المصدر: https://journals.openedition.org/cy/5429
دراسة مقدمة من ناصر بن عبدالله بن سالم الصقري للحصول علىدرجة الدكتوراه بتخصص التاريخ في كلية الآداب والعلوم الاجتماعية – جامعة السلطان قابوس
الملخص:
شهدت عُمان خلال عهد السلطان سعيد بن تيمور(1932–1970م) محدودية في الخدمات التعليمية الحكومية، فالمدارس الحكومية لم تتعد ثلاث مدارس سميت بالسعيدية، وانحصرت في ثلاث مدن عمانية فقط، وهي صلالة، ومسقط، ومطرح. وطوال هذه الفترة، ظلت هذه المدارس تعمل بنفس الوتيرة التي تأسست عليها، فكان التدريس بها يقتصر على المرحلة الابتدائية، وكانت للذكور فقط. وعليه ظل التعليم مهمشا ولم يحظ بأي تطوير يذكر. وفي مدينة مطرح المجاورة لمسقط تأخر افتتاح المدرسة السعيدية حتى عام 1959م، وكان البحث مستمرا من قبل الأهالي عن فرص تعليمية لأبنائهم. وأمام هذه الظروف ظهر التعليم الأهلي في مطرح كظاهرة تميزت بها، وكأحد البدائل التعليمية المناسبة لأبناء هذه المدينة. تهدف الورقة إلى تسليط الضوء على جميع الجوانب المتعلقة بالتعليم الأهلي في مدينة مطرح، حيث ستتطرق إلى عوامل قيام المدارس الأهلية، وتستعرض نماذج منها وجوانب النظام التعليمي بها. كما تشير الورقة إلى موقف السلطان الخاص تجاه هذا النوع من التعليم الذي ارتبط بالصفات المميزة لمدينة مطرح، وعلى رأسها نشاطها التجاري المزدهر وتركبيتها السكانية المتنوعة.
الفهرس
المقدمة
مدينة مطرح: وضع خاص في سلطنة سعيد بن تيمور بن فيصل (1932–1970م)
موقف السلطان سعيد بن تيمور من التعليم
تأسيس المدارس الأهلية في مطرح
نماذج من المدارس الأهلية في مطرح
الدور التعليمي والتربوي للمدارس الأهلية في مطْرح
الخاتمة
المقدمة
1عانت عمان في ظل حكم السلطان سعيد بن تيمور (1932–1970) من ندرة ومحدودية التعليم كما وكيفا، فالمدارس الحكومية الثلاث لم يتعد التعليم بها المرحلة الابتدائية فقط، على الرغم من إنشاء بعضها في بدايات حكم السلطان سعيد بن تيمور. وفي ظل هذه الظروف برز التعليم الأهلي في مطرح كأحد الحلول المهمة في هذا الجانب، من خلال إنشاء مجموعة من المدارس الأهلية التي اختلفت في طبيعتها عن النظام التعليمي الحكومي المتوفر آنذاك، حيث استفادت من المناهج الحديثة التي كان يجلب بعضها من الهند، والتي أهلت خريجي هذه المدارس بالتأثير في مجال سوق العمل المحدود آنذاك.
2تعد مدينة مطرح العُمانية المدينة التوأم للعاصمة السياسية مسقط، وتكتسب أهميتها من النشاط التجاري المزدهر بها، والذي يتفوق على النشاط التجاري في مدينة مسقط، ويمكن اعتبارها تجاوزا العاصمة الاقتصادية لعمان آنذاك لما عرفت به من نشاط تجاري مزدهر. كما أن التركيبة السكانية لمطرح تمتاز بتعددها، فهي تحوي مزيجا من الأجناس المختلفة من العرب، والهنود، والبلوش، والأفارقة، والفرس.
3وفي ظل ما عرف عن السلطان سعيد بن تيمور عدم رغبته الواضحة في تطوير التعليم – كما أشارت إلى ذلك العديد من الوثائق البريطانية – والتي ترجع السبب في ذلك إلى أسباب عديدة يأتي في مقدمتها اعتقاد السلطان بأن تطوير التعليم وانتشاره وخاصة في المراحل العليا سيؤدي إلى تطور وعي الشباب، والذين سوف يطالبونه بالتغيير والتنمية، وهو ما سيؤدي بعد ذلك —من وجهة نظر السلطان سعيد— إلى العديد من المشاكل السياسية.
4سنلقي الضوء على عوامل قيام التعليم الأهلي في مطرح، والظروف التي تهيأت لمطرح لقيام هذا النوع من التعليم بها. كما سنستعرض نماذج من المدارس الأهلية التي نشأت في مطرح، وجوانب النظام التعليمي بها كالمناهج، أساليب التدريس، اليوم الدراسي، الرسوم الدراسية، والمبنى المدرسي وغيرها من العناصر المرتبطة بالنظام التعليمي. كما سنتطرق إلى الأسباب التي كانت وراء سماح السلطان سعيد بن تيمور باستمرار هذا النوع من التعليم في مطرح، ومحاولة ربط ذلك بخصوصية التركيبة السكانية والدينية لمجتمع مطرح، وأيضا ربط ذلك بالمكانة التجارية للمدينة، حيث أن قيام تعليم من هذا النوع في تلك الفترة كان ضروريا لخدمة الأغراض التجارية في مطرح كونها مدينة قائمة على النشاط التجاري.
المقدمة
1عانت عمان في ظل حكم السلطان سعيد بن تيمور (1932–1970) من ندرة ومحدودية التعليم كما وكيفا، فالمدارس الحكومية الثلاث لم يتعد التعليم بها المرحلة الابتدائية فقط، على الرغم من إنشاء بعضها في بدايات حكم السلطان سعيد بن تيمور. وفي ظل هذه الظروف برز التعليم الأهلي في مطرح كأحد الحلول المهمة في هذا الجانب، من خلال إنشاء مجموعة من المدارس الأهلية التي اختلفت في طبيعتها عن النظام التعليمي الحكومي المتوفر آنذاك، حيث استفادت من المناهج الحديثة التي كان يجلب بعضها من الهند، والتي أهلت خريجي هذه المدارس بالتأثير في مجال سوق العمل المحدود آنذاك.
2تعد مدينة مطرح العُمانية المدينة التوأم للعاصمة السياسية مسقط، وتكتسب أهميتها من النشاط التجاري المزدهر بها، والذي يتفوق على النشاط التجاري في مدينة مسقط، ويمكن اعتبارها تجاوزا العاصمة الاقتصادية لعمان آنذاك لما عرفت به من نشاط تجاري مزدهر. كما أن التركيبة السكانية لمطرح تمتاز بتعددها، فهي تحوي مزيجا من الأجناس المختلفة من العرب، والهنود، والبلوش، والأفارقة، والفرس.
3وفي ظل ما عرف عن السلطان سعيد بن تيمور عدم رغبته الواضحة في تطوير التعليم – كما أشارت إلى ذلك العديد من الوثائق البريطانية – والتي ترجع السبب في ذلك إلى أسباب عديدة يأتي في مقدمتها اعتقاد السلطان بأن تطوير التعليم وانتشاره وخاصة في المراحل العليا سيؤدي إلى تطور وعي الشباب، والذين سوف يطالبونه بالتغيير والتنمية، وهو ما سيؤدي بعد ذلك —من وجهة نظر السلطان سعيد— إلى العديد من المشاكل السياسية.
4سنلقي الضوء على عوامل قيام التعليم الأهلي في مطرح، والظروف التي تهيأت لمطرح لقيام هذا النوع من التعليم بها. كما سنستعرض نماذج من المدارس الأهلية التي نشأت في مطرح، وجوانب النظام التعليمي بها كالمناهج، أساليب التدريس، اليوم الدراسي، الرسوم الدراسية، والمبنى المدرسي وغيرها من العناصر المرتبطة بالنظام التعليمي. كما سنتطرق إلى الأسباب التي كانت وراء سماح السلطان سعيد بن تيمور باستمرار هذا النوع من التعليم في مطرح، ومحاولة ربط ذلك بخصوصية التركيبة السكانية والدينية لمجتمع مطرح، وأيضا ربط ذلك بالمكانة التجارية للمدينة، حيث أن قيام تعليم من هذا النوع في تلك الفترة كان ضروريا لخدمة الأغراض التجارية في مطرح كونها مدينة قائمة على النشاط التجاري.
مدينة مطرح: وضع خاص في سلطنة سعيد بن تيمور بن فيصل (1932–1970م)
تعد مدينة مطرح أكبر مدن عمان التجارية، وتقع مطرح إلى الشمال والشمال الغربي من مدينة مسقط، وتبعد عنها بحوالي ميلين2، (ثلاثة كيلومترات تقريبا)، وقد سميت مطرح بهذا الاسم لأن السفن كانت تأتي إليها من مناطق شتى وتطرح بها مراسيها3. وأهم ما يميز المدينة ميناؤها المحصن طبيعيا بالجبال العالية التي تحيط به، وترتبط مطرح ارتباطا جغرافيا وتاريخيا بمدينة مسقط، فبالإضافة إلى القرب الجغرافي، نجد أيضا أن تاريخ المدينتين لا يمكن فصله عن بعضه البعض.
تتميز مطرح بمينائها الذي كان يتفوق بنشاطه التجاري على ميناء مسقط، وذلك لاتساع مساحته، وعمق مياهه، حيث كانت السفن الكبيرة تتمكن من الرسو فيه، في حين كانت السفن التجارية التي تأتي إلى ميناء مسقط تضطر للرسو بعيدا عن الميناء، لقلة عمق مياهه، ونقل البضائع بعد ذلك على القوارب الصغيرة. كما تتميز المدينة بسوقها الذي يعد أكبر حجما ونشاطا من سوق مدينة مسقط، نظرا للقيود المفروضة على مدينة مسقط في عملية الدخول والخروج للمدينة، وخصوصا في عهد السلطان سعيد بن تيمور، الذي سن قوانين صارمة لتنظيم الدخول والخروج، ومنع دخول المدينة بعد حلول الليل، في حين كان سوق مطرح مفتوحا على المناطق المجاورة، وقريبا من الميناء4. وتكتسب مطرح أهمية خاصة عن مدينة مسقط، وذلك بانفتاحها من الجهة الغربية على مناطق عمان، حيث يوجد بها الطريق البري الذي يصلها بباقي مناطق عمان الداخل، وكذلك السماح للقادمين من مناطق عمان الداخل الولوج إلى مطرح ومسقط، سواء كان ذلك لغرض التجارة أو التسوق أو السفر5. وهذا بعكس مدينة مسقط التي تكتنفها الجبال من معظم الجهات.
أما من حيث التركيبة السكانية، ونظرا للنشاط التجاري الذي تقوم به المدينة، فكانت تضم مجموعة من الأعراق والأجناس، فكان فيها العرب وأهمها قبائل السيابيين، والرحبيين، وبني جابر، وبني بوحسن6. كما كان الهنود الخوجة (اللواتيا) يشكلون عددا كبيرا من سكان مطرح، بل إن مطرح تعتبر المقر الرئيسي لهم، أما الهنود الهندوس (البانيان) فإلى جانب وجودهم في مطرح، إلا أن تركزهم بشكل أكبر كان في مسقط7. بالإضافة إلى ذلك كان هناك والبُلُوْش، والأفارقة، والفرس8. وهذا التنوع السكاني كان ناتجا من الموقع التجاري والبحري لمطرح، مما جعلها مركز جذب للعديد من الأقليات التي مارست التجارة واشتغلت بها. واستحوذ الهنود الخوجة على الأعمال التجارية في المدينة9.
ينحدر مؤسسو المدارس الأهلية من اللَّوَاتِي كما يتضح ذلك من قائمة المدارس المدرجة في نهاية البحث. ويذكر أن كلمة اللواتيا نسبة إلى لوتيانا (Ludhiana) وهو اسم نهر في منطقة تحمل نفس الاسم في البَنْجاب10، كما يطلق عليهم الحَيْدَرأبَادِيَة نسبة إلى إقليم حَيْدَرأَبَاد بالهند11. هذا إلى جانب الأسماء الأخرى التي عرفوا بها ومنها الخوجة.
أما من حيث الأصول العرقية لهم، فهناك جدل بين من تطرقوا إلى هذا الجانب، ومعظمهم يرى بأنهم من الهنود12، وأنهم كانوا على المذهب الشيعي الاسماعيلي، ثم تحولوا بعد ذلك إلى الشيعة الاثناعشرية13. في حين يرى بعض الباحثين في الفترة المتأخرة، وبعض المعاصرين، وهم من اللواتيا أنفسهم، بأنهم من العرب وينحدرون من بني سامة بن لُؤي14. ويرى آخر بأن اللواتيا قد يكونون تجمع لأكثر من مجتمع واحد، وذلك نظرا لتعدد التسميات التي أطلقت عليهم (لواتيا، خوجا، حيدأبادي، لواتراس، لوتي)15. ونحن هنا لسنا بصدد الدخول في تفاصيل هذا الموضوع بقدر الإشارة لهذا الجانب. وقد استقر اللواتيا في مطرح في حي عرف باسم ”سور اللواتيا“ وهو مغلق تحيط به الأسوار من جميع الجوانب، وكان عدد من المدارس الأهلية أنشأت داخل هذا الحي16.
كانت هذه المدارس بعيدة جداً عن التعليم الذي استفاد منه السلطان سعيد بن تيمور. ولد السلطان عام 1910م، وكان أكبر أبناء السلطان تيمور بن فيصل، وقد تلقى تعليمه في مرحلة الطفولة في المنزل، وحين بلغ سن الحادية عشرة، أرسله والده للدراسة بكلية مايو Mayo)) في منطقة أجمير بولاية راجيوتانا بالهند لمدة خمس سنوات17. وحين بلغ السابعة عشرة من عمره أراد والده أن يتلقى التعليم في احدى الدول العربية فأرسله إلى بغداد عام 1927م، وظل بها حتى عودته إلى عمان لتولي شؤون الحكم خلفا لوالده.
لعب السلطان سعيد بن تيمور دورا فاعلا في إدارة أمور البلاد منذ عودته من الدراسة من العراق عام 1929م18، حين تولى رئاسة المجلس الوزاري الذي تشكل منذ عهد والده السلطان تيمور بن فيصل، ثم آلت إليه شؤون الحكم بشكل كامل عام 1932م إثر تنازل والده عن الحكم له، فقام بحل مجلس الوزراء الذي تشكل في عهد والده، وأشرف بنفسه على إدارة جميع شؤون الدولة، وفي مقدمتها الجوانب المالية19.
أبدى السلطان سعيد بن تيمور اهتماما كبيرا بإصلاح الجانب المالي الذي كان في غاية التدهور حينها، حيث قُدر إجمالي ميزانية الحكومة قبيل استلامه للحكم عام 1931م حوالي 700 ألف روبية فقط، ”ما يعادل 50 ألف جنيه إسترليني“20، ومن هذا المبلغ كان عليه أن يدير جميع أوجه الإنفاق في الدولة، فأشرف بنفسه على الجوانب المالية للدولة، بعد رحيل برترام توماسBertram Thomas) )، ومن بعده س.اي هيدجكوكHedgcock) )، ومن ثم آر. جي ألبنAlban) )، والذين تم تعيينهم كوزراء للمالية، ولكنهم عجزوا جميعهم عن انتشال الوضع المالي المتردي، مع قيام بعضهم وخاصة الأخير منهم بجهود كان لها بعض التحسن البسيط21. وضع السلطان سعيد خطة محكمة لتقليص أوجه الإنفاق غير الضرورية، والاقتصاد في النفقات، وفي الثلاثينيات أصبح الوضع المالي لعمان في وضع أفضل بكثير عما كان عليه، على الرغم من الظروف العالمية المؤثرة، والتي كان من أبرزها قيام الحرب العالمية الثانية. 22
بعد تحسن الوضع المالي أمر السلطان سعيد بن تيمور ببناء المدرسة السَّعِيْدِيَّة بمسقط، والتي افتتحت عام 1940م، وكان أول بناء حكومي يتم إنشاؤه بعد تجاوز الأزمة المالية23، وقد شكلت هذه الخطوة أملا كبيرا لأبناء مسقط ومطرح، حيث فتحت أمامهم أبواب التعليم الحديث، واستبشروا خيرا بهذه البادرة واهتمام السلطان سعيد بن تيمور بالجانب التعليمي. كان من المؤمل أن يتجه إلى تنمية الخدمات التي تحتاجها الدولة، والتي كان من بينها التعليم، غير انه استمر في سياسة الاقتصاد في النفقات، واكتفى بإنشاء المدرسة السعيدية في مسقط، والمدرسة السعيدية في ظَفِار والتي كانت عبارة عن بناء بسيط، والتدريس بها كان أشبه بالمدارس التقليدية.
موقف السلطان سعيد بن تيمور من التعليم
كان التدريس مقصورا على المرحلة الابتدائية فقط بالمدرسة السعيدية بمسقط عند تأسيسها، وظلت تعمل بوتيرة متواضعة24، وظلت على هذا الحال حتى نهاية عهد السلطان سعيد بن تيمور عام 1970م، دون إجراء أي تطوير للمراحل الدراسية، أو بناء مدارس أخرى عدا المدرسة السعيدية بمطرح التي افتتحت عام 1959م25، وظلت بنفس الوضع من حيث المراحل الدراسية حيث كانت تدرس المرحلة الابتدائية. والجدير بالذكر أن كلا المدرستين كانت للذكور فقط، ولم يكن للمرأة أي نصيب من التعليم الحديث.
بعد اكتشاف النفط بكميات تجارية في عمان، أبدى الساسة البريطانيون اهتماما أكبر بإقناع السلطان سعيد بن تيمور بإدخال تحسينات على البلاد، وذلك خوفا منهم على المصالح البريطانية في منطقة الخليج عموما وعمان بشكل خاص، ورغبتهم من الاستفادة بأقصى درجة ممكنة من حزم المشاريع التنموية التي بدأت تنمو في المنطقة الخليجية بشكل أسرع، في وقت تزامن مع ظهور الوعي السياسي لدى أبناء منطقة الخليج، وخاصة بعد انتشار الأفكار القومية وشعاراتها المنددة بالإمبريالية والاستعمار26. كما أن سقوط نظام الإمامة في داخل عمان27، وهروب أتباعه إلى المملكة العربية السعودية، والتأثير على العمانيين العاملين في دول الخليج والذين كانت أعدادهم في تزايد مستمر، حيث أجبروا على ترك وطنهم للسعي لتوفير لقمة العيش، من خلال العمل في شركات البترول والأعمال الأخرى في كل من الكويت، والمملكة العربية السعودية، والبحرين، وقطر، فكان من السهل التأثير عليهم للقيام بأعمال تمرد وعصيان ضد حكومة السلطان(28. كل ذلك ولّد موجة من السخط ضد السلطان سعيد بن تيمور والبريطانيين، الذين رأوا في اقناع السلطان بإدخال مشاريع تنموية، قد تجدي نفعا في سبيل تحسين صورة السلطان، وتقليل موجة السخط ضده، وفي نفس الوقت تقليل عدد المهاجرين للعمل في دول الخليج من خلال توفير فرص العمل لهم في عمان، خاصة مع تزايد عدد الطلبة المتخرجين من المدارس السعيدية للسفر للخارج، حيث ذكر بايتون: ”إن حوالي 75% من الشباب الذين درسوا بالمدرسة السعيدية بمسقط سافروا للخارج بحثا عن العمل أو مواصلة الدراسة، أو كليهما معا“29.
سعى البريطانيون بشكل حثيث إلى إقناع السلطان سعيد بن تيمور، بالبدء بشكل جاد في تحسين الجوانب التنموية في البلاد، ومن ضمنها التعليم، من خلال تطوير التعليم القائم بإضافة مراحل متقدمة، وبناء مدرسة للبنات، وتوفير التعليم لأبناء شيوخ القبائل في عمان الداخل، وذلك خوفا من إرسال أبنائهم للدراسة في الخارج. وبمجرد أن طلب سكرتير التنمية هيو بُوستيد (Hugh Boustead) البدء في تأسيس المدارس الإضافية ومدرسة متوسطة للدراسات المتقدمة اصطدم بمعارضة السلطان القوية30. وعلاوة على ذلك، رغب بوستيد في البدء ببناء المدارس الابتدائية في الداخل، قبل تأسيس المدرسة المتوسطة للدراسات المتقدمة والدراسات التجارية وتدريب المعلمين في منطقة مسقط ومطرح. وزعم بوستيد نفسه —ربما على أمل الضغط على السلطان—، أنه قد سُئل مرات عديدة وطلب منه من قبل الشيوخ والقضاة والولاة في الداخل على وجه الخصوص، عن متى سيكون هناك مدرسة محلية لأبنائهم؟ لكي يتمكنوا من تعليمهم داخل عمان، وعدم إرسالهم إلى قطر والكويت والبحرين لأجل تعليمهم31.
كانت ردود أفعال السلطان سعيد ومواقفه جميعها تشير إلى عدم رغبته بإجراء أي تطوير كمي أو نوعي للتعليم، وتباينت تبريراته، وحججه في هذا الشأن، وقد أسهبت التقارير والوثائق البريطانية في شرح أسباب معارضة السلطان سعيد تطوير التعليم، ففي رسالة وجهت إلى وزير حكومة صاحبة الجلالة للشؤون الخارجية بلندن ذكر فيها: ”إن السلطان ضد الانتشار الواسع للتعليم في الدولة، بخلاف أسس التعليم الديني، لأنه يؤمن أن ذلك سوف يقود في النهاية للمطالبة بالتغيير السياسي الذي لا يتقبله“32.
وفي تقرير صادر من القنصل البريطاني في مسقط، إلى السير وليام لوس (Sir William Luce)، جاء فيه: ”على الرغم من أن السلطان تلقى تعليما جيدا، فهو لا يستسيغ قضية التعليم. إن مشكلته كما أعتقد من خلال معرفتي بشخصيته هو أنه يدرك أهمية وقيمة التعليم، ولكنه لا يدرك الطريقة التي تمكنه من أن يجني لنفسه الفوائد من التعليم دون أن يخلق قوة فاعلة ذات قدرة على إحداث الاضطراب داخل بلده، ولذا فهو لا يوفر إلا عددا قليلا من المدارس الإبتدائية. كما إنه لا يسمح بعودة من ذهبوا للخارج للدراسة“33.
ويذكر بوستيد الذي عمل سكرتيرا للتنمية في عهد السلطان سعيد بن تيمور، أنه عندما أشار للسلطان سعيد أن يقوم ببناء مدرسة يتعلم فيها أبناء ووجهاء القبائل والولاة في عمان الداخل، حتى يشاركوا فيما بعد في إدارة البلاد، رد عليه السلطان سعيد ساخرا: ”بأنكم [أي البريطانيين] ما خسرتم الهند إلا لأنكم علمتم الناس“، وذكر أيضا: بأن السلطان ”سمح له ببناء مدرسة واحدة فقط في العاصمة التجارية مطرح“34، وربما يقصد هنا المدرسة السعيدية بمطرح التي افتتحت عام 1959م. بل إن السلطان سعيد ذهب إلى أبعد من ذلك خاصة بعد تطور الأحداث في ظَفَار في النصف الثاني من عقد الستينيات، ويذكر فريد هاليداي (Fred Halliday) بأن السلطان سعيد أراد أن يغلق المدارس السعيدية الثلاث لأنها غدت مراكز للشيوعية35.
يبدو من خلال ما تم عرضه من المواقف المختلفة للسلطان سعيد بن تيمور، أنه كان يؤمن في داخله بأهمية التعليم، غير أن الهاجس والخوف الأكبر الذي كان يقلقه هو أن إتاحة التعليم لشعبه ستؤدي إلى زيادة الوعي، وهو ما قد يفرض عليه مطالبات شعبية كبيرة، ولذلك نجده يتبع سياسة الانغلاق، ومحاولة عزل عمان عن المحيط الخارجي الذي كان يشهد نقلات تنموية بعد ظهور النفط. ولذلك، فليس من المستغرب أن تخلو كلمة السلطان سعيد بن تيمور التي ألقاها في يناير من عام 1968م، عن تاريخ الوضع المالي في السلطنة وما يؤمل أن يكون عليه الحال في المستقبل بعد تصدير النفط من أي جوانب تفصيلية عما سيكون عليه وضع التعليم في عمان خلال المرحلة المقبلة، واقتصر على الإشارة بأن المستوصفات والمدارس من ضمن المشاريع التي ستشملها التنمية، في حين أنه تحدث بالتفصيل حول المشاريع التنموية الأخرى كالماء، والكهرباء، وميناء مطرح، والنقد السعيدي36. وفي هذا الصدد يذكر إيان سكيت (Ian Skeet): ”عندما ننظر إلى التعليم فلا يمكن القول بأنه تحقق أي شيء فيه، حيث كان التعليم في آخر أولويات خطة التنمية، وهو ما كان يريده السلطان، ولكن في المقابل كان التعليم هو أول احتياجات الشعب. قصة التعليم خلال حكم السلطان سعيد عكست اتجاهاته وأفكاره، وهذه الأفكار هي ما كانت سبب المصائب“37.
نجد أيضا من الباحثين من يرجع أسباب معارضة السلطان سعيد لنشر التعليم إلى الجانب القبلي، حيث يرى أوزي راباي (Uzi Rabi) بأن النظام السلطاني فهم اصلاحات التعليم على أنها قوة مدمرة متخفية بدرجة كافية لمحو وطمس التوازن الدقيق الذي اعتمدت عليه الدولة القبلية في عمان، ولهذا السبب اختار السلطان القتل في المهد لكل مبادرة قد تؤدى إلى تكوين طبقة متعلمة تعتنق مبادئ الغرب المتحررة، [على حد تعبيره] وتقوض التوازن الذي عملت الحكومة السلطانية جاهدة على بنائه38. وعلى الرغم من أهمية العامل القبلي والدور الذي يلعبه في التوازنات السياسية، إلا أننا نرى أن هذا الرأي بالغ بشكل كبير في ربط معارضة السلطان للتعليم بالجانب القبلي، بل إنه على العكس تماما من ذلك، فالتعليم المحدود آنذاك كان موجها في المقام الأول لأبناء شيوخ القبائل والوجهاء، ففي رسالة صادرة من رئيس الولاة بمسقط، بتاريخ 13 يونيو 1945م، وهي عبارة عن بيان إداري جاء فيه: ”أحيطكم علما أن الحكومة ترغب في فتح مدرسة داخلية بمسقط للطلاب الذين لا يسكنون مسقط. فتقدم لهم الحكومة مكانا لنومهم مع الأكل واللوازم الأخرى مجانا بدون مقابل ليتمكنوا من المداومة على المدرسة للتعلم ولهذا يقتضي أن توافيني ببيان أسماء الوجهاء الذين لهم أولاد يصلحون للتعليم مع بيان أسماء أولادهم وتقدير أعمارهم“39. أيضا سبقت الاشارة سلفا إلى محاولات سكرتير التنمية هيو بُوستيد (Hugh Boustead) في اقناع السلطان بتوفير مدارس لتعليم أبناء الشيوخ والأعيان.
كما إن من أسباب تشكل هذه المواقف المعارضة لتطوير التعليم لدى السلطان سعيد بن تيمور هو ما كان يسمعه في أخبار العالم عن المشاكل التي كان يسببها التعليم، وهي ما كانت تزيد من مخاوفه، وتدفعه بشكل أكبر نحو معارضة أي إصلاح أو تطوير للنظام التعليمي القائم. فكان يرى أن مزيدا من التعليم سوف يجلب مزيدا من المشاكل40. كما أنه سعى للتضييق على أولئك الطلبة الذين سعوا لمواصلة تعليمهم في دول الخليج المجاورة التي كانت تقدم لهم التعليم بالمجان، فكان يمنع أي أحد من السفر لمواصلة التعليم، وخاصة لأبناء مسقط تحديدا، حيث أنه في حال قيام أحد بمواصلة التعليم فإنه سوف يتم منعه من دخول البلد، وإن تمكن من الدخول فسوف لم يكن مسموحا له بالعمل41. وهو ما حدث بالفعل، حيث واصل العديد من أبناء مسقط تعليمهم بالخارج، ولكن في المقابل منعوا من العودة، ومن تمكن منهم من العودة فإنه لم يكن مسموحا له الحصول على عمل، ذلك أنه كانت لدى السلطان سعيد قناعة بأن التعليم الذي توفره المدرسة السعيدية في مسقط كان كافيا لتأهيل أبناء مسقط للعمل في مؤسسات الدولة آنذاك. أما أبناء مدينة مطرح فكانوا أكثر حظا في هذا الجانب، نظرا لتأخر تأسيس المدرسة السعيدية حتى عام 1959م، وأيضا نظرا لطبيعة النشاط التجاري في المدينة، وما يتطلبه ذلك من السفر إلى الهند وإلى مناطق الخليج العربي، فكان العديد منهم يأخذ أو يرسل أبناءه للدراسة في الخارج.
ويتضح من خلال المواقف المختلفة للسلطان سعيد بن تيمور تجاه التعليم، عدم رغبته الواضحة لتطوير أي من جوانبه، ويبدو أن المشهد السياسي الداخلي في عمان كان له دوره في تشكل هذه المعارضة، ذلك أن السلطان سعيد بن تيمور عندما قرر القضاء على نظام الإمامة في عمان، وتحصن أتباع الإمامة في الجبل الأخْضَر، مما اضطر السلطان سعيد بن تيمور الاستعانة بالقوات البريطانية، وخاض حرب الجبل الأخضر التي استنزفت الكثير من الموارد المالية42. وبعد انتهاء حرب الجبل الأخضر، واستقرار الأمور، بدأت تتشكل ثورة ظفار، التي هي الأخرى ألقت بعبئها الكبير على السلطان سعيد بن تيمور43. فجميع هذه الأحداث شكلت منعطفات مهمة في حياة السلطان سعيد بن تيمور، وعززت من موقفه المعارض لتطوير ونشر التعليم.
وعلى الرغم من أن خزينة الدولة في نهاية الستينيات، وبعد تصدير عدة شحنات من النفط العماني الخام، تكونت بها ثروة مالية بلغت حوالي 82 مليون ريال طبقا لتقديرات البنك الدولي لقيمة الصادرات النفطية العمانية خلال الفترة 1967–1970م44، وكان بإمكان السلطان القيام بمشاريع إنمائية كثيرة في البلد، وهو ما أعلن عنه السلطان سعيد بن تيمور في كلمته التي ألقاها عام 1968م؛ غير أن هذه المشاريع كانت أبعد من أن تلبي طموح المواطنين، والشباب الذين رأوا بأم أعينهم مدى التنمية التي حصلت في البلدان المجاورة التي كانوا يهاجرون إليها للدراسة والعمل، وكانوا يرغبون بأن يروا تنمية شاملة للبلد، وتوفر فرص تعليمية لأبنائهم، وإلغاء للقيود المفروضة على الكثير من الجوانب الأساسية التي كانوا يرون فيها حريات عامة ينبغي أن توفر للجميع. وأشار بوستيد أن ”معظمهم كان مستاء من الطريقة التي يدير بها السلطان سعيد البلاد، وأن الكثير منهم كانوا عاقدين العزم على أن يعملوا ضد حاكمهم وسياساته المتخلفة“45. وخلاصة الأمر أن ما كان يتطلع له العمانيون أكثر من أي أمر آخر هو فرص لتعليم أبنائهم، وفي المقابل كان أكثر ما يخشاه السلطان هو التعليم. وذلك لأن السلطان سعيد كان يرى أنه كلما زاد مستوى تعليم السكان كلما قل تقبلهم لمستوى التنمية التي وفرها لهم. ولذلك كان التعليم الحلقة الأضعف في خطط السلطان للتنمية، وهو في ذات الوقت أكثر ما كان يرغب به العمانيون، وهذا ما يشكل موضعا للصدام في هذا الجانب.
وإذا جئنا إلى موقف السلطان سعيد بن تيمور للتعليم الأهلي في مطرح، وعلى الرغم مما ذكرته أعلاه، إلا أننا نجد أنه لم يعارض قيام وانتشار التعليم الأهلي في مطرح، وهو يدعونا للبحث عن الأسباب التي جعلته يغض الطرف ولا يعارض قيام هذا النوع من التعليم، خاصة إذا ما عرفنا أنه كان له موقفا مغايرا من قيام مدارس خاصة خارج مسقط؛ ومن ذلك قيامه بإغلاق المدرسة التي أنشأها الشيخ مُبارك بن حمد العَرِيْمِي في صُوْر عام 1966م، بعد 17 يوما فقط من افتتاحها، دون أن يكون هنالك سبب واضح لهذا الإغلاق46. كما أن مدرسة عبد الله الغَزَالِي في صُوْر كان للسلطان رأي غير مشجع لمواصلة تعليم الأولاد بها أثناء زيارته لصور، مما حدا بأولياء الأمور أن يقوموا بسحب أبنائهم من المدرسة، وأُغلقت المدرسة بعد ذلك عام 195247. كما أن السلطان كان لا يشجع الذهاب إلى مدرسة الإرْسَالِيَّة التي كان يلتحق بها بعض أبناء مسقط48.
تأسيس المدارس الأهلية في مطرح
سنطلق مسمى (التعليم الأهلي) على تلك المدارس التي تقوم بجهود الأهالي أفرادا وجماعات49. ولا نستطيع الجزم بشكل دقيق حول البداية الفعلية للمدارس الأهلية في مدينة مطرح، على الرغم من تحديد ذلك في مطبوعات وزارة التربية والتعليم بالعام 1900م50، غير أننا لا نستطيع الاعتماد على هذه المعلومة لأنها غير موثقة بمرجع أو دليل تاريخي يمكن الاستناد إليه. ولكن تشير إحدى وثائق الوَقْف في مطرح، والتي عثر عليها الباحث، إلى وجود مدرسة أهلية في مطرح منذ عهد السلطان تيمور بن فيصل (1913–1932م) وتحديدا في العام الهجري 1343هجري الموافق 1924 ميلادي51، وعليه يمكننا القول بأن بداياتها الفعلية تعود إلى العقد الثاني من القرن العشرين أو ربما قبل ذلك بقليل.
تأسست المدارس الأهلية بجهود ذاتية من قبل أصحابها، وأحيانا كان التجار يسهمون في دعم بعضها. وكانت تستقبل التلاميذ من الذكور والإناث بعد انتهائهم من الدراسة في الكُتّاب (الكَتَاتِيْب)، وكانت المواد المُدَرَّسَة في معظم هذه المدارس هي اللغة الإنجليزية، واللغة العربية، والحساب، مع اختلاف التركيز في بعض منها على مادة معينة، وتميزت بعض منها بمميزات خاصة انفردت بها عن مثيلاتها كما سيأتي بيان ذلك من خلال ذكر نماذج من هذه المدارس. وقد اقتصر وجود المدارس الأهلية في مطرح فقط، حيث لم تقم في مسقط أي مدارس أهلية.
كانت فترة الازدهار والانتعاش لهذه المدارس في منتصف القرن العشرين، وتحديدا بعد عام 1940م52، وحتى نهاية عصر السلطان سعيد بن تيمور عام 1970م. حيث شهدت هذه الفترة عودة العديد من أهالي مطرح الذين تلقوا تعليما نظاميا في الخارج53، ورأوا بعد عودتهم أن يقوموا بتأسيس مدارس يعلّمون فيها أبناء مجتمعهم. فشهدت مدارسهم إقبال أعداد كبيرة من الطلاب للدراسة بها، وعكف القائمون عليها على تطوير المناهج التعليمية وخاصة مادة اللغة الإنجليزية والرياضيات. وعلى الرغم من وجود تشابه في معظم الجوانب التعليمية لهذه المدارس إلا أن كل مدرسة كان لها طابعها الخاص الذي يميزها. واستمرت تؤدي دورها حتى بعد توفر التعليم الحكومي عام 1959م بافتتاح المدرسة السعيدية بمطرح. بل إن بعضها ظل العمل بها مستمرا حتى بعد تولي السلطان قابوس الحكم في عمان عام 1970م.
ويمكننا استنتاج مجموعة من الأسباب التي يبدو أنها كانت السبب وراء عدم معارضة السيد سعيد بن تيمور للتعليم الأهلي؛ فمن ذلك أن هذه المدارس أنشأها أهالي مطرح لتعليم أبنائهم كانت تصب لصالح خدمة النشاط التجاري في المدينة، وإعداد أبنائهم ليكونوا قادرين على إدارة الأعمال التجارية، وعليه فإن أي معارضة من قبل السلطان قد تؤثر على النشاط التجاري، وتعود سلبا على مصدر دخل الأهالي وهو أيضا ما سيؤثر على الدولة. أيضا يمكننا إضافة سبب آخر وهو أن مطرح وبحكم قربها الجغرافي من مسقط مقر الحكم والإدارة فإنها كانت تحت المراقبة الحكومية لا سيما إذا ما علمنا أنه تم تعيين والي بها وهو إسماعيل الرصاصي الذي سبق وأن عمل بالمدرسة السعيدية بمسقط، وكان متابعا لجميع شؤون المدينة بما في ذلك كل ما يتعلق بالمدارس الأهلية، بل إن الفترة التي شهدت ازدهار التعليم الأهلي، كانت المدارس الأهلية في مطرح تمنح ترخيص من الحكومة، وتقع تحت إشراف دائرة المعارف آنذاك54. هذا إلى جانب الطبيعة السلمية التي يتحلى بها أبناء المجتمع المطرحي، وخصوصا اللواتيا الذين تأسس على أيديهم التعليم الأهلي في مطرح.
كما يمكن مناقشة بعض العوامل الأخرى التي لا تقل أهمية في هذا الجانب، منها أن مؤسسي هذه المدارس والذين كان أغلبهم من الهنود (الخوجة)، كانوا مشمولين بالحماية البريطانية، والتي وفرت لهم غطاء سياسيا مهما، وكان ذلك أحد الأدوار المهمة التي كان على الوكلاء السياسيين في الخليج القيام بها، فعند زيارة اللورد كورزون (Lord Courzon) للخليج عام 1903م، أشادت الجالية الهندية بنشاط المعتمدين السياسيين في حمايتهم55، وما ينطبق على الهنود (الخوجة) كان ينطبق أيضا على الهنود الهندوس (البانيان)، والذين كانوا يتركزون بشكل أكبر في مسقط، فقد كانت لهم مدرستين، احداهما في مسقط، والأخرى في مطرح56. وإلى جانب الحماية البريطانية التي يحظون بها، كان التجار البانيان يملكون من التجارة ورأس المال الوفير لدرجة أنهم كانوا يقرضون الحكومة، ففي عام 1918م بلغ اجمالي الديون في عهد السلطان تيمور بن فيصل التي اقترضها من البانيان ما قيمته 750 ألف روبية، بل إن الهنود البانيان هم من كان يدير الخزينة المالية للسلطان57.
كذلك لا ننس بأن هذه المدارس كانت لا تكلف الدولة أي تبعات مالية قد ترهق خزينتها. أما من حيث قيام السلطان بإغلاق المدارس الأهلية التي تأسست في صور، والتي سبقت الاشارة إليها، فإننا لا يمكن بأي حال من الأحوال مقارنتها بالمدارس الأهلية في مطرح، وذلك لأسباب عديدة، أهمها البعد الجغرافي عن مسقط لهذه المدارس، وعدم قدرة السلطة على التحكم فيها ومراقبة ما يقدم فيها للطلاب. أيضا كان الكثير من أهالي صور قد درسوا بالكويت، ومنهم العديد من أبناء عائلة الغزالي، وهذا بحد ذاته كان كافيا بما آلت إليه هذه المدارس إذا ما ربطنا ذلك بالتوجس الكبير الذي كان يبديه السلطان سعيد بن تيمور من انتشار الأفكار القومية، والتحررية بين أبناء البلد.
تعددت العوامل التي أدت إلى تأسيس المدارس الأهلية في مطرح، فقد لعب الموقع الجغرافي لمدينة مطرح المنفتح على المحيط الهندي من جهة البحر، وعلى مناطق عمان الداخل من الجهة الأخرى دورا مهما في ممارسة أهلها للنشاط التجاري، سواء كان ذلك من خلال ممارسة نشاط الاستيراد والتصدير للبضائع والسلع التجارية، أو ممارسة البيع والشراء في سوقها الذي كان يشهد نشاطا تجاريا يفوق أسواق مدينة مسقط مما أدى إلى احتكاك سكان مطرح بالثقافات والأجناس الأخرى خلال أسفارهم وتجارتهم، مما أطلعهم على جوانب عديدة كان من أبرزها ما رأوه من نشاط تعليمي وحراك ثقافي، سواء كان ذلك في مناطق القارة الهندية أو مناطق الخليج العربي التي كانوا يتاجرون فيها، والتي قطعت شوطا متقدما في الجانب التعليمي مقارنة بعمان. فكان ذلك عاملا دفع هؤلاء إلى تأسيس نشاط تعليمي لأبنائهم في مطرح، بالجهود والإمكانيات المتوفرة.
كما أن بعض التجار كان يضطر سابقا لإرسال أبنائه للدراسة في الهند، ومما يدلل على ذلك ما ذكره بيتر زويمر (Peter Zwemer ) في أحد تقاريره، عند محاولته تأسيس النشاط التعليمي للإرسالية العربية في مسقط، أن أحد التجار جاء إليه وسأله عما إذا كان سيقوم بتأسيس مدرسة عوضا من إرسال أبنائه إلى بومباي للدراسة58، وهكذا جاءت فكرة إنشاء هذه المدارس في مطرح —على ما يبدو— من خلال ما رآه تجارها أثناء أسفارهم، ووجود نخبة من المتعلمين الذين درسوا في الهند، وبعد عودتهم أرادوا تقليد ذلك بعمل مشابه لما رأوه، خدمة لأبناء مدينتهم، في ظل محدودية التعليم النظامي الحكومي، بل وانعدامه في المدينة حتى نهاية عقد الخمسينيات من القرن العشرين59.
كذلك كان للعلاقات التجارية بين عمان والهند دورا لا يمكن اهماله في قيام المدارس الأهلية، فقد كان للنشاط التجاري الذي قام به العمانيون، وازدهار موانئهم دورا كبيرا في تشجيع الهنود إلى إقامة علاقات تجارية، وقد عزز ذلك العديد من العوامل الطبيعية منها القرب الجغرافي، وحركة الرياح الموسمية60. ويعود تاريخ العلاقات التجارية بين عمان والهند إلى أزمنة قديمة تعود عصور ما قبل الميلاد61. ، وتطور الأمر في العصور الحديثة إلى استقرار العديد من الهنود في الشريط الساحلي لعمان بما في ذلك مطرح ومسقط، وبعد مجيء المستعمر البريطاني إلى الخليج، وزيادة هيمنته على شؤون المنطقة، منذ مطلع القرن التاسع عشر الميلادي، ازدادت هجرات الهنود إلى عمان والخليج، بفضل ما وفره لهم النفوذ البريطاني من حماية سياسية62.
أيضا كان للعامل الديني دور في نشأة التعليم الأهلي وخاصة تلك المدارس الأهلية التي أخذت طابعا دينيا في تدريسها. وإلى جانب اهتمامها بتدريس العلوم الدينية، نجد أن دورها امتد لمتابعة الطلاب بعد الدراسة، كالتزامهم بالصلاة في جماعة بالمسجد، بل إن بعض المدارس الأهلية كانت تفتح أبوابها إلى ساعات متأخرة من الليل في شهر رمضان لتعليم قراءة القرآن الكريم وتلاوته. إضافة لذلك، كان الجانب الديني والإنساني كان حاضرا لدى تعامل المدرسين مع أبناء الفقراء، بحيث يتم إعفاؤهم من رسوم الدراسة، كما هو الحال لدى الأستاذ قاسم عبدالله محمد علي، والأستاذ حسن علي هاشم(63. وبلا شك كان للتوجه الفكري والديني لمؤسسي هذه المدارس انعكاسه على البرامج، والمواد التي كانت تسود في كل مدرسة.
من العوامل التي أسهمت أيضا في قيام التعليم الأهلي توافد عدد من علماء الدين الزائرين إلى مطرح، فقد عمد تجار مطرح الذين ينتمون إلى المذهب الشيعي إلى دعوة علماء دين من خارج عمان لإلقاء الدروس والمواعظ الدينية، وإقامة حلقات العلم، وخاصة خلال الأشهر الثلاثة (رمضان/ محرم/ صفر)، وكان يأتي هؤلاء من عدة أماكن من النَّجَف بالعراق، ومن مدرسة الوَاعِظِيْن في لكنو (Lucknow) بالهند، ومن باكستان بعد انفصالها عن الهند64. وقد شكَّل توافد هؤلاء العلماء ظاهرة ثقافية كان لها دورها في نشر الوعي الثقافي، وخاصة الثقافة الدينية. كما أن بعضهم استقر في عمان لفترة طويلة وأسس مدرسة، كالسيد حسن أسد الله الموسوي65 الذي أسس مدرسة دينية في مطرح، وأخيه حسين أسد الله الموسوي66، الذي أيضا كانت له مدرسته الخاصة في مطرح67، وقد استمر توافد هؤلاء العلماء حتى أواخر الخمسينيات من القرن العشرين؛ فخلال الأعوام (1956–1958م)، دعا الحاج جعفر عبداللطيف —وهو أحد شيوخ وأعيان اللواتيا في مطرح— دعا عالم الدين الباكستاني ”رشيد ترابي“68لإلقاء محاضرات دينية، وعلمية، وثقافية في مسجد الرسول الأعظم بمطرح، وكان يحضر له الناس من مطرح من مختلف المذاهب والأطياف69.
كان تأخر ظهور التعليم الحكومي في مطرح مقارنة بمسقط عاملا مشجعا لإنشاء المدارس الأهلية، ففي حين افتتحت المدرسة السعيدية في مسقط عام 1940م، إلا أن التعليم الحكومي في مطرح لم ير النور إلا بعد 19 عاما من هذا التاريخ، على الرغم من مطالبة أهالي مطرح بتوفير تعليم حكومي لهم، عوضا عن إرسال أبنائهم للدراسة في الخارج كما تشير إلى ذلك الوثائق البريطانية70، ففي عام 1959م افتتحت المدرسة السعيدية في مطرح، وكان في البداية عبارة عن بيت مستأجر في حارة الشمال، وبطبيعة الحال لم يكن الجميع ميسور الحال، وقادر على إرسال أبنائه للدراسة بالخارج. فكانت المدارس الأهلية هي الحل الذي أوجده أهالي مطرح لهذه المشكلة.
لا يمكن اغفال العامل التجاري لدى مؤسسي المدارس الأهلية في مطرح، فمجتمع مطرح مجتمع قائم على النشاط التجاري، وتعددت أوجه النشاط التجاري فيه، وكانت المدارس الأهلية تمثل مصدر دخل جيد لمؤسسيها، وهذا بدوره أوجد نوعا من التنافس بين المدارس الأهلية في تقديم أفضل الخدمات التعليمية، كما أن الرسوم الدراسية كانت تختلف من مدرسة لأخرى حسب جودة الخدمات المقدمة. وغالبا ما كان المستوى المعيشي للعائلة يحدد مستوى المدرسة التي يمكن أن يقوموا بتسجيل أبنائهم بها. كما أسهمت الحركة الثقافية في مطرح منذ الثلاثينيات من القرن العشرين في قيام التعليم الأهلي، نظرا لوجود نخبة من أبنائها المثقفين. وقد قام هؤلاء بتأسيس نادي ثقافي أسموه (نادي الإصلاح)، وقد أسسه الأستاذ جواد بن جعفر الخابوري71، ويبدو أنه كان متزامنا مع مدرسته التي أسسها، والتي كانت من المدارس الأهلية الأولى التي تأسست في مطرح72. وكان بين هذا النادي ونادي مقبول في مسقط تواصل وتنسيق في إقامة الفعاليات الثقافية، وتبادل الكتب73.
يمكن إضافة عامل آخر يتمثل في تأثر تجار مطرح بما رأوه من نظرائهم التجار في منطقة الخليج بالاهتمام بتأسيس التعليم الحديث في دولهم ومناطقهم. وهي ظاهرة مشتركة – كما يراها الباحث – بين التجار، ورجال العلم والإصلاح في منطقة الخليج العربي. وأرى أن هذا الاهتمام بالتعليم الحديث من قبلهم سبق الاهتمام الحكومي في دول الخليج العربي؛ ففي الكويت على سبيل المثال افتتحت المدرسة المباركيّة عام 1911م بعد جهود الشيخ يوسف بن عيسى القناعي، ومجموعة من تجار الكويت الذين رحبوا بالفكرة، وساهموا بسخاء في التبرع لبناء المدرسة، ومن بعدها جاءت المدرسة الأحمدية التي أسست بجهود من قبل مجموعة من أعيان وأشراف الكويت74. كما أن المدرسة الأحمدية في دُبِي التي هي الأخرى افتتحت عام 1912م كانت بتأسيس ودعم من تاجر اللؤلؤ المشهور أحمد بن دلموك75. فقد تأثر هؤلاء التجار – وخاصة تجار اللؤلؤ – ببعضهم البعض، ويبدو أن الحال لم يكن مستثنى عن تجار مطرح، الذين كان البعض منهم يتاجر في اللؤلؤ ومنهم الحاج علي بن عبد اللطيف، واخوته موسى وباقر76، حيث ساهم باقر عبد اللطيف في توفير مقر لمدرسة الأستاذ قاسم —كما سيأتي ذلك—، وكان يدعم المدرسة طيلة مسيرتها التعليمية77. فكان معظم تجار اللؤلؤ بالخليج يلتقون بالهند، وكثيرا ما تعاونوا مع بعضهم البعض في إنشاء وتأسيس المدارس، سواء كان ذلك في بومباي أم في بلدانهم، فالتاجر الكويتي قاسم بن محمد آل ابراهيم تبرع بمبلغ ثلاثين ألف روبية لبناء المدرسة المباركية بالكويت78. والتاجر الحِجازي محمد علي زينل أسس مدرسة الفلاح في بومباي عام 1931م لتدريس أبناء الجالية العربية هناك79. وهناك أمثلة أخرى عديدة في هذا الجانب. غير أننا نلاحظ أن الجهود التي قام بها تجار مطرح كانت متواضعة، ولم ترق إلى إنشاء مدرسة نظامية حديثة، ويبدو أنه لم تكن تنقصهم الامكانيات المادية في ذلك، ولكن المشهد السياسي الذي كانت تعيشه عمان مختلف تماما عن المشهد السياسي في منطقة الخليج، وربما كان هوالسبب في عدم تجرؤ التجار العمانيين في القيام بذلك خوفا من ردة فعل السلطة الحاكمة.
بلا شك أن هذه العلاقات التجارية أسهمت في تبادل الأفكار، والآراء، خاصة في ظل ما كان سائدا في الهند من تقدم في المستوى التعليمي في تلك الفترة، وبما أن التعليم في عمان كان محدودا، ومقيدا بشكل كبير من قبل السلطان سعيد بن تيمور، فقد كانت المدارس الأهلية بديلا مناسبا لتجار مطرح، وهي مدارس فاقت في أدائها ومخرجاتها خصوصا في مادة اللغة الانجليزية عما كانت عليه المدرستين السعيديتين في مسقط ومطرح.
نماذج من المدارس الأهلية في مطرح
نظرا لكثرة المدارس الأهلية التي قامت في مطرح، حيث وصل عدد ما تمكن الباحث من رصده 22 مدرسة80، ونظرا لوجود بعض القواسم المشتركة فيما بينها، فإننا سنقتصر على ذكر واستعراض أمثلة محددة منها خلال الفترة التاريخية التي يشملها هذا البحث. ويأتي هذا الاختيار بناء على طول الفترة الزمنية التي استمرت بها المدرسة، وتوافر مادة علمية مناسبة عنها. وفيما يلي سنستعرض خمسة نماذج من المدارس الأهلية:
أ– مدرسة الأستاذ حسن بن علي هاشم اللواتي81: كانت تقع مدرسته في سوق مطرح القديم، وتأسست عام 1945م، وظلت تؤدي عملها حتى بعد توفر فرص التعليم بشكل أكبر بعد تولي السلطان قابوس الحكم في عمان عام 1970م، حيث ظل الأستاذ حسن في التدريس بها حتى عام 1975م، بعد التحاقه بالعمل الحكومي، بوزارة الإعلام العمانية82. وكانت مدرسته الوحيدة في مطرح أثناء افتتاحها وذلك بعد إغلاق مدرسة الأستاذ جواد بن جعفر الخابوري، الذي غادر عمان، وأيضا إغلاق مدرسة الأستاذ محمد جواد درويش، الذي لحق هو الآخر بأستاذه فغادر عمان إلى نفس الوجهة83.ظلت مدرسة الأستاذ حسن تعمل لمدة ثلاثين عاما، وعاصرت فترة انتعاش المدارس الأهلية في مطرح في حقبة الخمسينيات والستينيات. وعلى الرغم من أفول بعض المدارس، إلا أن مدرسة الأستاذ حسن ظلت تعمل بوتيرة نشطة طيلة عهدها، وشهدت إقبالا متزايدا، على الرغم من الصرامة التي عرف بها الأستاذ حسن في تعليمه، وتخرجت على يديه أجيال متتالية، وخاصة معظم مؤسسي المدارس الأهلية الذين جاؤوا من بعده84.
اكتسبت مدرسة الأستاذ حسن سمعة طيبة في أوساط المجتمع المطرحي، وضمت نخبة من المدرسين إلى جانب الأستاذ حسن، كانوا على مستوى من الكفاءة العلمية، ففي اللغة الإنجليزية انضم إليه الأستاذ الهندي بنجي Bunji —بعد إغلاق مدرسته التي أسسها هو أيضا في مطرح— وكان مدرسا بارعا لمادة اللغة الإنجليزية حيث كان على مستوى عال من التمكن فيها85. كما كان الأستاذ محمد على تقي من الذين درَّسوا بهذه المدرسة86، قبل أن يقوم لاحقا بتأسيس مدرسته.
وكان أوائل الطلبة بمدرسته هم أولئك الذين درسوا في مدرسة الأستاذ جواد بن جعفر —احدى المدارس الأهلية في مطرح—، والذين تأسسوا بشكل جيد في تلك المدرسة، نظرا لما كان يتمتع به الأستاذ جواد من معرفة واسعة، وكان دور الأستاذ حسن مكملا للبناء المعرفي لأولئك الطلبة، فعمل على إضافة المعارف الدينية إلى مناهج المدرسة، فكان أوّل مدرِّس يدخل العلوم الدينية في مناهج المدارس الأهلية87، وهو ما أحدث تطورا في الأهداف التي قامت من أجلها هذه المدارس، فأصبح التعليم شاملا للجوانب الدينية والعلمية، حيث كان التركيز سابقا ينصب على مناهج اللغة الإنجليزية. فكان يدرّس أحكام العبادات كالصوم والصلاة، وأدخل القصص الإسلامية في المنهج المدرسي، وأصبحت هذه القصص تشكل حيزا كبيرا في المنهج الدراسي، وقد أخذت هذا النهج المدارس الأهلية الأخرى التي تأسست من بعده في مطرح.
يبدو لنا أن التكوين الفكري والديني للأستاذ حسن لعب دورا في الجانب التعليمي، وإحداث هذا التغيير في المدارس الأهلية، فقد كان الأستاذ حسن قارئا مطلعا على كتب الدين، و التفسير، والتاريخ، والأدب، وحافظا للكثير من الشعر، وكانت له مكتبته الخاصة التي تحوي أمهات الكتب في هذه العلوم، كما عرف الأستاذ حسن بمشاركته في المناسبات الدينية التي يحتفل بها الشيعة وخاصة أيام عاشوراء، حيث كان يلقي القصائد الدينية88.
وبالنسبة لمناهج اللغة الإنجليزية فقد كانت تدرس بمدرسته مجموعة من الكتب منها على سبيل المثال سلسلة برايمر بعدديهما الأول والثاني (Primer 1 & 2)، وسلسلة ”ريدر“ بأعدادها الثلاثة، (Reader 1, 2 & 3)89. وجميع هذه المناهج الإنجليزية كان يؤتى بها من الهند. أما مناهج اللغة العربية فقد كان يعتمد على سلسلة القراءة الرشيدة، وسلسلة ”النحو الواضح“، وهي مناهج مصرية، بالإضافة إلى بعض المناهج اللُّبنانية90.
وكان تدريس البنات أيضا من الجوانب التي انفردت بها مدرسة الأستاذ حسن، فضمّت مدرسته الدارسين من الذكور والإناث ممن هم دون سن التاسعة91، وعلى الرغم من أن المدارس التي جاءت من بعده حذت حذوه في هذا الجانب، إلا أن مدرسة الأستاذ حسن تفوقت في عدد الحضور، حيث كان عدد الحضور من الإناث يفوق الحضور في باقي المدارس. كما أن عددا كبيرا من الطالبات اللاتي التحقن بالمدرسة السعيدية بمطرح بعد عام 1970م هنّ من خريجات مدرسة الأستاذ حسن92.
وكان اليوم الدراسي في مدرسة الأستاذ حسن يتكون من فترتين، الفترة الصباحية وتبدأ حوالي الساعة السابعة صباحا حتى موعد صلاة الظهر، ويبدأ اليوم الدراسي بقرع الجرس93، وبعده يدخل الطلاب للفصول فردا فردا. وكان الطلبة حريصون على الانضباط التام في الدراسة، لما عرف عن الأستاذ حسن من الحزم والصرامة في هذا الجانب. كما كان يقوم بجولات تفتيشية بين الحين والآخر، للتأكد من المحافظة على نظافة المدرسة، وعلى النظافة الشخصية للطلبة، حيث كان يقوم بتفتيش الأظافر والشعر الطويل. وكان يحرص على أن يكلم طلبته باللغة العربية الفصحى، وأن يتحدثوا هم بها أيضا، وكثيرا ما كان يصحح لهم أثناء حديثهم94. وأثناء رفع الآذان بالمسجد يتوقف كل شيء بالمدرسة إجلالا واحتراما حتى نهاية الأذان، وبالنسبة للصلاة، ففي بعض الأحيان كان يذهب الطلاب للصلاة في المسجد، وأحيانا أخرى يصلون بالمدرسة خلف الأستاذ حسن95، ويبدو أن ذلك كان لغرض تعليمي وهو تعليم الطلاب الصغار الصلاة96. بعدها يعود الطلاب لبيوتهم لتناول الغداء وأداء الفروض المدرسية التي كلفوا بها، والعودة إلى المدرسة مرة أخرى للفترة الثانية في حدود الساعة الثالثة قبيل العصر، وتستمر هذه الفترة لمدة ساعة ونصف97. وتبدأ بطابور بسيط للطلبة يردد فيه الطلبة بعض الأناشيد بالمدرسة، وأبيات الشعر.
ينتهي الأسبوع الدراسي يوم الخميس الذي كان يتضمن فترة صباحية فقط، وقبيل انصراف الطلبة إلى بيوتهم يوم الخميس يتم إعطاؤهم قصة من قصص أيام العرب، كقصة عنترة بن شداد العبسي، وأيام العرب قبل الإسلام، وغيرها من القصص الأخرى، وبها يكون ختام اليوم الدراسي98.
ب – مدرسة الأستاذ عبد الله علي عبد الله اللواتي: تأسست هذه المدرسة عام 1947م، وانتهى العمل فيها بتولي السلطان قابوس الحكم عام 1970م، وقد مرت هذه المدرسة بمرحلتين.
المرحلة الأولى (1947–1965م) تبدأ بالعام الذي تأسست فيه المدرسة، وكان تأسيسها بتوصية من الأستاذ جواد الخابوري حيث كان الأستاذ عبد الله من أنجب طلابه، وقبل مغادرة جواد الخابوري إلى جامعة كراتشي للتدريس بها أوصى تلميذه بتأسيس مدرسة لتعليم أبناء مجتمعه99. وكان نشاطها في البداية يقتصر على تقديم الخدمات التعليمية للأقرباء من أبناء العائلة وبعض الجيران، واستمرت المدرسة بهذا الوضع حتى سفر الأستاذ عبد الله إلى الكويت حوالي عام 1959م، وأوكل تسيير شؤون المدرسة إلى أخيه عبد الرضا، وقاسم عبدالله، وكان هؤلاء من تلامذته100. وانقسمت المدرسة إلى قسمين، القسم الأول أداره أخوه الأستاذ عبد الرضا عبد الله، وكان النواة الأولى لمدرسته التي أسسها لاحقا. والقسم الثاني أداره الأستاذ قاسم وكان أيضا الأساس لمدرسته الأهلية التي هي الأخرى كانت أحد المدارس الأهلية البارزة في مطرح101.
شهدت المرحلة الثانية (1965–1970م) ازدهارا وتطورا في المدرسة عما كانت عليه في مرحلتها الأولى، فبعد عودة الأستاذ عبد الله بن علي اللواتي من الكويت عام 1965م، قام بتنظيم المدرسة، فجعل التدريس بها على فترتين، صباحية ومسائية، وقام بتوزيع الدارسين على الصفوف وفق مستوياتهم، وكان له فريق من المعاونين الذين اعتمد عليهم في تسيير شؤون المدرسة. هذا من حيث الجانب التنظيمي والإداري، أما من حيث الاهتمام بالمناهج والمواد الدراسية، فقد أدخل مادة العلوم، وكان الكتاب المقرر في هذه المادة يشمل على التعريف بجسم الإنسان، وأجهزته، ومكوناته، الخ102. فكان بذلك أول من أدخل مادة العلوم كمادة مستقلة في التدريس بالمدارس الأهلية. وإلى جانب العلوم كان يدرّس الرياضيات واللغة العربية واللغة الإنجليزية، وكانت المناهج بالنسبة لمادة اللغة الإنجليزية يؤتى بها من الهند، والمواد الأخرى من لبنان ومصر103.
يبدو أن الفترة التي قضاها الأستاذ عبد الله للعمل في الخارج أكسبته العديد من الخبرات، والمعارف، مما انعكس أثرها على مدرسته في مرحلتها الثانية. فقد سافر للعمل بالسعودية في شركة الأنابيب عبر البلاد العربية (Tapline) كما عمل أيضا في السعودية في فترة لاحقة في شركة (United State Air Force)، وبعدها عمل في الكويت في وزارة المالية والصناعة104، وكل هذه الأعمال جعلته يحتك بالكثير من العرب والأجانب، وأسهمت كثيرا في تكوينه المعرفي، وبما أن تلك الدول قطعت شوطا جيدا في التعليم في ذلك الوقت، فلا يستبعد أيضا أن الأستاذ عبد الله تأثر بما رآه هناك من مظاهر تطور التعليم الحديث.
انفردت مدرسة الأستاذ عبدالله أيضا بجوانب أخرى، منها تقديم دروس متقدمة للموظفين في الفترة المسائية في مادة اللغة الإنجليزية، وكان تدريسهم يركز على مهارات الحوار والترجمة المتقدمة (عربي – إنجليزي، إنجليزي – عربي)، ومن الجوانب المتميزة في تدريس ذلك أنه اتخذ من القرآن الكريم وترجمة معانيه إلى اللغة الإنجليزية وشرحه وتفسيره منهجا لذلك، كما كان يقوم بتدريس مقاطع باللغة الانجليزية من كتاب نهج البلاغة للإمام علي بن أبي طالب105.
وكان من الجوانب التي انفردت بها مدرسة الأستاذ عبد الله تعليم الطّباعة على الآلة الكاتبة، وكانت البداية مخصصة فقط لمجموعة من الموظفين الذين أرادوا تعلّمها لتطوير مهاراتهم، ثم ما لبثت أن تحوّلت إلى منهج أساسي بالمدرسة نتيجة الرغبة الملحة من الكثيرين لتعلم الطباعة على الآلة الكاتبة آنذاك106. حيث أن الطلب كان كبيرا في ذلك الوقت من قبل المؤسسات للكتبة على الآلة الكاتبة.
حرص الأستاذ عبدالله في مدرسته على ابتكار طرق غير تقليدية يستطيع من خلالها إكساب طلبته مزيدا من المعرفة، والمهارات، والاطلاع الواسع في مختلف العلوم، وكان من ذلك أن قام بابتكار نشاط القراءة الصامتة في مادة اللغة الانجليزية، ويتمثل هذا النشاط بأن يقوم الطالب باختيار كتاب لقراءته، حيث كان الأستاذ عبد الله يحضر إلى مدرسته مجموعة من الكتب في الثقافة العامة، ويقوم بتحديد مجموعة من الصفحات للطالب ليقوم بقراءتها قراءة صامتة، وبعد الانتهاء من ذلك يطلب منه شرح ما قرأه، ويفهمه لزملائه الطلبة، ثمَّ يتحاور معه زملاؤه حول الموضوع المطروح، وكل ذلك يتم باللغة الإنجليزية107. فيستفيد الطلبة من خلال هذا النشاط مهارات الحوار، والتحدث، هذا فضلا عن المعارف العامة التي تكون محور القراءة، والنقاش.
بتولي السلطان قابوس الحكم عام 1970م، اعتزل الأستاذ عبد الله التدريس، مدركا بأن التعليم أصبح في متناول الجميع. واقتصر على تعليم مجموعة من الطلبة المتميزين علميا (النخبة) في منزله، كما أنه زاول بعدها مهنة بيع التراثيات، وكان له محله المعروف في سُوْق الظَّلَام بمطرح.
ج– مدرسة الأستاذ قاسم عبد الله محمد علي: كان الأستاذ قاسم أحد الذين درسوا على يد الشيخ حسن الموسوي. وكان أحد الطلاب الدارسين بمدرسة الأستاذ عبد الله علي عبد الله، وبدأ اكتساب خبراته التعليمية الأولى خلال هذه الفترة، حيث عهد إليه الأستاذ عبد الله بإدارة المدرسة أثناء سفره، إلى جانب زميله الأستاذ عبد الرضا أخو الأستاذ عبد الله. بدأ الأستاذ قاسم بالتدريس في مدرسته عام 1956م، بعد حصوله على التصريح لفتح المدرسة من والي مطرح آنذاك إسماعيل الرصاصي108، وأطلق على مدرسته اسم ”مدرسة الإصلاح“، وكان إنشاؤه وتأسيسه لهذه المدرسة بدعم من الشيخ باقر عبد اللطيف (أحد أعيان وتجار اللواتيا بمطرح)، الذي تكفّل بمقر المدرسة، وكان يدعم المدرسة طيلة مسيرتها التعليمية109.
وأنشأت المدرسة من مبنى مكون من طابقين، كان الطابق الأرضي يضم رُدهة بسيطة يتوسطها بئر ماء، وإلى اليسار فصلين دراسيين للمراحل الدنيا. وفي الطابق الأول كان يوجد فصل واحد يضم طلاب المرحلة الأعلى بالمدرسة. وكان للأستاذ قاسم معاونون، منهم أخوه حسن، وشخص آخر يدعى أحمد سبيل110. كانت الرسوم الدراسية بمدرسة الأستاذ قاسم تتمثل في دفع رسوم يومية وقدرها تسع بيسات، وتحتسب كمصاريف للماء والكهرباء والإيجار. هذا إلى جانب رسوم شهرية مقدارها ثلاث روبيات للفترتين الصباحية، والمسائية، وروبيتان للفترة المسائية فقط111. ومما يجدر الإشارة له هو الجانب الإنساني لدى الأستاذ قاسم، فكان كثيرا ما يتغافل عن أخذ الأجر اليومي والشهري لبعض الطلبة من أبناء الأسر المعوزة، بل إنه في أحيان كثيرة كان يطلب من بعض طلابه أثناء الفسحة شراء بعض الفواكه من السوق وتوزيعها للطلبة الفقراء الذين كانوا لا يتمكنون من إحضار طعام للمدرسة112.
كانت المدرسة تفتح في ساعات الليل للموظفين لتدريس اللغة الإنجليزية للمراحل المتقدمة، مع التركيز على الترجمة والمحادثة باللغة الإنجليزية، وكانت المناهج المُدرّسة فيها هي نفسها السائدة في باقي المدارس الأهلية آنذاك، حيث كانت المناهج الهندية باللغة الإنجليزية وهي سلسلة كتب Primer وReader، والمراحل المتقدمة كانت تدرس المناهج البريطانية، وهي سلسلة Royal113.
كان نظام التقويم المتبع في مدرسة الأستاذ قاسم أنه في نهاية كل أسبوع دراسي يوم الخميس، كان على الطلبة أن يخضعوا للاختبار والمراجعة، وعند تصحيحه للاختبار اعتمد نظاما مبتكرا تعارف عليه الطلبة، وهو أن يكتب على ورقة الطالب حرفا يشير إلى ملاحظات خاصة114.
اتبع الأستاذ قاسم أيضا في مدرسته أسلوب تعليم الأقران، حيث كان على الطلبة الذين يبدون تميزا في أدائهم الدراسي، أن يقوموا بتعليم من هم دونهم في المستوى العلمي. كما كان الأستاذ قاسم ينيبهم عنه للتدريس أثناء غيابه. كما وزّع عليهم بعض المهام الأخرى، كتصحيح الواجبات، وأعمال المتابعة، والإشراف115.
ظلت المدرسة تعمل حتى بعد تولي السلطان قابوس مقاليد الحكم في عمان عام 1970م وانتشار مظلة التعليم، حيث كان كثير من الطلبة من أبناء مطرح يذهبون صباحا للدراسة بالمدرسة الحكومية، وفي المساء يذهبون للدراسة بمدرسة الأستاذ قاسم. كما أنه في تلك الفترة، ونظرا لقلة المعاهد التي كانت تعلم اللغة الإنجليزية، فقد كانت مدرسة الأستاذ قاسم، كغيرها من المدارس الأهلية الأخرى التي ظلت أبوابها مفتوحة بعد 1970م، هي المكان الأنسب للموظفين لتعلم اللغة الإنجليزية وتطوير مهاراتهم فيها. وظلت المدرسة تعمل حتى إغلاقها عام 1986م116، بعد عمل استمر ثلاثين عاما من التدريس والعطاء.
على الرغم من العروض الوظيفية التي انهالت للأستاذ قاسم للعمل سواء في القطاع الحكومي أو الخاص، إلا أنه فضل أن يظل معلما بمدرسته، وكان دائما يردد مقولته المشهورة: ”ما دام في مطرح عشرة أشخاص يحتاجون إلى درسي، فإن ذمتي تكون مشغولة بهذه المسؤولية حتى يأذن الله لي، وأترك هذه المهمة“117. وبعيدا عن مضمون العبارة، فإن الأستاذ قاسم وما كان لديه من مهارات كان من السهل الحصول عليه على وظيفة في ذلك الوقت، وربما كان التدريس يدر دخلا كافيا للأستاذ قاسم إلى جانب ربما أعماله التجارية الأخرى، وكان يعطيه مساحة من الحرية عوضا عن الالتزام بالعمل المؤسساتي سواء الحكومي أو الخاص، وهذا بلا شك إلى جانب حبه لعمل التدريس الذي كان يمارسه.
د – مدرسة الأستاذ عبد الرضا بن علي بن عبد الله اللواتي (عرفت بالمدرسة الإسلامية، دون وجود سبب واضح لهذه التسمية118: أخذ الأستاذ عبد الرضا خبرته التعليمية الأولى من مدرسة أخيه الأستاذ عبد الله، السالفة الذكر، حيث كان يوليه إدارة شؤونها أثناء غيابه عنها في السفر. فكانت مدرسته امتدادا لمدرسة أخيه عبدالله، ولكنها كانت أقل حجما ونشاطا عنها119. ومن الواضح أن مدرسته قامت في الفترة التي كانت بعد عودة أخيه عبد الله من الكويت، أي حوالي النصف الثاني من الستينيات.
وقد اهتمت المدرسة بالنشاط التعليمي والنشاط الرياضي في آن واحد. وكان يدرس في هذه المدرسة بعض الطلبة من مسقط، وفي هذا إشارة واضحة أن المدارس الأهلية في مطرح لم تقتصر على تدريس أبناء مدينة مطرح، وانما امتد نشاطها لتشمل أبناء مسقط. وقد يكون وجود النشاط الرياضي إلى جانب النشاط التعليمي بالمدرسة من العوامل التي شجعت هؤلاء لارتياد هذه المدرسة. تميز النشاط الرياضي باهتمام كبير من قبل الأستاذ عبد الرضا، فقد أسس فريقا لكرة القدم أسماه ”فريق الاتحاد“، وتمكن هذا الفريق من الفوز بعدة كؤوس في الدوريات التي كانت تقام آنذاك، وكانت المباريات تقام مع الفرق الزائرة لعمان عبر البواخر، والسفن التجارية التي كانت ترسو في مطرح ومسقط120، كما أضاف الأستاذ عبد الرضا نشاط كرة الهُوْكِي، وتقدم برسالة إلى والي مطرح آنذاك إسماعيل الرصاصي للحصول على قطعة أرض لإقامة ملعب سمي باسمه.
هـ – مدرسة الأستاذ محمد علي تقي: لم نقف على تاريخ محدد لنشأة هذه المدرسة، غير أنها كانت موجودة خلال عقد الستينيات، وكانت من أكثر المدارس نشاطا وازدهارا، بل إنها فاقت المدراس الأهلية الأخرى في مطرح من حيث الانضباط، وجودة مخرجاتها121، وذلك كله عائد إلى ما تميزت به شخصية الأستاذ محمد علي من التنظيم الدقيق، والانضباط الصارم الذي فرضه على الدراسين بمدرسته، إضافة إلى الخلفية المعرفية، والاطلاع الواسع للأستاذ محمد علي وخاصة في اللغة الإنجليزية، واللغة العربية، والتاريخ الإسلامي.
ونظرا لوجود العديد من المدارس الأهلية خلال هذه الفترة، والتنافس بينها، كان أمام أولياء الأمور خيارات عديدة لأبنائهم، وبلا شك كان كل منهم يبحث عن الجودة والأفضل. وهو ما كانت تتميز به مدرسة الأستاذ محمد علي تقي، حيث حرص على الجودة وأن يكون هناك نظام دقيق يكفل الاستفادة لجميع الطلاب الدارسين، بعيدا عن الفوضى، والعشوائية. تكونت المدرسة من ثلاث فصول دراسية، وتضم ثلاث مستويات، (مبتدئ/ متوسط/ أعلى)، كما كان في مدرسة محمد علي فصل خاص للبنات122، وكان تدريس الأستاذ محمد علي يتركز على المرحلة الأعلى، ثم يختار من بين طلاب هذه المرحلة الأكفاء ليقوموا بتدريس المراحل الأدنى، فكانت المدرسة إلى جانب كونها مركزا للتعليم، كانت أيضا مركزا لإعداد المعلمين، حيث كان الأستاذ محمد يتابع هؤلاء الطلبة الذين يفوض إليهم التدريس للمراحل الأدنى، ويعطيهم التوجيهات والنصح والتغذية الراجعة على أدائهم. إلى جانب ذلك كان للأستاذ محمد علي مجموعة من المعلمين المعاونين ومنهم عبدالله بن صخر العامري، وسعيد عرفات، ومصطفى محمد سعيد123. كما وضع الأستاذ محمد علي نظاما تقويميا للمدرسة يسمح بمتابعة الطلبة بشكل أسبوعي، فكان يخصص سجل يتابع فيه إنجاز الطلبة على مدى أيام الأسبوع، وفي نهاية الأسبوع الدراسي يوم الخميس، يأتي إلى السجل ويصنف الطلبة إلى أربع مستويات (وهي: جيد جدا/ جيد/ مقبول/ ضعيف)، ويعيد ترتيب أماكن جلوس الطلبة كل حسب مستواه، فمن حصل على جيد جدا كان يجلسهم في الصفوف الأمامية، وهكذا124.
كانت المناهج الدراسية المطبقة في المدرسة على نوعين، النوع الأول هو السائد في باقي المدارس الأهلية في ذلك الوقت، وهي المناهج الهندية في اللغة الإنجليزية، والمصرية ثم المناهج اللبنانية في باقي المواد الأخرى، ويبدو أن دخول المناهج المصرية في المدارس الأهلية كان سابقا لاستخدام المناهج اللبنانية، وذلك لانتشارها في مختلف أنحاء الوطن العربي، كما أنها كانت تدرس في المدارس السعيدية، أما المناهج اللبنانية فقد تم استخدامها بنطاق واسع بعد ثورة الضباط الأحرار في مصر، ووصول جمال عبدالناصر إلى الحكم، حيث أصبحت المناهج التعليمية تحمل عبارات ثورية ضد المستعمر، وهو ما جعل الحكومة آنذاك تستبدل المناهج المصرية في المدارس السعيدية بالمناهج اللبنانية عدا مناهج اللغة العربية125. ولا يستبعد أن يكون هذا قد انسحب أيضا على المدارس الأهلية بتوجيه من الحكومة بعدم استخدام المناهج المصرية بعد ذلك، واستبدالها بالمناهج اللبنانية خشية التأثر بالأفكار الثورية. إضافة إلى هذا كانت المناهج اللبنانية تمتاز بسلاستها في الطرح، ومراعاتها للفروق الفردية بين الطلاب، وكان من أبرز المناهج اللبنانية كتاب ”المروج في اللغة العربية“، وكتب مناهج الجغرافيا، والعلوم، والرياضيات126.
أما النوع الثاني من المناهج فكان للمراحل العليا من المدرسة، وكان مخصصا باللغة الإنجليزية فقط، وهنا لا بد من الإشارة بأن مدرسة الأستاذ محمد علي تقي كانت تركز بشكل أكبر على تدريس اللغة الإنجليزية مقارنة بالمواد الأخرى، فكانت المناهج في النوع الثاني تتضمن مناهج بريطانية، وكانت دراسة هذه المناهج تحتاج إلى تمكن كبير من الطالب في أساسيات اللغة الإنجليزية، ليستطيع استيعابها وفهمها. ومن هذه المناهج كتاب Advanced English Royal، و Last Stage of English، وكما هو واضح من مسمياتها، فإنها تعتبر مناهج متقدمة وكانت تمتاز بالصعوبة، وخاصة الأخيرة منها حيث عانى الطلبة من صعوبتها، مما اضطر الأستاذ محمد علي إلى إلغائها، واستبدالها بمنهج من تأليفه ركّز فيه على دراسة المصطلحات الإنجليزية ومعانيها أسماه Vocabulary Book127.
اهتم الأستاذ محمد في مدرسته بإيجاد بيئة ملائمة لتعلّم اللغة الإنجليزية، وبما أن الممارسة العملية أثناء دراسة أي لغة بالتحدث والتخاطب بها يعدّ من أنجح الطرق لتطوير مهارة التحدث، فقد اتبع الأستاذ محمد في مدرسته هذا الأسلوب بأن ألزم جميع الطلبة في المدرسة بالتحدث باللغة الإنجليزية128، وغدت اللغة الإنجليزية هي لغة التخاطب لجميع الطلبة في حواراتهم ونقاشاتهم، بل تعدى الأمر إلى خارج أسوار المدرسة، وذلك حرصا من الطلبة أنفسهم لتطوير مهاراتهم بشكل أسرع. ولم يتوقف الأستاذ محمد علي عند هذا الحد، بل سعى إلى إدخال أنشطة محببة وجديدة للطلبة تعينهم على تطوير مهاراتهم في اللغة الإنجليزية، من ذلك إدخال النشاط المسرحي باللغة الإنجليزية إلى مدرسته، وكانت هذه سابقة لم يسبقه إليها أحد في ذلك الوقت129. وكذلك، فإن الأستاذ محمد كان يكتب شعرا باللغة الإنجليزية130، وهو دليل واضح على مدى تمكنه في اللغة الإنجليزية.
نجح الأستاذ محمد علي في توظيف هذا النشاط لإكساب الطلبة مهارات التحدث باللغة الإنجليزية، بالإضافة إلى ما كان مطبقا في المدرسة، من التزام التحدث باللغة الإنجليزية، فكان الصغار يقلدون الكبار في تمثيل الأدوار، والتحدث، وكان نشاطا محببا للكبار والصغار. وهذا التمكن الذي كان عليه الأستاذ محمد علي تقي يدعونا للتساؤل عن الطريقة التي تمكن بها الوصول لهذا المستوى، وعلى الرغم من عدم حصولنا على أي معلومات عن سيرته الذاتية إلا أنه لا يستبعد أن يكون قد درس في الهند في شبابه، ذلك أنه إلى جانب تمكنه في اللغة الانجليزية، يتضح من خلال ادخاله للعديد من الأنشطة المدرسية، وممارسة طرق التدريس المختلفة، وهو ما يقودنا إلى الاعتقاد بأنه اكتسب كل ذلك في مدارس نظامية حديثة، حيث كانت الهند مقصد العديد من أبناء اللواتيا للدراسة في ذلك الوقت.
كانت الدراسة تستمر جميع أيام الأسبوع على فترتين صباحا ومساء عدا يوم الجمعة، وفي يوم الخميس كانت الدراسة في الفترة الصباحية فقط، ويوم الجمعة هي الإجازة الوحيدة للطالب. وقبل مغادرة الطالب للمدرسة، كان الأستاذ محمد يكتب على السبورة عبارة بسيطة باللغة الإنجليزية، ويطلب من كل طالب نقلها في دفتره أربعين مرة، والهدف من ذلك هو تعويد الطالب على الكتابة وتحسين خطه، حيث كان يتم رصد جوائز ومكافآت لأحسن الطلاب خطاًّ131.
كانت الكفايات التعليمية لمخرجات المدرسة على مستوى يفوق مخرجات التعليم الحكومي آنذاك، وخاصة في اللغة الإنجليزية. وللتدليل على ذلك فإنه في عام 1969م، عندما خصصت الحكومة البريطانية عشر منح لتدريس طلبة عمانيين في المدارس البريطانية، بعد موافقة السلطان سعيد بن تيمور عليها، تم طرح المنافسة على هذه المنح بين طلاب المدرستين السعيديتين والمدارس الأهلية في مطرح، وكان ممن وقع عليهم الاختيار خمسة من الدارسين في مدرسة الأستاذ محمد علي تقي. وفي الدفعة الثانية من هذه المنح تم اختيار طالبين أيضا من مدرسة الأستاذ محمد علي تقي. كما كان خريجو المدرسة يحصلون بسهولة على عمل في الشركات الدولية العاملة في مسقط آنذاك، ومنها Petroleum Development Oman, Gray Mackenzie, British Bank and Wireless & Cable132.
الدور التعليمي والتربوي للمدارس الأهلية في مطْرح
كان التعليم الأهلي في بدايته بقدر الحاجة إليه، وتلبية لاحتياجات المجتمع، وبطبيعة الحال تطورت هذه الاحتياجات نظرا لتطور المجتمع ونشاط الحركة التجارية بالمدينة. كما يجب الإشارة إلى أن تأخر الاهتمام الحكومي بالجانب التعليمي في مطرح كان له دوره في ازدهار ونشاط التعليم الأهلي بشكل كبير.
وقد شكّلت المدارس الأهلية تمازجا بين أبناء مختلف أطياف المجتمع في مطرح، فهي على الرغم من أنها كانت تضم أبناء جماعة اللواتية التي ينحدر منها مؤسسي المدارس الأهلية، إلا أنها ضمت أيضا بعض أبناء القبائل والجماعات الأخرى، في مطرح، حتى أن بعض الطلبة كانوا يقصدون هذه المدارس من مسقط، بل إن غير العمانيين درسوا بها، مشكلة بذلك نموذجا حضاريا للتعايش المشترك والتسامح الديني، وأعني بذلك أن جميع مؤسسي هذه المدارس هم من أصحاب المذهب الشيعي، ولم تكن الدراسة منحصرة لأبناء هذا المذهب وإنما كان يتعلم بها أبناء مختلف المذاهب الأخرى (السنة والاباضية)، وكانت هذه احدى السمات التي لازمت المجتمع المطرحي، كما أن ذلك يدعونا للتأكيد على أن الهدف التجاري الذي كان حاضرا في قيام هذه المدارس كمصدر لكسب الرزق لمؤسسيها، ولم يكن أي توجه طائفي أو أيدلوجي. ولم يقتصر هذا التمازج على الدارسين وإنما تعدّاه إلى الهيئة التدريسية؛ فكان من المدرسين من يستعين ببعض الهنود في تعليم اللغة الإنجليزية. ومنهم من استعان ببعض طلابه ممن عرف بتمكنه في اللغة العربية كما هو الحال في مدرسة الأستاذ محمد علي تقي حيث كان يستعين بأحد طلابه وهو عبد الله بن صخر العامري133، الذي كان معروفا بتمكنه في اللغة العربية، وتأليفه للقصائد الوطنية الحماسية التي كان يلقيها وينشدها للطلبة.
تباينت الأدوار التعليمية التي لعبتها المدارس الأهلية في مطرح، ففي حين كان دور البعض منها ضئيلا، واستمرت لفترات قصيرة، كان دور مدارس أخرى بارزا ومؤثرا؛ ويمكن اعتبار مدرسة الأستاذ حسن بن علي هاشم نقطة تحول مهمة في تاريخ التعليم الأهلي في مطرح، فإلى جانب أنها استمرت فترة طويلة من الزمن منذ منتصف الأربعينيات وحتى عام 1970م، تميزت أيضا بالتنظيم وتطبيق بعض جوانب التعليم الحديثة، كما أن مؤسسي المدارس التي أتت من بعدها تخرجوا منها، وتأثروا بشكل كبير بمنهج الأستاذ حسن وطريقته.
اختلفت جودة التعليم والمخرجات لكل مدرسة، وذلك تبعا للنظام التعليمي السائد في كل مدرسة، ففي حين كان النظام التعليمي المطبق صارما في بعض المدارس وعدد الطلبة محدود، كما كان الحال في مدرسة الأستاذ محمد علي تقي، ومدرسة الأستاذ حسن علي هاشم. تميزت مدارس أخرى بالمرونة في ذلك، وحضور عدد كبير من الطلبة، رغبة من القائمين على المدرسة في قبول أكبر عدد ممكن من الطلبة، وإتاحة فرصة التعليم لأبناء الأسر الفقيرة كما هو الحال في مدرسة الأستاذ قاسم عبد الله محمد علي. مما أثر ذلك في جودة المخرجات من هذه المدارس، نظرا لكثافة أعداد الدارسين بها.
وبعد بدء التعليم الحكومي في مطرح بافتتاح المدرسة السعيدية عام 1959م، أصبحت معظم هذه المدارس رافدا ومعينا للتعليم الحكومي، حيث حرص أولياء الأمور على إرسال أبنائهم في الفترة المسائية لهذه المدارس لمواصلة الدراسة في المدارس الأهلية، والاستزادة في دراسة بعض المواد كاللغة الإنجليزية. وفي الوقت نفسه استمرت في نشاطها السابق في تقديم التعليم، بل إن المدارس الأهلية تفوقت في تدريس بعض المواد على المدرسة الحكومية لا سيما اللغة الإنجليزية والحساب، حيث كانت تدرس على مستويات أعلى بكثير عما كانت عليه في المدارس الحكومية. وقد اتضح ذلك جليا عندما أعلنت الحكومة عن رغبتها في إرسال مجموعة من الطلبة للدراسة في بريطانيا، وكان معظم من اجتازوا الامتحانات والمقابلات هم من خريجي المدارس الأهلية في مطرح.
وقد اختلفت الرسوم الدراسية المفروضة على الطلبة من مدرسة لأخرى، فكانت هناك رسوم يومية لا تتعدى عشر بيسات أو تزيد بقليل في بعض المدارس، وكانت مخصصة لمصاريف الكهرباء، والماء، ومصاريف شهرية أخرى اختلفت من مدرسة لأخرى، ولكنها لا تزيد عن 3 روبيات هندية تقريبا. وبطبيعة الحال لا يمكن إنكار العامل التجاري في قيام المدارس الأهلية غير أنه لم يكن غاية، وكان الكثير من المدرسين يعفي أبناء الفقراء من الدفع، كما كان الحال في مدرسة الأستاذ قاسم134.
وقد تنوعت المناهج المستخدمة، كما تعددت الأساليب التعليمية والتربوية التي طبقت في المدارس الأهلية، ولكن هنالك سمات بارزة اشتركت فيها معظم المدارس الأهلية، ومنها الاعتماد على ما يسمى في النظام التعليمي الحديث ”تعليم الأقران“؛ حيث كان المعلم يعهد للطلبة في المستويات العليا، بالتعليم للمستويات الدنيا. كما كان يشرك الطلبة في عمليات الإشراف على المدرسة وتسيير شؤونها. وفي أحيان أخرى، عند غياب بعض المعلمين عن مدارسهم، كانوا يعهدون بالتدريس لأحد الطلبة الذي يرون فيه الكفاءة لذلك.
كما اختلف المبنى المدرسي لهذه المدارس من مدرسة لأخرى، ففي حين كانت المدارس الأهلية المبكرة لا تعدو بأن تكون مكانا متعارفا عليه من قبل أبناء المجتمع، أو المحل التجاري الذي يعمل به المعلم، أو بيت المعلم نفسه، كانت المدارس اللاحقة أكثر تنظيما في هذا الجانب؛ فكانت عبارة عن مبنى مستقل خاص بالمدرسة، وغالبا ما كان عبارة عن بيوت صغيرة مستأجرة. أما بالنسبة للتجهيزات والوسائل، فقد كانت معظم المدارس تستخدم السبورة والطباشير.
عمد بعض المعلمين إلى ربط الطلبة بالنشاط التجاري في تعليم اللغة الإنجليزية خصوصا، كون قيام التعليم الأهلي —كما أسلفنا— مرتبط بالنشاط التجاري لمطرح، فكان يأمر طلابه باستخراج بعض المصطلحات التجارية من الفواتير، ومن ملصقات البضائع التجارية. مما يعني أن تدريس اللغة الإنجليزية كان موجها لربط الطالب وتأهيله في الجانب التجاري، ليكون على دراية بالمصطلحات المهمة فيه. وعلى الرغم من أن هذا كان يتماشى مع ظروف تلك الفترة، ويخدم طبيعة البيئة التجارية في مطرح إلا أن هذا أيضا يعد من النظم التعليمية الحديثة المتبعة في تدريس اللغة الإنجليزية للأغراض الخاصة (ESP) English for specific purposes135. كما كانت مخرجات المدارس الأهلية على مستوى جيد من الكفاءة العلمية، وخاصة مخرجات المدارس التي كانت تركز على تدريس اللغة الإنجليزية بشكل أكبر، ويذكر الطالب مصطفى محمد سعيد، الذي كان أحد خريجي مدرسة الأستاذ محمد علي عام 1964م، والتحق بعد ذلك بالعمل في شركة تنمية نفط عُمان، فيقول عن انطباعه حول الامتحان الذي خضع له بمقر الشركة بمنطقة العذيبة أثناء التقدم للعمل: ”لقد وجدت امتحان القبول في العذيبة سهلا إذ أنني اعتدت على قراءة الأدب الإنجليزي، كانت لغتي الإنجليزية جيدة وكانت هي السبب وراء تعييني كموظف آلة كاتبة في شعبة الخدمات المكتبية“136.
وكان الإشراف الحكومي على المدارس الأهلية محدودا للغاية، فالذي يبدو لنا أن المدارس الأهلية التي ظهرت في الفترة المبكرة في بداية القرن العشرين، لم تكن هناك أية إشارات على وجود إشراف حكومي عليها وقد يكون ذلك عائد إلى قلتها. أما المدارس الأهلية التي كانت بعد منتصف القرن العشرين، في فترة الخمسينيات والستينيات، فقد كانت ملزمة للحصول على تصريح لفتح المدرسة من والي مطرح إسماعيل الرصاصي137. ويبدو أن ذلك أصبح معمولا به، بعد زيادة عدد المدارس الأهلية، وخاصة خلال النصف الثاني من القرن العشرين. غير أنه وكما يبدو لم يكن يتعدى إعطاء التصاريح لفتح المدرسة ومزاولة العمل، حيث من خلال المقابلات العديدة التي أجراها الباحث مع الدارسين في هذه المدارس لا توجد أي اشارة لعمليات اشرافية أو رقابية كانت تتم في هذه المدارس من قبل الحكومة.
الخاتمة
ظهر التعليم الأهلي في مطرح نتيجة مجموعة من العوامل التي تشكلت، منها ما يتعلق بخصوصية المدينة وظروفها وأحوالها، أبرزها افتقار المدينة إلى خدمات تعليمية حكومية حتى نهاية عقد الخمسينيات من القرن العشرين. ومنها ما يتعلق بعوامل خارجية ساهمت في قيام هذا التعليم ووفرت له العوامل المساعدة. وقد شكل التعليم الأهلي في مطرح ظاهرة تعليمية فريدة في عمان في تلك الحقبة التاريخية، ونتج عنه ظهور مجتمع متعلم، في وقت كانت تسود فيه الأمية بشكل كبير بقية أنحاء عمان.
لم يلق التعليم الأهلي في مطرح أي معارضة من السلطة الحاكمة، وكان التعليم بهذه المدارس يتم على مقربة من مقر الحكومة في مسقط، واقتصر الإجراء الحكومي بعد ازدهار التعليم الأهلي على منح تصاريح لفتح هذه المدارس ومزاولة التعليم بها. كما كان أعيان وكبار تجار مطرح والذين تربطهم بالسلطة الحاكمة علاقات وطيدة، يساندون قيام هذه المدارس.
تنوعت واختلفت طبيعة النظام التعليمي في المدارس الأهلية، وغالبا ما كان يتأثر بالخلفية الفكرية والثقافية لمؤسس المدرسة وتكوينه الديني، حيث انعكس ذلك في المواد المدرسة، والصبغة العامة للمدرسة. وغالبا ما كان صاحب المدرسة هو المعلم بها، وأحيانا يعاونه آخرون. وقد مارس معلمو هذه المدارس أساليبا وطرقا متنوعة في التدريس، كان بعضها يتماشى والتوجهات الحديثة في التدريس، في حين كان بعضها أقرب إلى الجانب التقليدي.
ببليوجرافيا
أوترام فرانسيس، الأزمات المالية التي واجهت السلطان سعيد بن تيمور، مكتبة قطر الوطنية http://www.qdl.qa.
التكريتي، عبد الرزاق، ظفار ثورة الرياح الموسمية، بيروت، جداول للنشر، 2019م.
الحارثي، محمد بن عبد الله بن حمد، موسوعة عمان الوثائق السرية، المجلد 4 و6، بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، 2007م.
حجلاوي، نور الدين بن الحبيب، تأثير الفكر الناصري على الخليج العربي 1952–1972م، بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، 2010م.
الخابوري، جواد بن جعفر بن إبراهيم، الأدوار العمانية في القارة الهندية، بيروت، دار النبلاء، 2001م.
الرشيد، عبد العزيز، تاريخ الكويت، الجزء الأول من القسم الأول، بغداد، المكتبة العصرية، 1926م.
الريامي، علي بن محمد بن ناصر، حرب الجبل الأخضر (1957–1959م)، دمشق، دار الفرقد، 2018م.
الريس، رياض نجيب، صراع الواحات والنفط: هموم الخليج العربي بين 1968–1971م، بيروت، رياض الريس للكتب والنشر، 2004م.
الرئيسي، عيسى بن عبد الرحمن بن سنجك، التعليم في عمان قبل عام 1970م، مذكرة خاصة غير منشورة.
الزدجالي، إسماعيل بن أحمد بن هارون، النشاط التجاري للبانيان في عمان 1744–1970م، رسالة دكتوراه غير منشورة، مسقط، جامعة السلطان قابوس، 2019م.
سلطان، علي محمد، من ذاكرة الأيام، مذكرة خاصة غير منشورة، د.ت.
السلمان، محمد بن عبد الله، التعليم في عهد الملك عبد العزيز، الرياض، الأمانة العامة للاحتفال بمرور مائة عام على تأسيس المملكة العربية السعودية، 1999م.
السيابي، سالم بن حمود بن شامس، العنوان عن تاريخ عمان، مسقط، مكتبة الضامري، 2015م.
الشاطري، محمد أحمد، محمد علي زينل، جدة، دار الشرق، 1977م.
شهاب، صالح جاسم، تاريخ التعليم في الكويت والخليج أيام زمان، الجزء الأول، الكويت، 1984م.
الشيخ، عارف، تاريخ التعليم في دبي 1912–1972م، دبي، بدون ناشر، 2004م.
العبد الله، يوسف إبراهيم، تاريخ التعليم في الخليج العربي 1913–1971م، الدوحة، 2003م.
القاسمي، نورة بنت محمد، الوجود الهندي في الخليج العربي 1820–1947م، الشارقة، دائرة الثقافة والإعلام، 2007م.
كلارك، تيرانس، تحديات …فنجاح: مسيرة شركة تنمية نفط عمان، لندن، ستاسي انترناشيونال، 2007.
كلمة السلطان سعيد بن تيمور سلطان مسقط وعمان عن تاريخ الوضع المالي في السلطنة في الماضي وما يؤمل أن يكون عليه الحال في المستقبل بعد تصدير النفط، مسقط، المطبعة السلطانية، 1968م، (وثيقة منشورة).
الكندي، سليمان بن حمود بن أحمد، ملامح عمانية، مسقط، بدون ناشر، 2013م.
اللواتي، أحمد فريد بن باقر، ”رثاء … خير معلم“، جريدة عمان (2مايو2000).
اللواتي، جواد بن جعفر، الأدوار العمانية في القارة الهندية، بيروت، دار النبلاء، 2001م.
اللواتي، مصطفى بن علي بن مختار، تجاربي طي الزمن: سيرة ذاتية مع أخبار الزمن، مسقط، مؤسسة الرؤيا للصحافة والنشر، 2016م.
اللواتي، مصطفى بن مختار بن علي، ”وداعا أيها المعلم“، جريدة الوطن ( 17أبريل2000 )، السنة 30، العدد 6125.
اللواتي، محسن بن جمعه بن محمد، سور اللواتية بناء- وأحداثا – وموئلا، بيروت، دار المحجة البيضاء، 2009م.
لوريمر، ج. ج.، السجل التاريخي للخليج وعمان وأواسط الجزيرة العربية، مسقط، جامعة السلطان قابوس، 1995م.
مجموعة مؤلفون، نهضة التعليم في سلطنة عمان، مسقط، وزارة التربية والتعليم، 2002م.
مجموعة مؤلفين، الموسوعة العمانية، 11 مجلد، مسقط، وزارة التراث والثقافة، 2013م.
مجموعة مؤلفين، معجم مصطلحات الاباضية، ج1، ط2، مسقط، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، 2012م.
المحرزي، منصور بن ناصر، الدولة والمجتمع في عمان منذ النباهنة حتى العصر الحديث (1154–2012م) من الصراع على السلطة إلى التنمية وأزماتها، بيروت، منتدى المعارف، 2014م.
المسكري، عبد الله بن حمد بن هلال، لمحة تعريفية للآثار والمدن العمانية، مسقط، مكتبة المنارة، 2008.
مصطفى، أمامة، ”من رواد حركة التعليم والعمل التطوعي في مطرح، حسن بن علي هاشم اللواتي (ماستر حسن) المدرس والخطيب والمتطوع المخلص“، جريدة عمان، ملحق شرفات (2016، 19 يناير)، العدد 526.
مصطفى، أمامة، ”الرجل الذي قرأ لشكسبير، الأستاذ عبد الله علي عبد الله (ماستر عبد الله)“، جريدة عمان – ملحق شرفات (2016، 29 مارس)، العدد 538.
مقيبل، سالم عقيل، ”تطور المجتمع العماني 1914–1970م“، رسالة دكتوراه غير منشورة، القاهرة، معهد البحوث والدراسات العربية، 2011م.
الموسوي، تقي بن حسين، قدوة العارفين: سيرة العارف الكبير سيد حسن المسقطي الموسوي وكراماته، بيروت، دار المحجة البيضاء، 2007م.
الموسوي، تقي بن حسين، قدوة الفقهاء والعارفين: السيد حسين العالم ابن أسد الله الموسوي، بيروت، دار المحجة البيضاء، 2007م.
وزارة التربية والتعليم، لمحات عن ماضي التعليم في عمان، مسقط، وزارة التربية والتعليم، 1985م.
ولستد، جيمس ريمون، تاريخ عمان: رحلة في شبه الجزيرة العربية، بيروت، دار الساقي، 2002م.
اﻷرشيف:
أرشيف هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية، الرمز المرجعي: (A.2.1.9.17): إعلان من رئيس الولاة إلى كافة العموم بشأن فتح مدرسة للطلاب ويطلب موافاته بأسماء الوجهاء الذين لديهم أبناء، 13/6/1945م.
Foreign Office: FO 371/91258: EA 1011/3 Muscat Annual Report for 1950, 23 March 1951; FO 371/156788: BC 1102/22, 13 August 1961, Development Department.
National archives: India Office Record: IOR/R/15/1/398.
ملاحظات:
1 هناك إشارات موجزة في بعض مطبوعات وزارة التربية والتعليم، ومنها كتاب ”نهضة التعليم في سلطنة عمان“، 2002م، وكتاب ”التعليم في عمان: مسيرة متواصلة“، 2014م، حيث لم يتعدّ الحديث عن المدارس الأهلية ثلاث صفحات، وجاء الحديث عاما ومختصرا مع ذكر أسماء بعض المدارس.
2 لوريمر، ج1، م9، القسم التاريخي، 1995م، ص82.
3 المسكري، 2008، ص28.
4 نفسه، ص28.
5 لوريمر، ج1، م9، القسم التاريخي، 1995م، ص82.
6 لوريمر، ج2، جغرافيا، م5، 1995م، ص86.
7 نفسه، ص86.
8 ولستد، 2002م، ص118-119.
9 لوريمر، ج2، جغرافيا، م5، 1995م، ص86.
10 نفسه.
11 السيابي، 2015م، ص310.
12 لوريمر، ج1، تاريخ، م9، 1995م، 204؛ القاسمي، 2007م، ص54.
13 لوريمر، نفسه.
14 الخابوري، 2001م، ص47؛ مقابلة مع الفاضل باقر محمد الصالح بتاريخ 15 يناير 2017م.
15 Al Lawati, 2012, p. 12.
16 للمزيد عن هذا السور انظر: اللواتي، 2009م.
17 الحارثي، م3، 2007، ص250.
18 Allen, 1986, p. 76.
19 Ibid., p. 76.
20 تيمور، 1968، ص14.
21 IOR/R/15/1/398. File 35/64.
22 تيمور، 1968، ص16؛ البوسعيدي، هلال، مقابلة شخصية بتاريخ 12 مارس 2017م
23 تيمور،1968، ص21.
24 وزارة التربية والتعليم، 1985، ص26.
25 وزارة التربية والتعليم، 1985، ص 32.
26 بعد وصول الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر للحكم عام 1952م، لعب راديو (صوت العرب) الذي كان مقره القاهرة في البداية، دورا كبيرا في إذكاء الروح القومية، وتعبئة الرأي العام العربي ضد المستعمر، ففي عام 1954م، تم اطلاق حملة قوية جاء فيها على سبيل التساؤل: ”لماذا لا تستغلون ثرواتكم الضائعة التي يسرقها أعداؤكم؟ تذكروا النفط إنه ثروتنا المهدورة، (النفط للعرب)، إن البريطانيين في الواقع ليسوا إلا لصوصا ومستعمرين“؛ حجلاوي، 2010م، ص280.
27 الإمامة هي نظام حكم وسلطة دينية سياسية عرفت بها عمان عبر تاريخها، وهي أبرز ما يميز الفكر السياسي الابَاضِي، وقد عرفها أحد علماء الاباضية بأنها ”رئاسة عامة في أمور الدين والدنيا لشخص، وهي خلافة رسول الله صلى الله عليه وسلم في إقامة الدين وحفظ حوزة الملة“، ويرى علماء الاباضية أنها لا تجب إلا بتوفر شروطها وهي القوة في المال، والعدد، والعلم. أنظر مجموعة مؤلفين، ج1، 2012م، ص68-69. وعبر التاريخ العماني كانت الامامة تقوم في فترات القوة، وتختفي في فترات الضعف السياسي لعلماء الدين، وقد قامت أول إمامة إباضية في عمان عام 132هـ بتنصيب الامام الجلندى بن مسعود، وآخر إمام في عمان كان الإمام غالب بن علي الهنائي الذي انتهت إمامته عام 1958م.
28 الحارثي، م4، 2007، ص573؛ وقد كان السلطان سعيد بعد انتشار الأفكار القومية والتحررية حريصا شديد الحرص على المتابعة الدقيقة لمحتوى المناهج الدراسية المقدمة لطلاب المدرسة السعيدية، وكان شديد الحساسية من المفردات التي توحي بالثورة، أو الانقلاب، وغيرها من المصطلحات الأخرى، لدرجة أنه أمر باستبدال كلمة (الثورة) أينما وردت في المنهاج الدراسي بكلمة (العصيان)، فكان الطلاب يسمعون عن العصيان الفرنسي، والعصيان الأمريكي بدلا من الثورة الفرنسية، والثورة الأمريكية؛ الريس، 2004م، ص254.
29 Peyton, 2009, p. 14.
30 Rabi, 2006, p. 155.
31 FO 371/156788: BC 1102/22, 13 August 1961, Development Department.
32 الحارثي، م4، 2007، ص71.
33 الحارثي، مج6، 2007، ص72.
34 Boustead, 2002, p. 222.
35 Halliday, 1974, p. 276.
قد يكون في هذه العبارة نوع من المبالغة، نظرا للتعنت الكبير الذي كان يلقاه البريطانيون من السلطان سعيد بن تيمور، وما يبديه من قلق شديد من الأفكار التحررية.
36 تيمور، 1968، ص29-34.
37 Skeet, 1985, p. 183.
38 Rabi, 2006, p. 156.
39 أرشيف هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية، الرمز المرجعي: (A.2.1.9.17): إعلان من رئيس الولاة إلى كافة العموم بشأن فتح مدرسة للطلاب ويطلب موافاته بأسماء الوجهاء الذين لديهم أبناء، 13/6/1945م.
40 Skeet, 1985, p. 184.
41 Ibid., p. 184-185.
42 للمزيد حول حرب الجبل الأخضر ينظر: الريامي، 2018م.
43 للمزيد حول ثورة ظفار ينظر: التكريتي، 2019م.
44 المحرزي، 2014، ص89.
45 Boustead, 2002, p. 222.
46 افتتحت المدرسة عام 1966م، وبعد سبعة عشر يوما من افتتاحها جاءت للشيخ مبارك العريمي رسالة من الوالي تأمره بإغلاق المدرسة دون إبداء أي أسباب لذلك. Issan، 2006، ص159.
47 افتتحت مدرسة عبدالله الغزالي في صور في سبتمبر من عام 1943م، وعند قيام السلطان سعيد بزيارة المدرسة، سأله أعيان صور عن رأيه في المدرسة ونظام التعليم بها، وكان رده بأنه يفضل التعليم الديني في المساجد عن التعليم في هذه المدرسة، وهو ما أدى إلى قيام أولياء الأمور بسحب أبنائهم من المدرسة، وإغلاق المدرسة عام 1947م. Issan، 2006، ص159.
48 FO 371/91258: EA 1011/3 Muscat Annual Report for 1950, 23 March 1951.
49 السلمان، 1999، ص148.
50 ”التعليم في عمان مسيرة متواصلة“، 2014، ص66.
51 وثيقة خاصة لدى الباحث نسخة منها، الشكل 1.
52 ”التعليم في عمان مسيرة متواصلة“، 2014م، ص66.
53 نفسه، ص 85.
54 ”التعليم في عمان مسيرة متواصلة“، 2014م، ص66.
55 القاسمي، 2007م، ص255.
56 مقابلة مع منير توبراني Munir Manubhai Naraindas Toprani بتاريخ 14 فبراير 2017م.
57 Peterson, 1978, p143.
58 Cantine, 1904, p.11.
59 عبدالخالق، مهدي، مقابلة شخصية بتاريخ 3 يناير 2017م.
60 الزدجالي، 2019م، ص12.
61 القاسمي، 2007م، ص18.
62 نفسه، ص39.
63 سلطان، علي محمد، د.ت.، ص113؛ الجدير بالذكر أن علي محمد سلطان من مواليد مدينة مطرح في عقد الخمسينيات من القرن المنصرم، وقد درس في المدارس الأهلية بمطرح أيام طفولته، حيث درس في مدرسة الأستاذ محمد علي تقي، ومدرسة الأستاذ قاسم.
64 اللواتي، مصطفى، مقابلة شخصية بتاريخ 31 يناير 2017م.
65 هو السيد حسن أسد الله المسقطي، ولد بالعراق عام 1898م، وتوفي بالهند عام 1948م. يتصل نسبه بالامام موسى الكاظم وهو الامام السابع عند الشيعة الاثنا عشرية. جاء إلى عمان عام 1930م باختيار من أحد علماء الشيعة بالنجف بالعراق وهو السيد أبو الحسن الأصفهاني، حيث كتب إلى جماعة الشيعة في عمان ” لقد بعثت إليكم ركنا من أركان الدين الاسلامي، ودعامة من دعائم المعرفة والحكمة“، وكان مجيئه في أواخر عهد السلطان تيمور بن فيصل، وأوائل عهد السلطان سعيد بن تيمور؛ الموسوي، 2007م، ص26،29،54.
66 هو الأخ الأصغر للسيد حسن. ولد في مدينة كربلاء بالعراق عام 1905م، وهاجر إلى عمان عام 1933م. وتوفي عام 1983م؛ الموسوي، 2007م، ص 17-22.
67 انظر قائمة المدارس نهاية البحث.
68 هو عالم إسلامي باكستاني شيعي. ولد في حيدرأباد بتاريخ 9/7/1908م. نشأو ترعرع في حيدر أباد، ثم حصل على درجة البكالوريوس من (Osmania University) بحيدر اباد، وبعدها حصل على ماجستير في الفلسفة من جامعة الله باد بالهند. كما درس على يد مجموعة من كبار علماء ومراجع الشيعة منهم السيد حسين بن السيد علي الطباطبائي البروجردي، وآية الله شهرستاني. أصبح رشيد ترابي فيما بعد رئيس الرابطة الاسلامية بالهند، ثم هاجر إلى باكستان عام 1949م، وظل بها حتى وفاته عام 1973م؛
Wikipedia, “Rasheed Turabi”, 2019.
69 سلطان، علي محمد، مقابلة شخصية بتاريخ 30 يناير 2017م.
70 FO 371/91258: Muscat Annual Report, 1950.
71 هو جواد بن جعفر الخابوري، ولد عام 1911م في مدينة مطرح، كانت بداية تعليم الأستاذ جواد في منطقة نَفْعَا بالباطنة حيث أرسله والده للدراسة هناك، فدرس في الكتاتيب، وبدأ بتعلم القرآن، والكتابة، ثم رجع إلى الخابورة، مسقط رأس والده، بعد أن عاد إليها، فتعلم هناك اللغة العربية، ثم أكمل دراسته في مسقط على يد مجموعة من الأساتذة منهم الأستاذ عبد الرسول بن غلام بن حسين بن جعفر اللواتي، والأستاذ محمد بن عبدالله الملقب بالطويل، ومجموعة من مشائخ النجف من العراق، والذين كانوا يزورون مطرح بين الحين والآخر. غير أن نقطة التحول المهمة في مسيرة حياته كانت بمجيء السيد حسن أسد الله الموسوي، الذي تعلم على يديه المنطق، والفلسفة، والتصوف، وقد تعمق الأستاذ جواد في علم الفلسفة، واعتنق مذهب ”اللاأدرية“، وهو مذهب فلسفي. كانت له مدرسة في النصف الأول من عقد الثلاثينيات من القرن العشرين (انظر قائمة المدارس الأهلية، الشكل 2)؛ مقابلة مع الفاضل محسن بن جمعة بن محمد اللواتي بتاريخ 5 فبراير 2017م؛ الخابوري، 2001م، ص7-11، (مقدمة الكتاب).
72 اللواتي، محسن بن جمعة، مقابلة شخصية بتاريخ 5 فبراير 2017م.
73 اللواتي، مصطفى، مقابلة شخصية بتاريخ 31 يناير 2017.
74 الرشيد، 1926، ص137.
75 الشيخ، 2004، ص109؛ العبد الله، 2003، ص386.
76 اللواتي، محمود بن علي، مقابلة شخصية بتاريخ 15 فبراير 2017.
77 سلطان، علي محمد، د.ت.، ص121.
78 القاسمي، 2007، ص30.
79 القاسمي، 2007، ص30؛ نقلا عن الشاطري، 1977، ص43.
80 انظر الملحق بأسماء المدارس نهاية البحث.
81 هو حسن بن علي بن هاشم بن فاضل اللواتي، ولد في مطرح بسور اللواتية عام 1918م. تلقى تعليمه الأول في المدرسة السلطانية، ودرس أيضا على يد الأستاذ جواد بن جعفر الخابوري، والشيخ حسن أسد الله الموسوي، كما تعلم اللغة الإنجليزية على يد بعض الهنود الذين كانوا يقيمون في مطرح، كما انه اهتم بالتعلم الذاتي. سافر إلى عدة دول، واكتسب مكانة اجتماعية في مطرح نتيجة دوره الاجتماعي في مساعدة الناس والمحتاجين، ودوره التعليمي. كما عمل في وزارة الإعلام العمانية منذ العام 1975م. توفي في أبريل من عام 2000م عن عمر يناهز 81 عاما؛ مصطفى 2016م، ص14؛ اللواتي، 2000م، ص6.
82 مصطفى، 2016، ص13.
83 سلطان، علي محمد، د.ت.، ص95.
84 اللواتي، 2000، ص6.
85 اللواتي، مصطفى بن مختار، مقابلة شخصية بتاريخ 31 يناير 2017 ؛ ولد مصطفى مختار اللواتي بمدينة مطرح في بداية الأربعينيات من القرن المنصرم، درس في طفولته بالمدارس الأهلية في مطرح، ومنها مدرسة الأستاذ حسن، سافر بعدها إلى الكويت حيث عمل وأكمل دراسته بها.
86 اللواتي، 2016، ص29.
87 مصطفى، 2016، ص13.
88 نفسه.
89 نفسه، ص13.
90 نفسه، ص13.
91 مقابلة مع الحاج مصطفى بن مختار بن علي اللواتي بتاريخ 31 يناير 2017م.
92 سلطان، علي محمد، د.ت.، ص95.
93 اللواتي، مصطفى، 2016، ص25.
94 اللواتي، مصطفى، مقابلة شخصية بتاريخ 31 يناير 2017.
95 اللواتي، 2016، ص25.
96 اللواتي، مصطفى، مقابلة شخصية بتاريخ 31 يناير 2017.
97 اللواتي، 2016، ص26.
98 اللواتي، مصطفى، مقابلة شخصية بتاريخ 31 يناير 2017؛ الصالح، باقر محمد، مقابلة شخصية بتاريخ 15 يناير 2017؛ وباقر محمد الصالح هو أحد المهتمين بكتابة تاريخ مدينة مطرح وتتبع تاريخ اللواتي، ولد وترعرع في سور اللواتية بمطرح، ودرس بمدرسة الأستاذ حسن بن علي هاشم.
99 مصطفى، 2016، ملحق شرفات، العدد 538.
100 سلطان، علي محمد، مقابلة شخصية بتاريخ 30 يناير 2017م.
101 باقر، محمد رضا، مقابلة شخصية بتاريخ 30 يناير 2017م؛ وقد درس محمد رضا باقر بالمدارس الأهلية بمطرح ومنها مدرسة الأستاذ محمد علي تقي، وكان أحد الذين أظهروا تفوقا في اللغة الانجليزية والحساب، حيث أهله ذلك —بعد اجتياز مجموعة من الاختبارات التحريرية— ليكون من أحد الطلاب الأربعة الذين أرسلتهم شركة تنمية نفط عمان عام 1969م للدراسة بالمملكة المتحدة.
102 سلطان، علي محمد، مقابلة شخصية بتاريخ 30 يناير 2017م.
103 نفسه.
104 مصطفى، 2016، ملحق شرفات، العدد 538.
105 سلطان، علي محمد، مقابلة شخصية بتاريخ 30 يناير 2017م.
106 نفسه؛ وكانت تلك الفترة تشهد استخدام الآلة الكاتبة بشكل أساسي في جميع المؤسسات الحكومية والخاصة، حيث كانت تطبع بها جميع المستندات من الرسائل والتقارير وغيرها.
107 سلطان، علي محمد، مقابلة شخصية بتاريخ 30 يناير 2017م.
108 سلطان، علي محمد، د.ت.، ص118.
109 نفسه، ص121.
110 سلطان، علي محمد، مقابلة شخصية بتاريخ 24 يناير 2017م.
111 نفسه.
112 نفسه.
113 سلطان، علي محمد، مقابلة شخصية بتاريخ 15 يناير 2017م.
114 نفسه. كانت الحروف (R, F, RE or E) ودلالات الرموز هي كالآتي: R أن يعيد الطالب الدرس من جديد، وفي حال تكرر الخطأ يتم معاقبة الطالب؛ F تعني أن يحفظ الطالب النص المكتوب عليه هذا الرمز؛ RE تعني أن الطالب اجتاز المرحلة، أو الدرس، وعليه الانتقال للمرحلة التي تليها؛ E كانت عبارة عن تنبيه للطالب، بأنه سيخضع للامتحان يوم الخميس للجزئية التي تم كتابة الرمز عليها.
115 سلطان، علي محمد، د.ت.، ص119.
116 كان السبب الرئيسي لإغلاق المدرسة هو قيام الحكومة بترحيل البلوش القاطنين في منطقة جبروه بمدينة مطرح إلى منطقة الخوض، حيث كان هؤلاء يمثلون نسبة كبيرة من طلبة مدرسة الأستاذ قاسم، كما أن انتشار مظلة التعليم في مختلف مراحله في عهد السلطان قابوس، وكبر سن الأستاذ قاسم من الأسباب الأخرى التي أسهمت في ذلك. سلطان، علي محمد، د.ت.، ص119.
117 نفسه، ص119.
118 نفسه، ص102.
119 نفسه، ص 105.
120 سلطان، علي محمد، مقابلة شخصية بتاريخ 15 يناير 2017م.
121 سلطان، علي محمد، مقابلة شخصية بتاريخ 24 يناير 2017م.
122 باقر، محمد رضا، مقابلة شخصية بتاريخ 14 مارس 2017م.
123 سلطان، علي محمد، مقابلة شخصية بتاريخ 24 يناير 2017م.
124 سلطان، علي محمد، د.ت.، ص107.
125 مقيبل، 2011، ص149.
126 نفسه، ص70.
127 نفسه، ص111.
128 سلطان، علي محمد، د.ت.، ص84.
129 نفسه، ص112.
130 من ذلك أن قام بتأليف قصيدة في حادثة مقتل واستشهاد الحسين بن علي وكانت بعنوان ”Hussain’s Martyrdom“؛ سلطان، نفسه، ص112.
131 نفسه، ص112.
132 سلطان، علي محمد، د.ت.، ص111.
133 سلطان، علي محمد، مقابلة شخصية بتاريخ 24 يناير 2017م.
134 سلطان، علي محمد، د.ت.، ص113.
135 اللواتية، بلقيس بنت جواد، مقابلة شخصية بتاريخ 8 فبراير 2017م؛ وهي ابنة الأستاذ جواد الخابوري —أحد المؤسسين الأوائل للمدارس الأهلية في مطرح— وقد تدرجت في مجموعة من الوظائف التدريسية والأكاديمية.
136 كلارك،2007، ص79.
137 نهضة التعليم في سلطنة عمان، 2002، ص35.