تشتكي الكثير من العائلات في العالم من ارتفاع أسعار السلع والمنتجات التي تريد اقتناءها بسبب ارتفاع تكلفتها في الآونة الأخيرة نتيجة للمشاكل الجيوسياسية واللوجستية وسلاسل التوريد التي ساهمت في ارتفاع تلك الأسعار. وتبرز هنا أهمية تقليل هدر الأغذية وتوفير الأموال في مثل هذه الفترات التي يتعرض فيها العالم إلى التراجع والركود الاقتصادي.
ونظرا إلى أن العائلات المسلمة على اعتاب استقبال شهر رمضان المبارك، فعليها أن تراعي شراء ما تحتاج من المنتجات، وعدم التبذير والإسراف بحيث لا تهدر بقية المواد الغذائية الباقية وترميها بسلة المهملات.
منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو) تشير في بياناتها إلى أن الفرد في المنطقة العربية يهدر متوسط 250 كيلوغراما سنوياً من الغذاء، وإن هذا الهدر يزيد في شهر رمضان المبارك ليصل إلى 350 كيلو غراما. وهذا الأمر ناتج بسبب السلوك الذي اعتاد عليه بعض المسلمين في توفير الكثير من الوجبات على المائدة الرمضانية، في الوقت الذي يعاني فيه الكثير من العائلات من قلة الطعام بسبب الفقر والفاقة.
ففي هذا الشهر الفضيل نرى الحجم المهول لهدر الطعام الذي يحصل لدى بعض العائلات، في الوقت الذي تستعد فيه شركات صناعة الأغذية للقيام بحملات تسويقية للترويج لمنتجاتها بطرق مختلفة لجذب الناس إلى شرائها، وتحفيز الصائم على اقتنائها وإن كان في غير حاجة إليها.
وفي المنطقة الخليجية تواصل بعض الشركات المعنية وبالتعاون مع مؤسسات المجتمع بذل جهودها في توعية الناس وتعريفهم بظاهرة هدر الطعام للحدّ منها والحفاظ على هذه النعم وذلك من خلال نشر سلسلة رسائل صحفية ومرئية في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي.
كما تقوم مجموعات أخرى ببثّ أمور فنية على شكل حكايات درامية وفكاهية حول ضرورة الحفاظ على تلك النعم وعدم هدرها في حاويات القمامة.
الكل يتفق على أن هدر الطعام في هذا الشهر العظيم وفي الأشهر المختلفة من السنة ناجم عن سلوك خاطئ لدى البعض ولا يتوافق مع التعاليم الإسلامية السمحة التي تحثّ على ضرورة الترشيد وعدم الإسراف والتبذير في الأكل والشرب، بحيث لا يؤدي الأمر إلى الهدر الغذائي. فالحفاظ على الطعام يعني الحفاظ على البيئة أيضا، حيث إن الكثير من السلع والمنتجات المرمية في القمامة أحيانا لا يتم مسّها أو أكلها. فبعض البيانات السابقة لتقارير عالمية تشير إلى أن نسبة 8% – 10% من انبعاثات الغازات الدفيئة العالمية ناتجة عن الأغذية غير المستهلكة، وأن لها تأثيرات في الاحتباس الحراري الذي يعاني منه العالم.
ومن هذا المنطلق، على المعنيين الاستمرار في القيام بحملات التوعية عبر وسائل الإعلام المختلفة والمجتمع المدني، والعمل على غرس ثقافة عدم التبذير والإسراف، خاصة لدى النشء والأجيال القادمة التي أصبحت بعضها تطلب أكثر من احتياجاتها من الطلبات من المطاعم ومحلات التغذية.
إن التوازن في عملية الأكل والشرب وعدم إهدار الأغذية ستعمل جميعها على تحسين توافر الأغذية والوصول إلى الأمن الغذائي وتخفيف الضغط على الموارد الطبيعية التي لا تتوافر معظمها إلا في دول أجنبية وفق بيانات منظمة “الفاو”، حيث إن المنطقة تعتمد على الاستيراد من الخارج لتلبية أكثر من 50% من احتياجاتها الغذائية من الحبوب واللحوم والأسماك والخضراوات والفواكه.