يتغير واقع الدول مع المستجدات الجيوسياسية والاقتصادية الجديدة التي يشهدها العالم، فيما تتأثر الأوضاع بالخليج في إطار الاتفاقية التي تم توقيعها بين الصين من جهة والسعودية وإيران من جهة أخرى، في الوقت الذي يحصل فيه انفراج واسع بين السعودية واليمن فيما يتعلق بالحرب الدائرة منذ أكثر من ثماني سنوات.
قارة آسيا تشهد اليوم الكثير من الحراك السياسي والاقتصادي في عدة مجالات خاصة فيما يتعلق بالكتلة الاقتصادية المسماة “بمنظمة شنغهاي للتعاون” التي تم إنشاؤها عام 2001 بمدينة شانغهاي الصينية من قبل كل من الصين وكازاخستان، وقيرغيزستان وروسيا وطاجيكستان واوزبكستان.
المنظمة تلقت لاحقاً عدة طلبات للانضمام من بينها تركيا التي انضمت إليها عام 2012 ثم الهند وباكستان عام2017، تلتها إيران عام 2021. وفي الآنة الاخيرة تقدمت عدة دول عربية وخليجية بطلبها للانضمام لهذه المنظمة، فيما تدعو أمريكا بعض الدول الخليجية بعدم الدخول فيها، ولو بصفة “شريك الحوار”، في الوقت الذي تم فيه رفض طلبها منذ البداية للانضمام إلى هذه المجموعة. وكل هذا الحراك يهدف إلى الاستفادة من الجوانب الاقتصادية والسياسية التي تلعبها المنظمة حالياً، لتصبح نداً لبعض المجموعات الاقتصادية الأمريكية والأوروبية القائمة لاحقاً والتي تمكنت من السيطرة على المقدرات الاقتصادية والإنتاجية للكثير من الدول بقارتي آسيا وأفريقيا خلال العقود الثمانية الماضية.
اليوم تعمل الدول المنتمية للمنظمة على زيادة التجارة فيما بينها، ورفع سقف حصة العملات الوطنية في المبادلات والتسويات المتبادلة، بجانب توسيع علاقاتها الاستثمارية، في الوقت الذي تسعى فيه المنظمة لتوسيع دورها ومكانتها على الساحة الإقليمية والدولية باعتبارها من أكثر الدول التي تضم القوى البشرية من حيث العدد والكفاءة بالإضافة إلى المساحة الجغرافية للعالم. كما تعمل منذ تأسيسها على تعزيز سياسات الثقة المتبادلة بين الأعضاء ومحاربة الإرهاب وتدعيم التوجهات الأمنية ومكافحة الجريمة وتجارة المخدرات، بجانب التعاون في مختلف المجالات السياسية والتجارية والاقتصادية والتقنية وغيرها. وتملك بعضها إمكانات نووية تساعدها بتطوير قدرات دول أخرى في المجالات الانسانية والاقتصادية لاحقاً، ما يصفها البعض بناتو الشرق.
إن تواجد الصين وروسيا في هذه المنظمة سيؤدي إلى تحقيق المزيد من التعاون، خاصة وأنها تسعى من جانبها لجذب عدد أكبر من الدول الفاعلة اقتصادياً إلى عضويتها، في إطار سعيها لترسيخ نظام اقتصادي عالمي جديد بعيداً عن المحور الواحد التي تسعى إليه أمريكا. كما أن انضمام الدول العربية سوف يفتح فرصاً جديدة لتعزيز المستجدات الاقتصادية والنفطية بجانب العمل على التقليل من الاعتماد على العملة الأمريكية في المعاملات التجارية، في إطار الآفاق بتحويل تجارة النفط بين البلدان العربية والصين إلى عملة “اليوان الصيني”، الأمر الذي يساعد على إيجاد نظام اقتصادي عالمي متعدد الأقطاب.
إن منظمة شنغهاي سوف تشكل نقلة في مواجهة النظام المالي الغربي الذي يدار من قبل صندوق النقد والبنك الدوليين اللذين تتجانس سياساتهما مع التوجهات الأمريكية في المقام الأول. وأن هذه المنظمة ليست تحالفاً عسكرياً، وإنما هدفها العمل على مواجهة التهديدات الاقتصادية والإرهابية التي تتعرض لها الدول بجانب مواصلة أعمالها لتطوير وتعزيز الآليات الساعية إلى القضاء على أنشطة معادية لها، وتعزير أطر السلام والتعاون في ضمان أمن المعلومات الدولية بين الدول الأعضاء بالمنظمة.