كان المنوط ببرنامج تنفيذ ٢٠١٦ – ٢٠٢٠ تطبيق التعمين والإحلال في القطاعات الاقتصادية الواعدة، وحدد البرنامج تنفيذ عدد معين من الوظائف تتولد في القطاعات المعنية بنهاية الخطة التاسعة، ليتم شغلها من قبل العمانيين. لم تتولد الوظائف لعدة أسباب منها تشتت جهود التعمين والتشغيل بين عدد من المؤسسات والوحدات الحكومية، ثم حصول إشكالية انخفاض أسعار النفط والغاز، ليتوقف كل شيء مع جائحة كورونا بين الأعوام ٢٠٢٠ إلى ٢٠٢٢ وآثارها الاقتصادية القاسية من الانكماش الاقتصادي وغيره.
تم ترشيق الحكومة، فأُلغيت الازدواجية في الأدوار بين الوحدات، وجمع كل اختصاصات التشغيل لوزارة العمل، وارتفعت أسعار النفط والغاز، وأصبح كل قطاع اقتصادي هو المسؤول عن توليد الوظائف، وأصبح لدينا البرنامج الوطني للتشغيل، والبرنامج الوطني لتنويع الاستثمار، والبرنامج الوطني للتنويع الاقتصادي، بتوجيهات جلالة السلطان -حفظه الله ورعاه- للعمل على توسيع سوق العمل، والتغلب على تشوهاته وتوليد فرص العمل، وتم الربط بين التدريب والتشغيل، وليس التدريب للتدريب. ويتم العمل بالتوازي على جعل سوق العمل الخاص جاذبا للعماني بالمحفزات، وأيضا بالتقريب بينه وبين العمل الحكومي عبر التشريعات وتوحيد أنظمة الحماية والتأمين والتقاعد والإجازات وغيرها.
ثم يأتينا البعض ليقول: إن خطط التعمين في القطاعات الاقتصادية فاشلة! ويدفع بفكرة التعمين بالمجموعات المهنية ليدخلنا في دوامة التعمين الجزئي، فيشترط حصول العماني على الترخيص المهني، الذي سيقود الخريج الجامعي الباحث عن عمل للتدرب لعامين على الأقل من عمره؛ لنيل الترخيص المهني، والتوهان مع اختبارات القبول في المهنة، رغم أنه نال درجة البكالوريوس لمهن ووظائف كالهندسة بأنواعها والمحاسبة وإدارة الأعمال وغيرها، ولا يحتاج للترخيص المهني ولا للدخول في اختبارات قبول مهنية؛ لأنه جاهز للعمل.
كل ذلك لتأخير برامج التعمين والإحلال القائمة، ولكسب المزيد من الوقت لعدم السير في خطط التعمين والإحلال التدريجي، ولإجبار الحكومة على صرف المزيد من الأموال وهدرها على التدريب. وليبقى سوق العمل مشتتا ومجزأ بين مهن يشغلها وافد، وأخرى يشغلها عماني، مما يولّد ويعمّق تحديات التعمين، وتضع العثرات والمضايقات أمامه.
إن مع اقتراح الترخيص المهني، أن يتم الترويج للتعمين وفقا لنسب الأجور الواجب منحها للعماني في المنشأة، وهي طريقة لطيفة لتعيين الأهل والأقارب (تعمين وهمي) في وظائف وهمية للوصول إلى النسبة المحددة للأجور الواجب منحها للعمانيين في مختلف القطاعات الاقتصادية، أو فرض حد أدنى للأجور في المنشأة أقل من الـ٣٢٥ ريالا بحجة زيادة عدد العمانيين في المنشأة وضيق النسبة المحددة للأجور فيها. إن عمل البعض على تغيير القوانين في هذا الاتجاه سيضعف جهود الحكومة ويشتتها بين فرض نسب التعمين تدريجيا حسب القطاعات الاقتصادية وتنميتها وتوسيع سوق العمل، وبين نظام آخر يوطن جزئيا، فأثبت عدم جدواه في بعض دول الجوار، وهو قيد التعديل والترقيع باستمرار بسبب الآثار السلبية للتوطين حسب المهن، ومنها الزيادة الكبيرة في الوظائف المؤقتة، والوظائف بالساعات، وتدني الأجور، وزيادة نسب الوافدين سنويا، والدخول في تجارب مثل التوطين بالمهن إلى التوطين بالنطاقات إلى التوطين بالمناطق… إلخ.