د. حيدر اللواتي -لوسيل
هناك العديد من الفرص الاستثمارية لرجال الأعمال القطريين ولمواطني الدول الشقيقة والصديقة بالاستثمار في القطاع السمكي في عمان، خاصة في حقل الاستزراع السمكي، في الوقت الذي تبني فيه الحكومة العمانية أكبر ميناء صيد في مدينة الدقم الاقتصادية، تلك المدينة التي تضم اليوم عشرات المشاريع الاستثمارية الضخمة، ومنها مشروع تجميع الباصات والسيارات القطري العماني.
فقد أعلنت وزارة الزراعة والثروة السمكية مؤخرا عن فتح باب التسجيل للمؤسسات والشركات الراغبة في إنشاء مشاريع استزراع الأحياء المائية التجارية وفق شروط معينة. وتتجدد هذه الاعلانات بين فترة وأخرى في البلاد باعتبار أن السلطنة تقع على عدة بحار مفتوحة وعلى المحيط الهندي من قمة رأس مسندم حتى الحدود الملاصقة لليمن الشقيق، فيما نرى أن هذا القطاع في حراك وتفاعل نتيحة للطلب المتزايد على الاسماك العمانية في الداخل والخارج.
وقد وفرت الوزارة المعنية استمارة للمؤسسات والشركات الراغبة للدخول في هذا الاستثمار وإقامة المشروع السمكي وفق المساحة المطلوبة وتقدير التكاليف الاستثمارية المبدئية له ومدى القدرة المالية والفنية للجهة المتقدمة لتنفيذه. كما تشمل الاستمارة أيضا بيان ونوع الأحياء المائية المراد استزراعها ومصدرها وكمياتها والإنتاج السنوي المتوقع وغيرها من البيانات اللازمة للمشروع ومدة اقامته ونبذة عنه وكيفية إدارته وتشغيله.
وقد أعدت الوزارة مركزا للاستزراع السمكي ويعتبر من المراكز الرائدة في عمان لتنمية وتطوير طرق تريبة الأحياء المائية، حيث قام المركز بإجراء العديد من الدراسات العلمية والمشاريع البحثية في قطاع الاستزراع السمكي لإنتاج أسماك تشمل البلطي النيلي والربيان النهري بجانب نوعية الاغذية التي تحتاج إليها مثل هذه المشاريع.
وتحظى الثروة السمكية- بصفة عامة – باهتمام كبير من الحكومة لأهمية هذا القطاع ودوره البارز في توفير الأمن الغذائي، فيما تشكّل الثروة السمكية ركيزة من ركائز التنمية الاقتصادية في السلطنة، لما تتمتع بها من موارد متجددة بجانب أهمية هذا القطاع واستدامته ومساهمته في إجمالي الناتج المحلي، وتوفير فرص العمل للكثير من العمانيين. فخلال السنوات الماضية حقق القطاع السمكي عوائد تصديرية جيدة تدعم من التنمية الاقتصادية والاجتماعية في عمان، فيما يشكّل هذا القطاع رافدا مهما للكثير من العائلات العمانية التي تعتمد على هذا المورد الحيوي المتجدد.
ومنذ عصور قديمة وحتى اليوم ظلت السلطنة موطنا للأسماك في المنطقة، فيما أصبحت أهمية هذا القطاع في ازدياد مستمر في إطار التنويع الاقتصادي، وقدرته على توفير آلاف فرص عمل للعمانيين في مختلف المجالات في حال استغلاله بصورة مجدية من خلال توجيه مزيد من الاستثمارات الداخلية والخارجية لتنمية هذا القطاع. وتصنّف عمان على أنها الدولة الأولى الأكثر استهلاكا للأسماك في الشرق الأوسط وبمعدل يصل إلى 27 كيلوجراما للفرد الواحد مقارنة مع معدّل الاستهلاك العالمي للأسماك البالغ 17 كجم في العام، الأمر الذي أصبح هذا القطاع محل إشادة من قبل المنظمات الدولية ومنها البنك الدولي.
وخلال الفترة الماضية نوقشت قضايا هذا القطاع في مختبرات خاصة سميت بـ «تنفيذ» لتسهيل مهامه وإجراءاته كمنح التراخيص والموافقات وتوفير الأراضي المناسبة لإقامة مشروعات الاستزراع والتصنيع السمكي، والسماح بدخول أساطيل الصيد التجاري وعملها في أعالي البحار، الأمر الذي يدفع إلى زيادة حجم وقيمة المشروعات في القطاع السمكي سنويا.