بجانب اللغة العربية كلغة أم ولغة أساس في عمان، تتعدد اللغات المحلية في العديد من مناطق البلد، مما يعد إثراء وثراء ثقافيا ومعرفيا، ويشي عن تاريخ عريق لدولة كبيرة مترامية الأطراف.
كتب العديد من المختصين حول اللغات العمانية وتنوعها، وشرحوا الكثير من خلفياتها، وأصول نشأتها، واللغات التي أثرت في نشأتها، وتتبع البعض من المختصين أبجدياتها ورموزها.
والكل أجمع أن هذا التراث اللغوي المتنوع في حاجة إلى الحفاظ عليه من الاندثار والموت البطيء، فهي مكتسب عماني أصيل، نشأ باعتماد المجتمعات المحلية على أنساق ثقافية ولغوية أنشأتها بسبب تداخلها مع سفر وتنقل أبنائها للمجتمعات الأخرى للتجارة، والتأثر والتأثير المتبادل عبر عملية المثاقفة، وهذا هو دأب الدول عندما تكبر وتتسع وتصبح أمبراطوريات.
كل هذا التراث اللغوي أصبح الآن وثيقة تاريخية حية عن مجتمع عماني حي وفاعل وزاخر، من شمال عمان إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه، أنتج لغات وطورها أبناؤها بمرور العقود وكرور السنين.
لذا يجمع الباحثون أن الحفاظ على هذا التراث من الاندثار ضروري ومهم جدا، خاصة وسط تخلي المجتمعات المحلية عن هذه اللغات بسبب التمدرس العام، وارتباط الطفل بالمدرسة في تشكيل لغته الأم والأساس وهي العربية، وضعف دور المجتمعات المحلية في عملية التمدرس باللغات المحلية، وأيضا تدريس المدارس لغات أصبح الطفل بحاجة إلى تعلمها للانفتاح على العالم كالانجليزية وغيرها.
ويبقى السؤال الأهم من هو المنوط بالحفاظ على تراث هذه اللغات كي لا تندثر، وما الطرق والآليات التي نحتاجها حتى لا تموت هذه اللغات وتندرس كأنها لم تكن يوما، وكيف يمكن التصدي لعملية الحفاظ على هذا التراث اللغوي المنوع، وهل
نحن بحاجة إلى جهة ناظمة ومشرفة للحفاظ عليه، أم إلى مركز للغات المحلية، تدون فيه هذه اللغات بأبجدياتها وأرقامها ورموزها، وتوضع لها خطة عمل بالتعاون مع اليونسكو حتى لا تندرس، ويبقى لها متعلموها ومتحدثوها وسجلها.
في البداية نحن بحاجة إلى أن تقود وزارة السياحة والتراث أو هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية مختبرا لعملية العصف الذهني حول ما يجب فعله، وكيف يجب فعله، مستفيدين في المجال من اليونسكو ومن تجارب الدول الأخرى للانطلاق في رحلة الحفاظ على هذا الإرث الإنساني.