قد لا يجد القارئ الكريم غرابة في التَّحدث عن السجائر والسجائر الإلكترونية معًا ولكنه قد يستغرب من زج البخور معهما، ولذا لابُد من توضيح سبب ذلك أولًا.
ينظر الكيميائيون إلى البخور على أنه تفاعل كيميائي معقد بين مجموعة كبيرة من المواد، ونظرًا لأن هذا التفاعل يتم في درجة حرارة عالية جدًا، فإنه عادة ينتج مواد كثيرة والتي عادة لا تنتج إذا تم التفاعل في درجة الحرارة العادية، وهذا الأمر ذاته ينطبق على السجائر والسجائر الإلكترونية، لذا فكل هذه العمليات نستطيع أن نضعها تحت عنوان تفاعلات كيميائية في درجات حرارة عالية.
هذا هو السبب الرئيسي الذي يجعلنا نتحدث عنهم جميعًا في موضوع واحد، أما الفوارق بينهم فتكمن في أن الخليط الذي يستخدم في عملية الاحتراق مختلف، كما إن علينا أن نتحقق من درجات الحرارة وهل عملية الاحتراق تتم في درجات شبيهة أم مختلفة.
تشترك السيجارة والبخور بأن المواد المستخدمة فيهما هي مواد نباتية في الأصل فمادة التُنباك مستخلصة من شجرة معروفة، كما أن البخور في العادة أيضًا يستخلص من مواد نباتية، وهذه المواد تعرف بكونها مواد عضوية وعندما يتم حرقها فإنها تفرز مواد كثيرة قد يصل عددها إلى الآلاف، ومن المواد التي تنتج من عملية الاحتراق مواد معروفة بكونها مواد مُسرطِنة؛ أي أنها مواد تسبب السرطان، ولذا فلا فارق بين البخور والتدخين من حيث إن كلاهما ينتج مواد مسرطنة، فناتج التفاعل الكيميائي شبيه في الحالتين لكن الفارق ينتج من تراكيز هذه المواد التي يتعرض لها الإنسان في عملية تدخين السجائر وفي البخور، فهل تراكيز المواد المسرطنة التي تنتج من عملية التعرض لدخان البخور تصل لحد تجعلها مسببة للسرطان؟
هناك عدم وضوح في نتائج الدراسات حول ذلك والذي يبدو لنا أن العلاقة ليست قوية لربط التعرض لدخان البخور بسرطان الرئة، لذا فلا يمكن الجزم بذلك، وإن كنَّا نرى أن من الأفضل عدم التعرض لدخان البخور بشكل متكرر وبتراكيز مرتفعة.
بينما نجد الدراسات في مجال الأثر السلبي للتدخين على صحة الإنسان تشير وترى وجود علاقة قوية بين التدخين وبين مختلف الأمراض المعروفة كالسرطان وأمراض القلب وانسداد الشرايين بالإضافة إلى الأمراض المرتبطة بالجهاز التنفسي.
وهناك بعض الدراسات الحديثة نسبيًا حول البخور، منها دراسة أُجريت عام 2019 في جامعة نيويورك- أبوظبي حول أثر البخور على صحة الفم؛ إذ أشارت الدراسة إلى أن استخدام البخور يزيد من احتمال الإصابة بالالتهابات والأمراض بسبب الخلل في الميكروبيوم الفموي الناتج من التعرض للبخور. أما الدراسة الأخرى ولعلها أهم من الأولى وعلينا الانتباه لنتائجها لحين التحقق من صحتها عبر دراسات أخرى شبيهة، فقد أشارت هذه الدراسة إلى أن البخور له تأثير سلبي على القدرات الذهنية والعقلية لكبار السن حتى ولو كان التعرض له لفترات متباعدة، وقد استمرت هذه الدراسة لمدة 3 سنوات، وتم نشرها في مجلة علمية مُحكمة، وقام بها علماء من الصين وهونج كونج والولايات المتحدة.
أما السيجارة الإلكترونية فتتميز بكونها لا تحتوي على مواد نباتية؛ إذ إنها خالية من التنباك، لكنها تحتوي على عدد من المواد العطرية الأخرى التي تُخلط مع النيكوتين لإعطائها نكهة معينة وروائح معينة، ومن هنا فإن عدد المواد المسرطنة الناتجة أقل عن السيجارة المعتادة، ونظرًا لكون المنتج جديدًا نسبيًا فلا توجد دراسات طويلة الأمد توضح أضرار هذا الصنف من السيجارة. ومن هنا فإن عددًا من الخبراء يوصي بتجنبها تمامًا حتى تتضح الرؤية حولها وحول أثرها الصحي إلّا إذا كنت مدخنًا تستخدم السيجارة المعتادة وتجد صعوبة بالإقلاع عنها، فإن هؤلاء يوصون بالانتقال إلى السيجارة الإلكترونية لأنها وحسب بعض المؤشرات العلمية أقل ضررًا.
ويمكن لمن يرغب في الحصول على المصادر التي اعتمدنا عليها التواصل عبر البريد الإلكتروني.
** كلية العلوم، جامعة السلطان قابوس