د علي محمد سلطان
هناك ركز لواءه سيف الأخزمي فتوسط ساحة من كبريات الساحات في السوق الكبير في مطرح.
وهناك حدٌق بنظره يمنةً فرأى j .A Ghandi شاخصاً أمامه وهو يفحص عيون قاصري النظر ويختار لهم النظارات التي بدأت تنافس سوق حشمت في الجودة والسعر.
وعلى ميسرته الحاج موسى محسن علي آل صالح وهو يقبض أثمان ماباع من القت في سبلة الطعام وقد نثر محسن عبدالله ابوفرحة الريالات الفرنسية( ماريا تريزا ) على أعتاب دكانته.
وعلى خطوات منه يجلس الحاج موسى شعبان ويبيع أصنافا من الأعشاب( بيتلان وسمسوك وگلوگو زبن والترياق وفودنوه والقاو اليابس والسكر النباتي والزموتة والسعتر والستي واستقدوس وكف مريم ) وهي قد جاءت عبر السفن الشراعية من بندر عباس وقشم وشهبار والگوادر ومكران.
وفي واجهته كان ( كرن وبرادرز ) وهو المشهور بماستر وويز لأشهر الشركات للقواني يوم ذاك وهو المصور الذائع الشهرة التي عرفته مطرح والتي دخل الوجدان من صوره اللاقطة عبر عدسته وقد دخل عبر بوابته في كل بيت وحارة من خلال أجمل الصور التي إلتقطته كاميرته على مدى ثلاثين سنة متواصلة.
وفي درابين متفرعة وكان على أبعاد متفاوتة التاجر المشهور ( لالو رزائي ) الذي تعامل مع تجار گوادر وبندر عباس وكويتا و پسنی وکراتشی ببيوع الجملة، فقد كان من كبار التجار في تعاملات الجملة وامتلأت بخاخيره بخيرات الأرض وهي تغذي متاجر التجزئة.
وعبدالقادر مير شهورزي التاجر الأشهر في تعاملات الليمون العماني اليابس والأعشاب شأنه شأن الحاج عبدالحسين إبراهيم الناجواني وعلي بن عبدالله الناجواني وتوبراني البانياني المشهور الذي لازال لأولاده تواجد في ذات الخط من الدربون المؤدي إلى حفيس الحاج باقر عبداللطيف فاضل مرورا بكبار التجار بالجملة والتي غذت بخاخيرهم كل عمان على مختلف جغرافيتها الممتدة ومن على ظهور السفن والدواب ومنهم الحاج خميس فيض الله وقاسم محمد فاضل وحسن محمد فاضل وعبدالحسين عبدالله الناجواني وجمعة الندواني وملك البن ( محمد جمعة سلطان ) الذي تعامل مع شركات الأسمان العملاقة في دنيا البشر واستحوذ على سوق زبدة ( أبو كرسي ) وهيمن على سوق البن بجلبه البواخر من أصقاع الأرض التي تعاملت في تصدير البن حتى لُقب بملك البن.
وعندما كان يعتلي سيف الدكة ويضع على الأثافن الصفاري المعدنية ويخلط النشا والسكر البني والسمن الظفاري وماء الورد الجبلي والهيل والزعفران فإن الحلوى الزعفرانية كانت تشعشع وهي لازالت في قعر القدر الراسي وتحته السمر الآتي من السدر ومن الأشجار البرية الأصلب عودا والأقوى وقودا وابطأ خمودا.
ومتى ما نزلت الحلوى في الصواني والدسوت فإن المقشطة كانت تغرس في قلبها الملتهب كالجمر فتلتم المارة على شراء الزعفرانية ويتم إخماد التنور المسجور حتى ضحى الغد ومع موعد آخر من التجهيز والإعداد.
كانت الحلوى الزعفرانية رمز الكرم وعنوان الضيافة في المجالس والفوالة وفي مناسبات الأعياد والختان وختمة القرآن وفي مناسبات الزواج والحول حول( أعياد الميلاد ) وتضاف إليها الفراخ من يعقوب فلاٌني عندما تُوزع على الصبية في مناسبات مختلفة.
ومع الزعفرانية كانت سعيدية مطرح تقدم الدٌِيس منها لكبار ضيوفها عندما ينتهي الطلبة عامهم الدراسي في احتفالية صباحية كان يحضرها السيد شهاب بن فيصل آل سعيد محافظ مسقط في حكومة السلطان سعيد بن تيمور رحمه الله والسيد أحمد بن إبراهيم بن قيس آل سعيد ناظر الداخلية ووالي مطرح إسماعيل خليل الرصاصي وكان محفوظ بن سيف الأخزمي وهو طالب معنا وفي صفنا من كان يتولى تحضير هذا النوع من الحلوى وما أن ينتهي الإحتفال بتكريم الطلاب المتقدمين على أقرانهم فإن ما بقيت من الدٌِيس تكون من نصيب الطلبة الذين تفوقوا والآخرين ممن كانت تجمعهم الصحبة بمحفوظ الاخزمي.
كانت القصاع والجفان والملالي( الديس) تُحمل في الأعراس والزعفرانية هي عنوانها للميسورين فيسرع إليها الصبية تُستطاب لهم نكهتها ولونها وطيب رائحتها لاسيما وهي منثورةٌ باللوز والجوز وماء الزهر.
بقي سيف بن سالم بن علي الأخزمي رمز الزعفرانية حتى جاء الزمن الذي عرفنا بعده زعفرانيات بركاء والديوانية والناعبي وركن الحلوى العمانية وعشرات آخرون ولازالت زعفرانية سيف تدغدغ الوجدان فيما الزمن لم يتوقف عنده ومع كل يوم جديد هناك شأن يغنيه.
3/4/2019
في الصورة سيف بن سالم بن علي الأخزمي( عام 1969) وهو يغرس بمقشطه في الدست.