علي بن حبيب اللواتي
في ذكرى شهادتك سيدتي … فتذكرتك كما شاء الله أن يراك مقاومة صابرة ذات رسالة خالدة و قدوة لجميع النساء .. نساء أهل المقاومة الصابرات و المنتصرات العفيفات ….
فسلامي عليكن يا من ولدتن المجاهدين و غذيتوهن من لبن العقيده و الاباء و العفة و الاستقامه …
” فضح للسلطة …”
تلك هي زينب بنت فاطمة و علي ….عليهما السلام …
كان جالسآ بين وزرائه وقيادات جيشه .. مزهوآ بعطفه .. نافخآ صدره .. متجبرآ بأنفه …وفي تلك الصوره دخل ركب السبايا .. سبايا آل محمد الأطهار .. خاتم الأنبياء .. دخلوا وهم مقيدين بالحبال من الرقاب إلى الأيادي متصله إلى الأرجل .. وفي حالة رثه … وهم مجهدون من التعب و سير الطريق .. و نفوسهم ملتهبه من ألم شماتة الناس بالتفرج عليهم حين يدخلون الأمصار سبايا .
فدخل الركب الطاهر مجلس الطاغية .. تتقدمهم عقيلة الطالبيين زينب بنت علي ..
فنظرت إليه بشموخ الأنبياء … وعزة الآولياء … وإباء الصلحاء .. دون وجلل أو رهبه او خوف من الحشد الذي جمعهم ليتشمتوا بذرية آلبيت الكرام و يستصغروا قدرهم الرفيع …!!
فدخلت سيدة الطالبيين و كل إرثها العقائدي الذي حملته معها عبر السنين .. من مهد طفولتها حيث جدها محمد الرسول الأكرم .. و من أبيها الإمام علي الأمير .. ومن أمها فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين .. و من أخويها سبطي أمة جدها الإماميين الحسن و الحسين .. كل ذاك الارث العظيم كان حاضرآ و يجول صداه بقوة في ذهنها و وجدانها .”
” و الله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل … و لا أفر فرار العبيد ” ، “هيهات من الذله يأبى الله لنا ذلك و رسوله و المؤمنون … و نفوس أبيه .. و أنوف حميه .. وحجور طابت و طهرت …”، ” تقتاتون القد و الطرق .. أذلة خاسئيين ..” ، ” يتخطفكم الناس من حولكم فانقذكم الله بأبي محمد …” , ” و بعد ما أبتلي ببهم الرجال و مردة أهل الكفر و الشقاق و النفاق … و كما أوقدو نارآ للحرب .. و قذف اخيه و ابن عمه في لهواتها … لا ينحدر عنها حتى يطا خماسها باخمسه .. مكدا في ذاته الله و قريب من رسول الله ”
صاح جبريل ما بين الارض و السماء .. لا فتى ألا علي …” ، ” يا عم لو وضعوا الشمس بيميني و القمر بيساري على أن ترك هذا الدين أو أن أقتل دونه …
ما تركته “..
لتستحضر كل مفردات ارثها اعلاه و تستجمع كل عنفوان ارادتها و صلابتها و هي تتذكر جدها و ابيها فتتقدم بثبات الشجعان و صلابة الفرسان ..
فكانت روحها متقده للموقف رغم القيود بيديها .
فنظرت إليه العقيلة بنت علي نظرات كلها إستصغار لقدره .. فوجدته سكرانآ في عدده وعددته .. فأقرعت مسامعه و أفحمت زبانيته ..
فمن ما أوبخته به حيث قالت له .. :
” أضننت يا يزيد حيث أخذت علينا أقطارالأرض و آفاق السما فأصبحنا نساق كما تساق الأسرى .. أن بنا هوانآ عليه … وبك عليه كرامه !!
فمهآ مهلآ !!
.. أنسيت قول الله تعالى ” و لا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم .. إنما نملي لهم ليزدادوا إثمآ و لهم عذاب مهين ”
” و الله ما فريت إلا جلدك ،
ولا حززت إلا لحمك ..
و لتردن على رسول الله (ص) بما تحملت من سفك دماء ذريته و إنتهكت حرمته في عترته و لحمته ..”!!
وتابعت توبخه بصرامه ” ولئن جرت علي الدواهي مخاطبتك ..
إني ( زينب بنت علي ) ..
لأستصغر قدرك , و أستعظم تقريعك وأستكبر توبيخك ..!!
ثم أوضحت حقيقه ربانيه لن تتبدل و تغيير طوال الدهور فقالت له معنفه ..:
” ثم كد كيدك و أسعى سعيك ..
و ناصب جهدك ..
فوالله لن تمحو ذكرنا ..
و لن تميت وحينا ..
و لن تدرك أمدنا ..
و لن يرحض عنك عارها … !!
.. و هل رأيك إلا فند ..
وأيامك إلا عدد ..
وجمعك إلا بدد يوم ..
ينادي المنادي ألا لعن الله على القوم الظالمين “”
فبخطبتها المدويه تلك عرت الفاجر الفاسق .. فخلعت ذلك المسمار المشؤوم الذي دق دقآ في يوم السقيفه في جدار نعش الأمه الاسلاميه ليغير مسيرة الولاية ..
فانتصرت ثانية بالضربة القاصمه القاضيه على عرش الطغاة ..!
فالاولى كانت في ساحة القتال و الوغى حين تقدمت بثبات و صمود و شموخ و صبر نحو جسد أخيها الممد على الثرى و رفعته نحو السماء و خاطبت الجليل في العلا و قالت :
” ربنا تقبل منا هذا القربان” …
و كأنها تتحدي جيش الأعداء رغم قتلهم لجميع أفراد عائلتها قائله بعين التحدي للجيش المعادي :
” إعلموا … نحن الذين انتصرنا ” ..!!!
وهاهي اليوم تكرر تسديد ضربتها للمسمار لتقتلعه من عرش كرسيه ..
فتجدد إصرار النبي محمد (ص) بتبليغ الرساله ….
و تركن إلى ثبات الأمير علي (ع) في ثباته على الحق ..
و تتحدث بلسان فاطمه ببلاغة يعجز الرجال عن مثلها ..
و تكرم مسامع الحضور من الناس البسطاء رغم ضعفها المادي ككرم أخيها أخيها الإمام الحسن (ع) و هو يحسن للغرباء ..
و ترتدي شجاعة الامام الحسين (ع ) فلا تهاب الواقع المحيط بها و المستقوى عليها ماديا بقواته ..
فتفضح رأس السلطه الفاجر الفاسق في عرشه و هو بين قيادات جيشه و المتزلفين به أمام الحشد الذي جمعم في قصره فتسدد له ضربة قاضيه فتخلع ببلاغتها مسمار دق في جسم الامه من جذوره ..!
فبات الاسلام بعد ذلك اليوم محمدي الوجود … وحسيني البقاء .. و زينبي الخلود ..
وكانت صوت الحق الذي لايطمسه بطش غلبة القوه ..
وكانت بذلك الخط الأول المدافع عن نهضة أخيها ..كما كانت والدتها فاطمه الزهراء الخط الأول المدافع عن خط الإمامه و العقيده ..!
و لولا العقيلة زينب ..
لم تصلي يا صاحبي أنت و لا حتى أنا لا حتى صمت و لا صليت …!!!
… فسلام عليك عليم قدوتنا في سلوكنا .. قدوة في منهجنا بالحياة ..!
و أنت يا سيدتي العفيفه و الاخت المصونه … إن العقيلة زينب بنت علي ( عليهما السلام ) لأروع قدوة لك في طريق ثباتك على خط المقاومه الشريف ..
يا بنت أشرف الناس و أطهر الناس ….!!
تقديري لك سيدتي …