ينمو القطاع المصرفي الإسلامي في المنطقة بصورة كبيرة منذ أن تم تدشينه في بداية السبعينات من القرن الماضي، ليصبح اليوم منافساً للبنوك التقليدية التي تتعامل مع قيم ومعاملات غير إسلامية في عمليات القروض والودائع والمعاملات المصرفية والمالية الأخرى. وقد تم تدشين البنوك الاسلامية في سلطنة عمان قبل اثنى عشر عاماً، وكانت آخر دولة خليجية في هذا الشأن، إلا أنها تحتل اليوم مرتبة كبيرة في العمليات المصرفية اليومية. كما زادت ثقة الكثير من الجماهير في هذا القطاع بالرغم من قلة المنتجات التي يوفرها في الوقت الحالي.
حصة المؤسسات المصرفية الإسلامية بعمان بلغت اليوم 16.2% من إجمالي أصول مع نهاية الربع الثالث من العام الحالي وفق بيانات البنك المركزي العماني، فيما بلغت الحصة السوقية للقطاع من إجمالي التمويل بنحو 18.9%، وحصته من إجمالي الودائع نحو 18.1%.
وخلال أعمال الدورة الأولى لمنتدى الصيرفة الإسلامية والتمويل 2022 الذي عقد مؤخراً كشف طاهر بن سالم العمري الرئيس التنفيذي للبنك المركزي العُماني إلى أن البنك المركزي بصدد إطلاق أدوات السيولة المتوافقة مع الشريعة الإسلامية للمؤسسات المصرفية الإسلامية قريباً، التي ستلبي احتياجات العملاء، موضحاً إلى أن الهيئة العليا للرقابة الشرعية قامت مؤخراً بمراجعة واعتماد هياكل العقود الخاصة بهذه المنتجات التي سيتقدمها البنوك والنوافد الإسلامية وستكون مطروحة في السوق للاستخدام خلال الفترة القادمة.
كما يعمل البنك المركزي على إعداد خارطة طريق للنوافذ التابعة للمصارف التقليدية وتحويلها إلى مصارف إسلامية متكاملة وفق تصريح المسؤول، مع الأخذ في الاعتبار كافة المتطلبات الرقابية والتنظيمية، الأمر سيعزز إطار الحوكمة الشرعية وإرشادات التدقيق الشرعي الخارجي لهذا القطاع الهام وفي تجويد الخدمات والمنتجات، والعمل على انتشارها على نطاق أوسع.
لقد بدأ هذا القطاع في إعطاء اهتمام أكبر للشركات الصغيرة والمتوسطة والعاملين فيها، وتعزيز عملياتها في قطاعات منتجة كالزراعة وتقديم الخدمات للقطاعات اللوجستية التي تنمو بصورة كبيرة، الأمر الذي يعطي لها القدرة في التنافسية، ويعزّز من منافع العملاء والمساهمين. وأن تحويل النوافد المصرفية للبنوك التقليدية إلى مصارف إسلامية كاملة سوف يخلق منافسة كبيرة مع البنوك الحالية، في الوقت الذي لا توجد في السلطنة إلا بنكين إسلاميين فقط، فيما سيتم الاستحواذ على إحداهما من قبل بنك تقليدي، الأمر الذي لا يستحسنه الجمهور العماني، في الوقت الذي يركز البنك المركزي على دعم قطاع الصيرفة الاسلامية عدة محاور رئيسية تشمل الحفاظ على نمو نشاط الصيرفة الإسلامية، وتعزيز الاستقرار المالي، وتوسيع الشمول المالي وبناء القدرات وتنمية المواهب، وتعزيز ونشر الوعي المصرفي، والتي تتطلب بذل جهود متواصلة من قبل القائمين عليها لتوصيل فكرة الأعمال المصرفية الاسلامية، وكيفية التعامل معها، والتي هدفها أولاً وأخيراً مشاركة أفراد المجتمع والمؤسسات في تنمية أعمال المجتمعات بصورة إيجابية دون حملهم وإدخالهم في المصاعب والتحديات المالية كما يحصل مع المؤسسات المصرفية التقليدية.
إن القطاع المصرفي الاسلامي بحاجة إلى إصدار المزيد من التشريعات للوصول إلى أفضل الممارسات لتتمكن من توسيع العمل بالمنتجات الاسلامية التي تتطلب هي الأخرى إلى حماية من الجهات المعنية وتعزيز الشفافية، بحيث تكون التشريعات المنظمة للبنوك واضحة بالنسبة للبنوك الاسلامية وعمّا تقوم به البنوك التقليدية من جانب آخر.