Image Not Found

«قراءة في تاريخ اللواتيا»..كتاب يبحث في الحقائق التاريخية

Visits: 45

مسقط – الشبيبة

يدحض المؤلف صادق بن حسن اللواتي في كتابه «قراءة في تاريخ اللواتيا..أحداث ونقد وحقائق» الدعوى القائلة أن اللواتيين لم يكن لهم مسمى قبلي في عمان لهذا سموا حيدرآباديين تارة وبالخوجة تارة أخرى والتي قال المؤلف إنها جاءت ضمن سياقات عابرة وسطحية عند بعض المؤرخين والمهتمين بالتراث اللواتي».في هذا الحوار يتحدث المؤلف عن بعض ماتناوله في كتابه الصادر عن دار البلاغة والذي عرضه في معرض مسقط الدولي للكتاب مؤخرا.

**أظهر كتابك الأخير قراءة في تاريخ اللواتيا أحداثاً ونقداً وحقائق كيف جاءت فكرة كتابة كتابك الأخير ؟

بداية لم يكن هناك مشروع كتاب.. جل ما قمت به هو قراءة بعض الإصدارات التي كتبت في تاريخ اللواتيا وبعض المصادر التاريخية العمانية للإشباع الأكاديمي ورفع المستوى المعرفي الذاتي فقط ومن خلالها وجدت ثغرات تاريخية كبيرة بين هذه الإصدرات والمصادرالتاريخية العمانية ، هنا بدأت بتسجيل الملاحظات وتلخيص ما قرأته ثم وضعت بعض الأسئلة من أجل الحصول على الاجابة عليها وتحديدا في كتاب الأدوار العمانية في شبه القارة الهندية للأستاذ جواد بن جعفر الخابوري فهو أول من كتب في تاريخ اللواتيا فلم أجد الجواب لأسئلتي عنده وعند غيره أيضا لأنهم اعتمدوا على مصدر واحد لجواد الخابوري.مثال على هذه الأسئلة : كيف عرف جواد الخابوري أن اللواتيا ينتسبون إلى سامة بن لؤي فهو لم يذكر في كتابه من هو سامة بن لؤي ، إذن كيف توصل إلى هذه النتيجة ! وهو سؤال وجيه ! فبدأت بدراسة تاريخ سامة بن لؤي وهجرته إلى عمان ورويدا رويدا بدأت أغوص في عمق تاريخ سامة بن لؤي قبل ظهورالإسلام وبعده وعلاقته مع الإمامة الإباضية ، فأردت أن أقدم للمهتمين بتاريخ قبائل عمان وبتاريخ قبيلة اللواتيا تحديدا ، هذه الأسئلة والتلخيصات والملاحظات التي كتبتها كمادة تاريخية تحولت إلى كتاب.

**أشرت في كتابك أن اللواتيا لم يهاجروا من عمان إلى شبه القارة الهندية بينما نجد هناك كتابات تقول إن هجرة اللواتيا إلى عمان كانت في القرن الخامس عشر الميلادي هل يمكن معرفة من أين جاء هذا الاختلاف ؟

-واقعا أن من كتب أن اللواتيا هاجروا من شبه القارة الهندية في القرن الخامس عشر الميلادي إلى عمان بحث ناقص.لماذا ؟ إذا تتبعنا تاريخ بنو سامة سنجد أن بنو سامة سقطت إمارتهم في الملتان في القرن العاشر للميلاد فلو أخذنا بنظرية جواد الخابوري وهو أول من قال عن هذه الهجرة ولم يستقر رأيه فتارة يقول إن بني سامة ويقصد بهم اللواتيا كفرع منهم خرجوا مع حملة محمد بن القاسم الثقفي وتارة يقول هرب بنو سامة إلى السند إثر تغلب القرامطة على حكمهم في عمان فالتحقوا ببني أبيهم بني سامة بن لؤي بعد سقوط دولتهم في عمان ، فأي الروايتين نرجح ! فإذا قلت نرجح خروجهم مع حملة محمد بن القاسم الثقفي فإن الظروف التاريخية التي كان يعيشها العمانيون من بني سامة مع خلافة بني أمية لا يبرر خروجهم مع هذه الحملة حيث أن الحجاج بن يوسف الثقفي حاول إخضاع عمان تحت سيطرته ووقعت معارك بينه وبين الأزديين وبنو سامة حلفاء الأزد فكيف سيحمل محمد بن القاسم الثقفي بنو سامة معه لفتح أجزاء من بلاد السند علاوة على ذلك أن المؤرخين عندما يتطرقون إلى الحملات العسكرية لا يذكرون الأجناس التي انخرطت مع هذه الحملات فكيف عرف جواد الخابوري أن اللواتيا رهط بني سامة خرجوا في هذه الحملة ناهيك أن بني سامة شاركوا مع الإمامة الإباضية في إنهاء الوجود القرمطي والفارسي من عمان فلماذا يهرب اللواتيا من بني سامة إلى الملتان وهم من ضربت بيوتهم بمنجنيق الأخشاب في مطرح هذه التضحيات محل احترام الجميع ، بالنتيجة اللواتيا لم يهاجروا إلى السند وإنما الهجرة كانت لغيرهم وهم الخوجة إلى عمان ولو سلمنا أن اللواتيا رجعوا إلى عمان فيجب أن تكون هذه العودة بعد سقوط إمارة بني سامة في الملتان في القرن العاشر للميلاد فأين ذهب بنو سامة بعد سقوط إمارتهم. فهناك فارق زمني كبير قرابة 5 قرون أين كان اللواتيا من بني سامة في تلك الفترة في السند أم في عمان ؟ فاذا – قلت في السند فتحت ظل أي مملكة من الممالك الاسلامية عاشوا ؟ وإذا قلت كانوا في عمان فيستوجب إسقاط رواية رجوع اللواتيا إلى عمان في القرن الخامس عشر الميلادي لأن الرواية ليس لها سند تاريخي معتبر.

**عند البت قليلا حول المنهج السائد في كتابة تاريخ اللواتيا ، فإن دور اللواتيا في كلام من سميتهم المهمتين بتاريخ اللواتيا يدور حول البعد التجاري أكثر من أي بعد آخر فلماذا تم إغفال الأدوار الأخرى للواتيا وأنت تذكر أن بيوتهم ضربت بمنجنيق الأخشاب في مطرح؟

واقعيا تاريخ اللواتيا لم يستوف حقه من الدراسة بشكل منهجي علمي صحيح وهذا كان باعثا لي ودافعا في البحث عن تاريخ هذه القبيلة العريقة تاريخا وثقافة وحضارة من أجل بلورة رؤية معرفية لصناعة التاريخ والتحكم في الخطاب التراثي الذي فرض نفسه على الساحة الثقافية وهيمن على المشهد الاجتماعي على اعتبار أن ما يقوله هو الصحيح ، وبعيدا عن هذا الخطاب الذي فعل فعلته في ذهن المتلقي بقالب تاريخي حاولت أن أزيل الستار عن النصوص التي أخذت اطوار متعددة لنرى الوجه الآخر والجديد للنص ، فبدأت بعملية دوران حول المنجز التاريخي اللواتي.

**هل نستخلص من خلال بحثك أن اللواتيا هم قبيلة عمانية لا علاقة لهم بالخوجة القادمين من الهند بالرغم من المتداول أن الخوجه هم اللواتيا؟

في الواقع هذا رد فعل ليس له طابع تأسيسي مع اللواتيا ، وهذا الذي ولد حالة جدلية في أوساط هويات ثقافية أخرى فلم يفرق بين هاتين الفئتين والحال أن الحقائق التاريخية تثبت أن كلا الفئتين الخوجة واللواتيا مختلفتان كليا من حيث الجذر والهوية والبيئة التاريخية التي نشأت فيها.

**ذكرت في كتابك اللغة الخوجكية أنها دخيلة على المجتمع اللواتي فإلى أي مدى استطاعت اللغة الخوجكية التعبير عن ثقافة المجتمع الذي تداخلت معه ؟

للإجابة على السؤال يستوجب معرفة هدف رسالة اللغة الخوجكية في توصيل الحقائق والمعلومات كلغة محايدة لم تثر أي انتباه لذاتها ولم تستهدف وظيفتها التوصيلية إلى توضيح الدال والمدلول ، واللغة الخوجكية مع هجرة الخوجة من الهند إلى عمان في القرن الخامس عشر الميلادي جلبوا معهم هذه اللغة وأخذت مسارها في التدوين للأدبيات الدينية وليس سرا أن اللغة الخوجكية اندمجت بشكل كبير جدا في التعبيرعن الحياة اليومية للأفراد والمجتمع بحيث طغت على اللغة العربية فأصبح الفرد يتكلم بالعربية ولكنه يفكر بالخوجكية وهذا الواقع أصبح تحديا كبيرا في الحفاظ على اللغة العربية مع تداخل اللغة الخوجكية والتي كانت تعبر عن عادات وتقاليد الحضارة السندية.

هنا أرى من الضروري العودة إلى أن اللغة لها اعتبار كأداة للتفكير والتعبيرعن أحاسيس ومشاعر وآراء وأفكار أفراد المجتمع والتواصل مع فئات الناطقين بغير اللغة العربية ، وانطلاقا من هذا الوعي وما يطرح من علاقة الحضارة العربية بالحضارة السندية أصبحت الحالة ملحة لترجمة نصوص اللغة الخوجكية وإعادة النظر فيها لكي نحصل على صيرورة متجددة في مشروع معرفي حيث برزت شخصية استطاعت أن تترجم نصوص اللغة السندية إلى اللغة العربية وهو ملا عبدالخالق حبيب اللواتي رحمه الله الذي أخذ على عاتقه أن يحدث تجديد اللغة في نفسها كي تستوعب المعاني غير المألوفة وهو ما حدث بالفعل حيث أصبحت اللغة العربية قادرة على أن تعبر عن منطق الحضارة السندية والمترجمون دائما هم رسل التنوير على مر الزمان فبدأ تأثير اللغة الخوجكية يقل تدريجيا لأن اللغة الخوجكية لا تستطيع التعبير عن نفسها في سوق العمل سوى في الأدبيات الدينية ، علما لا يوجد هناك مناهضون للغة الخوجكية في مجتمعنا بل العكس هناك أصوات تطالب بالحفاظ عليها من الإندثار كإرث حضاري كانت في يوم من الأيام معبرة عن عادات وتقاليد الحضارة السندية وأنا أطمح أن يكون هناك مركز لتعليم اللغة الخوجكية في عمان.

**هناك مايذكر من المواقف التاريخية للواتيا ووقوفهم مع الإمامة الإباضية بمراحلها التاريخية محاولا إرساء معالم المنهج الذي بدأ وهو أنك تريد تأسيس دعامتين فوقية وتحتية ، التحتية في بعدها العقائدي والفوقية في بعدها السياسي.

-أجل ولكن لما كانت العقيدة تكتسب أبعادا متعددة ، فمن الضروري أن أشير إلى الهدف من إيراد البعد العقائدي في حيثية الثوابت التي قامت عليها الشريعة الإسلامية في رص الصف الإسلامي وكأنه بنيان مرصوص فإن الله عزوجل يحب ويبارك هذا الاتحاد بين المسلمين ، أما البعد السياسي فإنه أمر اعتباري فقد يكون شخصا حاكما أو رئيسا اليوم ولا يكون غدا لذا فإن الارتباط به ارتباط اعتباري فتكون هذه الحيثيات.. تنتقل من جيل إلى جيل بحسب القوانين والتشريعات ، من هنا كان لا بد من الحفاظ على البنية الوطنية فحب الوطن من الثوابت الأساسية التي تقوم عليها الوحدة الوطنية لهذا فإن المسمى القبلي كان مهما في الحفاظ على الهوية الشخصية للفرد والمجتمع فأي تغيير فيه أو السماح لتغيبه في معرفة الهوية فإنه بلا أدنى شك ضرب في الوحدة الوطنية.