Image Not Found

مقالات في التنمية البشرية: الشعائر “تنموية” تختلف عن الطقوس ؟ (2)

هلال بن حسن اللواتي – عُمان

من أهم الاشتباهات والأخطاء التي ترتكب في دراسة الدين الإسلامي ودراسة شعائره ومفاهيمه هوعدم دراسة منظومته وما تقوم عليه، ولهذا اعتبره البعض برنامج في عرض البرامج البشرية وألغى طوليته، الأمر الذي كان له الدور في عدم فهم الخطاب الديني، بغض الطرف عن سبب آخر وهو التوظيف السيء للدين المسيحي الذي قام به بعض رجالات الكنيسة إبان العصور الوسطى المظلمة، وإلا فسوف تنفتح علينا بوابة أسباب الأعراض، وهو ليس محل طرحنا هنا.

وصرح البعض بسبب ذلك أن هذا الدين الإسلامي لا علاقة له بالحياة التي يعيشها المرء من اقتصاد وهندسة وتقنية وتطوير مادي وطب ورياضة وغيرها من المسائل الحياتية، لأن الدين ليس دينا للحياة وإنما هو دين طقوس خاصة تمارس. والفرق واضح بينهما، فالطقوس خالية عن برامج تنموية، ومفرغة من المشاريع التطويرية، وتحكمها عادات وتقاليد شعوبية قومية قبائلية عشائرية، إلا أن الشعائر تحمل روح التنمية والتطوير، وتقدم في طي مفرداتها حركة نهضوية لبناء الإنسان وحضارته، ولهذا يدعونا البحث إلى النظر إلى مستنداته ومبانيه المعرفية التي تكسبه تلكم القيمة في عالم النهوض الحضاري والبناء البشري والتنمية الحقيقية، ولهذا قال الأعلام أن «الشعائر الدينية» تستند على قوانين وحقائق وسنن وجودية، وهي تكتسب
قوتها وقيمتها ومصداقيتها من تلك الحقائق التي تمثل المظلة لها، فما من شعيرة من الشعائر الدينية إلا وتستظل تحت مظلة تكوينية، إلا أن «الطقوس» تختلف تماما عن «الشعائر الدينية، إذ تكتسب قيمتها من اعتبار المجتمع وأفراده، وليس لها مناشى واقعية ولا وجودية حقيقية. .

وقال تعالى: «يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون»، والذي يهمنا هنا هو ملاحظة مجموعة من المسائل في هذه الآيات المباركة، ومنها:

أولا: أن الصوم أنما كان معلولا لعلة دخول شهر رمضان المبارك.

ثانيا: أن شرف هذا الشهر المبارك تعلل بنزول القرآن الكريم، فكأن للقرآن الكريم المحورية في هذا الشهر المبارك، ما يدفعنا إلى فهم طبيعة العلاقة بين هذا الثلاثي: «شهر رمضان»، و«القرآن الكريم ونزوله»، و«الصوم». .

ثالثا: ويلحظ في صوم شهر رمضان المبارك ضرورة صدور فعل الصوم عن «نية القربة إلى الله تعالى»، ما ينبهنا إلى أن «الصوم» في شهر رمضان المبارك ليس مجرد عملية «ترويضية» للنفس وغيرها.

رابعا: وهنا يطرح تساؤل مهم آخر وهو: ما مدخلية هذه النية «القربة إلى الله تعالى» في تحقيق أهداف «الصوم» أو أهداف «القرآن» أو أهداف «شهر الله المبارك»..