حيدر بن عبدالرضا اللواتي – عُمان
بالرغم من المحاولات التي تقوم بها الحكومة البرازيلية لتعزيز النمو الاقتصادي ورفع المستوى المعيشي لمواطنيها منذ عدد من السنوات الماضية ، إلا أن بعض التقارير تشير الى أن ربع البرازيليين يعيشون على أقل من ١٠٠ دولار شهريا وفق دراسة للمعهد البرازيلي للإحصاء والجغرافية . الدراسة تشير إلى أن حوالي ٥٦ مليون برازيلي يعيشون في فقر مدقع، وأن نسبتهم تزيد سنويا، حيث ارتفعت النسبة لتصل اليوم إلى أكثر من ٢٦% بالرغم من أن أرقاما أخرى تشير إلى أن نسبتهم تصل إلى ١١.٤% فقط وفق بيانات عام ٢٠١٨.
ورغم ذلك نجحت البرازيل في تعزيز تجاربها الاقتصادية ومستمرة في تنويع اقتصادها لتصبح اليوم إحدى الدول الصناعية التي اجتذبت استثمارات عديدة وأصبحت عضوا في قمة العشرين. وتسعى في الوقت نفسه بفتح مجالات التجارة والتصدير مع العديد من دول العالم ومنها الدول العربية، في الوقت الذي تبذل فيه جهودا مضنية لتوفير الاستثمار لأكثر من ١٠ مليارات ريال برازيلي شهريا وبشكل عاجل لتعزيز الاقتصاد البرازيلي لمواجهة التحديات الماثلة أمام هذه الدولة من جهة، والحد من الفقر من جهة أخرى.
علاقات البرازيل مع العالم العربي تشهد تطورات عديدة بالرغم من المواقف العدائية لها مؤخرا تجاه القضية الفلسطينية . فمؤشرات الغرفة العربية البرازيلية تشير إلى أن الميزان التجاري بين البرازيل والدول العربية سجل نمواً ملحوظاً بنسبة ٥٠.٥٧% على أساس سنوي، مما يعكس نمو العلاقات التجارية بين الجانبين خلال السنوات الماضية. وقد ارتفع حجم التبادل التجاري بين البرازيل والدول العربية من ٣.١ مليار دولار في الأشهر العشرة الأولى من عام ٢٠١٨ الى ٤.٦٨ مليار دولار خلال نفس الفترة من عام ٢٠١٩. وبينت آخر إحصائيات الغرفة التجارية العربية البرازيلية الى أن الصادرات البرازيلية ارتفعت حجما وقيمة إلى الدول العربية خلال السنوات الماضية لتبلغ من حيث الكمية ٣٧١ مليار طن وبقيمة ١٠.٣ مليار دولار خلال هذه الفترة. وفي الوقت نفسه عززت البرازيل تجارة إعادة التصدير إلى الجانب العربي الأمر الذي ساعد على نمو هذه العلاقات خلال السنوات الماضية. كما تقوم البرازيل أيضا بالاستيراد من عدد من الدول العربية من مختلف المنتجات المتاحة، حيث بلغت وارداتها من الدول العربية ٥.٦٥ مليار دولار خلال الشهور العشرة الأولى من عام ٢٠١٩، أي ما يمثل ١٣٨ مليار طن من المنتجات.
في حين وصل حجم التجارة الخارجية للبرازيل مع الدول العربية في الكمية حوالي ٥١ مليار طن بقيمة ١٥.٩٩ مليار دولار لتشمل قائمة السلع المصدرة إلى الدول العربية من قصب السكر والسكروز النقي كيميائياً بشكله الصلب؛ واللحوم ومخلفاتها الصالحة للأكل من الدواجن الطازجة والمجمدة؛ وخامات الحديد ومركزاتها، والذرة؛ واللحم البقري؛ وأكسيد الألمنيوم الصناعي وأكسيد الألمنيوم والسيارات وغيرها من المركبات المعدة لنقل الركاب. أما معظم واردات البرازيل من الدول العربية فشملت الوقود المعدني والزيوت المعدنية ومواد البيتومين والشموع المعدنية؛ والأسمدة؛ والملح والكبربت؛ والتربة والحجارة؛ ومواد التجصيص، والجير والاسمنت؛ والمواد الكيماوية العضوية؛ والأسماك والقشريات والرخويات وغيرها من اللافقاريات المائية الأخرى.
المسؤولون في البرازيل يؤكدون على أهمية تعزيز العلاقات التجارية بينهم وبين الدول العربية، باعتبار أن معظم الدول العربية مستهلكة للسلع والمنتجات؛ وفي هذا الصدد أشار روبنز حنون، رئيس الغرفة التجارية العربية البرازيلية الى أن البرازيل والعالم العربي يحافظان على نمو هذه العلاقات التجارية القوية وطويلة الأمد، حيث تعكس أرقام الاستيراد والتصدير الأخيرة بين الجانبين متانة وقوة هذه العلاقات مستقبلا. كما يتوقع هذا المسؤول أن تشهد العلاقات تطورات إيجابية في حال إنشاء الصناعات المشتركة والمشاريع الصناعية التي يمكن من خلالها إحلال الواردات العربية القادمة من دول العالم. البرازيل تمتلك الكثير من الصناعات التي تحتاج إليها المنطقة العربية ويمكن لها تقديم الكثير للعالم العربي. كما أن الدول العربية أيضا بحاجة إلى تعزيز سياساتها في التنويع الاقتصادي وتعمل على تنمية القطاع الصناعي، الأمر الذي يعطي فرصة جيدة للمستثمرين بتعزيز التعاون التجاري والالتزام ببناء تعاون استثماري قوي وأكثر فاعلية في السنوات المقبلة. كما أن العلاقات بين الجانبين مرشحة اليوم نحو تحقيق مزيد من الإيجابية والنمو مع توسيع نطاق التعاون في مختلف المجالات مثل العلوم والتكنولوجيا والبيئة، فضلاً عن الاقتصاد والتجارة. ويتوقع الجميع بأن تتعزز أرقام التبادل التجاري بين الجانبين خلال السنوات المقبلة، وتتزايد حركة التجار العرب والبرازيل فيما بينهم لتحسين أرقام التبادل التجاري بين الجانبين.
هناك اليوم محاولات عدة من الحكومة البرازيلية الجديدة التي تعمل على اكتساب الوقت والعمل على إجراء مزيد من الإصلاحات لتحسين الوضع الاقتصادي في البلاد ومجابهة التحديات ومواجهة الأزمة الاقتصادية واحتواء التضخم وتقويم الاقتصاد البرازيلي. وتركز أولوية الحكومة البرازيلية في العمل على خفض النفقات الحكومية مع الإبقاء على تمويل برامج اجتماعية للمحتاجين وضبط النفقات العامة ومحاربة الفساد الإداري والمالي.
ويمثل الاقتصاد البرازيلي اليوم سابع أكبر اقتصاد عالمي حسب الناتج المحلي الإجمالي وفقا للمصادر الاقتصادية، وتتبع البرازيل سياسات الاقتصاد الحر في الكثير من المعاملات الاقتصادية من خلال تبنيها سياسات الأسواق الحرة وهي سريعة النمو في العالم بمتوسط معدل نمو في الناتج المحلي الإجمالي السنوي يبلغ بنسبة ٥%، حيث من المتوقع أن يصبح احد الاقتصادات الكبيرة في العالم خلال السنوات المقبلة.
وقد اكتسبت البرازيل خلال السنوات الماضية عضوية عدد من المنظمات الاقتصادية العالمية بجانب منظمة التجارة الدولية.
ورغم ذلك فإن أكثر من ١١% من السكان يعيشون تحت خط الفقر وفق بيانات ٢٠١٨ وأن ٢١ منهم يعيشون بأقل من ٥.٥ دولار يوم يوميا، فيما يصل معدل البطالة ٥٤.٦% عام ٢٠١٨. أما الشعب البرازيلي فإنه يعمل في جميع المهن المتاحة لهم بالزراعة حيث تصل نسبتهم ٩.٤% وفي الصناعة أكثر من ٣٢%، وفي الخدمات حوالي ٥٩% بالإضافة إلى المهن الأخرى.
وتشتهر البرازيل في صناعة المنسوجات والأحذية والكيماويات والاسمنت والأخشاب وخام الحديد والقصدير والصلب وصناعة الطائرات والدراجات البخارية وقطع الغيار والآلات والمعدات الأخرى. أما شركاؤها فهي الصين حيث تبلغ نسبة الصادرات إليها أكثر من ٢٢% إليها ثم دول الاتحاد الأوروبي بنسبة ١٦% ثم الولايات المتحدة الأمريكية بنسبة ١٢.٣% ثم الأرجنتين ٨% ثم اليابان بنسبة ٢.٤% ثم الدول الأخرى. كما تقوم هي الأخرى باستيراد مختلف السلع والمنتجات من هذه الدول، إلا أن إجمالي الديون الخارجية لها بلغت حوالي ٦٨٤ بليون دولار في عام ٢٠١٨، وتمثل حوالي ٨٥ % من الناتج المحلي الإجمالي لعام ٢٠١٧.
ما يميز سكان هذه الدولة انهم يعملون في جميع المهن المتاحة لهم الأمر الذي لا يعطي الفرصة للأيدي العاملة الأجنبية أن تأتي إلى هذه الدولة بصورة الهجرات الجانبية للدول القريبة منها، في الوقت الذي يقوم بعض البرازيليين بالتوجه إلى الخارج للعمل في الدول الأجنبية، وبالتالي يصبحون مصدر تحويل للأموال إلى البرازيل، الأمر الذي يساهم في تعزيز الاستثمارات المحلية بجانب التدفقات الأجنبية لنفس الغرض. وبالتالي فإن ذلك يتيح مجالا أكبر للبرازيليين للعمل في بلدهم ، وفي الوقت الذي تتراجع فيه نسبة البحث عن عمل بين الشباب.