حيدر بن عبدالرضا اللواتي – عُمان
[email protected] –
مع استمرار جائحة كورونا وتعطّل الكثير من المصالح الحكومية والخاصة، اضطر الكثير من المؤسسات مواصلة العمل عن البعد من خلال برامج الفيديو الافتراضي الذي تعطي فرصة للجميع بإبداء آرائهم واقتراحاتهم مع الاستمرار في تقديم الخدمات للجمهور والتزامهم بالبقاء في المنازل.
فقد أدى انتشار الفيروس عالميًا إلى اتخاذ العديد من الإجراءات من قبل تلك المؤسسات الحكومية والخاصة من بينها العمل المنزلي للتقليل من الإصابات اليومية بين الأفراد، والمحافظة على صحتهم دون وصول المرض إليهم بصورة مفاجئة ، وتتم جميع هذه الأعمال وفق تعليمات الرؤساء والمديرين، في الوقت الذي يتوقع فيه الخبراء أن يستمر هذا الإجراء مع استمرار المرض لحين تراجع قوته وتوقفه تماما.
المؤسسات الحكومية الخدمية والشركات العمانية تقدم خدماتها وفق رؤيتها العملية في هذا الشأن، وهي بحاجة إلى ذلك، في الوقت الذي بدأ فيه تسليط الضوء على ذلك من خلال عقد أول جلسة افتراضية لمجلس الخنجي عبر الفيديو بمشاركة 65 من رجال الأعمال العمانيين والأجانب والمهتمين في هذا الأمر، حيث تحدّث في هذا التجمع عن بعد مايكل هانسن الرئيس التنفيذي لمجموعة الخنجي القابضة متناولا معايير ممارسات العمل الجديدة في ضوء هذه الجائحة التي تعصف بالعالم.
وتطرق المسؤول لعدد من النقاط من واقع خبرته وقيادته لمستوى العمل الجديد في المجتمع العماني، وتعلمه من المجتمعات الأخرى في سياق الأزمة العالمية الناتجة عن تفشي وباء كورونا.
في البداية تناولت الجلسة محور تغير المشهد المتأثر بالوباء الذي شهدته عدة دول أجنبية خلال الأشهر الماضية مثل الصين والدول الأوروبية والآسيوية، وأمريكا ومؤخرا دول الشرق الأوسط، مشددًا على أنها معضلة عالمية في سياق الاضطراب الهائل في المجتمعات، وليس اضطرابًا في العمل تمامًا، حيث إن العديد من القطاعات الاقتصادية والأفراد قد تكبدوا خسائر بشرية ومادية جراء ذلك.
علينا اليوم النظر إلى ما يمكن أن يستفيد منه الناس والمجتمع من جراء هذه الجائحة، خاصة أن الأعمال الفردية والقيادة المجتمعية في السلطنة بين الحكومة والمؤسسات الأخرى أظهرت مسؤولية اجتماعية كبيرة، والتي كانت استباقية وقياسية، حيث أبدى الفرد العماني قدرة على مواجهة العواقب السلبية للمرض وتحويله إلى صورة إيجابية، فهناك اليوم تنسيق مستمر بين الجهات الحكومية التي تضم وزارة الصحة وشرطة عمان السلطانية، والمؤسسات العسكرية وبلدية مسقط وهيئة حماية المستهلك وغرفة تجارة وصناعة عمان، ووزارة القوى العاملة، وغيرها من المؤسسات، وهناك خطة عمل واضحة لمواجهة الأزمات من خلال دفع الناس للجلوس في منازلهم مع فتح بعض المؤسسات أبوابها لتوفير الاحتياجات من السلع والمنتجات الضرورية للأكل والشرب والعلاج، والتأكيد على أهمية ذلك في مواجهة المرض، والعمل على توفير السيولة النقدية للناس والمؤسسات للظروف الطارئة.
لقد أدت هذه الأزمة إلى حدوث تغيير في المعاملات المصرفية اليومية بحيث أصبحت التحويلات المالية بين الناس إلكترونية مقابل رسوم معينة ، في وقت يتراجع فيه التعامل مع الشيكات المصرفية الورقية، في حين أصبحت المؤسسات مطالبة باتخاذ ما يلزم من الاحتياطات والتحذيرات بشأن العوامل التي قد تؤثر على تصريف الأعمال سواء من حيث توفير الكوادر البشرية اللازمة أو الموارد النقدية ، الأمر الذي يتطلب من المؤسسات تنظيم الأعمال، ووضع خطط عملية مرحلية يتم تنفيذها على شهور معينة ، ويتم تجديدها مع نهاية كل فترة زمنية حتى نهاية الأزمة.
ففي أعمال القطاع الخاص من الضروري على المؤسسات تثقيف العاملين لديها في معرفة الأمور التي تهمهم في عملية الاتصال والإنتاج اليومي أو الأسبوعي، وإرسال التعليمات لهم من خلال الوسائل الإلكترونية المتاحة.
فجميع المعلومات أصبحت اليوم متدفقة ومتاحة ويمكن معرفتها أولًا بأول سواء فيما يتعلق بأسعار النفط العالمية، أو أسواق الأوراق المالية أو التطورات التي يشهدها هذا الوباء، أو الظروف المحلية للقطاعات الاقتصادية وغيرها من المعلومات التي تهم الأفراد والمؤسسات، مما يتيح الفرصة للناس القيام بمهامهم الموكلة إليهم وفقًا لـرغبة المؤسسات.
كما أن معظم المعاملات المصرفية والمالية تتم اليوم من خلال التحويلات الإلكترونية مع المؤسسات والأفراد وفيما بينهم، سواء في مجال العقارات أو الأعمال التجارية أو المصرفية وغيرها.
ولكن في جميع الحالات هناك حاجة إلى خفض تكلفة الأعمال وإيجاد كفاءات جديدة من الأشخاص الذين يمكنهم التعامل مع التقنيات الحديثة في العمل، وتعيين الأشخاص الذين يمكنهم مواصلة الأعمال من خلال الأنظمة الإلكترونية الحديثة، الأمر الذي يتطلب من المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص إيجاد مثل هذه الكفاءات في ضوء الأدوار المتغيرة لمواجهة التحديات المستقبلية في العمل المؤسسي، والاستمرار والمحافظة على هذا النهج، بهدف الحفاظ على السمعة التجارية، وفهم المخاطر التي قد يسببها هذا التهديد الجديد للفيروس، كما من المهم أيضًا للمؤسسات التجارية مواصلة خطط أعمالها مع الشركاء الجيدين والعاملين معها، في الوقت الذي تتغير فيه المنافسة في الأعمال التجارية وتصبح منفتحة على الجميع.
لقد أصبح مهمًا اليوم أن تهتم المؤسسات وتحافظ على مواردها البشرية الجيدة، ومعرفة كيفية التعامل معها في قضية التبادل اليومي ودفع الرواتب لها، ولكن على الجميع تحمل بعض التضحيات سواء من الرؤساء أو المرؤوسين، فالوباء الحالي بهذه الصورة يؤدي إلى تغيير مفاهيم العمل والإنتاج، ويدفع بالدول إلى تبني مناهج جديدة في قطاعات العمل والتعليم والإنتاج، مع الاعتراف بأن العديد من الشركات قد تأثرت بهذه الأزمة، ولكن على الجميع مراجعة السياسات العملية والتقنية لمؤسساتهم، وإجراء بعض التغيير في جوانبها حتى تظل متواصلة مع العمل اليومي.
إن هذه الجائحة تدفع الجميع إلى التكيف مع العمل بتفكير مختلف عن السابق، بحيث يبقى الكل استباقيين ومتفائلين في قرارتهم وإجراءاتهم، مع الأخذ في الاعتبار بأننا جميعا في قارب واحد، وعلينا العمل بصورة نتمكن من الاستمرار في مواصلة الأعمال اليومية، ومواجهة المشاكل الناشئة بسبب انخفاض أسعار النفط العالمية من جهة والنتائج السلبية للوباء على المجتمع التجاري والأفراد من جهة أخرى.