دأبت جريدة الرُّؤية على تنظيم العديد من الفعاليات الاقتصادية المُهمة سنويا لتنشيط وتحريك السوق العماني من خلال ما تقدمه من قضايا حيوية تهم المؤسسات والشركات والمصارف العمانية بجانب الأفراد. وقبل أيام مضت، نظمت الرؤية “المنتدى العُماني للصيرفة الإسلامية” بشراكة إستراتيجية مع جمعية المصارف العُمانية. والكل يقدّر تلك المجهودات المبذولة لإنجاز المزيد من التقدّم للقطاع المصرفي الإسلامي الذي ينمو بصورة كبيرة، بحيث ارتفع إجمالي قيمة أصول القطاع الذي يضم البنكين الإسلاميين والنوافذ الإسلامية الخمسة مجتمعة لتصل إلى 6.2 مليار ريال عماني وبنسبة 15.9% من إجمالي أصول القطاع المصرفي في السلطنة بنهاية النصف الأول من العام الحالي، مسجلة ارتفاعًا بمعدل 9.6% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي وفق بيانات البنك المركزي العماني.
ومن خلال المناقشات التي دارت في هذا المنتدى يتضح أن القطاع المصرفي الإسلامي بحاجة إلى إصدار المزيد من التشريعات للوصول إلى أفضل الممارسات، في الوقت الذي يعمل فيه البنك المركزي العماني على وضع خطة لتعزيز النمو المستدام لهذا القطاع الحيوي، ودعم الاقتصاد العماني ونمو المصارف الإسلامية. فالقطاع المصرفي الإسلامي بحاجة إلى توسيع العمل بالمنتجات الإسلامية التي تتطلب هي الأخرى حماية من الجهات المعنية وتعزيز الشفافية، بحيث يحصل نوع من التكاتف والتنسيق والتعاون بين القطاع المصرفي التقليدي والقطاع المصرفي الإسلامي في القضايا التي تهم السوق والمؤسسات والأفراد، وأن تتلاءم التشريعات والأنظمة مع الأعمال المرتقبة التي سيحصل عليها القطاع المصرفي الإسلامي مستقبلًا. فالمنتجات الجديدة لهذا القطاع تواجهها التحديات في الوقت الذي يتطلب فيه استغلال الودائع التي هي بحوزة البنوك الإسلامية والتي بلغت قيمتها نحو 4.7 مليار ريال عماني في النصف الأول من العام الحالي وبزيادة قدرها 12.8% مقارنة بالعام الماضي لتعزيز الأعمال التجارية والخدمية. فالمنتجات الجديدة للبنوك الإسلامية ستعمل على تعزيز وتحفيز النمو لهذا القطاع في عدة مجالات منها القطاع الصحي والتعليمي وغيره، في الوقت الذي يتوسع هذا القطاع ليضم اليوم 77 فرعا للبنوك الإسلامية والنوافذ التابعة للبنوك التقليدية.
ومن القضايا التي أثيرت في الندوة استحواذ بنك عمان العربي على بنك العز الإسلامي الذي سوف يقلّص عدد البنوك الإسلامية ليصبح بنكًا واحدًا في الوقت الذي يتطلب فيه أن يزداد عدد البنوك الإسلامية، وأن تتحول النوافذ الإسلامية للبنوك إلى بنك إسلامي جديد يدعم الأعمال والأنشطة الاقتصادية المختلفة، ويكون ذا ثقل من حيث الأصول والودائع والتمويل.
لقد أثبتت البنوك الإسلامية في العالم وعلى المستوى المحلي قدرتها على جذب الودائع والتمويل لتشمل اليوم العديد من القطاعات ومنها القطاع اللوجستي الذي ينمو بصورة كبيرة. إلا أن البعض يرون بأن عمليات الاستحواذ على البنوك الإسلامية ليست في صالح هذا القطاع الذي يتطلب دعما وتحفيزا ليقدم المزيد من الأنشطة للاقتصاد العماني في إطار الرؤية عمان 2040. وبهذا الاستحواذ سيبقى هناك بنك إسلامي واحد وهو بنك نزوى الذي يعمل بكل طاقاته وكفاءاته في تعزيز النمو الاقتصادي بالبلاد، والذي بلغت حصته السوقية في الصيرفة الإسلامية 25% من إجمالي علميات القطاع.
كما طالب بعض الحاضرين في المنتدى بضرورة أن تكون التشريعات المنظمة للبنوك واضحة بالنسبة للبنوك الإسلامية وعمّا تقوم به البنوك التقليدية، بحيث يُسمح لها العمل بصورة واضحة وليس بها تشويش أو تشويه، حيث إن معظم التشريعات القائمة تخص البنوك التقليدية؛ الأمر الذي يتطلب الفصل فيما بينها لتكون ملائمة ومناسبة لأعمال البنوك الإسلامية. فحتى اليوم هناك قيود تشريعية على أعمال البنوك الإسلامية، وأن الكثير من المؤسسات والأفراد ليس لديهم فهم واضح حول عمل البنوك الإسلامية؛ الأمر الذي يتطلب من هذا القطاع تعزيز وسائل الوعي والاستدارك والفهم لجميع القضايا والمفاهيم التي تهم الفئات المختلفة المتعاملة مع هذا القطاع، وتلك التي تهم قضايا الصيرفة الإسلامية، وبحيث يصبح هذا القطاع من المؤسسات التشاركية في المجتمعات، ويتحمل المخاطر المطروحة في العمل اليومي.
من المهم جدًا أن يكون لهذا القطاع جمعية مالية مستقلة هدفها العناية بالمؤسسات التي تنتمي له، وتقدّم المزيد من الأسس والأنظمة له، وتعزّز من شفافية الأوضاع التي تمر بها تلك المؤسسات، بجانب أن تكون هناك مؤسسات عمانية تقدّم الضمان للبنوك والنوافذ الإسلامية لتعزيز أعمال المؤسسات الصغيرة والأفراد لدعم أنشتطتهم، وبحيث لا تبقى المؤسسات المتعثرة رهينة للقرارات والتنفيذ من قبل الجهات المعنية.
هناك الكثير مما قيل في حق هذا القطاع الذي حقق العديد من الإنجازات منذ بدء نشاطه قبل عشر سنوات مضت، ويحتاج إلى مزيد من الإبداع والابتكار والتجديد في المنتجات المصرفية الاسلامية، لكي تتمكن المصارف الإسلامية بالمساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالشكل المطلوب منها.