Image Not Found

زومبيات الواقعية الرأسمالية!!

Visits: 6

د.طاهرة اللواتية -عُمان

يقول سعيد محمد في إحدى مقالاته عن انتحار المفكر البريطاني مارك فيشر: “فأقدم على الانتحار؛ الرجل الذي قال لنا يحثنا على المقاومة بأن “ظلام الرأسماليّة مثل ستارة سوداء هائلة، يمكن من خلال ثقب صغير فيها أن يتسرّب نور ساطع”… واختار هو الانتحار، كفعل حريّة فرديّ وتمرّد، ورفض مطلق للعيش، حيث تستلقي الزومبيّات البائسة.” يظن البعض أن الواقعية الرأسمالية أيدلوجيا، إنها تتسربل بلباس أيدلوجي، وتعيد تجديد وترقيع نفسها بين حين وآخر بالثوب الأيدلوجي كي تبدو مقنعة. وقد قالت مارجريت تاتشر التي تبنتها عندما كانت رئيسة وزراء بريطانيا بأنه لا بديل لأنها تتناسب مع طبيعة البشر، وأن أي نظام آخر لا يقوم على التراكم الشخصي للثروة ورأس المال يتعارض مع الطبيعة البشرية والفطرية، وأصبح النيوليبراليون هم النموذج الأعلى لها وما زالوا! وقد عملوا بحزم على تفكيك ارتباط الدول الوطنيّة مع مكوّناتها في الفضاء العام لمصلحة رأس المال المعولم. يصنع النيوليبراليون الكوارث الاقتصادية ثم يستدعون الحكومات لحلها، رغم ادعائهم أن عمل الدول والحكومات في المجال الاقتصادي مضر ومعيق للنمو الاقتصادي، ومعيق لحركة السوق التلقائية التي تعدل نفسها بنفسها! فعلى الدول الوطنية أن تكون حارسة وحافظة للنيوليبرالية المتوحشة بالعصا الغليظة، ولا بأس بفتح باب حرية التعبير على مصراعية لمعرفة النوايا، ولإخماد وتيئيس المتمردين في مهدهم، وتحويلهم إلى زومبيات يائسة.

نظام استغلال اقتصادي للبشر قديم جديد، يعيد إنتاج نفسه بين فترة وأخرى مستفيدا من التطور الهائل في المجالات العلمية والمعرفية والتقنية والثقافية والفنية والإعلامية.

نظام يجعل الثروة تتركز في يد 1% من البشر، أما البقية، فهم زومبيات يائسة تعيش حياة اللااستقرار الاقتصادي والفقر والمعاناة والهشاشة والمرض النفسي، كما عاش مارك فيشر بسبب نظام الوظائف المؤقتة الذي سبب له عدم استقرار نفسي، واكتئابا أدى إلى انتحاره في النهاية.

في كتابه عن الواقعية الرأسمالية يقول فيشر: إن الواقعية الرأسمالية تكرس في حياة البشرية عبر الفنون والثقافة بأنه يجب أن تكون ذئبا تأكل ذئبا، وإنك إن لم تربح -بأي طريقة- وتتأهل لتكون من النخبة، فأنت بالضرورة من الخاسرين، وتكرس بأن هذه هي سيرة الأيام وسيرورتها، وديدنها ولا قِبل لأحد بمواجهتها.

لم لا؟ أليس الجشع لـ1% من البشر يملكون شركات عابرة للقارات للسيطرة على المقدرات المالية والاقتصادية لدول العالم تستحق هذا التكريس؟