حيدر اللواتي – لوسيل
يبدي الكثير من الخبراء اهتماما كبيرا تجاه القضايا المرتبطة بالذكاء الاصطناعي منها الرعاية الصحية والأخلاق وغيرها. وقد استعرض مؤخرا الدكتور عبدالله دار الأستاذ السابق بجامعة السلطان قابوس والحالي بجامعة تورنتو هذه القضية، معتبرا أن الذكاء يعتبر فطرة إنسانية طبيعية لإدارة حياة الإنسان اليومية وحل مشاكله، في الوقت الذي دخلت التقنيات الحديثة إلى حياته لإنتاج ما يسمى بـ (الذكاء الاصطناعي)، المعروف أيضًا بذكاء الآلة أو الكمبيوتر. فقد شهد الذكاء الاصطناعي تضخما من خلال وسائل التواصل الاجتماعي وأجهزة الاتصالات الذكية وبرامجها، حيث يتجه هذا النوع من الذكاء إلى فهم عمليات التعلُّم والابتكار وحل المشكلات.
وتنتشر أنظمة الذكاء الاصطناعي بسرعة كبيرة في مجال الرعاية الصحية في العالم. وهناك العديد من الشركات الناشئة التي يتم تشكيلها لمعالجة مختلف تلك الجوانب، وتحويلها للتنبؤ والوقاية والتشخيص والإدارة والتكهن، في الوقت الذي يتم فيه تجميع البيانات التي يمكن استخدامها لتدريب أنظمة الذكاء الاصطناعي على أداء وقوة ودقة أكبر.
ومع القوة والانتشار السريع لهذه النظم والتقنيات، فقد حدثت قضايا أخلاقية خطيرة في المجتمعات يجب فهمها ومعالجتها بسرعة، منها جمع كميات هائلة من البيانات المطلوبة لإدخالها في أنظمة الذكاء الاصطناعي للتدريب على مهام محددة، والتي تحتفظ بها الشركات الكبيرة مثل Google وAmazon وFacebook وMicrosoft وApple وما إلى ذلك. وهذا يؤدي بالتالي إلى تركز السلطة في أيدي تلك الشركات الغنية، وطرح مخاوف اجتماعية وأخلاقية للناس، وربما حصول أضرار محتملة لهم، إن لم يتم استخدامها لصالح البشرية.
فأنظمة الذكاء الاصطناعي تساعد في عمليات اتخاذ القرار في بعض القضايا منها الأمور المتعلقة بالمحاكم والجزاءات، وفي عمليات التوظيف لمعرفة المعلومات عن الأشخاص، وفي عمليات التعليم والبرامج التعليمية. كما تستخدم أنظمة الذكاء الاصطناعي في مجال الدفاع والتسليح والصحة البشرية لمعرفة معاناة البشر والمرضى وقضاياهم والحصول على الأجوبة، بحيث يتمكن الناس والمهتمون من إعادة كتابة تلك المعلومات واستخدامها، والاستفادة منها، والعمل على كيفية مراقبة العمليات والالتزام بالأمور. واليوم فإن معظم استخدامات الذكاء الاصطناعي إيجابية في حياة الناس، وما نحصل عليه من المعلومات أحيانا أحسن مما يملكها ويعطيها البشر. كما أن معلومات الذكاء الاصطناعي تدخل في تصميم وإنتاج واستخدام الأدوية التي تساعد المرضى، وفي الحصول على العلاج السريع والناجع، الأمر الذي يتطلب من دول المنطقة العمل على كيفية جمع هذه المعلومات لإنشاء مؤسسات مهمتها الذكاء الاصطناعي، ووضع أنظمة لها واستخداماتها للحصول على التحاليل والنتائج الجيدة.
فالمواقع الإلكترونية المعروفة تعمل على الحصول على هذه المعلومات وتقوم بالاستفادة منها في الأعمال التجارية وبيعها، وهذا يعتبر تحدياً أخلاقياً كبيراً للبشر، لأن الناس لا يعلمون أين تذهب تلك المعلومات. فالكثير من البشر والمسؤولين والقيادات لا يعلمون عن الذكاء الاصطناعي كثيرا، فيما تعمل مؤسسات أخرى بتلك الأنظمة في القضايا الصحية العالمية، الأمر الذي يتطلب دعم بحوث الذكاء الاصطناعي وتأسيس مثل هذه المشاريع في المنطقة والمساهمة في تطويرها واستخدامها والاستفادة منها بدلا من استيرادها من الخارج. وهذا يتطلب أيضا إعطاء الفرصة للجميع للتحدث والإبداع وعدم استخدام الشدة والرفض والتهديد بحيث نتمكن من إيجاد مجتمع عادل يتسم بالاعتدال والتطوير والتقدم في تلك المشاريع.