Image Not Found

التوجيهات السامية..

Visits: 12

د.طاهرة اللواتية* – عُمان

وجَّه جلالة السلطان -حفظه الله ورعاه- مجلس الوزراء بتنفيذ عدد من الأوامر السامية حول مستجدات الشأن المالي والاقتصادي، التي غطت جوانب عديدة ومهمة، كان على رأسها إنشاء صندوق عمان المستقبل برأسمال قدره 2 مليار ريال عماني، وقد وُضِعت للصندوق مجموعة من الأهداف الاقتصادية الاستراتيجية، أهمها توسيع الاستثمار وتنويعه وجذب الاستثمار الخارجي، والاستثمار الجريء، واستثمارات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.

إن توجيهات جلالته -حفظه الله- بضخ هذا المبلغ الكبير في الصندوق سيشكّل علامة فارقة في الاستثمار في مشروعات استراتيجية تخدم النمو والازدهار الاقتصادي للبلاد، وتحقق القيمة المضافة، وعلى رأسها توفير فرص عمل للشباب العماني.

أتمنى أن يكون للصناعة بكافة أنواعها دور الأسد في هذا الاستثمار، فالنمو الحقيقي لأي بلد يأتي من خلال قاعدة صناعية واسعة، تخدم السوق المحلي، والأسواق القريبة وخاصة أسواق اليمن وشرق إفريقيا.

وقد أثبتت الصناعة في سلطنة عمان أنها الأسرع نموا ومساهمة في الناتج المحلي الإجمالي، والأكثر استيعابا لليد العاملة، والأسرع في تعديل ميزان المدفوعات العماني، من خلال التصدير لسلع مصنّعة تحقق القيمة المضافة، فبيع المواد الخام بسعر زهيد يجعلها عرضة للنضوب سريعا.

اعتمدت التجربة السنغافورية -كبلد يشابهنا في عدد السكان- في بدايتها على استكمال تصنيع سلع مستوردة، وبيعها بقيمة مضافة؛ مثل الملابس الجاهزة، ثم الإلكترونيات ومنتجات التكنولوجيا الرقمية، فسنغافورة لا تملك مواد خام مثلنا، وإنما تعتمد على استيراد سلع نصف مصنّعة أو مواد خام لتقوم بتصنيعها، ثم إعادة تصديرها إلى الخارج عبر شبكة الموانئ، والخدمات اللوجستية المتطورة التي استثمرت فيها، فليس لديهم سوق داخلي كبير.

وفي خطوة لاحقة أصبح النجاح الاقتصادي للبلاد يعتمد على الاحتفاظ بوجود الشركات الأجنبية الكبرى في منطقة الأعمال، والتي تتجاوز قيمتها حاجز الـ50 مليار دولار، بحسب تحليل «بلومبرج» للمكاتب العليا في التقارير المالية للمطورين لعام 2020، وأصبحت مركزا ماليا ضخما، فمن ناطحات سحاب المركز المالي للبلاد تدار أصول بقيمة 3.5 تريليون دولار خلال عام 2020 كمثال.

ويعد دخل الفرد من الناتج الوطني الإجمالي من أعلى المعدلات في آسيا، ويتمتع الناس في سنغافورة بمستوى مرتفع من المعيشة، والرعاية الاجتماعية، بعدما كان بلدا فقيرا وهامشيا، أغلب مواطنيه غير متعلمين وتأكلهم البطالة.

*د. طاهرة اللواتية عضوة مجلس الشورى وإعلامية