د.إحسان بن صادق اللواتي
مـدخـل:
يُرجع الباحثون مبدأ الفصل بين الأنواع أو الأجناس الأدبية، في الأساس، إلى أرسطو، فقد كان “يلاحظ في عصره وعلى ضوء الأدب اليوناني القديم، أنَّ فنون الأدب ينفصل بعضها عن بعض انفصالاً تامًا، حتى لنراه يحوّل هذه الملاحظة إلى قاعدة عامة أخذ بها الكلاسيكيون في القرن السابع عشر الميلادي، وأصبحت من المبادئ الرئيسية للمذهب الكلاسيكي الذي كان إنتاجه أوضح وأكبـر ما يكون في فنون المسرح الشعري” (1). بيد أنَّ هذا المبدأ تعرّض لهجوم عنيف من الرومانسيين في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر الميلاديين، معتمدين على مسرح شكسبير الذي لم يعترف بالفصل بين التراجيديا والكوميديا، وظل هذا الهجوم متواصلاً حتى بلغ ذروته عند الإيطالي بنيديتو كروشه (Benedetto Croce)، وفي هذا قال الناقد كارلو كاسولا (Carlo Cassola): “سادت نظريات بنيديتو كروشه الجمالية في إيطاليا خلال فترة ما بين الحربين. أحد المعتقدات الأساسية لتلك الجمالية هو رفض نظرية الأشكال أو الأجناس الأدبية. لقد تشاطرنا جميعًا هذه الفكرة؛ ولهذا فقد اقتنعنا بأنه لا يوجد فرق جوهري بين قصة قصيرة ورواية، حتى بين النثر والشعر”. (2)
وإذا كانت هذه المقولة دالة على وجود إجماع لدى النقاد على عدم التفرقة الجوهرية بين القصة القصيرة والرواية، فإنَّ من المهم أن نعي أنها – على فرض دقّتها – تتحدث عن النقاد في مدة زمنية ما، وهذه المدة سرعان ما تصرّمت وتصرّم معها هذا الإجماع، لنجد بعدها نقاداً يفرّقون بين هذين الفنّين ويعدّونهما نوعين أدبيين مختلفين وإن كانا سرديين، بل لنجد من النقاد من يذهب إلى أنَّ التفرقة بين هذين النوعين هي من القضايا البَدَهية الواضحة، فـ”يختلف فن القصة عن الروايات والملاحم كاختلافها عن دردشة الهاتف” (3).
العلاقة بين القصة القصيرة والرواية، إذن، لم تكن، على امتداد تاريخهما الأدبي، علاقةً سطحية ذات بُعد أحادي واضح، وإنما هي علاقة إشكالية تتراوح بين الالتقاء والانفصال في الجوهر. لكن هذا كله حين نتحدث عن هذه العلاقة من منظور النقد الأدبي والنقاد، فماذا إذا أردنا أن نتحدث من منظور الكتابة الإبداعية والمبدعين الأدباء؟
نود أن نعرض في هذه الدراسة لهذا الجانب تحديدًا، فنتعرف علاقة القصة القصيرة العمانية المعاصرة بعالم الرواية، فهل سعت هذه القصة لمقاربة هذا العالم أو الالتقاء به في أي صورة من الصور؟
سنحاول أن نجيب اعتمادًا على مجموعة قصصية سبق أن تناولناها بالدرس في دراسة سابقة عن “إشكالية النوع السردي”، في كتابنا “في السرد العماني المعاصر”، وهي مجموعة هلال البادي المعنونة: “لا يجب أن تبدو كرواية!” على أن تتبعها بعدئذ مجموعات عمانية أخرى نضعها تحت المجهر للاختبار، لتكون الصورة أقرب إلى التكامل.
إننا هنا أمام نتاج إبداعي يحمل عنوانًا ثانويًا صغيرًا هو “قصص”، وهو يحمل لقارئه دلالةً على أنه مقبل على قراءة مجموعة من القصص القصيرة جُمعت في إصدار واحد وفق العادة المتبعة بين الأدباء. لكن هذا العنوان الثانوي يعلوه عنوان رئيسي غير مألوف، هو: “لا يجب أن تبدو كرواية!” (4)، وهو يجأر بأنَّ المؤلف هلالاً البادي ينطلق في تجربته الإبداعية المتمثلة في هذا النتاج الأدبي من وعي حاد بالاختلاف النوعي الأدبي بين القصة القصيرة والرواية؛ لذا كان لزاماً على مجموعته القصصية هذه ألاّ تظهر للقراء في صورة رواية، مهما بدا هذا الأمر – بدلالة علامة التعجب الموضوعة في نهاية العنوان – غريباً غير مألوف.
وإذا أراد القارئ أن يتقدم لقراءة القصص، قابله الفهرست الذي يحمل عنوانًا لا يقلّ غرابة: “القصص حيث لن تبدو كرواية”. كتابة محتويات هذا الإصدار الأدبي في صورة قصص متفرقة هي التي تتكفل بمنع ظهورها في صورة رواية، هكذا هي دلالة عنوان الفهرست، ولولا هذا التقسيم الشكلي لكان هذا الإصدار رواية، أو أقرب ما يكون إليها.
إننا، إذن، أمام عمل أدبي يسعى مبدعه إلى جعله منتميًا، إلى القصة القصيرة، لكنه يحمل في داخله هاجساً واضحاً بأنَّ عمله هذا وثيق الصلة بالرواية، وبأنه إن لم يتولّ القيام بإجراءات تحول دون الولوج في عالم الرواية لصار عمله روائيًا، أو كاد. الاختلاف النوعي في المستوى النظري عند المؤلف لا يترافق، إذن، مع اختلاف في المستوى الفعلي التطبيقي بين القصة القصيرة والرواية؛ ولهذا تكون هذه القصص القصيرة عرضة لأن تغدو رواية! وهنا ينبري أمامنا السؤال الملحّ الذي لا محيص عن التوقف لديه: ما الأسباب التي تجعل قصص هذه المجموعة القصصية شديدة الاتصال بعالم الرواية؟ وبعبارة أخرى: هل يجد قارئ هذه المجموعة القصصية نفسه أمام سمات أدبية فنية هي إلى الرواية أقرب منها إلى القصة القصيرة؟
إنَّ هذه الدراسة محاولة للإجابة عن هذا السؤال، وهي بهذا تسعى إلى ملاحقة أهم ملامح إشكالية التداخل بين القصة القصيرة والرواية وفق ظهورها في “لا يجب أن تبدو كرواية!”.
أسباب الإشكالية:
يمكن لقارئ هذا الإصدار الأدبي أن يلحظ فيه هذه السمات التي من شأنها أن تجعله وثيق الصلة بعالم الرواية:
1- كثرة الأحداث والتفصيلات والتعليلات، “فالقصة تتضمن – عادة – حادثة واحدة، تدور حول شخصية أو أشخاص معدودين، أما الرواية فتقوم على حادثة أساسية واحدة، تتفرع عنها حوادث أخرى” (5)، وبتعبير آخر: إنَّ القصة القصيرة “يجب أن تكون أكثر تركيزًا، ويمكنها أن تكون أكثر خيالية، ولا تثقلها (كما تجبر الرواية) الحقائق والتوضيح والتحليل” (6).
يلحظ قارئ “لا يجب أن تبدو كرواية!” أنَّ القصة القصيرة الواحدة قد تشتمل على حدث رئيس تتفرع عنه حوادث أخرى، ففي القصة الأولى “هي ليست كل الحكاية” من الملاحظ أنَّ ثمة حدثًا مركزيًا هو موت الشخصية الرئيسة، ثم هناك أحداث جزئية كثيرة، ترتبط بحياته وعلاقاته ونوع الحياة التي كان يحياها ثم سبب موته وما يرتبط به. ولمّا كان المؤلـف واعيًا بأنَّ القصة القصيـرة “جنس أدبي محكـم لا يسمح بالفضول أو التزيد” (7)، دعاه هذا إلى أن يتدخل بحزم، صارخًا:
”لا لا لا، لا يجب أن تبدو كرواية! إنها قصة قصيرة فحسب!” (8).
هنا تواجهنا الجملة التي اتخذتها المجموعة القصصية عنوانًا لها، دون أن تكون عنوانًا لقصة معينة من قصصها. إنها جملة دالة على وعي المؤلف بأنَّ قصته تشتمل على تفصيلات كثيرة، من شأنها أن تقودها إلى عالم الرواية، ومع هذا فقد بقيت هذه التفصيلات، وما أدى تدخل المؤلف إلا إلى مزيد منها!
والشيء نفسه يستطيع القارئ أن يجده في قصص أخرى أيضًا، كقصة “حادث” مثلاً (9)، ففيها حدث مركزي هو حادث تصادم بين سيارتين، وفيها أحداث جزئية وتفصيلات منوعة ترتبط بالواقع النفسي الذي كانت تعيشه الشخصية الرئيسة، وما في هذا الواقع من معاناة عاطفية مع المرأة التي أرادها شريكة لحياته. وفي قصة “إهانة” (10)، نحن أمام مدير متسلّط يكرهه موظفوه أشد ما يكون الكره، وهذه الكراهة تجعل كلاً منهم يرسم لنفسه مخططًا خاصًا به لأجل إهانة مديره هذا، ومن هنا تدخل بنا القصة في قضايا وتفصيلات صغرى مختلفة.
2- قسمة القصة الواحدة مقاطع ذوات عنوانات مختلفة، وقد تبدو هذه السمة جزئية يسيرة، لا تتجاوز الشكل الأدائي الظاهر، لكنها في حقيقتها ذات دلالة كبيرة وواضحة، فالأصل في القصة القصيرة أن تكون وحدة واحدة ملتئمة شكلاً ومضمونًا، “وهذا هو أول مستلزمات القصة، أي أن الخبر الذي ترويه يجب أن تتصل تفاصيله أو أجزاؤه بعضها مع البعض بحيث يكون لمجموعها أثرًا (كذا) أو معنى كليًا” (11)، وهذا يستدعي في الحقيقة أن تكتب في صورة نص لا تبدو له أجزاء منفصلة تحتاج إلى ما يربط بينها. بيد أننا نجد في “لا يجب أن تبدو كرواية!” قصصًا تتكون الواحدة منها من مجموعة من المقاطع المنفصلة التي يحمل كل منها عنوانًا مختلفًا أو رقمًا منفصلاً، كما هي الحال في القصص الآتية: من حكايات الرمل والريح، وحادث، وعلى مربعات ممشى رمادي، وفي الغد، وإهانة، وطراوة جرح. وهذا يجعل هذه القصص أقرب إلى أن تكون – في شكلها الظاهر – روايات تحمل في داخلها فصولاً ذوات عناوين أو أرقام مختلفة.
3- بطء حركة السرد أو غيابها أحيانًا، تشترك القصة القصيرة مع الرواية في أهمية السرد بالنسبة لكل منهما، فنحن “نتفق جميعًا على أن ركن الرواية الرئيس هو السرد القصصي” (12)، وكذلك الحال فيما يتعلق بالقصة القصيرة. بيد أنَّ اتصاف الرواية، عادةً، بالطول والاتساع يجعل كاتبها في مندوحة من أمره تعطيه المجال رحبًا لأنْ يبطئ من سرعة حركة السرد، أو لأنْ يوقفها في بعض جوانب الرواية إن أراد، وليس كذلك الأمر مع القصة القصيرة، فهذه تُعرف بالإيجاز والقصر، فليس أمامها إلا أن تجعل السرد يتحرك ليوصل القارئ إلى المقصد في غير ما مكث أو تأخير.
إنَّ قارئ “لا يجب أن تبدو كرواية!” قد يشعر بأنَّ المؤلف يتعمد أن يبطئ من حركة سرد الأحداث أحيانًا، وربما تغيب هذه الحركة غيابًا تامًا في أحيان أخرى، فتستحيل القصة خواطر وأفكارًا وهواجس متفرقة، وهذا يجعل القصص وثيقة الشبه من جهة السرد بالروايات.
وإذا أراد القارئ أن يلتمس سببًا أو أسبابًا لما انتاب حركة السرد من بطء أو غياب، فإنه واجدٌ بعض ذلك في مدى رغبة المؤلف في نقل تأملات الشخوص القصصية وخلجاتها النفسية ذات الطابع الشعري، كما هي الحال في قصة “من حكايات الرمل والريح” – وهي لا حكاية فيها بالمعنى المتعارف على الرغم من عنوانها الخادع – وكذلك الأمر مع قصة “أدوار” ذات السرد الخافت الذي يكاد لا يبين.
وواضح أنَّ إلحاح المؤلف على نقل ما في نفوس الشخصيات من أفكار وخواطر (مونولوج) منبجس من رغبته الوثيقة في تحليل هذه الشخصيات والكشف عن دواعي سلوكها، لكن هذا الصنيع إنما يناسب الرواية؛ ذلك أنَّ “الروائي يهيمن على الحياة السرية كلها” (13)، أما القصة القصيرة فهي لا تحتاج إلى كل هذا الاستغراق النفسي والاستبطان التحليلي الذي يبطئ السرد أو يلغيه، بل إنَّ من النقاد من يميل إلى التفريط كثيرًا في هذا الجانب فيقول: “لا أشعر أن القصة القصيرة يمكن أو يجب أن تستخدم في تحليل الشخصية أو تطويرها، إن الصورة المتكاملة عمل أكثر ملاءمة للروائي” (14).
وقد تطغى هذه الرغبة الجامحة في التحليل النفسي على المؤلف فتجره إلى الوقوع في شَرَك التقريرية والمباشرة، فيجد القارئ أمامه عبارات وجملاً تثقل القصة بحكم ومواعظ وإرشادات ليس لها ما يسّوغها، من مثل:
”أصبحت الحاجة يا عزيزي هي من يحوجنا لبعضنا البعض (كذا)، هي من يجعلنا نتزاور ونتعارف ونضحك في وجوه بعضنا البعض (كذا) دون ابتسام حقيقي… نرسم الضحكة ونزيف وجوهنا لكي ننول (كذا) ما نريده لهذه التي لا تسمى… ولذلك لا عجب يا رفيقي أن غالبنا صار يتقن حرفة التمثيل أكثر من الممثلين أنفسهم…” (15).
ولعل من أسباب بطء حركة السرد أو غيابها أيضًا، ميل المؤلف أحيانًا إلى الوصف. والوصف – بطبيعته – يستلزم التوقف عن السرد، فهو “يشكل استراحة في وسط الأحداث السردية” (16). نجد مثل هذا الوصف في القصة الأولى “هي ليست كل الحكاية” :
”كنت في عالم بائس: دخان يملأ المكان، ضوضاء تغلفه صبح مساء، قاذفات يحمن في الأجواء، صافرات، سافرات، هتك، خنادق تحفر ويكثر أمثالي آنذاك… (17).
كما نجده أيضًا في قصة “ليلة ثم القبض علينا”:
”كانت بزته العسكرية ممزقة وملطخة بكثير من الوحل الدامي، قاتمة كالإشارة الحمراء التي أفقنا عليها آنذاك! إشارة لونها صارخ عادة، لكنها اليوم تذكر بالدم فقط، ومملوءة بالقتامة من أثر الأيام والريح الغابرة…” (18).
إنَّ من الواضح في المثالين المتقدمين أنَّ الكاتب لا يأتي بأوصافه جزافًا، أو لإضفاء مسحة من الواقعية عليها، أو لملء فراغ ما، فأوصافه، في الغالب، تأتي لخدمة بنية القصة وإيضاح شيء مما يرتبط بالشخصية أو الحدث أو الحبكة. لكنَّ كون الوصف ذا وظيفة خاصة في القصة لا يتنافى مع كونه مؤديًا إلى إيقاف حركة السرد أو إبطائها في أقل تقدير (19).
4- النظر من زوايا مختلفة، فكاتب القصة القصيرة لا يسعى إلى “الإبانة عن زوايا متعددة للأحداث أو الشخصيات كما يفعل كاتب الرواية؛ لأنَّ كاتب القصة القصيرة ينظر إلى الحدث من زاويـة معينة لا من عدة زوايـا، ويلقي عليه ضوءًا معينًا لا عدة أضواء” (20). لكن قارئ “لا يجب أن تبدو كرواية!” يلحظ أنَّ النظر إلى الأحداث والقضايا كثيرًا ما لا يكون من زاوية وحيدة، فثمة زوايا متعددة، وتعددها هذا يفتح أمام دلالات النصوص آفاقًا رحبة ربما لا تكون متناسبة مع ما تقتضيه القصة القصيرة.
ويستعيـن المؤلـف بوسائـل مختلفـة لعـرض وجهـات نظـر مختلفة (Points of View)، منها استعماله ضمير المتكلم لغير شخصية قصصية، مثلما حصل في قصة “حادث” التي استعمل فيها هذا الضمير للشخصية الرئيسة تارةً، وللمحبوبة تارةً أخرى. وهذا تكرر في قصة “على مربعات ممشى رمادي”، حيث نجد ضمير المتكلم يستعمله شاب، وتستعمله شابة أيضًا. وفي قصة “إهانة” أيضًا يستعمل ضمير المتكلم ثلاثة أشخاص، يسعى كل منهم إلى التخطيط لطريقة خاصة يهين بها رئيسه في العمل.
وقد يعرض المؤلف وجهات نظر مختلفة دون أن تتعدد الشخصيات التي تستعمل ضمير المتكلم، ففي قصة “على الحساب” مثلاً نقرأ لدى الشخصية الرئيسة وسائق سيارة الأجرة آراء مختلفة في مواضيع مختلفة كالزمان والحياة والحب والزواج والعمل، مع أنَّ ضمير المتكلم لم يستعمل إلا للشخصية الرئيسة وحدها. والشيء نفسه يقابلنا في قصة “في الغد” أيضًا، فنحن بإزاء قضية واحدة هي لعب الابنة مع صديقاتها وأصدقائها من الأطفال، بيد أننا نجد فيها ثلاثة آراء: فرأي الأب هو الرفض القاطع، ورأي الابنة هو الإصرار على الفعل، أما الأم فقد بدت مائلة إلى شيء من اليسر والتسامح. وضمير المتكلم لم تستعمله هنا سوى الابنة.
وثمة أسلوب ثالث مبتكر استعمله المؤلف في قصته المعنونة “من حكايات الرمل والريح” للنظر من زوايا مختلفة، فبعد انتهائه من عرض ما في القصة من “حكايات” – وقد سبقت الإشارة إلى أنَّ هذا العنوان خادع، فليست فيها حكايات حقيقية – وضع عنوانًا جانبيًا جالبًا للنظر هو “في تفاصيل الحكاية”، وتحته ذكر – بطريقة إيحائية معبرة – ثلاثة تفاصيل معنونة بعناوين فرعية: “تفصيل أول” و”تفصيل ثان” و”تفصيل أخير”، وما هذه التفاصيل سوى احتمالات مختلفة للمصادر المتخيلة لهذه الحكاية أو الحكايات، فإما أن يكون مصدرها بقايا أوراق مجهولة النسب وجدها عائدون من صيد قديم، وإما أنَّ المصدر رزمة أوراق وجدها رحّالة في صحراء، وإما أن تكون الريح هي المصدر! (21).
بيد أنَّ أجمل أساليب المؤلف لعرض القضايا من زوايا مختلفة وأوثقها صلةً بالإبداع السردي وآلياته، ذلك الجدل الذي أقامه في قصته الأولى “هي ليست كل الحكاية” بين الشخصية الرئيسة وبينه هو (أي المؤلف!). ففي هذه القصة نواجه، في البدء، الشخصية الرئيسة المتمثلة في إنسان مات ودُفن، لكنه ما زال قادرًا على أن يستعمل ضمير المتكلم ليعبّر به عن مدى رغبته في العودة إلى الحياة من جديد ليعيش حياة مختلفة عن تلك التي كان يعيشها قبل موته، فتلك كانت مؤلمة بائسة. وهنا نُفاجأ بالمؤلف يهتف فجأة: “لا… لا يجب أن أكتب بهذه الطريقة، لا يجب أن أجعل قصتي القصيرة مملوءة بالثرثرة! الثرثرة المأساوية.. لماذا نصرّ نحن الكتّاب على الكتابة بهذا الشكل المأساوي؟” (22).
وبعد هذا الهتاف الثائر، يذكر لنا المؤلف خطة بديلة لقصة ذلك المتوفى، وفي هذه الخطة ستكون له حبيبة، وسيكون قد التقى بها بطريقة ما، وسيقول كذا وتقول كذا. وبالفعل تعود أمامنا شخصية الميت من جديد، مستعملةً ضمير المتكلم وفق الخطة الجديدة، فتحدث إلينا عن المحبوبة والحب، ثم عن المرض الذي كان سببًا لموتها. بيد أنَّ المؤلف هتف من جديد:
”لا لا لا، لا يجب أن تبدو كرواية! إنها قصة قصيرة فحسب! هو مات لا لأنه أحب، ولا لأنه مريض، أو لأنه عاشق، أو لأنه شاعر…” (23).
ولم يجد المؤلف بدًا من أن يعيد رسم حياة هذه الشخصية من جديد، فصوّر سبب الوفاة مختلفًا، وأعاد رسم الوضع الأسري والحالة المعيشية. لكن الشخصية لم تستسلم في النهاية لرغبات مبدعها، فقد تمردت عليها، واختطت لنفسها رؤيتها الخاصة لنفسها:
”ولم أشأ أن أحب؛ لأن الحب سيأخذ من وقتي ومن جهدي، ولن أجد ما أسد به ثمن هذا الحب: مهرًا وبيتًا وسيارة جديدة!” (24).
ويظهر المؤلف أيضًا في قصة أخرى هي “أدوار”، لكنه هنا لا يظهر إلا في نهاية القصة، تحت عنوان جانبي صريح هو “المؤلف”، ليتحدث تحته عن رأي الصديق الآخر من صديقين استحوذ أولهما على القصة كلها (25).
5- نوع الحبكة، فالحبكة تُعرّف بأنها “سرد للحوادث، لكن التوكيد هنا يدخل ميدان السببية وغمارها” (26)، وهذه السببية التي تقوم عليها الحبكة ليست نوعًا واحدًا، فقد تكون ضعيفة خافتة تكاد لا تظهر، فتسمى الحبكة عندئذ “مفككة”، وهذه لا تعتمد وحدة العمل القصصي فيها على تسلسل الحوادث، بل يكون الاعتماد على وحدة الشخصية الرئيسة أو على البيئة أو على وحدة النتيجة العامة. وقد تكون الحبكة قوية ظاهرة، فترتبط الحوادث ببعضها برباط سببيّ واضح، وتسمى هذه الحبكة “عضوية متماسكة” (27). إنَّ من المهم هنا أن نلحظ أنَّ النوع الأول من الحبكة، أي المفككة، “هي أنسب صورة للرواية، في حين أنها لا تصلح للقصة فضلاً عن القصة القصيرة” (28).
وإذا جئنا بعد هذا إلى “لا يجب أن تبدو كرواية!”، وجدنا الحبكة العضوية المتماسكة حاضرةً في بعض القصص مثل: “حادث” و”اختيار” و”على الحساب”، لكنها ليست وحدها، فثمة قصص أخرى تحضر فيها الحبكة المفككة حضورًا بيّنًا، وبعض هذه يبلغ فيها التفكك حدًا يتخيل معه القارئ غياب الحبكة من أساس.
في قصة “من حكايات الرمل والريح”، مثلاً، يجد القارئ نفسه أمام سارد غير معروف، يستعمل ضمير المتكلم متحدثًا عن رغبته في إرسال رسالة إلى من يخاطبه طوال النص دون أن نعرف عن ماهية هذا المخاطب شيئًا. ويشتمل هذا النص/ الخطاب/ الرسالة على تفصيلات وجزئيات من حقول ومجالات مختلفة لا ينكشف للقارئ رابط واضح فيما بينها، اللَّهم إلا وحدة السارد والمخاطب (29).
و”ملاحظات” عنوان يدل دلالة واضحة على ما في المعنون من حبكة مفككة، ففي هذه القصة يحدّثنا السارد عن رحلته مع بعض أصدقائه إلى إمارة دبي في دولة الإمارات العربية المتحدة، وهناك يجعلنا نتنقل بين مجموعة من الأخبار والأحداث مما يجده السارد في الواقع ومما يشاهده أيضًا في التلفاز، دونما ارتباط سببيّ واضح يما بينها (30).
ومثل هذه الدلالة العنوانية نجدها أيضًا في قصة عنوانها “ثرثرة”، وهي في الواقع لا تعدو أن تكون خواطر قصصية متفرقة ترمي إلى طرح بعض الإسقاطات من ماضي الأمة على حاضرها (31).
6- الزمن، تتسم الرواية الحديثة بأنها تولي الزمن أهمية خاصة، ذلك “أنَّ الزمن لم يعد مجرد موضوع فحسب أو شرط لازم لإنجاز تحقق ما، بل أصبح هو ذاته موضوع الرواية… المهم هو أن هذا الزمن يوشك أن يصبح بطل القصة” (32). التعامل مع الزمن، إذن، في الرواية الحديثة لم يبقَ تعاملاً تقليديًا يسير فيه الزمن سيرًا خطيًا مستقيمًا من الماضي إلى الحاضر اتجاهًا إلى المستقبل، كما لم يعد هذا التعامل يقتصر على بعض التنويع اليسير في خط السير مما عرفته القصة القصيرة والرواية على السواء منذ عقود، كالتنويع المتمثل في استرجاع الماضي أو استشراف المستقبل. لقد أخذ الروائيون يتنافسون فيما بينهم في مدى براعة تعاملهم مع الزمن في رواياتهم، وأدى بهم هذا إلى أن يرسموا للمتلقي صورًا مختلفة للزمن تبيّن ما لهذا العنصر الروائي من أهمية في إبداعاتهم.
وليس لقارئ “لا يجب أن تبدو كرواية!” أن يغفل عما للزمن من أهمية واضحة في القصص المختلفة، وإن كان ثمة تفاوت في مدى هذه الأهمية وتجلياتها من قصة إلى أخرى بطبيعة الحال. لكن هذا التفاوت يظل، في حقيقته، علامة دالة على كون الزمن في هذا النتاج الأدبي زمنًا من النوع المرتبط بفن الرواية في المقام الأول.
في القصة الأولى، “هي ليست كل الحكاية”، يتنقل الكاتب بقارئه بين زمنين اثنين هما زمن المغامرة وزمن الكتابة (33) حين يجعله يعيش تفصيلات ذلك الجدل الذي سبقت الإشارة إليه بين الشخصية الرئيسة التي تمثّل زمن المغامرة، وبينه هو (الكاتب) الذي يمثّل زمن الكتابة.
وفي قصة “حادث” يمارس المؤلف طريقة تقطيع الزمن بأسلوب واعٍ ودالّ، فيضع عناوين زمانية هادفة إلى نقل ما جرى في مقاطع مختلفة: “قبل الحادث بدقائق”، و”قبل ذلك بسنة ونصف”، و”خلال سنة”، و”في صحف اليوم التالي للحادث”. ونجد أنفسنا في قصة “اختيار” أمام زمن آخر هو الزمن النفسي (34)، حين نستشعر ما كانت الشخصية الرئيسة في القصة تحس به عندما غلب عليها التردد وانتابتها الحيرة، فظلت غير قادرة على اختيار لعبة مناسبة للطفلة الصغيرة سارة. وبقي هذا العجز عن الاختيار موجودًا لديها إلى حين خروجها من المتجر بعد أن قرّر البائع إغلاقه!
وإذا ما انتقلنا إلى قصة “ليلة تم القبض علينا”، قابلتنا طريقة جميلة أخرى للتعامل مع الزمن، هي طريقة المراوحة بين زمنين متوازيين، فثمة في القصة زمن الحدث الخارجي، أو زمن المغامرة، وهو يتمثل في زمن أولئك الأصدقاء الخمسة الذين كانوا يحاولون أن يدركوا فيلمًا في السينما على الرغم من كثرة زحام السيارات في الشارع. وبموازاة هذا الزمن هناك زمن آخر يتمثل في زمن الفيلم نفسه، فالسارد كان قد شاهد هذا الفيلم من قبل، وهذا أعانه على أن يستحضر مشاهد الفيلم أمامنا، حتى صرنا نراها مع رؤيتنا للأحداث الخارجية، فاجتمع بهذا عندنا زمانان متوازيان.
وتستحضر قصة “ثرثرة” شخصيات معينة من التاريخ لا بوصفها أقنعة يرتديها المؤلف لإيصال رسالة ما أو لتوضيح موقف ما، ولا بصفة أنها استرجاعات زمانية تدور في مخيّلة شخصية ما، بل يكون استحضارها بطريقة اندغام الماضي في الحاضر واتحاده به، فكأنّ تلكم الشخصيات ما تزال تعاصرنا وتعيش معنا:
”طَرَفة هاتفني، أوصاني بالبحث عن الأطلال وخولة، عن سيف المتنبي الذي حارب به قبل أن يموت، عن بوابة حلب، عن صلاح الدين. وجدت فقط صورة لرجل يدعى جمال عبد الناصر ملطخة بالسواد، كانت في صحراء من الغياب، الموت كان يحاصر كل شيء، ويستثنيني أنا فقط، لماذا؟ ربما لكي أتألم أكثر…” (35).
إنَّ هذا التنويع التجديدي في التعامل مع الزمن لكفيل باجتذاب القارئ وشد انتباهه من خلال المغايرة الأسلوبية المعتمدة على مبدأ المفاجأة وكسر المألوف، ثم إنَّه – وهذا ما يعنينا في هذه الدراسة في المقام الأول – جاعل نصوص هذا الكتيّب وثيقة الصلة بعالم الرواية وما فيه من طرائق للتعامل مع الزمن.
الخـاتمـة:
لم تقم هذه الدراسة على دعوى انضمام المجموعة القصصية “لا يجب أن تبدو كرواية!” إلى عالم الرواية، لكنها قامت على دعوى وجود صلة وثيقة لهذه المجموعة بالعالم المذكور، وهي الصلة التي يبدو أنها كانت ماثلة في ذهن المؤلف؛ لذا حاول أن يتعمد إبعاد نتاجه الأدبي عن عالم الرواية.
لقد حاولت الدراسة أن تُثبت صدق دعواها بواسطة إبراز مجموعة من السمات التي تضمن قرب هذه القصص من عالم الرواية: فأولى السمات كانت كثرة الأحداث والتفصيلات والتعليلات التي تذكّر بما يكون في الرواية عادةً من احتشاد لها، والسمة الثانية ارتبطت بناحية هندسية ظاهرية لكنها ذات أهمية كبيرة، وهي قسمة القصة الواحدة مقاطع تحمل عناوين مختلفة، وتمثلت السمة الثالثة في أنَّ حركة السرد بطيئة إلى درجة أنها قد لا تظهر من أساس، وهذا قد لا ينسجم مع ما في القصة من تركيز وكثافة ووجازة تتطلب سرعة الوصول إلى الغاية. أما السمة الرابعة فاعتمدت على وجود وجهات نظر مختلفة تتيح النظر إلى الموضوع الواحد من زوايا وجوانب متنوعة، واختصت السمة الخامسة بالحبكة، فقد ظهرت في قصص هذه المجموعة الحبكة المفككة التي تناسب الروايات لا القصص القصيرة. والسمة الأخيرة التي توقفت لديها الدراسة كانت تتجلى في الطرائق المتنوعة التي حصل بها التعامل مع عنصر فني مهم هو الزمن.
هذه السمات المختلفة، إذن، تجعل هذا الكتيّب وثيق الصلة بعالم الرواية، لكنها لا تتكفل بجعله رواية فعلاً، ما دام مشتملاً على “قصص” منفصلة عن بعضها شكلاً ومضمونًا. وهذا معناه، بالنتيجة، أنَّ النتاج الأدبي الذي عنوانه “لا يجب أن تبدو كرواية!” يصلح مثالاً واضحاً على إشكالية كبيرة تظل تتقبل آراء مختلفة، هي إشكالية النوع السردي.
—————————————————-
الـهـوامـش
(1) محمد مندور: الأدب وفنونه، دار المطبوعات العربية، بيروت، د.ت، ص20.
(2) سوزان لوهافر: الاعتراف بالقصة القصيرة، ترجمة محمد نجيب لفتة، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد، 1990م، ص25.
(3) المرجع نفسه، ص20.
(4) هلال البادي: لا يجب أن تبدو كرواية!، وزارة التراث والثقافة، مسقط، 2006م.
(5) عزيزة مريدن: القصة والرواية، دار الفكر، دمشق، 1980م، ص73.
(6) سوزان لوهافر: الاعتراف بالقصة القصيرة، ص21.
(7) الطاهر أحمد مكي: القصة القصيرة، دراسة ومختارات، ط2، دار المعارف، القاهرة، 1978م، ص75.
(8) هلال البادي: لا يجب، ص17.
(9) م.ن، ص33-38.
(10) م.ن، ص63-67.
(11) رشاد رشدي: فن القصة القصيرة، ط3، دار العودة، بيروت، 1984م، ص17.
(12) إ.م. فورستر: أركان الرواية، ترجمة موسى عاصي، جروس برس، طرابلس، لبنان، 1994م، ص23.
(13) م.ن، ص66.
(14) سوزان لوهافر: الاعتراف، ص21، وهي تنقل هذا عن إليزابيث بووين.
(15) هلال البادي: لا يجب، ص30.
(16) حميد لحمداني: بنية النص السردي من منظور النقد الأدبي، ط2، المركز الثقافي العربي، بيروت والدار البيضاء، 1993م، ص79.
(17) هلال البادي: لا يجب، ص14.
(18) م.ن، ص46.
(19) ومن هنا قد لا نتفق مع العبارة القائلة: “فالأوصاف في القصة لا تصاغ لمجرد الوصف، بل لأنها تساعد الحدث على التطور، لأنها في الواقع جزء من الحدث نفسه” (رشاد رشدي: فن القصة القصيرة، ص97).
فكون الأوصاف تساعد الحدث لا يعني كونها جزءًا من الحدث نفسه، بل إنَّ مفعولها مضاد لمفعوله ومعارض له. وبعبارة أخرى: الأوصاف قد تعمل على كشف جوانب قاتمة أو غائمة من الحدث، لكنها في الوقت نفسه تبطئ من سيرورة حركته الخارجية.
(20) رشاد رشدي: فن القصة القصيرة، ص82.
(21) هلال البادي: لا يجب، ص27 – 28.
(22) م.ن، ص15. واضح أنَّ قوله: “لا يجب أن” -هنا وفي عنوان الكتاب- يريد به: “يجب ألاّ”، والفارق في المعنى بين التعبيرين جليّ.
(23) م.ن، ص17.
(24) م.ن، ص19.
(25) م.ن، ص32.
(26) فورستر: أركان الرواية، ص67.
(27) محمد يوسف نجم: فن القصة، دار الثقافة، بيروت، د.ت، ص73-75 (بتصرف).
(28) عز الدين إسماعيل: الأدب وفنونه، ط7، دار الفكر العربي، القاهرة، 1978م، ص189.
(29) هلال البادي: لا يجب، ص21 – 28.
(30) م.ن، ص69 – 71.
(31) م.ن، ص81 – 86.
(32) رولان بورنوف وريال أوئيليه: عالم الرواية، ترجمة نهاد التكرلي، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد، 1991م، ص118.
(33) لاحظ تفرقة ميشال بوتور بين زمن المغامرة وزمن الكتابة وزمن القراءة في كتابه “بحوث في الرواية الجديدة”، ترجمة فريد أنطونيوس، منشورات عويدات، باريس، 1986م، ص101.
(34) انظر ما كتبه عنه عبد الملك مرتاض في كتابه “في نظرية الرواية، بحث في تقنيات السرد”، سلسلة عالم المعرفة، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، العدد 240، ديسمبر، 1998م، ص205.
(35) هلال البادي: لا يجب، ص84 – 85.
المصادر والمراجع
1- إسماعيل، عز الدين: الأدب وفنونه، ط7، دار الفكر العربي، القاهرة، 1978م.
2- البادي، هلال: لا يجب أن تبدو كرواية! وزارة التراث والثقافة، مسقط، 2006م.
3- بوتور، ميشال: بحوث في الرواية الجديدة، ترجمة فريد أنطونيوس، منشورات عويدات، باريس، 1986م.
4- بورنوف، رولان وريال أوئيليه: عالم الرواية، ترجمة نهاد التكرلي، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد، 1991م.
5- رشدي، رشاد: فن القصة القصيرة، ط3، دار العودة، بيروت، 1984م.
6- فورستر، إ.م: أركان الرواية، ترجمة موسى عاصي، جروس برس، طرابلس، لبنان، 1994م.
7- لحمداني، حميد: بنية النص السردي من منظور النقد الأدبي، ط2، المركز الثقافي العربي، بيروت والدار البيضاء، 1993م.
8- لوهافر، سوزان: الاعتراف بالقصة القصيرة، ترجمة محمد نجيب لفتة، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد، 1990م.
9- مرتاض، عبد الملك: في نظرية الرواية، بحث في تقنيات السرد، سلسلة عالم المعرفة، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، العدد 240، ديسمبر 1998م.
10- مريدن، عزيزة: القصة والرواية، دار الفكر، دمشق، 1980م.
11- مكي، الطاهر أحمد: القصة القصيرة، دراسة و مختارات، ط2، دار المعارف، القاهرة، 1978م.
12- مندور، محمد: الأدب وفنونه، دار المطبوعات العربية، بيروت، د.ت.
13- نجم، محمد يوسف: فن القصة، دار الثقافة، بيروت، د.ت.
المصدر: شرق غرب | العدد 15