Image Not Found

هل يظل الدولار في هيمنته؟

حيدر اللواتي – لوسيل

يتردد هذا السؤال بين الكثير من الاوساط الاقتصادية الدولية والمهتمين بالعملة الامريكية “الدولار” ومدى استمراره في المعاملات التجارية الدولية، إلا أن بعض مراكز الدراسات تؤكد بأنه من الصعب أن ينتهي عهد الدولارالامريكي بين عشية وضحاها، بينما الجهود المبذولة من قبل بعض الدول ومنها مجموعة دول البريكس باصدار عملة جديدة موحدة لها ستعمل – بلا شك- على التآكل البطيء لهيمنة الدولار على اقتصادات العالم.
ومثلما نعرف بأن الدولار هو العملة الرئيسية في العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، ويتم استخدامه لنحو نصف التجارة الدولية والقروض الدولية وسندات الدين العالمية. وهو أيضًا العملة الأكثر تداولًا في سوق الصرف الأجنبي والعملة الأكثر احتفاظًا باحتياطيات البنوك المركزية في العالم، ولكن مع ذلك أصبحت هذه العملة تواجه اليوم بعض التحديات من العملات الناشئة، وخاصة اليوان الصيني، المدعوم من ثاني أكبر اقتصاد وشريك تجاري في العالم “الصين” التي تعمل على الترويج لاستخدام عملتها في التجارة والاستثمار الدوليين، فيما أبدت بعض الدول موافقتها على استخدام العملة الصينية بدلاً من الدولار الأمريكي في بعض المعاملات.
لقد صار الدولار يواجه بعض المخاطر بسبب استخدام الحكومة الأمريكية للعقوبات المالية على بعض الدول المعادية لها، والتي يمكن أن تحد من وصول الأجانب إلى النظام المالي الأمريكي، وتقلل الثقة في الدولار كعملة عالمية. ومن الصعب التنبؤ بمدة بقاء الدولار كعملة رئيسية في العالم، ويعتمد ذلك على العديد من العوامل الاخرى مثل النمو الاقتصادي للدول، والعلاقات التجارية، والاستقرار السياسي والابتكار المالي، إلا المرحلة الحالية وفق رأي بعض الخبراء تشير بأن الدولار سوف يستمر في الهيمنة لبعض العقود، فيما يعقتد بعضهم بأن هذه العملة سوف تواجه المزيد من المنافسة وستتراجع تأثيرها في المستقبل.
بعض المستشارين الماليين بأمريكا يعتقدون أن عملة البريكس قد تشكّل تهديداً خطيراً للدولار باعتبار أن هذه المجموعة متنوعة جغرافياً وكبيرة في عدد سكانها ومساحتها الجغرافية. وهذه المجموعة ستشكّل تهديدًا فريدًا لهيمنة الدولار، وهي تعمل على تحقيق مستوى من الاكتفاء الذاتي في التجارة الدولية فيما بينها، في الوقت الذي تمتد الحملة المناهضة للدولار اليوم من قبل بعض المسؤولين في أوروبا أيضا، في الوقت الذي تعمل فيه كل من روسيا وإيران على إنشاء عملة مستقرة مدعومة بالذهب، فيما قررت فرنسا على توقيع صفقة تجارية مع الصين بعملتها المحلية “اليوان”. هذا يعني بأن هيمنة الدولار في التجارة وتدفقات الاستثمارات العالمية تواجه عددًا كبيراً من التهديدات الجديدة نتيجة قيام دول البريكس بوضع المزيد من الخطط لتعزيز استخدام العملات البديلة للدولار في مشاريعها ومن خلال عملة مستقرة مدعومة بالذهب وعملة احتياطية جديدة فيما بينها، فيما حذر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مؤخراً من اعتماد القارة الاوروبية على الدولار.
بعض التقارير تشير إلى أن مكانة الدولار الأمريكي كعملة احتياطية تآكلت في العام الماضي بمعدل 10 أضعاف السرعة التي شوهدت في العقدين الماضيين، بينما كان لعقود من الزمان هو صاحب السيادة كعملة احتياطية في العالم، ويستخدم على نطاق واسع في التجارة عبر الحدود، وخاصة بالنسبة للسلع مثل النفط، إلا أنه بريقه تراجع منذ العام الماضي، ويرى الخبراء بأن الامر سوف يصبح واقعاً في ظرف السنوات المقبلة.