الجزيرة نت
توصلت دراسة طبية حديثة إلى أن نسبة مرتفعة من حالات العقم بين النساء في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، قد تكون ناتجة عن عدوى الكلاميديا.
وأجرى الدراسة باحثون من وايل كورنيل للطب-قطر، ونشرت في المجلة الطبية البريطانية “ذي لانسيت غلوبال هيلث” (The Lancet Global Health).
واكتشف الباحثون -وفقا لبيان صحفي من وايل كورنيل اليوم الأحد وصل للجزيرة نت- مستويات مرتفعة غير متوقعة من عدوى الكلاميديا بين عامة سكان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بل معدلات إصابة تفوق ذلك بين النساء المصابات بالعقم أو اللواتي يعانين مضاعفات وتعقيدات خلال الحمل.
والكلاميديا هي عدوى بكتيرية تصيب المسالك التناسلية، ولكن في أغلب الأحيان لا ينتج عنها أعراض.
وتنتقل الكلاميديا عادة -وليس دائما- عن طريق الاتصال الجنسي، فعندما تصاب المرأة بهذه العدوى، تنتقل البكتيريا إلى الأعضاء التناسلية الداخلية، مما يتسبب في إتلافها، ومن ثم في صعوبة حمل المرأة المصابة بها.
وحتى إذا حملت المرأة المصابة بها، فقد تتسبب العدوى في إجهاض الجنين تلقائيا، أو وفاته قبل الولادة، أو حدوث ولادة مبكرة، أو انخفاض في وزن المولود. كما يمكن أن تتسبب الكلاميديا أيضا في التهابات عند حديثي الولادة، كالتهابات العين أو القرنية أو الالتهابات الرئوية.
ولأن الكلاميديا في الغالب لا تقترن بأية أعراض، فإن معظم النساء لا يدركن إصابتهن بها إلا إذا خضعن لفحص خاص، وإذا كان هذا الفحص إيجابيا، فإن العلاج سهل ويتم باستخدام مضادات حيوية محددة.
عدوى
ورغم أن عدوى الكلاميديا حظيت بدراسة وافية عالميا، فإن معدلات الإصابة بها في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لم يعرف عنها إلا القليل قبل الدراسة التي أجرتها مجموعة وبائيات الأمراض المعدية في وايل كورنيل للطب-قطر.
واستندت الدراسة الموسعة إلى دراسة استقصائية متعمقة أجريت على مدار أعوام عدة بالاستعانة ببيانات أكثر من 250 ألف فرد من عشرين دولة من أصل 23 في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتمثل هذه الدراسة السباقة أول دراسة ترصد وتصف مستويات الإصابة بعدوى الكلاميديا بشكل مفصل في هذه المنطقة.
وقالت الباحثة هيام الشميطلي، المؤلفة الرئيسة للدراسة والاختصاصية في علم الوبائيات في وايل كورنيل للطب-قطر: “معدلات العقم بين النساء في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هي من الأعلى عالميا، غير أن الأسباب الكامنة وراء ذلك تظل مبهمة، وكان لافتا لنا جميعا أن نكتشف أن عدوى الكلاميديا هي من الأسباب الرئيسة للعقم في المنطقة”.
وأشارت الدراسة إلى أن قرابة 3% من سكان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مصابون حاليا ببكتيريا الكلاميديا، وهذه النسبة مشابهة للنسب المرصودة في مناطق أخرى من العالم. ووجدت الدراسة أن معدلات الإصابة بالكلاميديا بقيت على حالها طوال العقود الثلاثة الماضية على الأقل.
صحة إنجابية
في حين كشفت الدراسة أن معدل الإصابة بين المصابين بالعقم هو 11%، وبين النساء اللواتي تعرضن للإجهاض تلقائيا هو 12%، مما يبرز تأثير هذه العدوى على الصحة الإنجابية للمرأة.
وعلى الرغم من الطبيعة الملحة لهذه المشكلة الصحية، تكاد لا توجد برامج صحة عامة في بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مكرسة للتصدي لهذه العدوى.
وقال الدكتور أليكس سمولاك المؤلف الرئيس في هذه الدراسة والزميل الباحث في وايل كورنيل للطب-قطر: “ربما تكون الكلاميديا مخفية عن أنظار العامة، إلا أننا نرى آثارها وتعقيداتها بوضوح. ولا شك أن تأثير هذه المضاعفات السلبية على النساء كبير، خاصة في منطقة معروفة بإيلاء أهمية خاصة ومكانة عالية للإنجاب والأطفال والقيم العائلية”.
وتمثل برامج الفحص المبكر للكلاميديا وعلاجها إجراء روتينيا متبعا في العديد من البلدان المتقدمة، إلا أن هذه البرامج قلما نراها في بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وفي هذا السياق، أشارت الدراسة إلى أن عدم وجود مثل هذه البرامج ربما يكون السبب الرئيسي وراء المستويات المرتفعة لانتشار المرض، إذ يحمل الأفراد المصابون هذه البكتيريا لفترة زمنية طويلة وينقلون العدوى إلى المزيد من الأفراد قبل تشخيص المرض وعلاجه.