حيدر اللواتي – لوسيل
يمر العالم بين فترة وأخرى بأزمات مالية واقتصادية، إلا أن الأزمة الحالية الناتجة عن تفشي فيروس كورونا يدفع الكثير من المؤسسات بإعادة النظر في بعض السياسات والقرارات التي تتعامل معها على المستوى المحلي والخارجي. ومن بين القضايا التي بدأت تأخذ بعداً في العمل المالي الخليجي، وتجددها أحيانا، هي قضية التحويلات المالية الشهرية للعمالة الوافدة، في الوقت الذي يتم فيه الاستدانة من الصناديق الدولية لمقابلة الالتزامات المصرفية السنوية لدول المجلس.
فبالرغم من تراجع عدد العمالة الوافدة في المؤسسات الخاصة التابعة للقطاع الخاص الخليجي، إلا أن عددها في تزايد في المؤسسات الحكومية، حيث أشارت مؤسسة «مباشر» في مسح لها إلى أن حجم تحويلات الوافدين بدول المجلس في نهاية الربع الأول من العام الماضي تراجع بنسبة 9.97% على أساس سنوي، ليصل إلى 24.71 مليار دولار، مقارنة بـ 27.44 مليار دولار في الفترة المماثلة من 2018.
فقد تمكنت دول المجلس خلال العقد المنصرم من إصدار عدة تشريعات وقرارات لتمكين المواطنين من العمل في المؤسسات والشركات، ونظمت برامج التدريب والتأهيل لإحلالهم محل العمالة الوافدة، حيث كان موضوع التحويلات المالية ضمن القضايا التي تم تسليط الضوء عليها لتعديل التركيبة السكانية من جهة، وتدوير الأموال من خلال تمكين المواطنين من العمل لدى المؤسسات والشركات الخليجية من جهة أخرى. فالقرارات التي تم اتخاذها بدول المجلس أدت بالفعل إلى تقليص بعض أعداد العمالة الوافدة في معظم الدول باستثناء دولة قطر الشقيقة نتيجة للمشروعات التي تتم بها استعداداً لاستضافة كأس العالم 2022.
إن التحويلات المالية للعمالة الوافدة بدول المجلس تتم عبر عدة قنوات أهمها البنوك بجانب مؤسسات الصيرفة والتحويلات المباشرة عبر الأشخاص من خلال الرحلات الجوية المباشرة للعاملين بها، أو من خلال شراء الذهب والسفر به إلى الخارج، بالإضافة إلى عمليات التهريب أحيانا والتي يتم اكتشافها بين فترة وأخرى. ودول مجلس التعاون ليست استثناء في عمليات التحويلات المالية. فالعالم لديه العمالة الوافدة، حيث تشير بيانات البنك الدولي إلى ارتفاع تحويلات العمالة إلى الدول منخفضة ومتوسطة الدخل خلال السنوات الماضية بحيث ارتفعت خلال عام 2018 بنسبة 9.6% وبلغت 529 مليار دولار، مقارنة مع 483 مليار دولار عام 2017، منها حوالي 79 مليار دولار للهند، تلتها الصين 67 مليار دولار، ثم المكسيك 36 مليار دولار، و34 مليار دولار للفلبين، و29 مليار دولار لمصر، وغيرها من الدول الأخرى، بينما من المتوقع أن تنمو قيمة هذه التحويلات في عام 2019 إلى دول منخفضة ومتوسطة الدخل لتصل إلى 550 مليار دولار. وتعتبر دول المجلس ضمن بعض الدول الأخرى التي يتم من خلالها تحويل تلك الأموال سنويا. أما التحويلات المالية التي اتجهت إلى الدول مرتفعة الدخل فقد سجلت زيادة بنسبة 8.55% في عام 2018 وبلغت 689 مليار دولار، مقارنة مع 633 مليار دولار عام 2017.
أن دول المجلس تسعى منذ عدة عقود لإحلال العمالة الوطنية في المؤسسات والمحافظة على الاستقرار الاجتماعي في ضوء المخرجات التعليمية السنوية لأبنائها من الكليات والجامعات، الأمر الذي يتطلب توفير مزيد من فرص العمل للسكان من جهة، والحفاظ على الأموال في القنوات المالية الداخلية من جهة أخرى.