حققت دولة قطر حُلمها بتنظيم أول مونديال لبطولة كأس العالم بالعاصمة القطرية بعد 12 عامًا من حصولها على شرف استضافة هذه البطولة، لتكون أول دول عربية تتمكن من تنظيم هذا الحلم العربي الكبير.
هذا الجهد لم يتحقق بصورة عفوية؛ لأن الكثير من الحملات المغرضة توجهّت إلى هذه الدولة، خاصة فيما يتعلق بحقوق العمالة الوافدة التي عملت في تنفيذ هذه المشاريع الرياضية الضخمة التي لا تتوافر اليوم في أية دولة عربية؛ بل في الكثير من دول العالم. وهذا ما حدا برئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” جياني إنفانتينو قبل عدة أيام مضت، للتأكيد على أن قطر نظمت أفضل نسخة من المونديال في تاريخ كرة القدم، مطالبًا الدول الغربية وتلك المستمرة في الانتقادات الموجهة إليها، بالتوقف عن هذه الحملات.
وخلال كلمته في المؤتمر الصحفي الذي عُقد بهذا الشأن، تحدث أكبر مسؤول في الفيفا عن أن قطر طوّرت الكثير من التشريعات ذات الصلة بحماية حقوق العمال، وأصبحت نموذجًا في التسامح والعمل الجماعي، منتقدًا في الوقت نفسه المشاكل والتحديات التي خلقتها أوروبا للمهاجرين وللعمالة المُهاجرة لتتركهم يعيشون في ظروف مزرية. وخلال حديثه عن ظروف العمال الأجانب في قطر، ركز رئيس الفيفا على قضية الشعارات الرنانة التي رفعتها بعض دول العالم ضد دولة قطر، موضحًا أن الدروس والشعارات الأخلاقية التي تحدثت عنها تنم عن النفاق والكذب، وأن ظروف العمّال في هذه الدولة أحسن بكثير مما يعانيه المهاجرون في القارة الأوروبية، وأن معايير حقوق العمال في قطر مشابهة لتلك التي تتوفر في أوروبا، إن لم تكن أحسن منها، وفي الدول التي ترعى تلك الحقوق بصورة عامة، الأمر الذي يجب التأكيد عليه بأن قطر دولة ذات سيادة وأنها لا تحتاج إلى نصائح أو تدخلات في هذه القضايا.
كلمة مسؤول الفيفا أيضاً حملت توبيخًا للأوروبيين ومطالبته لهم بضرورة اعتذار حكوماتهم لدول العالم وخاصة تلك التي مورست ضدها العنصرية والعمل القسري لشعوبها، لمدة 3 آلاف سنة مقبلة، وهي المدة المساوية للمدة التي مارست فيها أوروبا أساليب القتل والتدمير والاحتلال والسيطرة على شعوب العالم ومقدراتها وخيراتها ومصادرها الاقتصادية.
ويأتي خطاب رئيس الفيفا الذي عانى هو الآخر من التنمر والتمييز عندما كان طفلاً لابن عامل مهاجر من أصل إيطالي ليعيش في سويسرا في تلك الفترة، وضعيفًا في التحدث باللغة الألمانية بطلاقة للإجابة على تلك الحملات المغرضة، الأمر الذي تطلب منه ومن عائلته مواجهة تلك التحديات والاختلافات العنصرية التي لا تتواجد في دولة مثل قطر التي يفد إليها ملايين العماّل من الشرق والغرب ليعيشوا في كرم وفي جو يتسم بالتسامح والعدل.
تعددت الانتقادات لدولة قطر منذ أول يوم تحدثت فيه وسائل الإعلام العالمية عن فوزها باستضافة البطولة وسط تنافس شريف، لكن أن يأتي انتقاد من الدولة الصهيونية التي تحتل الأراضي الفلسطينية وترتكب مجازر ضد الشعب الفلطسيني فهذا هو العجب العجاب في ذلك الأمر.
لقد تمكنت دولة قطر الشقيقة من تنظيم هذه البطولة التي سوف تستمر للأسابيع الأربعة المقبلة بكل كفاءة واقتدار وفي بيئة اتسمت بالهوية العربية والإسلامية وبدمج الثقافة العربية والعالمية، وبتنظيم رائع ليبدأ الحفل بتلاوة آيات من القرآن الكريم، ثم تقديم عروض ثقافية وتراثية ابهجت شعوب العالم أجمع.
إنَّ قطر كما تحدث عنها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في كلمته الافتتاحية، ماضية في بذل جهودها المضنية لإنجاح هذه البطولة في تاريخ كؤوس العالم، معربًا عن أمله في أن يشهد العالم أجمع مهرجانًا كرويًا مبهرًا على أرض الدوحة، في الوقت الذي أكد فيه رئيس الفيفا جياني إنفانتينو أن بطولة قطر ستكون أفضل نسخة من المونديال في تاريخ كرة القدم.