عماد بن حسين باقر
يعتبر المورد البشري المؤهل، والمدرّبـ، والمخلِص عماد عملية البناء والتنمية بدول العالم المتقدم ، كما يمثل هذا المورد البشري ورقة رابحة لتجاوز الأزمات عند وقوعها بدول العالم المتقدم، ولنتمكن من اللحاق بالركب لا بد أن نولي مواردنا البشرية الاهتمام، والاعتناء اللازم، واعدادها اعدادا جيدا.
وتعتبر اليابان مضربا للمثل في النجاحات بمختلف المجالات ، معتمدة على مواردها البشرية بشكل رئيس، فهي لا تملك ثروة نفطية، أوغازا، ومواردها الطبيعية محدودة ومساحتها صغيرة، إلا أنها بالرغم من ذلك حجزت موقعها في صدارة الدول المتقدمة في شتى المجالات بالاعتماد على تنمية الانسان المتسلح بالعلم، والمعرفة، والخبرة.
ولعل أهمَّ عوامل نجاح المورد البشري الياباني، وتفوقة هو انخراطه بمنظومة تعليمية وبيئة ساهمت في تعلميه الانضباط، والإحساس بالمسؤولية، وحب الوطن، والانتماء إلى المجموعة، وبالتالي تغليب نجاح المجموعة على المصلحة الفردية ، وإن المصلحة العامة هي الفيصل عند اتخاذه القرار، أو الأقدام على أيَّ خطوة.
ولا ننسى عاملاً آخرساعد اليابان في بناء مواردها البشرية هي أن مهنة التدريس تحظى أجتماعيا بالاحترام، والتقدير من قبل أفراد المجتمع الياباني، ومن الناحية المادية فإن المعلمين يحصلون على رواتب مغرية، ولا يتم اختيارهم للعمل بهذه الوظيفة إلا بعد اجتياز اختبارات تسمح باختيار المتميز منهم.
أما تفوق منظومة العمل المؤسسي، فإنه يعود في اليابان إلى أن المؤسسات اليابانية تتعامل باحترام مع مقترحات، وأفكار الموظف، والاستفادة منها لتطويرالعمل، وإعتباره شريكاً في اتخاذ القرار.
ونعتقد أن عملية تأسيس وبناء موارد بشرية يُعتمد عليها، لها عدة عناصر هامة من أهمها التأسيس القيمي للانسان، ويتأتى هذا التأسيس من خلال زرع قيم الاخلاص للعمل، والنزاهة، والأمانة في التعامل مع المال العام، والمحافظة على المنشآت والموارد الطبيعية، وغيرها، والجدير بالذكر إن هذا التأسيس القيمي يبدأ في مراحل متقدمة من عمر الأنسان من خلال البيت، والمدرسة، ولاحقا من خلال وجود المسؤول القدوة.
وعنصر آخر يجب الانتباه إليه لبناء موارد البشرية يُعتمد عليها، هو التأسيس العلمي المبكر لها من خلال حصول الطالب على تعليم قوي في المدرسة ، ويتحقق ذلك عبر مناهج دراسية قوية متوافقة مع البيئة المحلية، ومعلم مؤهل للقيام بمهام عمله، ويعمل وفق نصاب مناسب من الحصص، وفي بيئة عمل تساعده على القيام بعمله على أتمّ وجه.
ومن المعروف أن لمهنة التدريس تحدّيات، وصعوبات خاصة بها، وهي أهم مهنة على الاطلاق، فهي مسؤولة عن خلق سواعد سيُعتمد عليها في المستقبل، لذلك لابد من حصول المعلم على امتيازات مناسبة تتوافق مع المهام المنوطة به، والتحديات المرتبطة بهذه المهنة.
أما التعليم الجامعي، فلا يقلّ أهمية عن التعليم الذي يتلقاه الطالب في المدرسة، والارتباط الوثيق بينهما، فكلما كانت مخرجات المدارس أقوى كانت قدرتها على الابداع والتفوق في المرحلة الجامعية أكبر، ومن الملاحظ بوضوح شديد، تأخّر الجامعات العربية في التصنيف العالمي للجامعات، وهذا الأمر يدعو للقلق، لذلك فمن الضروري على الجامعات، والكليات في الوطن العربي أن تهتم بجودة التعليم لتتمكن من تغذية السوق بمخرجات قادرة على المساهمة في التنمية، وتحمّل مسؤولياتها في بناء الأوطان، ولضمان نجاح الموارد البشرية مهنيا بعد تخرجها من المؤسسات التعليمية المختلفة، يتعين تحسين بيئات العمل الداخلية للعمل، من خلال الحد من الصراعات الداخلية بها وتحقيق العدالة عند الثواب والعقاب وتنمية روح العمل الجماعي.
وختاما يقع على عاتق القائمين على المؤسسات تحديات عديدة منها تطوير المنتجات أو الخدمات مع مواكبة ذلك بالاستثمار في المورد البشري، وتطويره، وإدارة المواهب وتنميتها، والاستفادة القصوى منها ، والاحتفاظ بالكوادر المميزة، لأنها دائما عرضة للاستقطاب من المنافسين من خلال تقديم مغريات ومزايا أفضل لهم.
المصدر: أثير