Image Not Found

التنمية البشرية والفردانية

Visits: 3

د.طاهرة اللواتية* – عُمان [email protected]

“فقط وصفات للسعادة والخلاص والنجاح الفردي” هكذا يعرف البعض فورة ” التنمية البشرية”، التي غزت دوراتها وحلقات عملها وبرامجها كل فرد في العالم.

ندخل الدورة وننظر مبهورين إلى المدرب – الذي تدرب على الدورة نفسها من مدرب آخر -وكان مبهورا به.

يخطف المدرب أبصارنا وهو يقول لنا دلل نفسك، لا تكتئب، كن سعيدا دوما، اهتم بطعامك وشرابك، اعزل نفسك عن كل ما يتعبك من الناس والهموم، تخلص منهم وأن كانوا زوجتك وأولادك، سافر وحيدا أو مع أصدقائك الممتعين واستمتع، استمتع بالحياة قدر المستطاع، اغرف منها ما تشاء حتى الثمالة، لا تبكي، لا تقلق، ابحث عن خلاصك ونجاحك فقط، ليس عليك من الآخرين، ارمِ كل شيء وراء ظهرك.

يقول المفكرون إن المد الرأسمالي لم يمنح الإنسان إلا جرعات من مخدرات الفكر على هيئة كبسولات التنمية البشرية للخلاص الفردي.

فالرأسمالية تعمق دورها في تحويل كل شيء إلى متعة فردانية في جنتها الأرضية، وتسليع كل شيء كي تبيعه للباحثين المحمومين عن المتعة.

هنتنغنتون في كتابه صراع الحضارات، عد الحضارة الغربية عابرة للقارات، فهو يدرك جاذبيتها على صعيد تعزيز الفردانية ومتعتها، فمن الطبيعي أن نرى المثلية وأشباهها، كواقع يومي تسن القوانين لحمايتها ورعايتها.

فإذا أضفنا المخدرات وأنواعها المصنعة الخارقة، وشبكات تهريبها وتوفيرها للشباب، تكتمل الصورة الحقيقية أمامنا.

فمن تعزيز حس الفردانية وتعميقه إلى أقصى حد، والبحث المحموم عن المتعة، نتحول إلى زومبيات خارج الزمن والواقع اليومي كما قال مارك فيشر، زومبيات في مجتمعات متشظية، يحركها من يشاء وكيف يشاء وإلى من يشاء.