حيدر بن عبدالرضا اللواتي – عُمان
[email protected] –
لا يختلف اثنان على أن هناك العديد من الجوانب المؤثرة في ممارسة الأعمال التجارية خلال هذه الفترة التي تعطلت فيها المصالح والأعمال للمؤسسات والأفراد بشكل كبير نتيجة لتفشي فيروس (كوفيد-19)، وما يمكن عمله بشكل إيجابي استجابة لقرارات وموافقات اللجنة العليا الحكومية تجاه دعم أعمال القطاع الخاص وموظفيه، والتحديات التي يمكن أن يواجهها الاقتصاد العماني في المرحلتين الحالية والمقبلة.
هذه الجوانب تم التركيز عليها من خلال مجلس الخنجي عن البعد مؤخرًا، حيث تحدث فيه خالد أنصاري -الرئيس التنفيذي لشركة الأنوار القابضة- وهي إحدى الشركات المساهمة العمانية التي تعمل عبر سوق للأوارق المالية.
فالجلسة تطرقت إلى عدة محاور تتعلق بالتحديات التي تواجه الاقتصاد العماني في المرحلة الحالية، منها أمور تتعلق بإدارة النقد ورأس المال العامل، وفعالية المؤسسات في المرحلة الحالية، وكيفية إيجاد بيئة للمحافظة والاستمرار والازدهار، بالإضافة إلى تقييم وفهم المخاطر والبحث عن الفرص.
ونظرًا إلى أن تعداد السكان الإجمالي للسلطنة يصل تقريبا إلى 4.7 مليون نسمة حاليا، فمن الضروري النظر إلى التحديات التي قد تواجهها البلاد في المرحلة الحالية، والتي تكمن في تراجع أسعار النفط العالمية من جهة، وانتشار فيروس كورونا كما هو الحال في معظم دول العالم من جهة أخرى.
فتراجع أسعار النفط يشكّل تحديًا رئيسيًا، ويحتاج إلى وقت طويل لعلاجه، الأمر الذي سيؤدي إلى تحقيق خسائر عديدة للمؤسسات الحكومية والخاصة، فعلى المستوى الأهلي، فإن الأعمال التجارية والعقارية تتراجع، وأن الاقتصادات تواجه التحديات منها زيادة أعداد الباحثين عن العمل، الأمر الذي يوجد مشكلة لاستمرارية الأعمال، والمدة التي قد تحتاج إليها المؤسسات لإصلاح الأضرار، وبالتالي يؤثر ذلك على خدمات التمويل من قبل المؤسسات المصرفية والصناديق.
وهنا يأتي دور الحكومة في دعم تلك الأعمال، خاصة أن تأثير ذلك سوف يبقى على الأعمال وعلى خطط البيع والشراء، وأن بعض الظروف غير المستبعدة قد تؤدي إلى إعطال الأعمال والأنشطة وإقفالها.
فهناك اليوم مؤسسات في بعض الأنشطة التجارية تتعرض للتحديات مثل الفنادق والمطاعم والمحلات ومؤسسات الطيران وغيرها، فيما يرتفع العجز المالي الحكومي، في الوقت الذي لا توجد هناك موارد مالية أخرى، الأمر الذي يتطلب إلى علاجات، حيث إن لكل من تلك التحديات حلولا خاصة بها، ويرى أنصاري أن هذا الأمر سوف يؤدي إلى اختفاء بعض المؤسسات وإلى نقص في الخدمات ، وبالتالي سوف يتراجع النقد، حيث إن كل عمل تجاري سوف يعاني من السيولة والنقد، الأمر الذي سوف يؤثر بالتالي على أعمال الشركات اليومية.
فتراجع أسعار النفط العالمية يؤثر على موازنة الحكومة، وهذا بالتالي يمثل تحديا في الموضوع، ويتساءل المحاضر إن كانت الحكومة سوف تتجه بفرض ضرائب أخرى مثل بقية الحكومات في العالم، خاصة فيما يتعلق بضريبة الدخل، بينما دول مجلس التعاون الخليجي تعتبر الوحيدة في العالم التي تقل فيها الضرائب.
كما يتساءل عن نوعية الأعمال التي يمكن إيجادها للاستمرار في الأعمال التجارية، ويجيب على ذلك موجها إلى أن عدد السكان السلطنة ليس كبيرا، وبالتالي فإن الاقتصاد ليس كبير الحجم أيضا، الأمر الذي يمكّن الحكومة التعامل مع بعض المحاور التي تهم تلك الجوانب والمحافظة على الاستمرارية، مؤكدًا على أهمية النظر إلى المصادر والموارد الكامنة التي تتمتع بها السلطنة، بحيث يمكنها الاستغناء عن بعض المنتجات التي يتم استيرادها من الخارج، والتوجه نحو تأسيس المشروعات الصناعية المحلية واستغلال جميع الموارد التي يمكن أن تدعم الاقتصاد العماني.
لقد أصبح حتميًا النظر إلى الافكار الجديدة في المجتمع من خلال التنسيق بين المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص، والجامعات ومراكز البحث العلمي والمناطق الصناعية ، والنظر في الحلول التي يمكن وضعها لحل هذه الإشكالات، مع الانفتاح على الأفكار الخارجية التي تحققت من خلال الاعتماد على ذلك ، وإيجاد الحلول المحلية من واقع القول: (الحاجة أم الاختراع)، فالمنطقة الخليجية معرضة اليوم إلى العديد من القضايا الجيو السياسية، إلا أنه لا بد من التعامل مع هذه الأجواء بصورة أو بأخرى، فدولنا في المنطقة صرفت الكثير خلال العقدين الماضيين على موضوعات الرفاهية وسعادة الناس، وكان من المفترض صرفها على المؤسسات الإنتاجية لتكون أكثر قوة لاقتصاداتها.
كما أن الظروف الحالية تتطلب قيام المديرين بإيجاد طرق جديدة في العمل التجاري، والسماح للموظفين وهم جزء من الأعمال وأصول الشركات بالتحدث والاستماع إليهم، بحيث تعطى الفرصة لهم للتعبير والإنتاج وتقديم المزيد لمؤسساتهم، وهذه الطريقة سوف تحوّل الخوف في العمل التجاري إلى تحدٍ للمؤسسات والعاملين بها، كما أنها رسالة جيدة يمكن توجيهها إلى جميع الموظفين في مثل هذه الظروف التي تمر بها الدولة، ومن المهم أيضا تطوير وتثقيف العاملين في المؤسسات وإعدادهم بصورة جيدة من خلال التدريب اللازم ليتمكنوا من مواجهة الأعمال، وضرروة إجراء الاتصالات الجيدة والإيجابية معهم.
هذه القضايا تحتاج إلى تحقيق عدة أمور منها أن تكون لدى المؤسسات التجارية خطة الدفع، والعمل على تأخير بعض المشروعات التي يمكن بقاؤها قائمة لحين الانتهاء من الأزمة، كما من المهم الاعتماد على الابتكار بحيث تكون لدى الشركات أو المؤسسات خطة في ذلك، وضرورة العمل على إيجاد مصادر جديدة للدعم والتمويل في العمل التجاري في البلاد، بجانب التمويل الإسلامي، بالإضافة إلى إشراك مواطني المناطق الريفية في العمل المجتمعي في عملية الإنتاج، وهذه فرصة لهم في مثل هذه الظروف، وأخيرًا التركيز على ايجاد كفاءات جيدة بهدف التوجه نحو الإنتاج الجيد.
اليوم نرى أن المؤسسات الحكومية سارية في تقديم خدمات المياه والكهرباء والاتصالات وغيرها، ولكن هناك احتياج بأن تقوم مؤسسات القطاع الخاص بتقديم خدماتها في عملية التصليح لهذه الخدمات للاستمرار في مثل هذه الظروف، بحيث يسمح لها بالبيع والشراء لتلك المواد والأجهزة التي يحتاج إليها كل فرد في بيته ومؤسسته.
وأخيرًا من المهم الاستفادة من المشروعات التي أسستها السلطنة في القطاع اللوجستي خلال العقود الماضية من الموانئ والمطارات والطرق الجيدة لخدمة الأعمال التجارية في العالم، وخاصة خلال الفترة المقبلة، بجانب العمل على جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية وخاصة في القطاع السياحي التي تتميز بها السلطنة مستقبلا، على أن تكون جميع المشروعات متنافسة مع الآخرين لتحقيق هدف الاسثتمار الأجنبي، بجانب العمل في منظومة المشروعات المشتركة الحكومية والقطاع الخاصPPP والتركيز على تأسيس المشروعات الخضراء للطاقة في ضوء تراجع أهمية المشروعات النفطية في العالم.