينة بسيطة بالمنزل تتكون من الفوانيس والأهلة في استقبال الشهر الفضيل، والحرص على تحضير المائدة الرمضانية بالأكلات التي اعتدنا عليها من السمبوسة والشوربة والقطائف وغيرها.

وعن برنامجها اليومي في رمضان، قالت: بحكم أنني موظفة فأقضي ساعات الصباح في العمل عن بعد من المنزل، أيضا ابني لديه بعض الحصص المدرسية عن بعد، حيث نساعده أنا ووالده في التحضير للحصص إكمال الواجبات والأنشطة المطلوبة.

ولدي ابنة بعمر السنتين فأقضي معها بعض الأوقات في تنفيذ بعض الأنشطة كالتلوين واللعب بالصلصال وغيرها، ويشاركنا ابني أيضا في ذلك، كما أن لدينا جلسة تلاوة بسيطة بعد صلاة الظهرين.

أما العصر فأقضيه في المطبخ لإعداد وجبة الإفطار، أما الأطفال فيستغلون وقت العصر باللعب في حديقة المنزل مع والدهم. ثم تأني أجمل الأوقات حيث نجتمع على مائدة الإفطار، يتبعها صلاة الجماعة مع أفراد الأسرة وجلسة دعاء بسيطة.

وحول تأثير جائحة كورونا، أوضحت إيمان: بفضل من الله لم نواجه أي صعوبات في توفير مستلزماتنا، حيث كل ما نحتاجه متوفر، حتى اللحوم والدواجن الإسلامية وجميع مستلزمات المائدة الرمضانية، وأود أن أذكر أن خدمة التوصيل هنا موجودة والكثير معتمد عليها طوال السنة حتى قبل جائحة كورونا.

كما وهذا أول رمضان اقضيه خارج الوطن، وشاءت إرادة الله أن تلغى فيه جميع الفعاليات الرمضانية بسبب كورونا، ففي مدينة هيوستن توجد مساجد كثيرة، ولديهم برامج متنوعة طوال السنة، ولكن بسبب الوباء كل الفعاليات متوقفة حاليا، فوجود مثل هذه البرامج في بيوت الله حتى في الغربة لها طعمها المميز، خاصة في الشهر الفضيل. كما يبلغ عدد الأسر العمانية في المدينة أكثر من عشرة، وبيننا لقاءات وتجمعات أسبوعية، ولكن بالطبع الآن منعنا من هذه اللقاءات.

روتين عادي

تدرس عمان بنت محمد اليحيائية في إحدى جامعات فرنسا، وعندما سألناها عن شعورها بقضاء رمضان في الغربة، أجابت قائلة: هذه ليست السنة الأولى التي أقضي فيها رمضان بعيدا عن أسرتي وذلك بسبب الدراسة، لذا نوعا ما إنني متعودة على هذا، ولكن بالطبع أشتاق إلى الأكلات الرمضانية، والعادات الرمضانية، وزيارة الأهل.

ولأنه لا توجد أجواء رمضانية هنا، كتزيين المنازل مثلا، لذا فهذا الشهر يبدو عاديا كأحد شهور السنة، وبالتالي تمر أيامي بدون أي روتين رمضاني خاص، حيث استيقظ في الصباح لأتابع المحاضرات اونلاين، ولكن أكل طعام السحور في وقت متأخر من الليل.

وبالنسبة لمدى تأثير جانحة كورونا على توفير مستلزماتها، أوضحت قائلة: بسبب الفيروس صرنا لا نجد دائما كل ما نريده في المحلات التجارية، لذا أجد صعوبة أحيانا في طبخ الوجبات التي أريدها، وأحاول إعداد وجبة من المستلزمات الغذائية المتوفرة لدي، كما أننا يجب أن ننتبه عند الخروج من مقر السكن لشراء الأغراض الضرورية، حتى لا نلتقط العدوى.