◄ فرصة كبيرة لبورصة مسقط للإسهام في التنويع الاقتصادي.. لكن بشروط
◄ مصطفى سلمان: ضرورة تخفيف بعض القوانين واللوائح لضمان زيادة الاستثمارات بالبورصة
◄ حسن اللواتي: الأوزان النسبية تعتمد على توجهات المستثمرين وتوقعاتهم للمستقبل
◄ رضا مهدي: تمثيل القطاع العقاري في بورصة مسقط “ضئيل جدًا”
◄ الاستثمارات العالمية تتجه نحو السوق المالي والسندات والودائع البنكية
◄ الجهات المعنية مطالبة بتعزيز دور بورصة مسقط للإسهام في التنويع الاقتصادي
◄ استحداث بورصة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة يُعمِّق السوق
◄ إدراج أسهم لشركات الطاقة سيحظى بإقبال المستثمرين
الرؤية- مريم البادية
أكد خبراء أسواق مال أن الأوزان النسبية للأسهم ليست معبرًا أساسيًا لتوجهات البورصة، في حين أنَّ أداء أي سوق مالي يعتمد على عدة عوامل، على رأسها معدل السيولة المتوافر.
وقالوا- في تصريحات خاصة لـ”الرؤية”- إن بورصة مسقط قادرة على الإسهام في جهود التنويع الاقتصادي وفق متطلبات رؤية “عمان 2040″، لكنهم أشاروا إلى أن بعض الإجراءات والضوابط المشددة لا تساعد على ذلك، مطالبين في الوقت نفسه بالتوسع في طرح الاكتتابات العامة الأولية، باعتبارها أحد أبرز الأدوات الداعمة لتعزيز أداء السوق. وأضاف الخبراء أن زيادة الاستثمارات بالبورصة يتطلب تيسير العديد من الإجراءات، داعين إلى الإسراع في استحداث بورصة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، بما يساعد على تعميق السوق.
وقال حسن بن أحمد اللواتي الرئيس التنفيذي لشركة الآفاق لأسواق المال إن أهمية الأوزان النسبية للأسهم المدرجة في البورصة تكمن في قدرتها على تحديد اتجاهات السوق، من خلال معرفة الهدف من وضع مؤشر ما في السوق، وما إذا كان المؤشر يهدف لقياس التغير في القيمة السوقية للشركات فقط، أم يقيس إلى أين تتوجه أموال المستثمرين، وكيف تؤثر حركة الأموال وقرارات المستثمرين على العائدات والقيمة السوقية للشركات. وأضاف اللواتي أنه من خلال تركيبة المؤشر الحالية يُلاحظ أن قيمة المؤشر تبرز من خلال حركة الأموال الجديدة التي تدخل إلى السوق، من خلال بناء المراكز الجديدة أو التخارج من السوق عبر عمليات البيع وتحويل الأموال من شركة لأخرى. وأوضح أنه لقياس ذلك يجب أن لا تكون هناك شركة واحدة أو شركتان تستحوذ على قيمة المؤشر، لافتًا إلى أن المؤشرات المبنية على القيمة السوقية تشهد تفاوتًا كبيرًا في الأوزان.
القيم السوقية
وضرب اللواتي مثلًا ببنك مسقط الذي يستحوذ على قيمة سوقية “كبيرة جدا” مقارنة ببقية الشركات في المؤشر، وأنه في حالة تراجع اهتمام المستثمرين بأسهم بنك مسقط، وتوجههم إلى أسهم أخرى، لن تتأثر حركة المؤشر، ولن ينعكس هذا التوجه عليه؛ لأن البنك ما زال يسيطر بثقله الكبير على المؤشر. وأوضح الخبير في أسواق المال أن أوزان الشركات في المؤشر الحالي متقاربة، بحيث لا يتجاوز سهم شركة ما 10% من إجمالي المؤشر، وهذا يطابق حرص المستثمرين على تنويع محافظهم ويترجم بصورة أدق توجهات المستثمرين وتوقعاتهم للمستقبل، وبالتالي حركة الأموال. وشدد اللواتي على ضرورة أن لا يستحوذ سهم واحدة على ثقل كبير في المؤشر، وأن تكون الأوزان متقاربة حتى يعكس المؤشر حركة الأموال بدقة أكبر.
وتحدث اللواتي عن الأدوات الرقابية في الأسواق المالية اللازمة لحماية المستثمرين، والتي تتمثل في الإفصاحات الدورية للقوائم المالية التي يتم إعدادها من قبل الشركة المدرجة حسب الأصول المتعارفة، وتنشر بشكل عادل، بحيث يطلع عليها الجميع في ذات الوقت، مع مراقبة الإفصاحات التي تؤثر على القوائم المالية وعلى أداء الشركة، وعدم نشر أي مواد ترويجية لورقة مالية بناءً على معلومات غير دقيقة أو معلومات مضللة، مع التأكد من أنَّ الجميع يستلم المعلومات بشكل عادل وفي وقت يتيح للمستثمرين تقييم هذه المعلومات واتخاذ القرار المناسب قبل السماح للورقة المالية بالتداول، وكذلك مراقبة التداولات؛ حيث قد تحدث بعض التداولات المؤثرة على الأسعار من قبل بعض المتعاملين وبالتالي كبح مثل هذه التعاملات التي لا تنبع عن استثمار حقيقي.
نصائح مالية
وينصح اللواتي صغار المستثمرين باتباع الأساليب الصحيحة في تخطيطهم المالي وقراراتهم الاستثمارية، حيث يجب أن يتعلموا أساسيات الاستثمار وكيفية قراءة القوائم المالية وتحليل المعلومات والاستعانة بشركات الوساطة التي تقدم المشورة قبل اتخاذ هذه القرارات.
وأشار اللواتي إلى أن الاكتتابات الجديدة تسهم بدور كبير في زيادة فاعلية السوق؛ حيث إن السوق الفعّال الجاذب للاستثمارات يجب أن تتوافر فيه عدة عناصر؛ منها: السيولة الجيدة، وإمكانية تنويع الاستثمارات من خلال قطاعات متنوعة وشركات مختلفة، بما يساعد المستثمر على تكوين محفظة استثمارية متنوعة يوزع فيها المخاطر، كذلك يجب أن يعكس السوق القطاعات الاقتصادية المختلفة، فهناك الكثير من القطاعات غير متواجدة في الأسواق الناشئة، حيث لدينا في الاقتصاد العماني قطاع الطاقة وهو كبير جدًا ولا يتواجد في السوق. وأضاف أن تمثيل القطاع العقاري في السوق قليل جدًا، مؤكدًا أن الاكتتابات الأولية تزيد من السيولة المتوفرة في السوق، كما تزيد من عدد الأوراق المالية التي يمكن للمستثمرين من خلالها بناء محافظ استثمارية. وذكر أن الاستفادة من القطاع العقاري محل اهتمام كبير من المستثمرين، أفرادًا ومؤسسات، لكن إمكانية الدخول في هذا القطاع محدودة لصغار المستثمرين.
معايير متباينة
ومن جهته قال الدكتور رضا مهدي جواد اللواتي الباحث الاقتصادي إن الأوزان النسبية للشركات المساهمة في بورصة مسقط لا تعبر بالضرورة عن توجهات السوق لأن المعايير تختلف من سوق إلى آخر ومن بين المعايير سيولة السهم، وإن كانت القيمة السوقية أعلى من مثيلاتها في التقييم. وأشار اللواتي إلى عدد من الآليات التي يُمكن من خلالها تحقيق التوازن في أداء المؤشر الرئيسي لبورصة مسقط، من منطلق أن البورصة مرآة للاقتصاد وتعكس ثقة المستثمرين وحجم السيولة المتوفرة لدى المستثمرين وفي الاقتصاد. وأوضح أن هذه العوامل الثلاثة هي التي تشكل الأعمدة في تطور أي سوق للأوراق المالية من عدمه.
وأضاف أن الأدوات الرقابية مهمة جدا لحماية صغار المستثمرين وحقوقهم ولكن في الوقت نفسه المضاربة بحد ذاتها تخلق السيولة، لذا يجب حماية صغار المستثمرين من كبار المستثمرين الذين يسيطرون على إدارة الشركات في اتخاذ القرارات التي تؤثر على استراتيجياتها وعلى سعر السهم مباشرة، من خلال الافصاح عن شراء الأسهم أو بيعها، مشيرا الى ضرورة قيام الشركات المدرجة بإبلاغ المستثمرين عن خطط التوسع أو أية معلومات قد تؤثر على مستقبل الشركة وأدائها. وقال اللواتي إن الاكتتابات الأولية بشكل عام جيدة جدًا، لكن يجب أن تكون الشركات ذات عوائد مجزية ومستقبل استثماري واعد، لافتًا إلى أن الصناديق العقارية تقدم عوائد جيدة للأفراد، خاصة للذين لا يستطيعون الاستثمار في سوق العقار مباشرة، إذ تمثل الصناديق العقارية أداة لاستثمار السيولة المتوفرة لدى صناديق التقاعد.
الاكتتابات الجديدة
من جهته، يتوقع مصطفى سلمان الرئيس التنفيذي لشركة المتحدة للأوراق المالية تأثيرًا ايجابيًا حال إدراج حصص لشركات حكومية في البورصة، قائلا إن جزءًا من هذه الشركات ينتمي لقطاعات غير مدرجة في البورصة حاليًا. وقال سلمان إن تأجيل الطرح الأولي لحصص في الشركات الحكومية حرم البورصة من الاستفادة من السيولة الكبيرة التي شهدتها أسواق المنطقة؛ حيث أُطلقت اكتتابات عديدة في البورصات الإقليمية، وسنحت الفرصة أمام عُمان لتستفيد من هذه الأموال الساخنة. وذكر سلمان أن بين الأمور التي يتعين التخلي عنها، هو أن البعض يُفضل طرح أسهم الشركات الحكومية بحصص كبيرة، لكن في المقابل إطلاق اكتتاب عام أولي في نسبة 10%- على سبيل المثال- ومن ثم دعمها في مرحلة لاحقة. وحث الخبير في أسواق المال ضرورة تقييم مثل هذه الإدراجات، بما يضمن مصلحة المستثمر الجديد، ومساعدته على النمو لتحقيق ربح 15% في المراحل الأولى. وأشار إلى أن الجهة المسؤولة عن طرح هذه الشركات تبحث عن تحقيق ربحية كاملة عند الطرح لصالحها، لكنه يرى أن هذا لن يتماشى مع وضع بورصة مسقط، مؤكدًا أهمية أن تتاح الفرصة للمستثمرين للاستفادة من الاكتتاب في مثل هذه الشركات، وأن تحقيق بعض الربحية يمكن توظيفه كآلية لجذب المستثمرين، خصوصًا مع ضعف أحجام بورصة مسقط وعدم وجود سيولة كافية.
ودعا سلمان الجهات المعنية لإيجاد وسيلة لتعزيز السيولة في البورصة، معتبرًا أن ذلك سيساعد على جذب هذه الإدراجات. وقال: “لا توجد بورصة في العالم لا تتحمل إدراج شركات مهما كانت كبيرة؛ لأن المشروع يتحدث عن نفسه، فاليوم الاكتتابات غير محصورة على مواطني البلد لكنها مفتوحة عالميًا، ولا أعتقد أن هناك مشاكل في جذب السيولة”. واقترح سلمان إشراك شركات الوساطة المالية في هذه الطروحات بشكل مباشر من حيث التسويق، في حين أن ما يحدث حاليًا يعتمد فقط على إعطاء فرصة للبنوك الكبيرة أو البنوك العالمية لإدارة الإصدارات، بينما تحتاج إلى أفراد أكثر من المؤسسات، وهذا دور شركات الوساطة التي تستطيع التسويق لمثل هذه الإصدارات من خلال ما تملكه من قاعدة عملاء.
التنويع الاقتصادي
وأكد مصطفى سلمان أن هناك فرصة كبيرة للبورصة في أن تكون لاعبًا فاعلًا في التنويع الاقتصادي، حيث إن التوجه الحالي للاستثمارات يمضي نحو السوق المالي والسندات والودائع المباشرة في البنوك، لذا فإن البورصة تستطيع أن تتجاوب مع هذه القطاعات بشكل كبير من خلال تخفيف بعض القوانين وتسهيل الإدراجات. وطالب سلمان بإنشاء بورصة للشركات الصغيرة والمتوسطة، مع تقديم تسهيلات للشركات التي تواجه عراقيل مالية، لكي تقترض من أموال من البورصة بشكل مباشر؛ موضحًا أن هناك آليات عديدة بأسواق المال لدعم الاقتصاد دعمًا مباشرًا، كما أكد أن البورصة في أي دولة مساهم رئيسي في نمو الاقتصاد، لكن ذلك غير متحقق على الوجه الأمثل في بورصة مسقط حتى الآن.
وتطرق مصطفى سلمان للحديث عن تأثير أسعار النفط على أداء البورصة، وقال إن الأسعار بلا شك تؤثر على أداء السوق ونتائجه، لا سيما وأن قطاع النفط عادة ما يكون مرتبط بالحكومات وخصوصًا في دول الخليج. وأضاف أن الإيرادات الجيدة من النفط تساعد على تنفيذ الكثير من المشاريع الحكومية التي تؤثر على أداء الشركات، ومن ثم تتأثر ربحيتها وتنعكس على أسعارها في البورصة، لكن في حالة تراجع النفط تنخفض الإيرادات العامة للدولة ويتقلص عدد المشاريع، ومن ثم تتأثر الشركات بالسلب.