بالرغم من الأزمات الناتجة عن الحرب الروسية الأوروبية الأمريكية على الصعيد الدولي، وما تتركها من آثار سيئة على صعيد العلاقات الدولية بين الكتل السياسية والاقتصادية في العالم، إلا أن هذه الحرب المشتعلة تزيد من اهتمام العالم بضرورة البحث عن مصادر الطاقة والغاز خلال السنوات المقبلة. وفي نفس هذا الاتجاه ينصب اهتمام دول العالم في تعزيز أعمالها الانشائية في مشاريع الطاقة المتجددة والاستفادة من الطاقة الشمسية والرياح وغيرها من الوسائل المتاحة.
التقارير الصادرة بهذا الشأن تؤكد نمو الوظائف الجديدة في الطاقة المتجددة، إذ ارتفع اعداد التوظيف العالمي في هذه القطاعات ليصل إلى 12.7 مليون وظيفة عام 2021 بزيادة قدرها 70 ألف وظيفة على الرغم من الآثار المستمرة لكوفيد 19 وأزمة الطاقة المتنامية. فالسوق العالمي كبير اليوم في هذه القطاعات، بحيث أصبحت الطاقة الشمسية من القطاعات الأسرع نمواً في العالم، إذ وفرت حوالي 4.3 مليون وظيفة في عام واحد، أي أكثر من ثلث القوى العاملة العالمية الحالية تم إدخالها في مجال الطاقة المتجددة. وكشف تقرير لوكالة (ايرينا) بالتعاون مع منظمة العمل الدولية أنه مع تزايد المخاوف بشأن تغيّر المناخ وتعافي فيروس كورونا وتعطل سلسلة التوريد، فان الاهتمام الدولي يتزايد في توطين سلاسل التوريد وخلق فرص عمل، حيث يؤكد التقرير ترسيخ التوجه نحو تصنيع الطاقة النظيفة وتطوير قدرات تصدير التكنولوجيا المتجددة إلى دول أخرى. ووكالة أيرينا ترى أنه في مواجهة العديد من التحديات، تظل وظائف الطاقة المتجددة مرنة حيث ثبت أنها محرك موثوق به لخلق فرص عمل جديدة، موجهة حديثها للحكومات في جميع أنحاء العالم بضرورة اتباع السياسات الصناعية التي تشجع على التوسع في وظائف الطاقة المتجددة اللائقة، وتخلق فرص عمل ووظائف جديدة للأفراد والمجتمعات المحلية، وتعزز موثوقية سلسلة التوريد وتساهم في زيادة أمن الطاقة بشكل عام.
الارقام تشير إلى أن عددًا متزايدًا من البلدان تخلق فرص عمل في مصادر الطاقة المتجددة، حيث إن ثلثي جميع هذه الوظائف متوفرة في آسيا. فالصين تمثّل وحدها 42% من إجمالي هذه الوظائف يليها الاتحاد الأوروبي والبرازيل بنسبة 10% لكل منهما، فيما توفر الولايات المتحدة والهند بنسبة 7% لكل منهما.
وفي نفس هذا الاتجاه يرى غاي رايدر المدير العام لمنظمة العمل الدولية أن هناك تركيزاً متزايداً على جودة الوظائف وظروف العمل في الطاقة المتجددة. وتوضح البيانات أن عمالة الإناث تتزايد في هذه القطاعات وفي مجال التدريب، ويمكن تعزيز هذه التوجهات من خلال مشاركة أكبر للمرأة، الأمر الذي يتطلب تشجيع الحكومات ومنظمات العمال وأصحاب العمل بالالتزام تجاه ذلك من أجل المستقبل.
لقد اصبح بعض دول جنوب شرق آسيا اليوم مراكز رئيسية لتصنيع الخلايا الشمسية الكهروضوئية ومنتجي الوقود الحيوي من خلال الشركات التي انشأتها في هذا القطاع، فيما تمثّل أوروبا اليوم حوالي 40% من إنتاج صناعة الرياح في العالم، وتحاول إعادة تشكيل صناعة الطاقة الشمسية الكهروضوئية أيضا، ويبقى الدور على دول افريقيا والشرق الاوسط لتعزيز دورها في مجال الطاقة المتجددة. فالتوسع في هذه المجالات يحتاج إلى دعم بحزم لسياسات شاملة بما في ذلك تدريب العاملين ودفع جور جيدة لتحقيق ذلك.