د. حيدر اللواتي
كانت مدينة اوساكا اليابانية على موعد خلال الفترة 28 إلى 29 من شهر يونيو الماضي باستضافة أعمال قمة دول مجموعة العشرين بمشاركة قادة 37 دولة ومنظمة عالمية. هذه القمة انطلقت في واحدة من كبريات المدن التجارية والصناعية ليست على مستوى اليابان فحسب، بل على المستوى العالمي. وقد اتسمت بجو من الانسجام وبمهادنة لافتة من الرؤساء المشاركين. الأعضاء في المجموعة أكدوا على أهمية تسخير قوة الابتكار التقني، والتقنية الرقمية بشكل خاص وتطبيقها لصالح جميع الدول، الأمر الذي سوف يعمل على تعزيز النمو الاقتصادي، ومواجهة تحديات التغيير السكاني في العالم على النحو المتوخى منه في خطة التنمية المستدامة لعام 2030. القادة اكدوا على ضرورة الالتزام باستخدام جميع أدوات السياسة لتحقيق النمو المستدام والمتوازن والشامل، والحماية من المخاطر السلبية من خلال زيادة الحوار والإجراءات بين الدول بهدف تعزيز الثقة، وبالتالي تحقيق بيئة تجارة واستثمار حرة ونزيهة وشفافة وقابلة للتنبؤ بها ومستقرة، مع ضرورة إبقاء الأسواق العالمية مفتوحة لتعزيز التجارة الدولية والاستثمار.
لقد جددت القمة الدعوة لدعم الإصلاحات الضرورية لمنظمة التجارة العالمية وتحسين مهامها من خلال العمل وبشكل بناء، لتحقيق مجتمع شامل ومستدام وآمن وجدير بالثقة، ومبتكر من خلال العمل بوسائل الرقمنة، ومشاركة فكرة مجتمع المستقبل الذي يركز على الإنسان، الأمر الذي من المحتم تحقيق الجوانب الاقتصادية للمجتمعات، وتعزيز التنمية والرفاه الاجتماعي في الدول، مع العمل على مجابهة القضايا والتحديات البيئية العالمية المتمثلة في قضايا النزوح والهجرة والبيئة والطاقة والصحة العالمية، وتمكين المرأة العمل والتوظيف، ومكافحة الفساد والتمويل العالمي، وجودة البنية التحتية للاستثمار والابتكار. ورغم المساعي التي بذلت لحلحلة القضايا العالمية، إلا أن الاجتماعات اتسمت بوجود اختلافات عميقة بين قادة دول وحكومات حول مفهوم السلطة السياسية بين كل من روسيا والمجموعة الأوروبية فيما يتعلق بقضايا الأفكار التقدمية «الليبرالية» للديموقراطيات الغربية، وملف الهجرة غير النظامية، وزعزعة الاستقرار بين الدول والنزاعات المسلحة القائمة في منطقة الشرق الأوسط وخارجها.
مجموعة الـ 20 هو منتدى اقتصادي تم تأسيسه عام 1999 نتيجة للأزمات المالية التي تعرض لها العالم في التسعينات. ويمثل هذا المنتدى ثلثي التجارة في العالم، كما يمثل أكثر من 90 % من الناتج العالمي الخام. وتهدف هذه المجموعة إلى الجمع الممنهج في قضايا تجارية وصناعية متقدمة. كما تهدف إلى تعزيز الاستقرار المالي الدولي وإيجاد فرص للحوار ما بين البلدان الصناعية والبلدان الناشئة. ويمثّل الأعضاء الحاليون للمجموعة نحو 65% من سكان العالم. ولقد جاءت هذه القمة في وقت اتسمت بالسخونة العالمية نتيجة للتوترات الدولية، التي شهدت التصعيد بين طهران وواشنطن في مضيق هرمز، وانعكاسات ذلك على سوق النفط العالمي وعلى إمدادات الخام العالمية. كما كانت الحرب التجارية المشتعلة بين الصين والولايات المتحدة تلقي بظلالها على أجندة القمة نظرا لتداعياتها السلبية على الاقتصاد العالمي.
العالم يعاني حاليا من عدم المساواة الاجتماعية. فاليوم نجد أن 1% من سكان العالم يمتلكون نصف ثروات العالم تقريبا، الأمر الذي يجعل الكرة الرضية أرضا خصبة للعنف وللتيارات الدكتاتورية، في الوقت الذي ما زالت الشعوب في بعض أجزاء العالم تعاني من غياب الحريات والفقر والبطالة ومشاكل صحية واجتماعية عديدة.