في الوقت الذي تتزايد فيه أعداد الباحثين عن العمل في مختلف دول العالم، تَخرج إلينا عناوين الصحف لتحذرنا بأن الذكاء الاصطناعي قد يطيح بأكثر من 80% من الوظائف في مختلف التخصصات مستقبلاً. فالذكاء الاصطناعي أصبح اليوم بديلا من خلال الآلات للقيام بالأعمال التي تسند للناس في بعض المهن. وهذا ما تم التطرق إليه في “قمة الويب” التي عقدت بمدينة ريودي جانيرو البرازيلية مؤخراً.
ففي كل مرة يتم عرض آلة يمكنها القيام بدور معين مناط القيام به للبشر، حيث تم مؤخراً عرض الممرضة الآلية التي تم تصميمها للعناية والاعتناء بكبار السن في دور الرعاية. وهذه الآلة سوف تستخدم آلاف الاشخاص من كبار السن في الدول التي تتراوح أعمار بعضهم بين 80 و100 عام كاليابان والدول الاسكندنافية مثلاً، والتي تضج مؤسساتها بالعديد منهم. أما معظم الدول العربية فلا يتعدى عمر الانسان في المتوسط عن 60 إلى 70 عاماً نتيجة لقلة وبساطة الخدمات الصحية والحروب التي تشهدها المنطقة بين فترة وأخرى والتي تؤدي إلى تراجع عمر الاشخاص. كما أن الخدمات الطبية في معظم الدول العربية لم تصل إلى مستويات الدول المتقدمة في الغرب واليابان وغيرها، الأمر الذي يؤدي إلى تراجع عمر الانسان بسبب الأمراض التي تفتك بها دون أن يحصل على العلاج المطلوب.
الممرضة الآلية التي تم تصنيعها بالذكاء الاصطناعي مؤخراً تمتع بقدرات عديدة في المعارف والقنيات، وهذه القدرات قابلة للتطوير في غضون السنوات المقبلة للقيام بالدور المناط لها في أمور أخرى. ومع تقدم استخدام البشر للنظم الجديدة في المجالات الحيوية، فإنه من المؤكد أن الكثير من الناس سوف يحصلون على الأعمال المختصة بمجالات الذكاء الاصطناعي ضمن تقنيات وبرامج تتعلق بتلك القطاعات، وبالتالي ستكون هناك مجالات جديدة للعمل الفني والإداري والتقني في العالم. ولا شك أن هذا التغيير في الأدوار يمثل اليوم تخوفاً وتهديداً للبشر من أن يفقد أعماله نتيجة تصميم الكثير من الآلات للقيام بتلك الادوار. ولكن هذا لا يجب أن يكون مصدر قلق وخوف من أن يفقد الناس أعمالهم. وما تقوم به الآلات المصنوعة بالذكاء الاصطناعي سوف تزيد من سرعة الاداء في العمل اليومي مع الجودة والاتقان في الأداء، وهذا ما حصل في الثورة الصناعية منذ أكثر من قرن مضى مع اختراع كل آلة جديدة.
العالم يعيش اليوم مع الروبوتات والأجهزة الآلية لتحل مكان البعض في الوظائف المناطة لهم، وهذا أمر طبيعي أن يؤدي إلى الاستغناء عن بعضهم، ولكن لا يمكن الاستغناء عن الجميع مهما ساهمت تلك الالات في تقدم البشرية في مختلف المجالات لأنها تعمل بقدرات مساعدة من الآخرين، بينما البشر يعمل بالروح والجسد والفكر والذكاء العاطفي والتفكير خارج الصندوق. وهناك اليوم تشاؤم من البعض باستخدام الذكاء الاصطناعي في بعض الامور نتيجة لتوجه القلة إلى استخدامها في عمليات الاحتيال والتزوير والابتزاز. والناس عموما يميلون إلى التعامل مع بشر مثلهم. وستبقى هناك آلاف المهن يقوم بها البشر في أعمالهم اليومية والتي لا يمكن للآلة القيام بها مهما كانت درجة الذكاء الاصطناعي لها، لأنها غير مؤهلة لجميع الحركات والابداع في كل شيء.