حيدر بن عبدالرضا اللواتي – عُمان
[email protected] –
تبدي المنظمات الدولية اهتماما كبيرا للتحول الرقمي لتحقيق النمو الشامل وتوفير الوظائف، وهذا ما طالب به تقرير البنك الدولي مؤخرا، ناهيك عن الاهتمام الذي تبديه الحكومات والهيئات المعنية للتحول الرقمي في كل دولة. فقد أشار تقرير البنك الدولي الأخير إلى أن لدى بلدان المشرق فرصة فريدة لاستدراك ما فاتها في تدعيم منظومة اقتصاداتها الرقمية، وتعديل أوضاعها لتصبح من المنافسين الاقتصاديين الأقوياء على صعيدي المنطقة والمناطق الأخرى.
ومن هذا المنطلق تتعدد اليوم التجارب التي يخوضها الشباب العماني في إطار هذا التحول الرقمي والعمل الحر من جهة، وتوفير فرص استغلال التقنيات الحديثة في قطاع المعلومات والاتصالات من خلال العمل بالتطبيقات الإلكترونية من جهة أخرى، الأمر الذي ساعد عدد من هؤلاء الفتية بالدخول في مشاريع إنتاجية وخدمية تسهّل من مهام الناس وتوفّر من جهدهم ووقتهم ومالهم، وتتيح لهم الخيارات في اختيار ما يودون الحصول عليه من السلع والمنتجات والخدمات.
ومؤخرا كانت هناك عروض لأربعة من الشباب العماني بمجلس الخنجي لاستعراض تطبيقاتهم الإلكترونية وأنشطتهم في هذا المجال، تلك التي تخدم أعمالهم ومؤسساتهم مواكبين للتحول الرقمي. وقد بدأ الشاب سيف المنجي أحد الذين بدؤوا في استغلال التقنيات بعرضه لتطبيق (جيب)، مشيرا إلى أن معنى الكلمة بالعامية تعني (هات)، مشيرا أن هذا التطبيق يهدف إلى استغلال وقت الناس، حيث تبيّن من الدراسات أن الإنسان يقضي حوالي 5 سنوات في طوابير الانتظار للحصول على مغزاه. وقال بأن عمل مؤسسته يكمن في توصيل مختلف الأغراض والمنتجات والأطعمة إلى المنازل والمؤسسات، مشيرا إلى أن بدايات عمله بدأ مع 3 أشخاص وكان متواضعا وذلك في عام 2017، وبرأسمال يقدّر بنحو 10 آلاف دولار، إلا أنه مع العمل والمواظبة فإن التقييم المالي للمؤسسة اليوم كبير جدا. وأضاف أن هذه المشاريع تأتي بتكنولوجيا واستثمارات من الخارج، وتخلق فرص عمل للشباب الباحث عن العمل والعمل الجزئي.
وفي العرض الثاني تحدث الشاب حسين البحري عن تطبيق (مندوب) مشيرا إلى أن الفكرة جاءت عندما كان بعض الطلبة أثناء الدراسة في الجامعة يبحثون عن مصدر دخل إضافي لهم، الأمر الذي ساعد على اختيار هذا المشروع، بحيث يكون في مجال لوجستي ويعني بتوصيل طلبات الناس وأغراضهم من مكان إلى آخر من خلال ما يسمى (بالاقتصاد التشاركي) من خلال استغلال واستئجار سيارات الشباب في عملية توصيل تلك الأغراض. وقال بأن الشركة تعتبر الأولى في توفير (كابتن) لتوصيل الطلبات من الباب إلى الباب، حيث بدأ العمل في عام 2016 في تقديم الخدمات للشركات والمؤسسات، مشيرا إلى أن لدى المؤسسة اليوم 2500 كابتن في المجتمع العماني، وهؤلاء الكباتن يحددون أوقات توصيل الطلبات، ويقدرون العمل الذي يقومون به وهم من الجنسين، ويصلون لجميع الشرائح في المجتمع. وأضاف أن لدى المؤسسة 500 متجر عماني تتعامل معها في شراء وتوصيل الكتب والأوراق والملابس والأكسسوارات والأكل والورود والهدايا. وقال بأن المؤسسة حصلت على تمويل من الصندوق العماني للتكنولوجيا ولديها علاقة مع بريد عمان وزبائن من بعض الشركات والبنوك مشيرا إلى أن عدد العاملين لدى الشركة يبلغ 12 شخصا بجانب 2500 كابتن.
أما المتحدث الآخر فكان الشاب موسى اللواتي وشريكه جارود حيث تناول تطبيق (أكيد). وأشار أن العمل بدأ من خارج السلطنة، ولكن بعد الانتهاء من الدراسة تم عمل دراسة للمشروع هنا حيث تبيّن لنا أن هناك قلة ممن يقوم بخدمة المطاعم والناس، وأن هناك سوء فهم يحصل أحيانا في طلب الناس من المطاعم. وعند ممارسة العمل في هذا المجال رأينا أن هناك عدة تحديات من خلال تقديم هذه الخدمات، ولكننا تمكنا من مجابهتها. وكانت رسالتنا إيجاد منصة لتوصيل ولقاء البائع والمشتري، مشيرا إلى أن لدى الشركة تعاملات مع 250 مطعما في مسقط في الوقت الذي نتوسع الآن للعمل خارج العاصمة أيضا. وقال بأننا نقدم جميع المعلومات للزبائن حول نوعية الأكلات المتوفرة وهم يختارون ونستخدم من جانبنا السواق لتوصيل هذه الطلبات من خلال 120 سائقا عمانيا ووافدا. ومن خلال التطبيق يتم اختيار المطاعم ونوع الأكلات، وتسجيل المعلومات عن الوقت الذي يطلب فيه الزبون الأكل، وكيفية الوصول إليه. وقال بأن لدى المؤسسة مجلس إدارة ورئيس التنفيذي ومديرين وموظفين، ونتوقع زيادة أعداد هؤلاء الزبائن وكذلك زيادة مجموعة المطاعم التي سوف نتعامل معها مستقبلا.
وأشار المسؤول بأن الشركة قامت بعمل دراسة تبيّن من خلالها أن هناك ما بين 14 إلى 15 ألف طلب للأكل من المطاعم في مسقط، وباعتبار أن سعر الوجبة في المتوسط يبلغ 7 ريالات عمانية وبواقع 365 يوما، فان قيمة طلبات الأكل من المطاعم تصل في حدود 100 إلى 120 مليون ريال عماني.
التطبيق الأخير قدمه الشاب هلال السليماني عن تطبيق يسمى (أي شيء) مشيرا إلى أنه نظرا لقلة المطاعم المتوافرة في جامعة السلطان قابوس، وبجانب وجود 6 آلاف عامل يعملون في الجامعة و 18 ألف طالب وطالبة، فإن الفكرة جاءت من هذا الواقع لتقديم خدمات التغذية لهؤلاء الفئات. كما أن السعر أحيانا لا يناسب تلك الفئات، بينما هناك طلبات تأتي من الجميع، الأمر الذي شجعنا في تقديم خدمة (الريوق) الإفطار لهم بسعر يناسب الجميع، وأن يكون هناك اشتراك شهري مع وجود لمسة عمانية على تلك المأكولات، وتتمتع بنظافة والسرعة في التوصيل وبحيث يكون الاشتراك لمدة شهر واحد بقيمة 30 ريالا وتدفع لمرة واحدة، ويمكن للشخص الطالب وبناء على طلبه الاستفادة من المدة التي لا يتم فيها تناوله للريوق وتحويلها لفترة أخرى. وقال بأن المؤسسة حديثة، وسوف تتعامل مع «ثواني» مستقبلا للاستفادة في عملية الدفع بجانب الدفع الإلكتروني للبطاقة البنكية حاليا. وأضاف بأن المؤسسة تعمل على تقديم باقات عدة للمطابخ الصحية من المطبخ العماني والخليجي والوجبات السريعة ووجبات معينة. كما تراعي ظروف الموظفين في حالة وجودهم في العمل وأوقات خروجهم ورجوعهم من خلال التطبيق المعمول بهذا الشأن.
هذه العروض أدت إلى طرح العديد من الأسئلة من قبل الحاضرين تضمنت قضايا تتعلق بأهمية الأسس والتشريعات المطلوبة إصدارها في البلاد لتعزيز هذا النوع من الخدمات، وتسهيل الإجراءات وكيفية التعامل بسرية مع معلومات الناس وأماكن وجودهم، والتأكد من الشخصيات التي تقوم بتوصيل هذه الخدمات والتعامل مع السواق الذين يعملون بأوقات جزئية وغيرها من الأسئلة التي تتعلق بالمؤسسات التي تعمل من خلال هذه التطبيقات الحديثة.
إن بناء منظومة هذه المؤسسات تتطلب توفير اقتصاد رقمي يعتمد على تنافسية التعليم العالي، وشباب لديهم القدرات في مجال التكنولوجيا، بجانب تهيئة مركز لتقديم تلك الخدمات بهدف تعزيز التجارة وأنشطة الربط والاتصال المتقدمة بين الزبائن وأصحاب هذه المؤسسات، كما أن هذا النوع من الممارسات التجارية تحتاج إلى تملك الدول لبنية أساسية واسعة من الشبكات الأساسية لخدمات النطاق العريض، وتعزيز الإصلاحات وعمل التشريعات والأُطُر القانونية والتنظيمية والمؤسساتية التي تحكم عمل هذا القطاع، مع العمل على معالجة التحديات التي تواجه مشاريع وأعمال الشباب في السلطنة عموما.
مرتبط