د. علي بن محمد سلطان
جاءت به الأقدار من القدس إلى المدرسة السلطانية الأولى عام 1928۔
لم يكن في حساباته بأن تُسند له ذات يوم وسادة مديرٍ للمعارف وهو وقتذاك دخل للمدرسة السلطانية الأولى مديرا لها فيما قد سبقه بوذينة التونسي في واحدة من مدارس مسقط تحت مسمى مدرسة بوذينة.
جاءته المناصب تترا وتتوالى وتساير خطاه يوما بيوم وزمنا بزمن وقد شكٌل أولى النواة الكشفية عام 1932 فخرج بالطلبة في رحلات التخييم وكانت هذه بدايات تعرفه على الطيف المسقطي بعيدا عن المسجد الأقصى وحائط البراق ووادي سلوان ، فقد ارتمى في وهاد حاجر والبحائص ورمال غلاء.
تولى المحكمة العدلية قبل أن تسف بها الريح وينتهي دورها فيتعين بعدها واليا على مطرح خلفا للسيد حمد بن فيصل وتتم المراسم في توليته لهذا الموقع المتقدم ويلقي ممثل السلطان سعيد بن تيمور رحمه الله وهو السيد شهاب بن فيصل آل سعيد خطابا في جمهور أهل البلاد ضمن سوابق نادرة ومشهودة.
ويطل من على شرفات البرزة حيث مكاتب الولاية وبيته الذي يؤويه فيرنو في أقصاه حيث البيت الشرقي الذي سكنه ذات يوم راشد الزكواني وهو قد جاء إلى مطرح من سمد الشان.
ويرمق بطرفه في أسفله فيتراءى له حفيس محمد موسى عبداللطيف وداخل مكتبه شاب يافع يضرب على الآلة الطابعة ألا وهو محمد موسى اليوسف ويومها لم يكن بعد قد خرج إلى لندن يتقلب في جامعات بريطانيا، كما لم يكن قد دخل إلى دهاليز دبي يعمل في شركة ويني الفرنسية للتدقيق ، كما أنه لم يكن قد نال نصيبا من الوظائف الإشرافية بعد في شركة نفط عمان أو في مالية مسقط في مراحل سني عمره في بدايات العهد الميمون.
ويجول في طرقات وحواري مطرح فيدخل في حلة الدكة وهي على بعد أشبار من مكتبه فيقف على أول سد للماء وآثاره حتى الساعة شاهدة على بدايات مشاريع السلطان سعيد بن تيمور رحمه الله فيما سد خب السمن هو الآخر كان معلما آخر من معالم عهده على قلة مشاريعه مقايسةً بالعهد الميمون.
وفي ساحة من السوح القريبة من بيته يسمح بأن تقام أربع محطات للكهرباء وقد كان شريكا للقطاع الخاص الذي أسس شراكة من خمسة رجالات مطرح ومسقط فبالإضافة إلى الحاج محمد موسى عبداللطيف وأعضاء ثلاثة موسى عبدالرحمن حسن ومحمد علي الساجواني ومحمد إبن عمير فإن والي إسماعيل كان قد دخل شريكا خامسا ضمن توليفة من التجار الذين أسسوا الشراكة من القطاع الخاص فجاؤوا بالكهرباء إلى مطرح وتوسعوا في توصيلها حتى غطت عموم مطرح مع آخر مرحلة من مراحلها، وبذلك فإن النقلة الكبرى قد حصلت في هذه المدينة التجارية وعم النفع العام وتوسعت التجارات وازدهرت الأسواق لاسيما مع تصدير النفط رسميا من سيح المالح.
ويقف على أعتاب جانب من جوانب البرزة فيشهد العسكري خصيب وهو يجلد شارب الخمر المتلبس بالجرم بأربعين جلدة وهو يتلوى أمام مرأى الناس وفي وضح النهار وفي ساعات الضحى.
كانت الأخبار تصله لحظة بلحظة وساعة بساعة حتى دبيب النملة وهي تتحرك من مسكنها إلى حيث ذكرها وأنيسها فإن والي إسماعيل كان يعرف وجهتها ومسارها وحفيرتها التي تُؤويها.
كان ومع بدايات ساعات العمل يلتقي في مكتبه Heberpercy الذي كان مسؤولا عن تخطيط المدن.
ومتى ما انتهى اللقاء يصغي إلى ميجور Hurst الذي كان يشرف على النفط فيأتيه بدقائق الأخبار وقد ساق له الأخبار عن أول ناقلة النفط( موس برنس ) وهي قد انطلقت بالنفط العماني معلنة عن بدأ تصدير النفط رسميا من سيح المالح في 22 يوليو عام 1967 ويومها فقد توزع الإعلان من مكتبه إلى الحوائط الأربعة حفيس جعفر باقر وويلجي وتحت القلعة عند الدروازة وعند مطعم إبراهيم الجوادري وكانت إعلاناته تحمل العبارة:
ليكن معلوما لدى الجميع.
وعند الظهيرة كان يتفرغ لأعمال البلدية التي كان مشرفا عليها وكانت تحت مسمى Development Department فيأتيه ميجور Acutt ويتبادلون الرأي والمشورة في الشؤون الصحية والرقابة والإباحات.
وقبل أن ينتهي عمل القضاة والمرافعات فإنه كان يستمع منهم إلى الحيثيات والأحكام وإذا كانت تحتاج إلى رفعها للجهة العليا فإنه كان يعمد إلى سائقه غلوم العجمي فيذهب للمحكمة العليا في مسقط وكان مشرفا عليها السيد أحمد بن إبراهيم بن قيس آل سعيد ويعطي رأيه
فيها تاركا الأمر للسيد في اتخاذ الحكم المناسب أو رفع الأمر للسلطان سعيد بن تيمور رحمه الله.
كان ميجور تشونسي Chauncy والذي كان مستشارا للسلطان سعيد إبن تيمور رحمه الله أحد الاعمدة التي ركن إليها الوالي الرصاصي في الرأي والمشورة وقد شوهدا غير مرة في مطرح وهما يتبادلان المهام ويتابعان العمل الميداني جنبا بجنب كما قد حصل يوم الحريق الكبير في جبروه عام 1964.
وقد توٌجه السلطان سعيد بن تيمور رحمه الله منصبا كبيرا من المناصب القيادية والإشرافية بالإضافة لمناصب الولاية والإشراف التعليمي والبلدية وشرطة مطرح بأن عينه مشرفا على قضاة الباطنة ورئيسا على ولاة الباطنة وبذلك فقد غدت ساحات عمله متنوعة وصلاحيات سلطاته كبيرة.
كان جمادار لشكران وشوكت ودريا خان وبيتر بول مسؤولون عن المرور ورخص القيادة وهؤلاء وإن كانت مهامهم الوظيفية مرجعيتها لمسقط لكنهم عمليا كانوا يتبعون مكتب الوالي إسماعيل.
وعندما كان السواق يجوبون الطرق الرملية إلى أبعد النقاط خارج أسوار مسقط ومطرح فإن الأخبار الخاصة بهم كانت تصل مكتبه فيقف خموس البلوشي وخميس ليوك وگل محمد وباكوه وموسى المسقطي ودرويش گولاي الميمني وحمدان الزعابي وحبيب نيني وغربان( عبدالله) محتارين أمام الوالي حينما يخبرهم عن مخالفاتهم وعن تجاوزاتهم وما إذا كان قد فلت احدهم من رقابة مكتب المعشوري في ( قف ).
كانت له رقابة لصيقة على السواق ( البرانيين ) الذين كانوا يخرجون بالبضاعة من المعشوري ومن خلال المخبرين والعسس ومتى ما فاته أمر فإن الرقيب من الخارج كان ينبهه على ماقد فاته والتنبيه كان يشمله بأنه هو الآخر لايخرج من نطاق المراقبة.
كانت شوارع مطرح ومسقط بدأت تضيق بالسيارات مع دخول PDO
ومن قبل ذلك فإن كبار التجار قد أدخلوا السيارات الفارهة من قبيل بيوك رقم 2 التي كانت للحاج باقر عبداللطيف، و Mercury للحاج علي عبداللطيف، و Austin لتاول، و Wheelf لكاهودا وموسى عبدالرحمن حسن وعشرات السيارات الخاصة من قبيل بيكاب سنجل وبريدفورد ولاندروفر وشاورلايت.
ولم يكن لِيسمح في الحصول على رخص السيارات الخاصة إلا في حدود ضيقة وكانت سيارات الأجرة قد كثرت مع التوسع التجاري والعمراني ومع دخول المال منذ مطلع الستينيات وزاد عددها مع التدفق النفطي.
كانت سلطاته كبيرة ورقابته شاملة وشخصيته نافذة وعساكره متيقظة.
كان يحكم بالسجن حتى شهر فيؤخذ الجاني إلى كوت مطرح فيأتي العسكري سعيد أو إبراهيم أو عيسى البلوشي ليأخذوه إلى غرفة مظلمة من غرف الكوت لأيام معدودة لاتتعدى عشرة، حتى إذا زادت المدة عن هذه العشرة فإن خلفان بن سالم ، عقيد العسكر في قلعة مطرح يتولى شأنه ويتواصل مع أهل السجين عند الإقتضاء.
ومن صلاحياته كمدير للمعارف فإنه بالإضافة على إشرافه على كل الشؤون التعليمية للمدارس الحكومية واختيار الكفاءات المحلية والخارجية للتدريس مع اختيار المناهج فإنه كان يُصٌرِح ويرخِص المدرسين في المدارس الخاصة بممارسة مهنة التدريس بعد إجراء الإختبارات الخاصة للمدرسين الشاغلين لمهنة التدريس.
ومن حسن تعامله للطلبة ، فمتى ما ذهب لسعيدية مسقط وبعد انتهاء الدوام للطلبة كان يطلب من مدير المدرسة أن يركب معه أبناء مطرح بعدد المقاعد الشاغرة في سيارته فيوصلهم إلى حيث مكتبه.
ومع العهد الميمون فإن والي إسماعيل الذي كانت ولادته في القدس عام 1902 قد شارف على السبعين.
وفي عام 1973 عين سفيرا لدى حكومة شاهنشاه في إيران، وفي عام 1977 أحيل على التقاعد وتوفي في المانيا عام 1986.
رحمه الله وأسكنه الجنة.
في الصورة والي إسماعيل خليل الرصاصي والبرزة( مكتب الوالي وبيته) وصورة لخلفان بن سالم ، عقيد العسكر مع طبل الرحماني وكلها في الستينيات من القرن الماضي.
18/4/2019
يسمع دبيب النمل و ما تخفيه.. ما صار والي هذا لا يكون سيدنا سليمان. خف علينا شوي عزيزي