د.طاهرة بنت عبدالخالق اللواتية – شئون عُمانية
[email protected]
ورد في الخطاب السامي لجلالة السلطان هيثم بن طارق حفظه الله ورعاه بأنه لتوفير الأسباب الداعمة لتحقيق اهدافنا المستقبلية؛ فان الأمر بحاجة الى تحديث منظومة التشريعات والقوانين ، والى العمل بحوكمة الأداء والنزاهة والمساءلة والمحاسبية.
وقد أصدر جلالته حفظه الله ورعاه قانون الأمن الداخلي مؤخرا ، ضمن التحديث الضروري لمنظومة القوانين والتشريعات .
ويعزز هذا القانون المهم ؛ قانون الجزاء العماني ، وهو من القوانين الكبيرة والمهمة جدا ، وقد صدر في العام ٢٠١٨ بنسخته الجديدة. وألغى مرسوم صدوره قانون الجزاء العماني السابق والذي صدر في العام ١٩٧٤ .
من عادة القوانين انه لدى تطبيقها تبرز المستجدات المختلفة كل صباح جديد ، والتي تدعو الى اضافة بعض البنود لتحقيق المصلحة العامة القصوى .
ويلاحظ ان قانون الجزاء بنسخته الجديدة في حاجة الى تعزيزه ببعض البنود التي تشدد على معالجة الفساد ، وخاصة في ظل دخولنا قريبا حيز تنفيذ رؤية ٢٠٤٠ والتي تؤكد على الحوكمة كمرتكز مهم جدا ، وعلى وجود معايير لقياس الأداء لكل محور ومرتكزاته ، وقد أتى خطاب جلالته حفظه الله ورعاه داعما لحوكمة الاداء والنزاهة في الرؤية.
ان البيئة الجاذبة للاستثمار متى ما تحققت فيها النزاهة والشفافية ؛ تصبح كالمغناطيس الذي يجذب الاستثمار الداخلي والخارجي على السواء ، فالمستثمر الداخلي يعاني المخاوف كما الخارجي ، وكما يقال ان “الرسمال جبان “.
ان قضايا الفساد التي أحيلت للمحاكم اعطت مؤشرا ان البنود التي تعالج الفساد لم تسعف القضاة كثيرا ، ولم تسعف هيئة حماية المستهلك كثيرا . ولأن التجربة هي معلمنا للتغيير او الاضافة او التعديل او التحديث في القوانين ؛ فان تعديل المواد التي تتصل بالفساد في قانون الجزاء مهم جدا لتحقيق أقصى الفاعلية في معالجة قضايا الفساد .
قد يقال ان مشروع القانون قبل إقراره قد مر على مجلس الشورى في فترته الثامنة ، وقد وضع المجلس تعديلاته عليه، ثم رفع للاعتماد من جلالة السلطان قابوس عليه رحمات الله .
ان القوانين مثلها مثل أي نتاج بشري ، بحاجة الى التجربة ثم التقييم والتقويم ، والتطوير ، ولذا تعدل وتطور باستمرار، وتستحدث بين فترة واخرى كي تصبح اكثر فعالية . بل ان برلمانات العالم تتجه الآن الى انشاء لجان قياس أثر التشريعات والقوانين التي تصدرها، وذلك فق مؤشرات أداء محددة ومقننة ، كي تقيس أثر تطبيق القوانين والتشريعات وقدرتها على تحقيق الاهداف التي وضعت لأجلها . وهو أمر ضروري اذا أردنا التطوير والتحديث ، وان مسؤوليتنا جميعا كل من موقعه سواء التشريعي او التنفيذي او القضائي القيام بواجبه تجاه عمان ، عمان الكيان الحضاري الفاعل ؛ عمان التاريخ المجيد والنهضة المتجددة.