ابن الحبيب
*تؤمن البشرية بكافة دياناتها السماوية ، و النحل الأخرى ، بوجود مخلص عالمي منقذ للبشرية من الضلال و الإنحطاط الخلقي بين أفراد المجتمعات ، و الإرهاب القمعي بين حكومات لتحالفات دول لتدمير شعوب أخرى بدافع السيطرة و سلب سيادتها و الإستحواذ و الإستيلاء على خيراتها ، أرضها ، لينطبق عليهم قول السيدة فاطمة الزهراء بنت الرسول الأكرم حين وصفت الجاهلية القديمة في علاقاتها القبلية و الدولية ب( يتخطفكم الناس من حولكم)، فما نعيشه الآن من جرائم بحق الإنسانية من دون رحمة لهو الجاهلية الحديثة بقرنيها ، و بسفيانها الذي يرمز لتحالفات الشر.*
فتقبع تلك العقيدة في عمق وجدان البشرية منذ ان خلق الإنسان ، و تجذرت عند مختلف أتباع الديانات الحالية و الطرق الأخرى بأشكال مختلفة متعددة للتعبير عن معتقدهم في المخلص.
*و أختلفت أشكال نظراتهم و وعيهم بحقيقة المخلص هل ولد ام لم يولد ، من يكون ، على اي مذهب او دين سياتي.*
و لكن الجميع قد إتفقوا على إطار ثقافي واحد، يؤمن به وجدانهم بأن هناك للبشرية منقذ مخلص مقدس و هو قادم .. قادم.
*و يحتفل جزء من العالم الإسلامي اليوم بمناسبة مولد هذا المخلص المهدي ، فيدعون الله ربهم بالتعجيل بفرجه و مقدمه الشريف مثلما بشر به جده المصطفى الاكرم حين قال رسول الله:*
“لا تقوم الساعة حتى تمتلئ الأرض ظلما و جورآ.
و قال: ثم يخرج رجل من عِترتي — أو من أهل بيتي –، يملؤها قِسطا وعدلا كما ملئت ظلما وعدوانا”، مسند أحمد ابن حنبل.
*فعاش هذا الجزء من البشرية العشق لسيرته و أختلفت بين الأفراد و الجماعات طرق التعبير عن شوقهم له و إمتثالا لأوامره بتحويل ثقافة الإنتظار الى حالة عملية سلوكية إيجابية، لتضيف لبنات من الخير و البناء كجزء من الإستعداد و تهيئة الاوضاع لمقدمه الشريف.*
لتتحول و تتخذ ثقافة الإنتظار لديهم لأشكال متعدده ، و تشق طريقها في العلاقات النفسية للفرد ، و بإطار الأسرة ، و بالمجتمع ، و في العمل الذي يترزق منه ، و العلاقات الواسعه على الساحات الدولية.
*فمنهم من يختزل إنتظاره بإرسال رسالة وتساب و إيميلات لمعارفه و علاقاته ، و منهم من يجذر سلوك الإنتظار خلال تعامله بأفراد أسرته و جماعته ، و منهم من يقوم بأعمال فعلية إتجاه المحرومين في مجتمعه ليكون الإنتظار عنده دافع لمزيد من العطاء العملي ، و منهم من يوسع دائرة علاقاته ليزيدها رسوخآ بأعمال إيجابية إنسانية عالمية ليجذر ثقافة الإنتظار الإيجابي …!*
فالناس و التجمعات هي أطباع و قدرات و مشارب و ثقافات و سلوكيات متعدده مختلفة.
*و كتوجيه قرآني رائع للبشرية ، يتلخص بكلمات موجزة بان تبادر بنشر الخير و مساعدة الضعفاء على كافة المستويات فقد ذْكر ذلك بجلاء في سورة الماعون :
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (1) فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (2) وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (3) فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5) الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ (6) وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ (7) (صدق الله العلي العظيم).
فما كانت لفظة الماعون و ذكر لليتيم ( هنا) الا رموز تختزل مشروع العمل الإجتماعي الخيري، الذي به يرتقي المجتمع خلقيآ فهو قد بادر لإحداث الإستقرار المعيشي للفئات الضعيفة بالمجتمع، مبادرات لا تقف عند حد العمل الفردي بل تنطلق في أعمال جماعية متكاتفه منظمة متناسقه.
و كانت صيغة التوبيخ و الوعيد ( فويل) قد أختصت به المصلين و هم ( بصيغة الجمع ، فتشمل الأفراد و الجماعات كأصحاب القرار ) حين لا يراعون الحالات الإنسانية في مجتمعاتهم و يقومون بتأسيس ثقافة مضادة تحبط ( و تمنع ) الأعمال الخيرية تحت ذرائع مختلفة و سن قوانين معطلة…!
*فقرن ثقافة العطاء الإجتماعية بصدق سلوك العطاء لدى للفرد و المجتمعات، و ما جائحة كرونا لمثال حديث واقعي عن تعسف دول و مجتمعات و أفراد في مد العون للدول و المجتمعات الأخرى ، و فرض حظر على وصول أدوية و معدات طبية لدول أخرى ، فهم المانعون للماعون دوليآ..!*
و بتوجيه نبوي شريف جميل مثمر كسلوك عملي حين حثنا لغرس غصن شجرة حتى لو نعلم بان قيام الساعة أمامه فقط ساعة زمنية واحدة ( و الغرس لهو رمز لجميع أعمال الخير ) ، بأن نسارع فيها و لا نعتمد و نركن فقط لأعمالنا الخيره السابقة أي كانت ، فقال : ” إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها ”
* و عليه فلينظر الإنسان فينا كيف تتربع ثقافة إنتظار الإمام المهدي (عج) على عرش وجدانه الروحي و العقلي ، و كم إستطاع تحويل ذلك العشق الى سلوك إيجابي مبدع عملي حياتي ولم يكتفي بمجرد القليل من العمل النشط..!*
أهو فقط بمقدار إرسال رسالة وتساب و السلام و بعض الممارسات الفردية ، أم هو ( أبعد) (و أعمق) ( و مستمر ) ( واسع ) ليكون كغرس غصن شجرة في الأسرة و المجتمع و البشرية من اليوم …!
*و ختامآ لأبارك لذلك الجزء من الأمة الإسلامية و البشرية لجهودها بترسخ عقيدة ظهورك المنقذ عمليآ ، و لنعاهدك سيدي بالسير خلفك أيها المنتظر المقدس …!*