الوطن – خميس الصلتي
يأتي برنامج “مصباح”، الذي يبث كل يوم على شاشة تلفزيون سلطنة عمان، من الساعة الـ4 وحتى الـ5 عصرا، ليشكل حضورا ثقافيا ومعرفيا مهما، فإلى جانب كونه برنامج مسابقات على شكل حكايات ذات معان جليلة، إلا أنه يقدم رسائل هادفة للأطفال، تتجسد في العديد من الفقرات والأسئلة والجوائز عبر التواصل المرئي مع الأطفال المشاهدين. وهو من تقديم الفنان عبد الحكيم الصالحي وحوراء اللواتية ويزيد البلوشي، وفي الإخراج الفني سالم الرواحي، ومن إخراج محمد الحارثي وفي الإشراف العام تامر العبري.
كسبنا التحدي
حول تفاصيل هذا البرنامج يقول المشرف العام تامر العبري: برنامج “مصباح”، هو ذلك الإطار المعرفي الذي يقدم المسابقات الرمضانية اليومية للأطفال الصغار، ففكرته تستوحي من الحكايات والقصص التي يحكيها الحكواتي العم “مصباح” في قالب من التمثيل المسرحي الدرامي المشوق، والذي يتقمص فيه شخصيات الحكاية بأصواتها وتصرفاتها المختلفة، لقد استطاع مصباح جذب الفئة العمرية المستهدفة عبر قالب من الفقرات، تتصدرها حكاية العم “مصباح” وفقرة “مسرح الدمى”، التي تقدم تفاصيل حول مخطوط وموسوعة، عبر حوار شيق عن عُمان ورجالها من علماء ومؤثرين. ويضيف العبري: البرنامج من فكرة وتنفيذ كان ستوديو وتأليف وإعداد مبدعين في أدب الطفل وهم مهند العاقوص وبسمة الخاطرية، ولقد كان لدينا ١٦ يوما فقط من أجل إعداد وتنفيذ فكرة البرنامج بالكامل، وبعد الحلقة العاشرة أكاد أجزم بأننا كسبنا التحدي، فالبرنامج ظهر بشكل رائع ونال رضا شريحة واسعة من الجمهور، بل أصبح يتابعه الكبار قبل الصغار، من خلال الحكايات التي يقصها العم “مصباح”، في القالب والحس الدرامي الملفت، وعملنا مع طاقم إعداد مبدع ورائع للغاية وله الفضل بعد الله في نجاح هذا العمل المذهل، كما يقدم البرنامج فقرة “أنت الحكاية” عبر مشاركة الصغار في فيديوهات قصيرة عن بعد يتقمصون فيها دور الحكواتي.، مع أسئلة وجوائز متعددة يقدمها البرنامج بشكل يومي لمتابعيه.
تجربة فريدة
يتحدث الفنان عبدالحكيم الصالحي عن حضوره وتجربته في برنامج مصباح وهنا يقول: أحسبها تجربة جديدة فريدة من نوعها، فهي أول تجربة لي مع الأطفال وعلى الهواء مباشرة أيضا، وهي مخاطرة أيضا كوني أظهر لأول مرة بصورة مباشرة، وخلال الحلقات الماضية ولله الحمد استطعت تقديم ما يتوجب متابعته بصورة رائعة، فأنا استمتع بالمشاركة وطرح الفكرة اليومية، فهناك تنوع في الأفكار والمضامين أيضا، خاصة وأنت تخاطب شريحة مهمة في حياتنا ألا وهي شريحة “الأطفال”، وقد لاحظنا متابعة الكبار قبل الصغار أيضا، فالحوار الدائم خلال دقائق البرنامج أوجدت نوعا من التعرف على أشياء هادفة في عوالم مسرح الدمى وهذا أوجد رؤية بصرية يومية مغايرة. أما المذيعة حوراء والمشاركة في تقديم برنامج “مصباح” فتشير إلى تجربتها وتصفها بالرائعة وهنا تقول: فكرة إعداد البرنامج جداً رائعة، وطاقم عمل مشجع ومحفز ولله الحمد، فهو ثاني برنامج أقدمه في التلفزيون وعلى الهواء مباشرة، لكن التجربة تبدو مغايرة نوعا هنا، أنا سعيدة جدا بالعمل مع هذا الطاقم الرائع، فقد تحسن أدائي في التقديم مما أكسبني الثقة الكبيرة لأجل العطاء، وهذا ما أوجد حضورا جيدا لي، مما يشجعني لأكون أكثر حرصا وألقا أيضا في الأيام القادمة من عمر البرنامج.
أخلاق ومعارف
المعد مهند العاقوص يقول حول هذا البرنامج : قيل إن في الحكايات نورا، فكيف إذا شع ذلك النور من مصباح الحكايات، فبرنامج مصباح هو برنامج قيمي معرفي تربوي أخلاقي وترفيهي، يعبر عنوانه عن مضمونه، فالمصباح هو الرمز الموحي بالخيال والدهشة والعالم المليء بالحكايات، وهو رمز النور الذي يمثله العلم والأخلاق والمعارف التي سعى البرنامج لتقديمها، ويمكننا تصنيف البرنامج في مستويات عدة، فهو روحي بقيمه الأخلاقية والإسلامية والإنسانية ويمثل التراث بحكاياته وزيه والسينوغرافية المكانية، كما انه برنامج وطني لأنه يعزز الانتماء عبر الحوارات الهادفة التي يقدمها مسرح الدمى، وعصري أيضا بهويته البصرية التواصلية والتفاعلية، حيث يبدأ بأغنية تختزل المحتوى الذي يحلق بخيالات الأطفال نحو آفاق معرفية وجدانية ماتعة، ويلبي الحاجات السلوكية والترفيهية والروحية، يلي ذلك الحكاية الرئيسية التي يسردها “مصباح” بأسلوبه المسرحي الشائق، والتي تقدم القيم دون مباشرة وبسلاسة تجعل المشاهد يعايش الحكاية سمعيا وبصريا ويتشرب قيمها دون وعظ، يتبع الحكاية ثلاثة أنواع من الأسئلة مبنية بشكل تصاعدي تشويقي يجعلها جزءا من الوجبة الدسمة والخفيفة معا التي يقدمها البرنامج. وحول وقع العمل ومدى استيعابه من قبل المشتغلين عليه ومقدميه يقول العاقوص: لقد تلقف طاقم العمل الفكرة منذ بدايتها بروح الجماعة، خاصة فيما يتعلق باللحن، وأبدعت صانعة الدمى رملة اللواتية، كما دخل عبد الحكيم الصالحي إلى عمق الشخصيات، فلعب أدوارها ببراعة (مصباح، مخطوط، موسوعة)، وأبدع المقدمان حوراء اللواتية ويزيد البلوشي في تسيير فقرات البرنامج بسلاسة، وأدار المخرج الدفة بإتقان. كل هذه الخيوط وغيرها من خيوط وجنود مجهولين يقفون في كواليس هذا العمل الإبداعي، ينظمها ويضبط إيقاعها “استديو كان” الذي يثبت حرفيته مجددا وإتقان فريقه لإدارة العمل الفني الإبداعي بمراحله المختلفة.
مضامين معرفية
أما بسمة الخاطرية فتتحدث عن عدة تفاصيل في برنامج مصباح وهنا تقول: إن فقرة مخطوط وموسوعة تقدمان لنا حوارات طريفة، لكنها حوارات ذات مضامين معرفية مستمدة من الشخصية الحضارية لعمان الوطن بمكوناته التاريخية والجغرافية والبيئية والإنسانية، كما فتح البرنامج نوافذ التواصل مع الجمهور عبر المشاركات المفيدة والفيديوهات التي يشارك بها الأطفال فتحقق التواصل والتفاعل المنسجم مع طبيعة المرحلة، وإن النص الأدبي بأشكاله هو منحوتة فنية، وحين يضع الأديب فيه شيئا من روحه، يصبح قطعة فنية بروح ناطقة قادرة على التفاعل مع المتلقي، وهذا ما حصل مع مصباح، فقد وضعنا أنا والمعد مهند العاقوص، شيئا من روحنا في العمل، أعددنا وألفنا مواده بصدق، والشاشة لا تحجب طيبات المشاعر حين تقدمها القلوب عبر الكلمات ومكونات العمل الفني، وتشير الخاطرية: نحن فخورون بهذا العمل الذي يتابعه الكبار مع الصغار، لنثبت أننا من عمان قادرون على صناعة الدهشة، ببرامج فيها إرث الماضي بثوب الحاضر تؤسس لمستقبل سنقدم فيه كل ما نستطيع خدمة للطفولة التي نتنفس ونحب.