قُوبلت الخدمات المهمة والعديدة التي قدمتها المؤسسات المُشرفة على شعائر الحج والعمرة بالمملكة العربية السعودية للحجاج والمعتمرين، خلال الموسم الأخير لهذه الشريعة المُقدسة للمسلمين، بنوع من الإشادة والثناء والشكر للقائمين على تنظيم تلك الشعائر في جميع المحطات التي يقف بها الحجاج لأداء مناسكهم المطلوبة، رغم أنَّ هذا العام يُعتبر من الأعوام التي تميزت بحرارة عالية، وهو المعتاد في مثل هذه الأشهر من كل عام.
نجاح مناسك الحج بهذه الصورة الجيدة، وارتفاع عدد الحجاح القادمين من مختلف دول العالم بجانب الحجاج السعوديين والوافدين المقيمين، إن دلَّ فإنَّما يدلُّ على نجاح الإرشادات والنصائح التي قدَّمتها السعودية لضيوف الرحمن قبل بدء موسم الحج الحالي لعام 1444 هجرية، 2023 الميلادية؛ الأمر الذي أسهم في تسهيل تنقلات الحجاج وزيارتهم، وتمكنهم من الوصول والرجوع إلى أماكنهم وسلامتهم في مراحل الحج المختلفة.
هذه التعليمات التي سبقت مراسم الحج شملتْ أيضا ضرورة معرفة ضيوف الرحمن للأحجام والأوزان المعتمدة لقبول الأمتعة المشحونة؛ الأمر الذي ساعد في تنقلهم وترحالهم دون أية ضغوط في حملها، أو أثناء تطوافهم وسعيهم وتنقلاتهم من مكان لآخر. كما أنَّ هذ التعليمات ساعدتهم في إحضار كل الوثائق الرسمية المطلوبة قبل توجههم وبدء سفرهم من المطارات الجوية، والمراكز البرية والموانئ البحرية لدولهم؛ بحيث كانت تأشيرة الدخول من أكثر الوثائق أهمية في هذه الشعيرة للقادمين من غير مواطني دول مجلس التعاون الخليجي. كما شملت التعليمات المسبقة للحجاج عند الوصول أيضا مواعيد مغادرة الحجاج؛ بحيث لا يبقون على الأراضي السعودية، وهي المشكلة السنوية التي تُعاني منها هذه الدولة؛ حيث لا يلتزم بعض الزوار بمغادرة تلك الأراضي.
وشملت الإرشادات والتعليمات الأخرى المتعلقة أيضاً بضرورة تقديم أوراق التطعيمات اللازمة، والعمل بأساليب ضد عدد من الأمور المطلوبة في الحج؛ مثل: الالتزام بالنظافة، والوقاية من الأمراض، والحفاظ على الصحة العامة… وغيرها من التعليمات الأخرى. وهذه التعليمات والإرشادات جميعها أسهمت في سلامة الحجاج ونجاح مراسمهم دون حدوث أية مشكلات تُذكر. هنا نتوجَّه بالتحية لكلِّ من يقف وراء هذه الإرشادات والتعلميات المستحدثة من مسؤولي القيادة السعودية وأفراد الأمن والسلامة العاملين في جميع الموانئ والمعابر السعودية، وكل من أسهم في إنجاح هذه المراسم.
أمَّا من حيث النتائج الاقتصادية للحج لهذا الموسم الأخير، فإنَّ البيانات الأولية تكشف عن ارتفاع عوائد خدمات الحج والعمرة لتصل إلى 35 مليار ريال سعودي مُشكِّلة حوالي 4% من الناتج المحلي، في الوقت الذي يتوقع فيه الخبراء أنْ تصل المبالغ إلى 150 مليار ريال سعودي عام 2030 لتمثل 11% من الناتج المحلي الإجمالي، وأن يزداد عدد الحجاج والمعتمرين ليصل إلى 30 مليون حاج ومعتمر.
فالسياحة الدينية أصبحتْ تَلقى اليوم اهتماماً أكبر من الجهات المعنية بالسعودية، في الوقت الذي تلقَى فيه السياحة الداخيلة بصورة عامة استجابة من قبل المواطنين والوافدين؛ الأمر الذي ينتج عنه بقاء العُملة الصعبة داخل المؤسسات المصرفية السعودية، وتفتح هذه السياحة مزيداً من المؤسسات في قطاعات الفنادق والمطاعم والسفر والسياحة وغيرها من القطاعات التي تهم السياح والزوار بشكل عام.
كما أنَّ تنويع هذه الخدمات يُعزز من القاعدة الإنتاجية في السعودية لتقف بجانب قطاعات اقتصادية مهمة كالطاقة والتعدين والتجارة والصناعة. وجميع هذه التطورات سوف تعود بمزيد من الفوائد والنتائج الاقتصادية الكبيرة على هذه الدولة، مع توفير مزيد من الأشغال للسعوديين والوافدين. إنَّ تحسين خدمات الحجاج وتوفير البنية الأساسية لهم ولجميع القادمين لأداء العمرة ستعمل بلا شك على تعزيز البنية الأعمال الاقتصادية بالسعودية مستقبلاً؛ الأمر الذي سيؤدي حتمًا إلى زيادة الناتج المحلي الاجمالي للسعودية وفق رؤيتهم للعام 2030، في الوقت الذي تفتح فيه لأصحاب المؤسسات الصغيرة ورواد الأعمال قنوات جديدة للعمل والتسويق في الصناعات الصغيرة وإنتاج الهدايا الخفيفة التي يحتاج إليها الزائر والحاج والمعتمر.
هذه التطورات بمُجملها سوف تعمل على زيادة الطلب على المرافق العامة بالسعودية لتوفير الخدمات الضرورية في قطاعات الاتصالات والمواصلات والكهرباء والمياه، وتفتح للقطاع الخاص إمكانات جديدة في مجال الاستيراد للسلع والمنتجات والخدمات الضرورية؛ سواء من المواد الغذائية أو الاستهلاكية أو الترفيهية؛ الأمر الذي سيُسهم في تعزيز الأنشطة الاقتصادية وتحريك الأنشطة التجارية وتشغيل مزيد من العمالة المحلية في مختلف المواسم الأخرى.