Image Not Found

الجمعيات العمومية ومفهوم الحوكمة

حيدر اللواتي – لوسيل

لا يختلف اثنان على أن اجتماعات الجمعيات العمومية للشركات المساهمة العامة والعائلية والحكومية في الدول العربية ليست على قدر كبير من المسؤولية، بحيث يكون أعضاؤها أحراراً في طرح الأسئلة التي تهم مستقبل تلك الشركات، الأمر الذي ينعكس في الكثير من الأحيان على الأوضاع المالية والإدارية للشركات، وعلى أداء أسواق الأوراق المالية، وبالتالي على الاقتصادات الوطنية. أعضاء الجمعيات يحتاجون إلى مزيد من الوعي والثقافة ليتعرفوا على نوعية الأسئلة التي تُطرَح في الاجتماعات السنوية الاجتماعات الطارئة، وما يقومون به.

والأسلوب المهم الذي يمكن من خلاله توعيتهم وتثقيفهم هو معرفة مفاهيم الحوكمة التي تهم جميع تلك الجوانب. والحوكمة كمصطلح علمي أصبح اليوم يرافق أعمال الشركات في مسألة التنافسية العالمية، فهو يؤكد على قدرة الشركات في عملية الإفصاح والشفافية والمساءلة والمتابعة والتطوير والالتزام وغيرها من الأمور المتعلقة بمحاربة الفساد بشكل عام. وبالتالي فإن جميع الأطراف الفاعلة في المؤسسات من مجالس الإدارات والمساهمين، والمستثمرين، والجهات الرقابية مسؤولة عن تلك القضايا من أجل تطوير إداراتها كي تتمكن من مواجهة المتغيرات الإقليمية والدولية التي تعصف باقتصادات الدول ومؤسساتها.

هذه القضايا قد تم التطرق إليها مؤخرا في المؤتمر الذي عقده مركز عُمان للحوكمة والاستدامة بمسقط ومن خلال أوراق العمل التي قدمها المشاركون من عدد من المؤسسات العمانية والأجنبية. فعمان وهي تثير قضية الحوكمة تعتبر من أوائل الدول في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي تبنت مفهوم وثقافة حوكمة الشركات منذ عام 2002 . وقامت منذ ذلك الوقت بإصدار ميثاق إلزامي لتنظيم وإدارة الشركات المساهمة العامة وذلك بهدف تبني سياسة الإفصاح والشفافية في التقارير السنوية للشركات، الأمر الذي يؤدي إلى تثقيف مساهميها من خلال المساءلة التي تتم في اجتماعات الجمعيات العمومية لها.

إن أهداف الحوكمة عديدة، منها التعامل مع مفهومي الشفافية والمساءلة. فالشفافية تعني أن تتجه المؤسسات نحو تطبيق مبدأ الإفصاح في جميع الحالات وما يتعلق بأنشطتها وقراراتها، فيما تهدف المساءلة إلى التقبل بالأمور المتعلقة بقضايا الفحص والتدقيق، والاعتراف الصريح بمسؤوليتها في حالة وجوب الأخطاء. وهناك اليوم الكثير من الأهداف التي يمكن تحقيقها من خلال ممارسة الحوكمة في المؤسسات المقامة في المنطقة وغيرها من الدول الأخرى. فأساليب الحوكمة من اليقين أنها ستؤدي إلى تحسين فعالية وكفاءة إدارة العمليات وتطوير الموارد البشرية والمالية للمؤسسات، وبالتالي فإنه يمكن توظيف تلك الأساليب في المجالات التي يمكن أن تحقق المزيد من العوائد على المؤسسات والشركات. كما أن الحديث عن الحوكمة في مختلف الوسائل الإعلامية وفي المناسبات التي تقام فيها الفعاليات المهمة للشركات سوف يؤدي حتما إلى بناء ثقافة جديدة لدى العاملين بها، بجانب رسم السياسات الناجحة لها في العمل المستقبلي. وهذه النتائج – بلا شك – سوف تؤدي إلى الشعور بالمسؤولية نحو تحقيق الأهداف الإستراتيجية للمؤسسات والاستجابة لمتطلبات واحتياجات المتعاملين معها وفي الوقت المناسب، وبمعايير تتسم بجودة عالية وبسرعة كبيرة. لقد سبقتنا بعض الدول المتقدمة في شأن الحوكمة من خلال تحقيق ثقافة المساءلة والشفافية، الأمر الذي تمكنت من خلاله من محاربة ومكافحة الفساد الذي تتم ممارسته بمختلف الأشكال، كما أوجدت الأسس التي يتم من خلالها تحديد المسؤوليات وتحقيق النتائج الإيجابية.