Image Not Found

نسب قبيلة اللواتية (1-7)

Visits: 59

صادق بن حسن اللواتي

(1)

العرب عاشوا ضمن منظومة اجتماعية كوحدة متماسكة لها موطنها الأصلي وموقعها الجغرافي بمياهه ومناخه ولم تكن ثمة قوة تسيطر عليها ولم تكن تخضع لأي دولة أو نظام سياسي بإستثناء بعض الدويلات التي قامت في شبه الجزيرة العربية ، كدولة الغساسنة بالشام والمناذرة بالعراق وإمارة نجد وكندة ، وما تعاقبت في الحكم على الجزيرة العربية والعلاقة التي كانت تربط بين هذه القبائل تارة علاقة العداوة من خلال غارات تقوم هذه القبيلة على القبيلة الأخرى لغرض سد النقص في المؤن وأسباب الراحة لأفراد القبيلة .

وتارة للإنعاش الإقتصادي للقبيلة من خلال رحلة الشتاء والصيف وفتح أسواق تجارية للتعارف بين القبائل بعضها بالبعض الآخر والتي ساهمت إلى حد كبير في تطوير حياة العرب سواء من الناحية الثقافية أو من الناحية الاقتصادية أو من الناحية الدينية او من الناحية الاجتماعية كسوق عكاظ الذي كان يربط بين مكة والطائف ويتبع لقبيلتي عدوان وهوازن وسوق ذي مجاز الذي كان يربط بين جبل عرفات ومنى وهو موقع جذب الحجاج الذين كانوا يرتادون للحج ، وسوق مجنة كان في مكة في ممرالظهران في مكان يعرف الآن (بوادي فاطمة) وهو مكان اجتماع الشعراء والأدباء ، كان بمثابة مكان للمناظرات الثقافية ولم يكن تجاريا ، وهو المكان الذي بدأ منه خاتم الرسل (ص) لدعوة العرب إلى اعتناق الدين الإسلامي.

هذه الأسواق ساعدت على الانفتاح الثقافي حيث كان يأتيها الناس من مناطق مختلفة وساعدت أيضا على نشؤ الفكر السياسي وكانت حلقة وصل بين الحضارات القائمة آنذاك كل هذه المشاهد قد انقضت والتي أعتبرت في التاريخ مجرد سرد للحوادث ولكي تحفظ ذكريات الماضي وتمجيدا لأفعال البارزة في حياة الأشخاص والأمم ونوع الثقافة اللازمة لإعداد الرجال للحياة الاجتماعية أو السياسية أو المخرجات الفكرية والأدبية وجد حينها علم التاريخ وهو ميدان كتب فيه كل الناس ، هناك من كتب القصص التي تتحدث عن واقع معاش الناس ، وهناك من كتب ليخبرك بما يجري عند بعض الشعوب من أعمال الشعوذة والمشعوذين والخرافيين ، وهناك من كتب عن رواة الحديث و نقلوا لنا المرويات الحديثية والتي أدت فيما بعد إلى ظهور علم الحديث.
والرواية التاريخية اعتقد الناس أنها ما يجب العمل بها ونكران هذه الروايات اعتبرها البعض انتهاك لقداسة الاشخاص ووالوقائع التاريخية دون تمحيص و دون قراءة ودون ضبط ، وعليه قصد الدارسون والبحاثة للوصول إلى الحقيقة التاريخية في ذاتها بقدر المستطاع

والفائدة تصبح قائمة على الوقائع الصحيحة والواضحة وأنا لا اعتقد أنكم لم تسمعوا عبارة إعادة كتابة التاريخ والتي صارت علامة مميزة لأيدلوجيات البشرية وبحسب المتطلبات الأيدلوجية بات التاريخ البشري يدعم الرؤى الأيدلوجية التي لم تكن تخلوا من المزاجية والاعتباطية المريضة وما أحسب أني بحاجة إلى القول بأنه لا يلمس الصعوبة التي يعانيها من يتصدى للكتابة في تاريخ بشرعاشوا قبل ظهور الدعوة الإسلامية بفترة ليست قصيرة.

طبعا أنا لا أدعي أنني أحطت بما لم يحط به غيري خبرا ، ولا أقول إنني وفيت الموضوع بكافة جوانبه ولكنني أستطيع القول أنني أحد العاملين في سبيل إظهار حقائق تاريخية غابت عن أذهان الكتاب والمهتمين الذين سطروا بأقلامهم تاريخ اللواتيا ، وإنني أعتقد أنني ما زلت في باكورة العمل وبحاجة إلى جهد أكبر لتقليب الأرض بفؤوس أكثر.

والباحث واقعا يلقى جهدا عندما يبحث في تاريخ الجزيرة العربية قبل وبعد ظهور الإسلام والسبب يرجع إلى عدم كفاية الأدلة في إماطة اللثام عن وجود قبيلة واحدة من عدم وجودها في التاريخ ، مثلما نحن بصدد الحديث عنها وهي قبيلة بنو سامة ، هناك من قال أن بنو سامة انتشروا من لؤي بن الحارث بن سامة ومنهم من قال أن بنو سامة انتشروا من ولد عامر بن لؤي بن كعب ومنهم من قال أن الناجية زوجة سامة بن لؤي تزوجت شخصا من البحرين بعد موته فولدت الحارث ومات زوجها فألحقت وليدها الحارث في نسب سامة بن لؤي فسمو بنو الناجية ، هذا الخلط كان سببه العزوف عن قراءة التاريخ القديم بمنظار التحليل التاريخي فمثلا نحن نعرف أن الأقدمون كتبوا عن أنفسهم وهذه الكتابات لو كانت موجودة لأمكن بطبيعة الحال قرائتها ، ومعرفة أحوالهم، تماما عندما وجد علماء الآثار الخط اليوناني وإن لم يكن مستعملا ، ولكن بتفكيك الخطوط الهروغليفية التي كانت مستعملة في التاريخ ، أمكن الوصول إلى معرفة التاريخ القديم للفراعنة وغيرهم ، وتحليل نمط سلوكهم اليومي .

مصادر التاريخ :
أولا : التاريخ الشفهي والرواية الشفهية :
الكتابات في تاريخ العرب القدماء كان على شكل أخبار شفهية تناقلها العرب من جيل إلى جيل كمصدر أول في معرفة أخبار العرب و لم يتم التمييز بين التاريخ الشفهي والرواية الشفهية حتى رفض البعض حجية الرواية الشفهية واصفا إياها بالتفاهة وكل ما يروج له في التاريخ لا مصداقية له وبما أن الخبرالتاريخي معرض للخطأ فقد سعى أصحاب الفن في وضع القواعد والأطر المنهجية للتتميز بين الوقائع التاريخية الصحيحة من الحوادث التاريخية الغير صحيحة. والتاريخ الشفهي هو ضرب من ضروب النشاط الإنساني وخبرته الشخصية أو مجموعة أشخاص ذات العلاقة بأحداث قريبة على اعتبار أن هذا كل ما تبقى من آثار الماضي فضلا عن الترتيب في الأحداث التي تضمن التأويل.

أما الرواية الشفهية فهي ذكريات متعلقة بالماضي، واكتسبت شهرة واسعة في حضارة معينة وأتخذت التواتر في النقل ، فلو قلنا أن اللواتية هم رهط سامة بن لؤي ، فيجب أن نتفق أولا على لفظ اللواتية هل كان معروفا بين أرهاط بنو سامة أم لا ؟ وإذا رجعت إلى كتاب اللواتية في التاريخ للدكتور فيصل سيد طه ولقاءاته الشخصية مع أفراد قبيلة اللواتيا في عمان وما نقلوه شفاهة عن تاريخ اللواتيا ، فلنسأل هل لهذه المنقولات الشفهية مصدر نصي أم هي مجرد رواية شفهية ليس إلا ؟ وهل هذه الروايات الشفهية هي معروفة بين قبائل بني سامة أم لا ؟

لا تنسى أنك تتحدث عن إنتمائك إلى سامة بن لؤي بن كعب ، و قبيلة لؤي بن كعب هي إحدى أكبر قبائل قريش في الجزيرة العربية، فإذا كانت هذه الروايات الشفهية ليس لها مصدر نصي وهي جزء من النتاج الاجتماعي فلابد أن يحمل نمطا ثقافيا أيضا وهذا النمط يجب أن يسري على كل أفراد القبيلة .
أما إذا قمت وأضفت طائفة أخرى كالخوجة وقلت أن الخوجة واللواتيا مكون واحد ، حينها يجب معرفة تاريخ الخوجة هل كانوا يوما جزء من بنو سامة مثل اللواتية أم لا ؟ وإذا نعم فلماذا يستخدم مسميين ؟ وإذا لا فلماذا اعتبرتموهم من اللواتيا طالما إنتمائهم العرقي لا يرجع إلى سامة بن لؤي ؟ وهذا يوقعنا في إشكالية تاريخية في تحقيق النسب .

ثانيا الآثار التراثية :
و هو ما خلفه القوم ورائهم من آثار العمرانية أو العملات المعدنية تساعد على فهم حالة الناس وعلاقاتهم مع بعضهم البعض ، فيتم دراسة نوعين من الوقائع ، الأول : وقائع مادية محسوسة كالزواج من قبائل أخرى والمصاهرة بينهم او التحالفات العسكرية ، والنوع الثاني: وقائع من الطبيعة النفسانية كالميل إلى فكر مذهبي معين أواعتناق مذهب معين أو تقديم المساعدات اللوجستية للقبائل الأخرى من أجل الحفاظ على مصالح القبيلة فتدخل هنا العواطف والأفكار والدوافع ،

ولما كانت هذه الوقائع من الماضي ولا يمكن دراستها إلا من خلال الآثار التي تركوها وأغلب هذه الآ ثار تكون على شكل وثائق وأوراق دونتها الأسرة أو من في حكمها ، والمسلك الذي يفرضه طبيعة الوثيقة ، هو الأثر المادي الوحيد عن الماضي ، ثم الإرتفاع في سلسلة العمليات الأخرى مثل الكتابة واللغة والمعنى المجازي والمعنى الحقيقي وتمثيل الشيئ في نفس المؤلف حتى نصل إلى الواقعة المراد معرفتها.
منهج دراسة الوقائع التاريخية :

المنهج يقتضي نوعين من العمليات 1- التحليل 2- النقد . التحليل هو فصل كل واقعة من الوقائع الجزئية المعروضة إجمالا في الوثيقة أو غيرها ، فلو قلنا أننا حصلنا على وثيقة تتضمن صور لقبور أبناء قبيلة اللواتية في مناطق متفرقة من عمان وهذه القبور في بنائها تنسجم مع بناء الخوجة للقبور ، فهل يمكن اعتبار أن اللواتية كانوا في الباطنة أم هي هجرة الخوجة من مطرح إلى مناطق متفرقة من عمان ، لأن الحقيقة شيء ، والواقع النصي للوثيقة شيء أخر ، ما يهمنا هي الحقيقة الواقعية .

أما النقد ، هو تقدير المعلومات الواردة في وثيقة ما ، هل هناك توافق بينها وبين الحقيقة الواقعية ، وهو ما نسميه الحقيقة الطبيعية من رحم الطبيعة ، والنقد ضروري جداً لأنه يشتمل على مناهج ثلاثة :العقل والإنسان والحقيقة الواقعية ، فنحدد أولا الواقعية المتضمنة في الوثيقة قبل تحديد قيمتها العلمية . إذن التحليل يسبق النقد لأننا سنعرف مدى مصداقية الوثيقة الأصلية هل وجودها خدعة أم لا ؟ . والحمد الله رب العالمين.

(2)

نسب اللواتية فيه كلام كثير ، حيث تعددت الأقاويل حوله وتضاربت فيه الحقائق تارة والأهواء تارة أخرى ، فكل ما كتب لا يرتقي إلى الحقيقة التاريخية لإثبات نسب اللواتيا ، وهذا يجعلنا البحث في أصل نسب اللواتية ،ونقلب صفحات التاريخ لنصل إلى أصولهم ضمن قواعد إثبات النسب المتعارف عليها عند النسابة
وكذلك نتعرف على بيئة الراوي الذي نقل لنا أن اللواتية هم أبناء سامة بن لؤي ومعارفه وعلومه ونزعته الدينية والإيديولوجية والتي من خلالها سنتعرف على شخصية المؤلف ، لأن كل هذه العوامل تلعب دورا هاما في صياغة الحدث التاريخي ، من حيث فهمه للأحداث وتأثره بها ، و تأثير العوامل التي جعلته ينقل هذه الروايات ، وهل كانت هناك ضغوطات اجتماعية على المؤلف أجبرته إخفاء بعض الأحداث التاريخية أم لا ! كما يجب علينا توخي الحذر لما قدمه من وثائق تاريخية التي تثبت نسب اللواتية هل هناك إضافات وتعديلات في الوثيقة أم لا !وهل نسبت الوثيقة إلى صاحبها أم عدلت قصد إخفاء حقيقة لحدث تاريخي ؟
كل هذا سيجعلنا التأكد من صحة النسب ، والوصول إلى النتائج والاستنتاجات التاريخية لإ ثبات النسب ، لأن الفترة الزمنية التي كتبت عن انتساب قبيلة اللواتية إلى سامة بن لؤي كانت بعد 14 قرن من الزمان وهذه الفترة ليست قصيرة ، لهذا يتحتم علينا المضي ضمن قواعد النسب للبحث عن الأصل التاريخي لمسمى اللواتي وهي 51 قاعدة ، سنأخذ منها ما يتناسب مع البحث لإيصال الفكرة الأساسية حول إثبات النسب .

قواعد النسب :-
أولا : يثبت النسب بالشهرة المستفيضة ، وبالرقعة الصحيحة ، والاقرار المتبادل ، وتحقيق المحقق الثابت ، فإذا وجدت رقعة بطل التواتر المخالف ، أما إذا عدمت الرقعة أخذ بالمتواتر المشهور ، بمعنى إذا كان اللواتية أحد بطون سامة بن لؤي، فيجب أن يكون عند كل فرد من أفراد قبيلة اللواتية رقعة مكتوبة ومصححة تاريخيا تثبت نسبهم إلى سامة بن لؤي ، وفي حالة عدم وجود هذه الرقعة فيجب إعتراف ممن ينتمي إلى سامة بن لؤي من البطون باللواتية فتكون الشهرة تتوارثها الأجيال جيل بعد جيل .
ثانيا : شهرة التواتر ، شرط العمل بها الإفادة بالعلم ، وإفادة العلم تنتفي محل النزاع فإن كان في المسألة احتمال سقط حينها الإستدلال ، والتواتر هو ما رواه جمع يحيل العقل تواطئهم في الكذب ،واستندوا على نقلهم على أمر محسوس
ثالثا : إن انقطاع السلسلة من الجد بعد التواتر بأنهم من نسله على سبيل الاجمال علة ولكنها ليست من العلل القادحة في النسب لوقوع مثلها في كثير من صحيح النسب (1) الذي لا يعتري الشك إلى نسبهم ، ولوجعلت هذه القاعدة للطعن لوجب الطعن في أغلب القبائل العربية . بمعنى إذا وجد التواتر في نسب اللواتية، ولكنه منقطع في سلسلة الأجداد فيتم الاستناد على أمر محسوس ممن نقل ، لا يحيل عليه الكذب ويكون حجة على الجميع
رابعا : الحجة في الأنساب هو في الحفظ والإتقان يصح به أن يكون حجة على العام والخاص ، وليس كل من كتب في الأنساب حجة ، وليس كل ما كتب يصح الاحتجاج به
خامسا : كما لا يجوز أن يثبت النسب إلا بشروط الاثبات الصحيحة ، فلا يجوز النفي إلا بشروط النفي المعارضة للصحة ، والاثبات يحتاج إلى دليل ، والنفي يحتاج إلى دليل النفي وهو إثبات العكس.
سادسا : لا يكون الترجيح إلا بمرجح ، والحجة التي تعتمد على دليل واه ساطقة وداحضة ، ولا يصح ما يترتب على الخطأ من نتائج .
سابعا : المفصل الواضح مقدم على المجمل المبهم . أي أن النص الصريح الواضح للإشارة والدلالة على المقصود مقدم على مجمل المبهم غير واضح الاشارة والدلالة . والمبهم المفصل يتبع المفصل وليس العكس مثلا إذا قيل أن خريت بن عبدالبيت هم أولاد بني الناجية ثم قيل هم أولاد بنو سامة فليس من المعقول أن نقول أن بنو سامة هم أولاد بني الناجية لان المبهم يتبع المفصل وليس العكس.
ثامنا : لا يحتج بكثرة المصادر إذا كانت كلها تنقل من أصل واحد ، ولا تقديس للنصوص الواردة في المصادر إلا كلام الله عزوجل وحديث رسوله (ص) .
تاسعا : إذا عرف الواضع وعرفت علة الوضع الجارحة انتفى الاستدلال ، إذا قيل أن الخوجة هم اللواتية ووضع الخوجة ضمن نسب اللواتية وعرفت علة نسب الخوجة لا تنتمي إلى سامة بن لؤي فلا يعتد بقول الواضع
عاشرا : كل رواية مسموعة يؤيدها مكتوب مقارب تصبح قرينة يؤخذ بها ، وقرينة واحدة قد لا تصبح دليلا ولكن مع اجتماع القرائن يتكون الدليل
أحد عشر: القبائل الغير العلوية فإنها غالبا تهاجر كمجموعة قبلية ويندر أن تهاجر أفراد فإذا قلت أن اللواتية هاجروا من مطرح إلى السند بسبب ظلم القرامطة فيجب أن تكون هذه الهجرة على مستوى القبيلة وليس على مستوى بيت واحد صغير وتشهد على هجرتهم قبائل أخرى مجاورة لهم .
إثنا عشر : بعض الأخبار المسموعة قد تروى بشكل مقلوب فعلى الباحث أن ينتبه لذلك ، ويمكن للباحث الاستعانة بالقصة المقلوبة كقرينة وليس كدليل إثبات
ثلاثة عشر : هناك مناطق طرد سكاني ، وهناك مناطق جذب سكاني ، فغالبا ما تكون الهجرة من مناطق الطرد السكاني إلى مناطق الجذب السكاني وليس العكس إلا ما ندر ، والنادر يحتاج إلى دليل مثلا هجرة اللواتية من عمان إلى الملتان والعكس
أربعة عشر : النسب لا يكون إلا إلى الأصل (الأب الجامع ) ، أما الانتساب فيكون إما بسبب العقيدة ، أو ولاء ، أو حلف قبلي ، أو مهنة ، أو بلد .أعتقد نكتفي بهذا القدر من ذكر قواعد النسب . والحمدالله رب العالمين

المصادر

1- ابن شدقم ، تحفة الأزهار وزلال الأنهار – ص 82

(3)

نسب اللواتية :-
اختلفت الروايات حول كلمة لوتي هل أصلها عربي أم هندي أم فارسي ؟ تعالوا معي لنقف عند هذه الروايات

الرواية الأولى : – ما ذهب إليها الدكتور فيصل سيد طه (1) عن أصل مسمى لوتي بقوله ” تذكر بعض المصادر أن الشيخ حميد من المسلمين الذين قدموا من أفغانستان ولم يتمكنوا من العودة بعد ذلك ، ثم أخذوا يتصاهرون مع قبائل البتهان التي تسكن بلاد السند ، ونتج عن هذا التناسل قبيلة اللودهيين ومنها الشيخ حميد بن لودي ” وفي موضع آخر (2) يقول ” لاحظ ريفرتي خطأ فرشته فجعل الصحيح لكلمة (لودي ) هو (لؤي) ” ” وبذلك تحقق ريفرتي أن الشيخ حميد من أسرة لؤي ، وليس من أسرة لودي التي لم يكن لها وجود في هذه الفترة من التاريخ ” كما ذهب المسعودي أن حاكم الملتان كان من بني أسد ينتمي إلى سامة بن لؤي ، ثم في موضع آخر (3) يقول ” خرجت لفظة (لؤي) بالهمزة إلى لودي ، كما اوردها فرشته فتحولت الهمزة الى دال اي حدث لها مخرج من الحنجرة الى الغار الذي هو مخرج الياء المجاورة لها ، وعلى اغلب الظن أنها ليست الدال الفصيحة بل الدال المغورة (التي مخرجها الغار) ،،، ثم رجعت الكلمة بعد ذلك من سياحتها عبر السنين فسمعت الدال المغورة وكأنها فاقدة لصفة الجهر.

فتحولت إلى نظيرها العربي المهموس (صوت التاء) و الفرق صوتي بين الدال والتاء هو الجهر ويتطابقان في المخرج فمن خلال هذا القانون الصوتي تحولت إلى كلمة (لوتا) بالتاء بدلا من الدال فتحولت (لودي ) الى (لوتي) وكلمة لوديان إلى لوتيان ” إلى هنا انتهى كلام دكتور فيصل سيد طه

الرواية الثانية : ما ذهب إليها جواد جعفر الخابوري بقوله ( فبني لؤي بالسند هم اللواتية بعينهم بعمان ، استبدلت بني بياء النسب فقيل لهم لوائية ثم أُبدلت الهمزة بالتاء تخفيفا في النطق فقيل لهم لواتية).(4)

الرواية الثالثة : ما ذهبت إليها دكتورة نورة القاسمي أن اسم اللواتيا نسبة إلى لوتيانا وهو اسم نهر في منطقة لها نفس الإسم في البنجاب وهي مشهورة بصنع الشيلات وتقول فمن المؤكد أن اللواتيا وثنيون تحولوا عن الهندوسية ، وهم لا يشبهون اللوهانا ولكنهم من الباتيا وتؤكد تسمية – لوتي هذه النظرية فمن بين بطون الباتيا البنكلوتيا (الشهداء الخمسة) الذين يحتلون مكانة هامه في طائفة الباتيا وقد تحول عديد من الباتيا في الهند إلى الإسلام ومن المؤكد أن اللواتيا كانوا من بطون الباتيا البنكلوتيا

الرواية الرابعة : ما ذهب إليها محمد عبدالله الحارثي (فمن المؤكد إلى حد ما أن اللواتيا مثلهم مثل الخوجات الموالين لهم في الدين في الهند والذين تحولوا من الهندوسية ومع ذلك وعلى العكس من الخوجات فإن اللواتيا قد لا يكونون”لوهانيين” لكنهم بهاتيا فإسم “لوتي” يعتبر إشارة مهمة لهذه النظرية وضمن عشيرة بهاتيا “البانشولوتيا” والشهداء الخمسة الذين تخلد ذكراهم كحدث مهم في تاريخ البهاتيا وقد أعتنق عدد كبير من البهاتيا في السند الإسلام ومن المرجح أن اللواتيا من قبائل بهاتيا البانشولوتيا هم الذين أعتنقوا الإسلام ) (5)

نقف عند هذه الروايات لمناقشتها :-

أولا : تبين لنا من خلال مراجعة هذه الروايات و المصدرالمقتبس منه أصل كلمة (لوتي) أربع مصادر :1. عشيرة لودهي من أفغانستان . 2.بسبب تواجد اللواتية في السند وصعوبة نطق أهل السند الهمزة في لؤي استبدلت الى التاء فاصبحت لوتي .3. نسبتها إلى نهر لوتيانا في البنجاب ، 4. نسبتها إلى عشيرة البانشولوتيا من قبيلة بهاتيا .

فإذا كان هناك اختلاف في مصدر أصل الكلمة فاننا بلا أدني شك وقعنا في إشكالية تاريخية خاصة إذا قلنا إن الذين هاجروا من عمان إلى بلاد السند كانوا لواتيا ، فهل كلمة اللواتية كانت معروفة عندهم قبل الهجرة أم لا ؟ فلو قلت لم تكن معروفة، فلماذا أختاروا كلمة (لوتي) ولم يختاروا كلمة (السامي) ! طالما هم من بنو سامة بن لؤي ، وبنو سامة معروفون في الهند والسند بالساميين ، فلا ضير عند أهل السند والهند في نطق كلمة (السامي) سواء اختلف غيرهم في النطق أم لم يختلف .

أما إذا قلت كانت معروفة إذن لماذا ينسب اللواتية أنفسهم إلى السند وهم عرب أقحاح ؟ لماذا جعلوا محور ظهورهم بهذا الاسم من السند ؟ والمستغرب منه أن جواد الخابوري أرجع أصل كلمة (اللواتي) إلى بلاد السند ، والحال كلمة (اللواتي) كانت مستخدمة في المصادرالعمانية منذ القرن السابع عشر للميلاد أي قبل ولادة جواد الخابوري بقرنين من الزمن.

ثانيا : ما علاقة كلمة (لوتي) بكلمة (لودي) نسبة إلى قبيلة اللودهي كما ذهب إليها الدكتور فيصل في كتابه ! أن كلمة لودي أستبدلت إلى تاء في الرحلة السياحية عبر السنين ، رغم أن الدكتور فيصل لم يبين علاقة العرب بقبيلة اللودهيين ، علما أن هذا الاقتباس لا يستقيم مع الحقائق التاريخية لسببين :

ألف : اللودهيين سلالة أفغانية حكمت الهند 855 – 932 هجرية ، 1451 – 1526 للميلاد ، سقطت دولة اللودهي على يد بابر المغولي وهذه السلالة ظهرت بعد سقوط إمارة بنو سامة في الملتان ، واللواتية رجعوا إلى وطنهم عمان بعد سقوطها ترى من بقي من اللواتية كي يلتحقوا بقبيلة اللودهيين ؟ ومتى رجع هؤلاء إلى عمان ؟ وبأي اسم رجعوا ؟ وعلى أي مذهب رجعوا ؟

باء : التاريخ لا يسجل لنا أي تواجد لبني سامة في البنجاب في عهد الدولة اللودية التي قامت من سنة 855 هجرية إلى 932 هجرية ، ولم تكن هذه الدولة تحكم بلاد الهند جميعًا ولكن قامت العديد من الإمارات الموازية في مناطق وأقاليم الهند الواسعة مثل كشمير والملتان والكوجرات والبنغال وجانبور وهضبة الدكن، وفي هذه الفترة كانت إمارة بني سامة في الملتان قد سقطت قبل 500 عام من قيام دولة اللودي التي سقطت على أيدي المغول عام 932 هجرية بقيادة محمد بابر شاه الذي وحد الهند تحت راية واحدة حتى سقوطها في قبضة الاحتلال الإنجليزي

فلو كان مسمى لوتي مقتبسا من كلمة لودي لرأينا تواجد اللواتية ومظاهر معيشتهم في أفغانستان قبل و بعد سقوط إمارة بني سامة في الملتان ، وهذا الإقتباس سيلغي الإنتماء التاريخي للواتية ببني سامة بن لؤي بلا ادنى شك ، ومتعارف عند الباحثين والمؤرخين أن نسب القبيلة أو عشيرة يكون إما للمنطقة التي تعيش فيها أو بإسم الجد الجامع .

ثالثا : الدكتوره نورة القاسمي ذهبت أن اسم اللواتيا نسبة إلى نهر لوديانا في البنجاب فكما يبدوا أن الدكتور فيصل اتفق مع الدكتورة نورة على أصل اسم اللواتيا نسبة إلى نهر لوتيانا في منطقة لودي في البنجاب التي سكنتها قبيلة اللودي وقامت هناك دولتهم واعتبرتها الدكتوره النظرية التي تؤكد أنهم لا يشبهون لوهانا ولكنهم من الباتيا ، علما أن الأصول الجغرافية لطائفة بهاتيا غير مؤكدة حسب السيردنزل ابستون عالم انثوغرافيا البريطاني الذي كان نائب حاكم البنجاب عام 1907 م هذا من جهة ، ومن جهة أخرى أن مسمى اللواتيا لم تذكر في أي من مدونات المؤرخين البريطانيين والهنود في شبه القارة الهندية علاوة على ذلك لم يدعي أحد من اللواتيا أنهم من طائفة بهاتيا ، والاعتراف يؤخذ به و يعتبر حجة شرعية في ثبوت النسب ، وعليه يبقى ما ذهبت إليها الدكتور نورة مجرد تخمينات التي لا ترقى إلى مستوى اليقين ، فهي ميدان الكاتب الذي يلتجئ إليها في اغلب الأحيان إذا تعذرعنده دليل تاريخي ملموس.

رابعا: إن ما ذهب إليها محمد عبدالله الحارثي ان اللواتيا هم من عشيرة البانشولوتيا التابعة لقبيلة بهاتيا، إن هذا الإدعاء ينافي الوقائع التاريخية والروايات المتواترة ، فلو سلمنا أن اللواتيا هم من قبيلة بهاتيا فإن إجماع هذه القبيلة لا يقرون بإنتساب اللواتيا إليهم من ناحية ومن ناحية اخرى لا توجد آية وثيقة قديمة تدل على نسب اللواتيا إلى عشيرة البانشولوتيا ، إضافة إلى أن قاعدة الإستفاضة والشهرة غير متوفرة من ابناء قبيلة بهاتيا في البلدان المتواجدين فيها وتحديدا عمان أن اللواتيا هم من نفس القبيلة، بالنتيجة هذا إدعاء فارغ دونه حجب الترديد والإبهام .

المؤرخ الفرنسي الكبير كوتيى وجد أن البربر إذا أرادوا الجمع زادوا ألف وتاء فصارت (لوتاه) والعرب إذا أرادوا التعريب حملوا على الإفراد وألحقوا به هاء الجمع فصارت لواته أو لواتية إذا أستبدلت الهمزة بالتاء، ، ومعجم السلطان قابوس للأسماء العربية أكد على أصل كلمة (اللواتي) وموضعها المغرب نسبة إلى قبيلة لواته.

تاريخ قبيلة لواته :-

قال بعض النسابة إنهم عرب اليمن وهم أبناء برنس بن بر بن قيذار بن اسماعيل النبي بن إبرهيم خليل الرحمن وله أخ اسمه لوته بن اسماعيل بن إبرهيم ، وهم أكبر قبائل البربر وأوفرهم عددا وأوسهم شعوبا ومنهم قبائل قريش .حيث أعتبر بعض النسابة أن العرب انتشروا من اسماعيل النبي . والمؤرخون قسموا العرب إلى قسمين العرب البائدة وهم العرب الأوائل الذين درست أثارهم وبادت مثل عاد وثمود . والعرب العاربة وهم بنو قحطان بن عابر بن شالخ بن أرفشخذ بن سام بن نوح .
وقحطان كان عنده أولاد منهم يعرب وجرهم وعندما مات قحطان ولي ملك اليمن يعرب فولى أخاه جرهم الحجاز وتداول الحكم بنوه حتى نزل إبراهيم أرض الحجاز ومعه اسماعيل فتعلم منهم العربية وتزوج منهم ورفع هو وإبراهيم النبي قواعد البيت فتولى اسماعيل أمر البيت وتداول بنوه أمره حتى غلب جرهم على أمر البيت ، وعندما تفرقت قبائل اليمن بعد سيل العرم رجعت جرهم إلى اليمن وتولت القضاعة أمر البيت حتى ظهر النبي الخاتم (ص) فتولى المسلمون أمر البيت إلى اليوم .(6)

علاقة كلمة (لواته) حسب قواعد النسب يمكن تحقيقها من حيث الأصل (الأب الجامع) ، و جدير بالذكر أن بعض المؤرخين (7) يعدون قبيلة لواته من قبائل قريش السامية ، الأمر الذي يجعلنا الركون إلى أن أصل كلمة (لوتي) مشتقة من لواته ، وإن اختلفت الظروف التاريخية ،لأن الاختلاف التاريخي لا يعني فصل القضايا عن بعضها البعض وإن اختلفت في المعاني والدليل على ذلك :-

ألف :- من حيث الآصل (الأب الجامع) وجود قبيلة لوتاه في دولة الامارات العربية المتحدة ، (ولوتاه) كلمة كان يضيف البربر من شمال افريقيا فيه ألف وتاء إذا أرادوا النطق بالجمع كما أسلفنا ، حيث ذهب سعيد لوتاه (9) رئيس مؤسسة س.س. لوتاه بقوله :-

أن ” قبيلة لوتاه عربية أصيلة ترجع في نسبها إلى لؤي بن الحارث بن سامة بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر وهو قريش بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان وأنهم يشكلون الجزء الأعظم في الإمارات العربية المتحدة في دبي ، اللواتية ولوتاه موجودين في عمان والامارات وهم نفس القبيلة، ولكن الفرق الوحيد هو المذهب فأغلب اللواتية شيعة وأغلب لوتاه سنة “

باء :- هذا يحملنا بالقول أن هجرة بنو سامة كانت إلى مناطق عديدة من غير عمان لم يدون التاريخ هذه الهجرات بشكل صحيح ، ولم يهتم المؤرخون لها بقدر اهتمامهم بالسلطة السياسية والمذهب المسيطر على المشهد السياسي.

الخلاصة : بالجمع بين هذه القرائن نستنتج أن أصل كلمة (اللواتي) (8) هي نسبة إلى قبيلة “لواته” وهي قبيلة عربية ، مما يدل أن كلمة “لوتي” لم يتم اقتباسها من أي مصدر خارج عن البيئة العربية الأصيلة ، وإن قل استخدامها في عمان في حقبة زمنية معينة لأسباب سياسية أو مذهبية .والحمدالله رب العالمين

المصادر

(1) الدكتور فيصل سيد طه حافظ – اللواتية في التاريخ – 191- دار المحجة البيضاء – بيروت – لبنان
(2) نفس المصدر ص 192
(3) نفس المصدر ص 193
(4) الأستاذ جواد 23) بن جعفر بن ابراهيم الخابوري اللواتي – الأدوار العمانية في القارة الهندية (دور بنو سامة بن لؤي – اللواتية – دار النبلاء – بيرت – لبنان – ص 48
(5) الوجود الهندي في الخليج العربي 1820 -1947 م ، دكتورة نورة محمد القاسمي ، منشورات دار الثقافة والإعلام – الشارقة أ ع م 1996م ص 74 موسوعة عمان للوثائق ، اعداد وترجمة محمد عبدالله بن حمد الحارثي ، مركز دراسات الوحدة العربية ، بيروت ، لبنان ، المجلد الأول ص 462-463

(6) عبدالوهاب بن منصور – قبائل المغرب – جزء 1 ص 266 – المطبعة الملكية – عام 1969 م رباط – المغرب
(7) سعيد أحمد ناصر آل لوتاه المتوفي عام 2020م – موقع إسألنا الالكتروني – 25-8-2015م
(8) موسوعة السلطان قابوس لأسماء العرب – معجم أسماء العرب – المجلد الثاني – ص 18 – جامعة السلطان قابوس – مكتبة لبنان .

(4)

التاريخ عندما يتحدث عن أصل الأب الجامع وهو سامة بن لؤي فإننا لانستطيع التفريق بين بطن دون بطن المنتمي إلى الأب الجامع ، وعندما هاجر محمد بن القاسم بن منبه السامي عمان وأقام إمارة في الملتان حمل طموحات قبيلته في الاستقلال السياسي والاجتماعي ، فمن الطبيعي جدا أن كل من يجتمع تحت مظلة هذه القبيلة توحدهم عقيدتهم الدينية والمذهب الذي ينتمون إليه .استقر اللواتية على طول الخط الساحل العماني ، حيث تشكلت هويتهم الوطنية ضمن حدود وجغرافية عمان ، فعمان بلد عربي أصيل له تاريخ عريق وتراث حضاري ضخم يعبر عن مجموعة صفحات مشرقة في تاريخ الإنسان العماني قبل وبعد ظهورالإسلام على يد خاتم الرسل (ص)، واللواتية أصبحوا جزءا لا يتجزءً من هذا التراث التاريخي .

وقد تعرض تاريخهم لإهمال كبير ونكران في آن واحد ، الأمر الذي جاء مصحوبا بتشتت المصادر وضياع الكثير من الحقائق التاريخية ، وعدم عناية الباحثين بهذا التراث فإن هذا كله جعل مهمتي شاقة لاستكمال الحلقات المفقودة والمهملة في تاريخ اللواتية وإن كانت مهمة صعبة وغير سهلة ولكن من حسن الحظ أن هذه الأسطر وجدت ضالتها في المصادر الحديثة والقديمة والتي تناولت حركة بنو سامة في عمان وفي شبه القارة الهندية .(ملاحظة خصصت جزء الثاني من البحث الحديث عن سامة بن لؤي)

وبذلك بدأت بداية صحيحة كما ينبغي في ستيفاء الحلقات المفقودة ، وتسليط الأضواء على جوانب عديدة من تاريخ اللواتية ، وثمة حقيقة نؤكدها هي عدم صحة الدعوى القائلة أن اللواتيين لم يكن لهم مسمى قبلي لهذا سمو حيدرآباديين تارة والخوجة تارة أخرى والتي جاءت ضمن عبارات خاطفة عند بعض المؤرخين والكتاب . وهذا النكران جاء بسبب أن تاريخ اللواتية كتب بأيدي غير الباحثين اللواتية ، لأنهم هم من يستطيع إضفاء الوصف على ما كان يجري عندهم من تيارات اجتماعية وغيرها التي حددت مسار حركة اللواتية في عمان ، وفيما عدا ذلك فإن كافة الشواهد تشير أن اللواتية لم يفتقروا يوما إلى مدونين للتاريخ بقدرما سمحت لهم ظروفهم .

كل ما هنالك هو أن هذا التراث تعرض لأحداث زمنية مثلما تعرض له تراث معظم القبائل العربية والإسلامية من ضياع وشتات فضلا عما كان يصحب هذه الفترة من حروب محلية وفتن داخلية و إحراق للمصادر وتخريب للآثار التراثية . بالإضافة إلى ذلك فإن هذا التراث أيضا دون في مخطوطات والتي لم يتم العثور عليها مثلا تاريخ السند القديم ويسمى شناسيه نامه الذي ضاع ضمن حملة هولاكو للسند ، لهذا نحن بحاجة إلى جهد كبير لإيجاد مثل هذه المصادر وتحديد نوعية المعلومات والحقائق التاريخية المدونة فيها وعرضها تمهيدا لنشرها وهذا ليس بالأمر السهل لسببين:-

اولا:- إن ما كتب عن اللواتية كتب بيد غير لواتية وهذا يتطلب التدقيق في محتواها . ثانيا :- وجود عبارات غامضة في التاريخ الشفهي المنقول من المتأخرين لا يفهم معناها جعلت مهمتي صعبة في الوصول إلى صحة ما ورد في هذا التاريخ . لهذا كان لابد من تحديد إسم الشخص الناقل للمعلومة والذي سيعطينا فرصة كبيرة لمقاربة الفترات الزمانية لتلك المعلومة ،وهذه كلها عوامل تساعدنا على الحكم على حدث تاريخي وتقييم التراث والنتيجة المتواخاة منه ، والمؤلف والمؤرخ يجب أن يكون أمينا فيما يكتب وصادقا فيما يروي ودقيقا فيما يحكي .

من هنا فإن معرفة أسماء الرموز المتحركة في تاريخ اللواتية ضرورية جدا في كثير من الحالات لأنها بمثابة طرف الخيط الذي يؤدي بنا إلى تتبع المواقف والوقوف على ميول كاتب المعلومة وثقافتة وفكره ، والمتمعن في التراث الذي كتب بأقلام المحلية نجد أنهم أخذوا واستقوا مما دونه غيرهم دون تمحيص المعلومات والتدقيق في الأحداث التاريخية ، وهذا لايعني تقليل من شأن أحد لأنه لم تكن هناك أي غضاضة في نقل المعلومات .حيث أن تدوين تاريخ اللواتية كان مع بداية هجرتهم من شبه القارة الهندية إلى عمان وتحديداً في القرن الخامس عشر الميلادي ، ولم يتم التطرق إلى تاريخهم ما قبل هذه الهجرة وهذا الإهمال في التدوين قد تكون لأسباب شخصية ، أو ميول خاصة في عدم كشف النقاب عن ما قد مضى . وكيفما كان فنحن لم نقصد سوى بسط رأي جديد بين يدي موضوع لم يتوضح بشكل علمي تاريخي وهذا الذي جعلنا أن لا نسدل الستار عن حقائق تاريخية إن لم نكشفها فلا أقل نميط الغموض عنها .

هجرة اللواتية وحملة محمد بن القاسم الثقفي لفتح السند

كما هو متعارف أن الهجرات القبلية لا تكون على أساس أسرة واحدة بل أغلب أفراد القبيلة ينتقلون معا ، وهذا ما حصل مع لواتيا الذين سكنوا في الباطنة و بمحاذاة الساحل البحري المعروف الآن بسور اللواتية ، وهؤلاء كانوا شيعة إثنا عشرية ، يذكر باقر الصالح (1) (والمذهب الشيعي هو المذهب الديني الرسمي للمنطقة المحيطة بعمان من الشمال منذ عام 1501م) من هنا نستدل :

أولا : إذا قلنا أن هجرة اللواتية إلى السند كانت بعد سقوط دولة بنو سامة في عمان على يد القرامطة في(317 هجري 929 ميلادي) ، وأن اللواتية خرجوا مع حملة محمد بن القاسم الثقفي إلى السند عام (90 هجري 706 ميلادي) أي أن حملة الثقفي كانت قبل 227 عاما من قيام دولة بنو سامة في عمان هنا يرد إلينا إشكالية تاريخية :

1.إذا كانت حملة محمد بن القاسم الثقفي إلى السند قبل 227 عاما من قيام دولة بنو سامة في عمان كما ذهب إلية جواد الخابوري (2) ” ثم في سنة 93 للهجرة خرج بنو سامة مع غيرهم من العمانيين مددا لجيش محمد بن القاسم الثقفي الذي غزا السند من ناحية مكران ” فبمن ألتحق اللواتية في الملتان ولا يوجد أحد من بني سامه هناك ، علما أن إمارة بنو سامة في الملتان قامت (عام 375 هجري 985 ميلادي) أي بعد 285 عام من حملة محمد بن القاسم الثقفي .

  1. وإذا قلنا كما ذهب إلية الدكتور فيصل طه (3) ” لا يهمنا هنا استرسال أحداث فتح السند والملتان بقدر ما يهمنا التركيز على دور بنو سامة في الفتوحات” وفي موضع آخر يقول (4) ” وفي سنة 93 هجري 711 ميلادي خرج بنو سامة مع غيرهم من العمانيين مددا لجيش محمد بن القاسم الثقفي الذي غزا بلاد السند من ناحية مكران ” والغريب في الأمر أن الدكتور فيصل نقل ما ذهب إليه جواد الخابوري في جزئية الهجرة وكلاهما غفلا عن جزئية مهمة وهي أن المؤرخ عندما يكتب عن الفتوحات الإسلامية يركز على ذكر قائد الجيش ولا يتطرق إلى مكونات الجيش لأنها من أجناس وأعراق مختلفة ، والدليل البلاذري لم يكتب عن بنو سامة كأحد مكونات الجيش الذي تحرك لفتح السند ولكنه ذكر أن الحجاح بن يوسف الثقفي زود محمد بن القاسم الثقفي بستة الآف مقاتل من بلاد الشام وليس من عمان .هذا دليل أن جيش محمد بن القاسم الثقفي كانوا من بني أمية وحلفائهم في بلاد الشام هذا من جهة ، من جهة اخرى لم يشر القاضي الجوزجاني ولا ابن خلدون (5) عن مكونات هذا الجيش ، ولو سلمنا جدلا أنهم خرجوا مع حملة الثقفي فهذا ليس دليلا تاريخيا عن تواجد اللواتية العمانيين في شبه القارة الهندية لأنه كانت هناك هجرات أخرى لغرض تجاري قبل حملة محمد بن القاسم الثقفي لفتح السند ، والنشاط التجاري للعرب ليس وليد اللحظة إنما يمتد تاريخه إلى ما قبل الإسلام بقرون عديدة . ثالثا : الدكتور فيصل نقل نفس العبارات التي ذكرها جواد الخابوري في كتابه أن اللواتية خرجوا مع حملة محمد بن القاسم الثقفي (6) ، ولكن الدكتور فيصل لم يذكر من أين اقتبس جواد الخابوري هذا الخبر واعتمده كحقيقة تاريخية ، علما أنه لا يوجد دليل تاريخي يعتمد عليه عند كليهما ، فهو مجرد التخمين من المؤلف لا يعني أنها حقيقة تاريخية ما لم يثبت العكس ، وهذا يستدعي بنا القول أن بنو سامة لم يخرجوا من عمان في حملة محمد بن القاسم الثقفي للأسباب التالية :-

الأول : إن محمد بن القاسم الثقفي شخصية مناوئه لأنصار علي ابن أبي طالب وبنو سامة كما سياتينا عنهم لهم سجل تاريخي في الوقوف مع الخليفة العادل علي بن أبي طالب (ع) فلا يمكن أن يحملهم معه في حملته لفتح أجزاء من السند

ثانيا: الحجاج بن يوسف الثقفي حاول أن يخضع عمان للسيطرة الأموية مستعملاً القوة والعنف وتشير ‏المصادر التاريخية إلى أن أول حملة عسكرية بعث بها الحجاج إلى عمان كانت بقيادة ‏القاسم بن شعوة المزني وقد رست الحملة في ساحل حطاط إلا أن العمانيين قاوموا ‏مقاومة باسلة مما أدى إلى اندحار الحملة وقتل قائدها لذا فقد أخذ الحجاج يعد العدة ‏لإرسال حملة كبيرة تحت قيادة مجاعة بن شعوة وهو شقيق القائد الذي لقي ‏حتفه في الحملة الأولى وبلغ عدد المقاتلين أربعين ألفاً وقسمت القوات إلى قسمين قوة ‏سلكت طريق البر وأخرى أخذت طريق البحر واختار الحجاج بن يوسف كل المقاتلين ‏من النزاريين الذين لا يمتون للأزد بصلة ، ولا ننسى أن بنو سامة هم حلفاء الأزد .

وصلت القوات البرية قبل القوات البحرية وكان سليمان بن عباد الجلندي على علم ‏بخروج الحملة ووقعت المجابهة بالقرب من وادي بوشر ونزلت الهزيمة بجيش الحجاج ‏في القوت الذي كانت فيه القوات البحرية قد وصلت إلى جلفار (رأس الخيمة) ولجأ ‏العمانيون إلى استخدام أساليبهم البحرية من بينها إحراق أكثر من خمسين سفينة من ‏أسطول الحجاج مما دفع ببقية السفن إلى الفرار نحو البحر ، فهل سيأخذ محمد بن القاسم الثقفي بنو سامة معه في حمله لفتح السند ؟ الجواب كلا (7)

ثالثا : يذكر البلاذري أن الحجاج ما أن تولى العراق حتى فوجئ باستيلاء إحدى الأسر العربية وتدعى أسرة العلافي من بني سامة بعد فرارهم من عمان إلى داهر حاكم السند ورحب بهم الأخير بعد ان اطمئن لهم وشاركوا مع داهر في بعض معاركه ، فلما عين الحجاج القائد سعيد بن زرعة الكلابي واليا على مكران اصطدم مع العلافيين فقتلوه بل واستولوا على حكم مكران ( 80-85 هجري 699-704 ميلادي) فهل سيحمل محمد بن القاسم الثقفي اللواتية من بنو سامة معه في حملته لفتح السند ؟ مؤكد لا (8) .والحمد لله رب العالمين .

المصادر

(1) باقر محمد الصالح سور اللواتية في مطرح ص 27
(2) الأدوار العمانية في شبه القارة الهندية – جواد الخابوري – ص 49
(3) فيصل سيد طه – اللواتية في التاريخ – ص121
(4) فتوح البلدان – البلاذري – ص 456 – باب فتح السند وأيضا ص 424
(5) إبن خلدون – جزء 3 ص 60
(6) جواد الخابوري – المصدر السابق – 49

(7) فصل في بعض أخبار عمان من كتاب المراقي ، محمد علي عبدالباقي ، ذاكرة عمان -2016 ،ص16

(8) البلاذري ، فتوح البلدان ، ص 386 ، اليعقوبي ، تاريخ اليعقوبي ج 2 ص 277

(5)

وقفة مع جواد الخابوري في هجرة اللواتيا إلى السند

مما يثير الاستغراب أن جواد الخابوري ذكر ” ثم في سنة 93 للهجرة خرج بنو سامة مع غيرهم من العمانيين مددا لجيش محمد بن القاسم الثقفي ” وفي موضع آخر يقول ” ثم في سنة 317 للهجرة هرب بنو سامة بن لؤي من عمان إلى السند على إثر تغلب القرامطة على حكمهم بعمان ولحقوا ببني أبيهم من بني سامة بن لؤي حكام الملتان ، قال ابن رسته في كتابه (الأعلاق النفسية ” يقيم في الملتان قوم يدعون انهم من ولد سامة بن لؤي يقال لهم بنو منبه وهم الملوك على الهند وهم يدعون لأمير المؤمنين العباسي” (1) وهذا يجعلنا مناقشته تاريخيا كما يلي:

ألف : علاقة بنو سامة مع العباسيين كانت علاقة روحية ،وابن رسته لا يعطينا تفاصيل واضحة ، اكتفى بالقول يدعون لخطبة لبني العباس ولكن لم يكن عسيرا أن ندرك هدف الأمير السامي في بناء هذه العلاقة الروحية حيث كانت ارهاصا لأهداف فاطمية مستقبلية فلم يكن مبررا لخطبة باسم بني العباس حيث انقطعت هذه العلاقة فور اعلان الامير السامي ولائه للفاطميين وهذه الخطوة لم تكن لحظة عابرة للأمير السامي بل كانت نتيجة خطة بعيدة المدى من الشيعة من بنو سامة وهذا الذي شجع الاسماعيلين أن يكسبو جولات ضد بني العباس ، ويوطدوا علاقاتهم مع أمراء بني سامة .

باء :- لم يستقر رأي جواد الخابوري متى خرج بنو سامة من عمان ، تارة يقول أن بنو سامة خرجوا مع حملة محمد بن القاسم الثقفي لفتح السند وتارة يقول هرب بنو سامة إلى السند إثر تغلب القرامطة على حكمهم في عمان فالتحقوا ببني أبيهم بني سامة بن لؤي بعد سقوط دولتهم في عمان ، فأي من هاتين الروايتين نرجح ؟ ، فإذا قلت نرجح خروجهم مع حملة فتح السند سنة 93 للهجرة ، فإن الظروف التاريخية التي كان يعيشها العمانيون وبنو سامة مع خلافة بني أمية لا يبرر خروجهم مع حملة محمد بن القاسم الثقفي كما إتضح لنا والحدث التاريخي يبرره ظروفه ، بالنتجية لا دليل عند جواد الخابوري عن التواجد اللواتي في السند كان بسبب حملة محمد بن القاسم الثقفي إليها.

جيم : قبائل الأزد وحلفائهم من بني سامة شاركوا في إنهاء الوجود الفارسي والقرمطي من عمان ، فلماذ يهرب بنو سامة إلى الملتان ؟ المصادر العمانية تنطق أن للواتية أحفاد سامة بن لؤي تعرضوا إلى هجمة في مطرح وضربت بيوتهم بمنجنيق الأخشاب و لم تقل هذه المصادر أنهم هربوا أو هاجروا إلى السند بسببها وهم أولى بالهجرة إلى بني عمومتهم في الملتان ، ولكنهم وقفوا مع الإمامة الإباضية في طرد الغزاة وهذه التضحيات كانت ومازالت محل احترام وتقدير من الجميع .

دال : أما عن جزئية رجوع اللواتية من السند إلى عمان لو سلمنا أن اللواتية رجعوا إلى وطنهم الأم “عمان” فيجب أن تكون هذه العودة بعد سقوط إمارة بني سامة في الملتان عام 375 هجري 985 ميلادي ، وهذه الجزئية وقع فيها اختلاف بين القوم منهم من قال كانت عودتهم في القرن الخامس عشر الميلادي

فلو سلمنا ذلك فأين ذهب بنو سامة بعد سقوط إمارتهم في الملتان في بداية القرن العاشر للميلاد، فهناك فارق زمني كبير بين سقوط إمارة بنو سامة في الملتان في بداية القرن العاشر الميلادي ورجوع اللواتية إلى عمان في القرن الخامس عشر الميلادي أي بعد 5 قرون فأين كان اللواتية خلال هذه المدة في السند أم في عمان ؟ فإذا قلت في السند فتحت ظل أي مملكة من الممالك الإسلامية عاشوا بعد سقوط امارة بني سامة في الملتان ؟ وإذا قلت كانوا في عمان فيستوجب إسقاط رواية رجوع اللواتية إلى عمان في القرن الخامس عشر للميلاد ،إذن الرواية ليس لها سند تاريخي معتبر.

رواية نسب اللواتية إلى حكم بن عوانة .

قبل الحديث عن بداية هجرة اللواتية من شبه القارة الهندية إلى عمان ، سنتطرق إلى الرواية القائلة أن اللواتية هم أبناء الحكم بن عوانة والذي ذهب إليه أحد أبرز مثقفي قبيلة اللواتية وهو الأستاذ محمد بن تقي بن حسن (كمندر) (2) ذكر محمد تقي حسن (كمندر) أن اللواتية هم بنو حكم بن عوانة بن عياض بن وزير بن الحارث بن أبي حصين بن ثعلبة بن خبير بن سلمة بن عامر بن ود بن عوف بن كنانة بن عوف بن عذرة بن زيد اللات من بني كلب بن وبرة ابن حزم . استدل على ذلك ضمن أحداث تاريخية في عهد الخليفة الأموي هشام بن عبدالملك كتبها على شكل مذكرات يقول فيها ما يلي :

” أن الحكم بن عوانة كان والي الخلافة الأموية على السند بعد ما توفي والي السند تميم بن زيد العتبي ، ولاه خالد القسري والي العراق على السند ، قتل الحكم بن عوانة عام 122 هجري واما إبنه عوانة بن الحكم بن عوانة الكلبي فكان من التابعين واخيارها ، وقال ابن حجر في للسان “ومن ولد الحكم بن عوانة الكلبي قوم بعمان حين اقبلوا من السند يريدون الشام فنزلوا بمسكد (مسقط ) فاقاموا بها) إلى هنا انتهى كلام محمد تقي حسن (كمندر) .

نقف عند هذه الرواية لمناقشتها :-

أولا : بطبيعة الحال أن محمد تقي حسن (كمندر) مدح عوانة ابن الحكم بن عوانة واعتبره من الأخيار وأعتقد أنه لم يغرد خارج السرب ، فإبن الحكم يعتبر من الرواة الثقات عند علماء الحديث وله كتب في سيرة بنو أمية ، وفي التاريخ ، وله ميل كبير للعباسيين وآل بيت النبي الخاتم (ص) ، وكان ممن ينادي بالجبر في الإرادة الإلهية خاصة فيما يتعلق بالسلطة ، وقد ذكر أخباراً كثيرة عن أحوال المسلمين، والفتوحات الإسلامية ولكنه لم يذكر يوما أن هناك نسل الحكم بن عوانة في مسقط ، وهذا يدل أن شرط شهرة وجود أبناء الحكم بن عوانه في مسقط غير متوفر حسب قواعد النسب عند النسابة.

ثانيا : طالما لم يقطع عوانة بن الحكم بن عوانة بين القديم والحديث في فترة إسلامه بين تاريخ العرب قبل الإسلام والتاريخ الإسلامي في عصر الرسول الأكرم (ص) فنحن نجد في كتاباته الفخر بالقبيلة، وهذا ما عكست رواياته ، فالقبيلة عنده وحدة اجتماعية متماسكة ، والوحدة هي الأساس في السياسة والاقتصاد والاجتماع ، فشخصية كشخصية عوانة بن الحكم بن عوانة من مصلحته أن يذكر دور البطون التي تنتمي إلى بني كلب والمقيمين في مسقط وهذا ما لم نجده عنده .

ثالثا : عوانة بن الحكم بن عوانة يقر لمعاوية الخلافة وهي نقطة جوهرية في الصراع المذهبي عند الشيعة و عند الإباضية فكلا المذهبين على طرفي نقيض من خلافة بنو أمية فهل يمكن أن يستقر الوضع الاجتماعي لأبناء الحكم بن عوانة في مسقط وسط توتر مذهبي ناهيك أن عوانة بن الحكم بن عوانة عثماني الهوى ؟ الجواب مؤكد لن يستقر، والحال التاريخ يخبرنا بالاستقرار والتحالف المذهبي بين بنو سامة الشيعة والإمامة الإباضية في عمان ضد بنو أمية

رابعا : قال اليعقوبي (3) “فلما قتل الحكم بن عوانة بأرض السند تنازع خلافته عمرو بن محمد الثقفي وابن عرار فكتب إلى يوسف بن عمر وكتب بذلك إلى هشام فكتب إليه هشام إن كان عمرو بن محمد قد اكتهل فوله، فمال يوسف بالثقفية إلى عمرو فولاه ، وأرسل إليه بعهده إليه فأخذ ابن عرار فحبسه وقيده وبنى عمرو بن محمد بن القاسم المنصورة” ،يتضح من قول اليعقوبي أنه وقعت صراعات قبلية في السند في العصر الأموي بعد مقتل الحكم بن عوانة وهو ما اشار إلية محمد تقي حسن (كمندر) في مدونته ولكن اليعقوبي لم يذكر ماذا حدث لأبناء الحكم من بعده .

علما أن وفاة اليعقوبي كانت عام 897 هجري أي بعد وفاة ابن الحجر عام 852 هجري ب 45 سنة ، وجدير بالذكر أن عوانة ابن الحكم بن عوانه لم يكن من أبناء قبيلة كلب الصرحاء (الصليبة)بل من الموالي حيث كان اجداده من موالي قبيلة كلب فكان جده لأبيه خياطا ادعى بعدما احتلم بينما جدته لأمه كانت امة سوداء لأل خريم بن فاتك الأسدي فلذلك كان يكثر السؤال هل هم صليبة أم من انفسهم موالي (4) وكان عوانة بن الحكم يضع الروايات لصالح بنو امية فمقتل مالك الأشتر قال قتل بجنود من عسل من عندالله (5) وقد ذهب ياقوت الحموي أن ابنه عياض بن عوانة عاش في الكوفة وكان نحويا شاعرا (6)

سادسا : ما ذهب اليه جواد الخابوري (7) ” أن محمد تقي حسن وقع في ورطة هي محاولتة لصوغ كلمة اللواتية من (اللات) ونسي أن اللات صنم كان لثقيف بالطائف” . إذا تتبعنا التاريخ في مسمى اللات وكلام محمد تقي حسن (كمندر) سنجد أن جواد الخابوري غفل عن هذه النقطة المهمة وهي :

اللات يعني يعجن العجين للحجاج واللات كان رجلا يحسن العجين للحجاج فلما مات جعلوا له ذكرى وقيل كان اسمه “صرمه بن عدم حسبما جاء في موسوعة ويكابيديا هذا من جهة ومن جهة أخرى أن محمد تقي حسن (كمندر) لم يتطرق إلى أصل كلمة (لوتي) أنها مقتبسه من (اللات) في مذكراته ، بل ذكر اللات ضمن سلسلة نسب حكم بن عوانة ، فالطريق الذي سلكه صحيح في ذكر نسب الحكم بن عوانة ، ولو قطع سلسلة أجداد الحكم بن عوانة لما استطاع الاستدلال بنسب اللواتية إلى الحكم بن عوانة . .خلاصة القول : أن القرائن والحقائق التاريخية لا تساعدنا في الاعتماد على ما ذهب إليه الأستاذ محمد تقي حسن (كمندر) حول نسب اللواتية إلى حكم بن عوانة . والحمد الله رب العالمين

المصادر

(1) جواد الخابوري – نفس المصدر 49
(2) محمد تقي حسن (كمندر) رحمه الله – يعتبر من الشخصيات المهمة من الناحية الفكرية والتي لم تحظى باهتمام الكتاب المحليين بما كان يتمتع به من فكر وثقافة عالية جدا حيث كان يتقن اللغة الانجليزية بطلاقة الأمر الذي جعله يقوم بترجمة القرآن الكريم الى اللغة الإنجليزية وبعض الأدبيات الروحية كدعاء الصباح لأمير المؤمنين علي بن ابي طالب (ع) .

(3) اليعقوبي – تاريخ اليعقوبي – جزء 1 ص 241
(4) كتاب الوافي بالوفيات ، صلاح الدين الصفدي ،جزء 23 ص 101 – 102
(5) أنساب الأشراف ، البلاذري ، جزء 7 ص 107
(6) معجم البلدان ، ياقوت الحموي ، جزء 16 ص 87
(7) الأدوار العمانية في القارة الهندية – المصدر السابق – ص 85

(6)

قراءة في كتاب اللواتية في التاريخ حول هجرة اللواتية من السند إلى عمان

الروايات الشفهية :-
اختلف القوم في قبيلة اللواتية حول هجرتهم إلى عمان ، وهذا يدل على أن التاريخ الذي اعتمده البعض كتب من خارج القبيلة ، والبعض اعتمد على تقارير بريطانية ، والبعض اعتمد على تخمينات وهي على النحو التالي :-
الرواية الأولى : أن اللواتية عادوا إلى عمان بعد سقوط إمارة بنو سامة في الملتان ، وقبل هجرتهم إلى الهند كان بعضهم سني المذهب والبعض كان إباضي المذهب.
الرواية الثانية : قال البعض إنهم عاشوا في الهند وكانوا عربا وتزوجوا من هنديات ، وعودتهم كانت في القرن الخامس عشر الميلادي .
الرواية الثالثة : ذهب البعض أن هجرة اللواتية والخوجة كانت معا وعلى دفعتين جاء في كتاب اللواتية في التاريخ ” انتقل الخوجة واللواتية إلى عمان على شكل هجرات جماعية وفردية ، ولتحديد ملامح الهجرات الجماعية فمن الملاحظ أن هجرة منها أتت في القرن السادس عشر الميلادي ، وكانت من بلاد السند والملتان ، والهجرة الثانية كانت من منطقة كتش في القرن التاسع عشر منه (1)

مناقشة الروايات الشفهية :
أولا :- هذه الروايات بحاجة إلى دليل تاريخي ، لأن التنوع في الرواية التاريخية يجب أن تلامس الواقع التاريخي ومن ينقلها يجب أن يكون ملما بالحدث التاريخي وإن اختلفت مصادر النقل الشفهي ، خاصة إذا اتخذنا النقل الشفهي مصدراً من مصادر التاريخ وهذا الدليل التاريخي لم يقدمه الدكتور فيصل سيد طه في كتابه
ثانيا : إذا كان خروج اللواتية من عمان إلى الهند كان على المذهب السني أو الإباضي فهل خرجوا مع محمد بن القاسم الثقفي الأموي السني أم مع محمد بن القاسم بن منبه السامي الشيعي أي منهم ؟ فإذا قلنا أنهم خرجوا مع محمد بن القاسم الثقفي السني فإن جيشه كان من بلاد الشام وليس من عمان وهو ما ذهب إليه البلاذري ، علاوة على ذلك هناك خلاف سياسي بين الحجاج بن يوسف الثقفي والي بني أمية في العراق وبين بنو سامة ولا يمكن ان يحمل قائد جيشه لفتح السند بنو سامة معه كما تبين لنا .
ثالثا : لو سلمنا جدلا أنهم عادوا إلى عمان في القرن الخامس عشر الميلادي فرجوعهم كان على أي مذهب سني أم شيعي ام إباضي أم إسماعيلي ؟ الجواب البعض قال رجعوا على مذهب الشيعة الإثنا عشرية ، سؤال : على يد من تشيعوا ؟ على يد بير صدر الدين الأغاخاني فإذن هؤلاء كانوا هندوسيين ثم اعتنقوا الدين الإسلامي على يديه فأطلق عليهم بير صدر الدين مسمى “الخوجة” ، بالنتيجة لا يوجد توثيق تاريخي لهذه الرواية.

رابعا: إذا رجعنا إلى التاريخ نجد الإجابة أن أمراء بنو سامة في الملتان كان لهم ارتباط مع دولتهم في عمان، وأمراء بنو سامة في الملتان كانوا شيعة إثنا عشرية كما سنبينه لكم في الجزء الثاني من هذا البحث بالنتيجة فإن بنو سامة في عمان أيضا كانوا شيعة إثنا عشرية فخروجهم وعودتهم كان على نفس المذهب الإسلامي
خامسا : ما العلاقة بين الخوجة واللواتية حتى يرجعوا معاً إلى عمان ، الخوجة طائفة تختلف عن اللواتية ، تاريخ اللواتية متجدز في بيئة عربية أصيلة وتاريخ الخوجة متجذر في بيئة هندوسية وشتان بين الهويتين، و لو سلمنا مع الدكتور فيصل سيد طه فيما ذهب إليه في كتابه أن الخوجة واللواتية قسم رجع في القرن الخامس عشر الميلادي وقسم آخر رجع في القرن التاسع الميلادي علما أن الدكتور فيصل بنفسه لا يعرف متى قرر أول تاجر لواتي الاستقرار في عمان كما سيتبين لنا الآن .

قراءة في الوثائق البريطانية قدمها الدكتور فيصل ومناقشتها :

تحدث دكتور فيصل سيد طه (2) عن بداية هجرة اللواتية فيقول ” فإنه من الصعب أن نحدد بدقة متى قرر أول تاجر لواتي الاستقرار في عمان ، أو متى تكونت جاليتهم التجارية على السواحل العمانية ولكن بحسب رأي البعض فإنه يعتقد أنهم انشأؤا مستوطنة لهم في عمان تعود إلى القرن الخامس عشر الميلادي وقد دعم هذا الرأي ما أورده القائد البرتغالي الشهير دي البوكيرك في يومياته التي أشار فيها إلى أن قواته استعانت بهم وبغيرهم من التجار الهنود الموجودين في عمان لفرض سيطرة البرتغال التجارية ، وإدارة معاملاتها المالية ليس في عمان فحسب ، بل في أنحاء كثيرة من المحيط الهندي وبعدها استطاع اللواتية الظفر بموقع متميز في حركة التجارة بمسقط والخليج العربي ” إلى هنا إنتهي كلام دكتور فيصل سيد طه . مرفق أصل النص في ملف بي دي أف

أولا : لا يمكن قبول مقولة أن اللواتية كانوا في يوم من الأيام سندا للغزاة البرتغاليين للسيطرة التجارية على موانئ مسقط. والأخلاق الإسلامية التي ترعرع عليها اللواتية لا تسمح لهم الكيل بمكيالين نهائيا هذه غفلة تاريخية من الدكتور فيصل غير مقصودة .
ثانيا : متى كان للواتية تاريخ تجاري في السيطرة على انحاء كثيرة من المحيط الهندي ؟ هذا القول بحاجة إلى دليل وبرهان لم يقدمه لنا الدكتور فيصل .
ثالثا : نشرت مجلة الخليج العربي(3) دراسة حول الجالية الهندية وعلاقتها مع الإمامة الإباضية قال د كتور مقدام عبدالحسن :-
” ربما يصعب أن نحدد بدقة متى قرر أول تاجر هندي الاستقرار في عمان ، أو متى تكونت جالياتهم التجارية على السواحل العمانية ، ولكن بحسب رأي مايلز فإنه يعتقد بأنهم أنشاؤا مستوطنة لهم في عمان تعود إلى القرن الخامس عشر ، وكان دليله في ذلك وجود بقايا معبد هندوسي في قلهات – الميناء العماني الرئيس على البحر العربي خلال حقبة الاحتلال البرتغالي (1507- 1650) وقد دعمت الرواية القائلة بوجود تلك المستوطنة، بما أورده القائد البرتغالي الفرنسي دي البوكيرك في يومياته التي أشار فيها إلى أن قواته استعانت بهم لفرض سيطرتها التجارية وتمشية معاملاتها المالية ليس في عمان فحسب ، بل في أنحاء كثيرة من المحيط الهندي ، وبعدها استطاع الهنود الظفر بموقع متميز في حركة التجارة بمسقط والخليج العربي ” إلى هنا انتهى كلام الدكتور مقدام ، مرفق أصل النص في ملف بي دي أف

هذه العبارات هي ذاتها التي نقلها دكتور فيصل في كتابه مع حذف كلمة (هندي) وإحلال محلها كلمة (لواتي) وأضاف كلمة (وبغيرهم) إلى عبارة ” استعانت بهم ” ، وأنا لا أدري لماذا احتاج الدكتور فيصل إلى حذف الكلمات من أصل النص لإثبات هجرة اللواتية من الهند إلى عمان وكأن اللواتية يعيشون على هامش التاريخ. والحمد الله رب العالمين .

المصادر

(1) فاللواتية في التاريخ ، الدكتور فيصل سيد طه – ص 259
(2) المصدر السابق– ص 210
(3) مجلة الخليج العربي – المجلد (41) العدد (1-2) عام 2013 ميلادي – أ م د مقدام عبدالحسين فياض – كلية التربية للبنات – جامعة الكوفة

(7)

نقلت الأثير (1) تقريرا مفادها :-
“تشير بعض المصادر التاريخية إلى أن الجالية الهندية كانت توجد في عمان منذ القرن الخامس عشر الميلادي، وتحديدا في قلهات تلك المدينة المزدهرة تجاريا قبل غزو البوكيرك لهذه المدينة عام 1507م ، وقد زاد أعداد الهنود في مسقط بعهد دولة اليعاربة التي استجلبت الهنود والفرس للعمل كصناع وأصحاب أعمال وتجارة، فاستوطنوا عمان ووجدوا فيها مبتغاهم نتيجة الأمن والاستقرار، ومبدأ التعايش، والتسامح الذي يميز العمانيين عن غيرهم في المنطقة”

” ولا ينسى التاريخ أن يوثق قصة ( نروتم الهندي ) ومساعدته هو وأتباعه للإمام سلطان بن سيف اليعربي حينما حاصر البرتغاليون في مسقط عام 1649م ، وما نتج عنه بعد انتصار الإمام إذ أعطى الكثير من الامتيازات للتجار الهنود وأعفاهم من دفع الجزية والسماح لهم ببناء معبد خاص بهم”
وينقسم التجار في مسقط الى طائفتين :
البانيان : كما تشير الأثير هو مصطلح نحت من حرف من كلمة ( بهاتيا ) وهو اسم إحدى الطبقات التجارية في الهند اقترن تاريخها بالتجارة الخارجية ، قدمت من كوجرات ونهر السند وجافا واستقرت في مسقط وسيطرت على تجارتها الخارجية
الخوجه : وهو مصطلح أطلق على التجار المسلمين القادمين من الهند وتحديدا من حيدرآباد والسند وقد استقروا في مسقط وأسسوا منطقة خاصة بهم في مطرح وعملوا وسطاء تجاريين بين الساحل والداخل في عمان” انتهى هنا تقرير الأثير.

تقول نورة القاسمي عن الخوجة أنهم هنود وهم رعايا البريطانيين (2) . استغلت بريطانيا هذه الأوضاع لإثبات رعاياها الهنود وهي بذلك معنية في تطبيق القوانين عليهم علما إنها حددت مبدأ عاما لمن له حق التمتع بالرعاية البريطانية قائم على أساس أي شخص أقام في عمان بعد أن استولى وسيطر البريطانيون على إقليمه الذي كان ينتمي إليه أصلا في الهند كان تحت الحماية البريطانية ، وعموما إذا كانت أسرته تسكن ولاية هي تحت إدارتهم يكتسب حمايتهم في اي بلد يقيم فيه (3) . يقول مايلز ( منذ منتصف القرن التاسع عشر بدأت أهمية مسقط وزنجبار تزداد بوصفهما مراكز تجارية مرموقة للتجار الأجانب ومنهم الهنود الذين استحوذوا على قسم وافر منها وأصبحوا دافعا قويا للتدخل البريطاني) (4).

من خلال ما تقدم نستطيع الجزم أن هجرة الهنود البانيان والخوجة كانت برغبة الحكومة البريطانية لتوطين هؤلاء و ما سيعود عليها بالفائدة من جهتين الأولى إنعاش التجارة البريطانية وتوطيد العلاقة مع الهند و الثانية اتخاذ شعار حمايتهم والدفاع عنهم كذريعة للتدخل البريطاني في الشؤون الداخلية في عمان.وهذا الذي شجع الخوجة الاستقرار فيها. وبطبيعة الحال أن بريطانيا لم تكن علاقتها مع الخوجة والهنود علاقة سطحية فهي تعرف عادات المسلمين أكثر منهم لهذا وثقت علاقتها بإمارة حيدرأباد ، وأوكلت المهمة لسمسار هندي يقوم بمتابعة الشؤون التجارية والقنصلية للشركة في مسقط منذ عام 1790 ميلادي

ومما لا شك فيه أن النشاط التجاري للهنود والخوجة كان مظهرا من مظاهر النفوذ البريطاني في عمان فهم يعملون في الصادرات والواردات وهم وكلاء لشركات أجنبية وفي مقدمتها الشركات البريطانية ” ولم يقتصر دورهم على النشاط التجاري فقد عملوا أحيانا وكلاء سياسيين لصالح بريطانيا” (32) هذه الامتيازات التي حصلوا عليها كان باعثا لترك مقر إقامتهم في الهند والهجرة إلى عمان مع إبقاء الجذور العائلية في الهند لهذا رجع البعض منهم إلى الهند بعد استقراره في عمان ليتزوج من هناك .

الدكتور فيصل سيد طه نشر في كتابه نسخة من وثيقة سرية محفوظة بدار الوثائق القومية بمومباي – الهند كما عبر عنها الدكتور فيصل على أنها (رسالة أرسلها القس جورج بيرسي بادجر – مسؤول لجنة زنجبارالتابعة لمسقط – إلى الحكومة البريطانية في 6 يونيو 1861م ، أشار فيها صراحة إلى وجود 500 أسرة من الخوجة القادمين من بلاد السند ويعرفون بإسم اللواتية – ويعاملون في عمان على أنهم من الرعايا العرب عكس بقية الخوجة القادمين من كتش ” (5)

تعالوا معي لنفكك ما جاء في هذه الوثيقة ونتحقق من هذا الحدث التاريخي وهو هجرة 500 خوجة يعرفون بإسم اللواتية إلى عمان (مرفق الوثائق)

الفقرة ألف “im at oman times difference to inform you that captain Durand announcement trading at Persian gulf has been appointed to act as Britch logistic at Musact”
الترجمة ” حسب فرق التوقيت في مسقط أود إبلاغك بأن إعلان الكابتن دوراند عن التداول التجاري في الخليج الفارسي قد تم قبوله ليكون بمثابة وكيل لوجستي لبريطانيا في مسقط”

ا :- الفقرة باء :-
” this to inform appearing received confirm has ben approving to be act as Britch agent at Musact”
الترجمة ” هذا للإبلاغ عن تأكيد قبوله كوكيل بريطاني في مسقط “

ثالثا : الفقرة جيم :-
“copy to be forwarded for the information of Captan Durand asking British major Grumme latter no 25 dated 25th October last “
الترجمة ” نسخة ليتم إرسالها للحصول على معلومات من كابتن دوراند الذي يطلب من الرائد البريطاني جروم رقم الرسالة 25 بتاريخ 25 اكتوبر الماضي”
يتبع وثيقة رقم (1) توقيعات البريطانيين
تاريخ الوثيقة 22-11-1862 م

مناقشة ما جاء في الوثيقة :

أولا:- تبين من الوثيقة إنها عبارة عن تأكيد على تعيين وكيل تجاري هندي لبريطانيا في مسقط و لم يأتي على ذكر عدد ال 500 خوجة القادمين من بلاد السند ويعرفون بإسم اللواتية كما ذهب إليه الدكتور فيصل ثانيا : أهل الهند والسند لم يكن يعرفون كلمة” اللواتية” لعوائل عربية تسكن الهند فكيف تعرفت عليهم بريطانيا أنهم خوجة ولكنهم يعرفون بإسم اللواتية ، والدليل كل من هاجرمن الهند إلى عمان كانوا يعرفون بالخوجة لأنهم رعايا البريطانيين ويحملون الجوازات البريطانية وويعرفون بالحيدرآباديين وهنا يأتي هذا السؤال لماذا استخدمت الحكومة العمانية مسمى الحيدآبادي في الوثائق الرسمية ولم تستخدم مسمى الخوجة فيها هذا ما سنبينه لكم في الجزء الثالث من هذا البحث ، إضافة على ذلك كل ما هو متعارف عند أهل الهند و السند أنه كانت هناك إمارة بنو سامة في الملتان وكانوا عرب من قريش والبعض أطلق عليهم اسم الساميين من قريش

ثالثا : بما أن هذه الوثيقة شاهد قوي عند الدكتور فيصل حول هجرة اللواتية من الهند إلى عمان إلا إنه لم يتأكد من صحة محتوى الوثيقة وما تضمنته من نصوص ، ومتى أرخت فكانت الوثيقة في واد والدكتور فيصل في واد آخر .

رابعا : الدكتور فيصل لعله أراد الإشارة إلى عدد 700 أسرة من الطائفة اللوهانية التي أسلمت وكانوا خوجة ، فأراد إثبات أن اللواتية والخوجة هوية واحدة وعرق واحد وبيئة واحدة ووطن واحد ، لهذا أختلطت عنده التكهنات والتحليلات الذاتية وتداخلت مشاعره الشخصية في مكونات الحدث التاريخي فحذف أجزاء مهمة منه . (ملاحظة) سيأتينا الحديث عن الطائفة اللوهانية في الجزء الرابع من هذا البحث

ملاحظة : (إلى هنا انتهى الجزء الأول من البحث حول نسب قبيلة اللواتية)

المصادر

(1) إعداد ناصر البوسعيدي – الأثير – الوجود الهندي في مسقط تاريخ قديم ممتد لمئات السنين – 11-2-2018 ميلادي
(2) نورة محمد القاسمي – الوجود الهندي في الخليج العربي 1820-1947 (الشارقة 1996) ص 76 – 77
(30) فاضل عبيد طخاخ الحميري – التطورات السياسية في عمان – 1806-1856 – رسالة ماجستير – بغداد – معهد البحوث والدراسات العربية – ص 147
(3) مايلز س ب – الخليج بلدانه وقبائله – ترجمة محمد امين عبدالله – وزارة التراث القومي والثقافة – 1982 – ص 243
(4) صلاح العقاد – التيارات السياسية في الخليج العربي – مكتبة انجلو المصرية – القاهرة – 126 -168
(5) فيصل سيد طه – اللواتية في التاريخ – – الوثائق – ص 354