Image Not Found

مقالات في التنمية البشرية: برنامج تنموي إلهي (1)

Views: 18

هلال بن حسن اللواتي – عُمان

شهر رمضان المبارك من أهم البرامج الإلهية في منظومة بناء الإنسان، وبرغم أنه محاط بهالة من قداسة العبودية إلا أنه ليس بمعزل عن برنامج تنموي يفجر في الإنسان ما اختزن فيه من أنوار الملكوت، ليعلو به من قيود وأسر عالم المادة ويحلق به حرا في عالم الربوبية، والاشتباه الذي يقع فيه الكثيرون هو في فهم العلاقة لمثل هذه البرامج الإلهية وبين ما يعيشه المرء من حياة فردية واجتماعية.

وتبدأ التساؤلات من قبل البعض عن مستوى الحضور للعبادات في الحيز الاجتماعي، وهل يصلح الدين الإسلامي بما يحمله من شعائر الإدارة حياة الإنسان أم لا؟!، ومثل هذا التساؤل يمكن أن يخضع إليه شهر رمضان المبارك أيضا، فيمكننا أن نصوغ ذلك التساؤل بهذه الصياغة أيضا: كيف يمكن لبرنامج شهر رمضان المبارك إدارة الحياة الإنسانية؟!، ماذا يملك من قدرات لتحقيق ذلك؟!، أم هو مجرد برنامج تعبدي محض ليس وراءه أي مشروع تنموي حضاري؟!، وبتعبير آخر.. هل هو مجرد طقوس تمارس مثلما يمارسها الكثير من الناس والشعوب؟..

ومثل هذه التساؤلات غير مقتصرة على شهر رمضان المبارك بل تتعدى إلى كل ما يطرحه الدين الإسلامي من برامج عبادية كالصلاة والزكاة والحج، ومن هنا يدعونا الموضوع إلى البحث في هذه الخصوصية لهذه البرامج الشعائرية التي ينادي بها الإسلام في أفنيتنا، فهناك قراءة للدين الإسلامي بعيدة عما عليه مفاهيمه وأهدافه وغاياته، وقد ساهمت في فهم خاطئ لشعائره وبرامجه ومشاريعه.

لا نشك ولا نتردد بالقول: إن الإنسان محتاج إلى تنمية، فذاته هي المعنية بالتنمية أولا وبالذات، نعم ما ذكر من الأشكال المادية يأتي دورها ثانية وبالتبع، فالأولوية إذن هي للإنسان وذاته، لا لغير هذه الذات، ويعرف هذا المعنى من خلال ما لهذه التنمية وبناء الذات من أثر على سائر نتاج الإنسان في عالم المادة والتنمية التقنية والهندسة والطب وكل ما يصدر منه.

فمن يسعى إلى تنمية الجوانب المادية والإدارية بالمؤسسات من غير تنمية الذات إنما يعرض كل ذلك إلى لحوق الفساد به والخروج عن صراطية العقل والمنطق والصحة والصواب، وعندها يزول العدل ويسود الظلم، والأخطر إذا ما لبس الظلم لباس العدل، وقنن له، فعندها على الإنسانية السلام.

لقد عانت البشرية كثيرة ولا تزال من سطوة الظلم بغطاء القانون، وبالتأمل في هذا نجده ينتهي إلى وجود خلل جوهري أساسي في إدارة الذات، ولهذا نجد من المهم التحرك على مستوى هذه الذات لتنميتها بالشكل الصحيح.