Image Not Found

الركوع من أجل انقطاع الكهرباء

حيدر بن عبدالرضا اللواتي – الرؤية
[email protected]

قبل عدة سنوات مضت، انقطع التيار الكهربائي لمدة 7 دقائق في اليابان، التي تُعد واحدة من الدول الصناعية الكبيرة في العالم؛ الأمر الذي أدى إلى إجراء تحقيق مطوّل تجاه هذا الحدث الذي أصبح مادة إعلامية للمواطنين قبل وسائل الإعلام، وأدى ذلك إلى أن ينحني وزير أو مسؤول الكهرباء في هذه الدولة المُتقدمة أمام الحاضرين لمدة 7 دقائق متتالية، وكأنَّه في حالة ركوع المُسلم في صلاته.

وما حدث في السلطنة من انقطاع التيار الكهربائي عن جميع مفاصل الدولة من المؤسسات الحكومية والشركات الخاصة وجميع القاطنين على هذه الأرض الطيبة ولساعات عديدة يتطلب من المسؤولين في شركات الكهرباء، التي تمنح موظفيها الكبار العديد من الامتيازات والحوافز السنوية، بأن ينحنوا أمام المواطنين ويستمروا في ركوعهم وصلواتهم لأيام؛ بل لأشهر وسنوات، تجاه ما حصل من خلل مُفاجئ، دون أن يكون هناك أي عارض تتعرض له الدولة؛ كالفيضان أو الكوارث الطبيعية كالزلازل والحرائق وغيرها من الكوارث الأخرى لا قدّر الله.

ففي كثير من دول العالم يحصل انقطاع التيار الكهربائي عن منطقة مُعينة، وليس على مستوى المحافظات الكبيرة؛ كمحافظة مسقط، التي يقطن بها أكثر من 1.5 مليون نسمة. هذا الأمر يحتاج إلى إجراء تحقيق شامل والكشف عن الأسباب الجوهرية، بحيث لا تمر مثل هذه القضايا من خلال بيان اعتذار مُقتضب، والذي جاء ردًا على تفاعل وسائل التواصل الاجتماعي من خلال طرح الآراء وما يجب اتخاذه من إجراءات، خاصة وأنَّ خسائر وأضرارًا عديدة نتجت عن هذا الانقطاع المفاجئ تجاه المواطنين وأصحاب المؤسسات والشركات، ويجب النظر في كيفية تعويض هؤلاء الناس بما أصيبوا من أضرار من جراء ذلك الانقطاع.

نعلم جيدًا أنَّ شركات الكهرباء في السلطنة لا ترحم أي مُواطن أو مؤسسة أو شركة في حال استمراره بعدم دفع فواتير الكهرباء في وقته، وتقوم أحيانًا بقطع التيار دون إنذاره بشكل نهائي، في الوقت الذي هناك بعض من العائلات الفقيرة التي لا تُوجد لديها إمكانات مالية للقيام بدفع تلك الفواتير دفعة واحدة؛ الأمر الذي يُؤدي بهم إلى أن يبقوا في محنة ويعيشوا في أجواء السخونة والحرارة كالتي ذاقها المسؤولون قبل أي شخص آخر خلال الأيام الماضية بسبب انقطاع التيار.

المواطنون من جانبهم يُقدّرون ما قامت به الشركات المعنية من أجل إعادة التيار الكهربائي، خاصة وأنَّ تلك الشركات بذلت جهودًا كبيرة لإعادته في أسرع وقت مُمكن، واعتذرت لجميع المشتركين المتأثرين، ومنها مجموعة “نماء”، وقيامها بتفعيل إجراءاتها تجاه خطة إدارة الأزمات والحالات الطارئة التي تحتاج هي الأخرى إلى وضع مزيد من الخُطط البديلة لاحتواء مثل هذه المواقف في الحالات الطارئة. ولقد تمَّ ذلك بالتعاون مع كافة المؤسسات المعنية التي كانت متواجدة على أرض الواقع لإعادة الحياة إلى طبيعتها، وعملت بكفاءة في حلّ هذا الإشكال والتحدي الذي نتعرض له بعد سنوات عديدة من الجهود التي لا زالت تبذل من أجل تحقيق السعادة والرفاهية للمواطن من خلال تأسيس هذه المشاريع الكهربائية العملاقة.

المواطن لا يعلم أسباب هذا الانقطاع المفاجئ، إلا أنَّ بيان مجموعة “نماء” أوضح أن السبب الرئيس للانقطاع يرجع إلى “الخروج المفاجئ لخط الجهد العالي بين عبري ومحطة نهيدة نتيجة لخلل في أنظمة التحكم والاتصال الخاص بتلك المحطة الذي فعّل نظام الحماية الذاتية بشكل تلقائي، والذي بدوره تسبب في خروج الخط من الخدمة لحماية الخط من التلف”. ثم تبع خروج هذا الخط خروج تلقائي لخطوط أخرى ومحطات إنتاج الكهرباء، حمايةً لها من أي ضرر، الأمر الذي أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي عن عدة محافظات، إلا أن الشركات المعنية تمكنت من إعادة تشغيل الشبكة وتوفير التيار وإعادته، في الوقت الذي وصف البيان بأن ذلك تم في وقت قياسي.

كما إن البيان الأخير لم ينس أيضًا توجيه الشكر لجميع الجهات ومؤسسات الدولة، وللموظفين الذين واصلوا العمل لساعات طوال لضمان رجوع الخدمة إلى كافة المشتركين في أقصر وقت ممكن. ولم تنس أيضًا توجيه الشكر لهيئة الربط الخليجي على ما قدمت من دعمها بتزويد السلطنة بكمية من التيار الكهربائي طوال فترة الأزمة، إلا أن ما يعكر صفو المواطنين أن يخرج إلينا أحد المسؤولين الخليجيين ليُذكّرنا بأنَّ دولتهم قامت بدعم السلطنة بتيار كهربائي ناسيًا أنَّ السلطنة كانت وما زالت مستمرة في دعم مشاريع الدول الموقعة لاتفاقيات الكهرباء بين دول المجلس.

وأخيرًا نقول إن أزمة الكهرباء الأخيرة لم تطل لمدة 24 ساعة، إلا أن ما تناقلته وسائل الإعلام من حصول أزمة كهرباء في السلطنة يؤثر كثيرًا على خطط الدولة فيما يتعلق بالجهود التي تبذل من أجل جذب الاستثمار الأجنبي والتنويع الاقتصادي، وتأسيس مزيد من المشروعات الهادفة في مختلف القطاعات الاقتصادية، في الوقت الذي تمثّل هذه الأزمة درسًا كبيرًا لوضع الخطط البديلة لأي قطاع اقتصادي مهم، بحيث لا نتعرض إلى أزمات من هذا القبيل مستقبلًا.