تبحث الدوائر البحثية والعسكرية في واشنطن في ضرورة شن حربا إستباقية ضد الصين الآن.
إنها خطة أعدتها مؤسسة راند البحثية، بناء على طلب من وزارة الحربية (بنتاغون)، لقلب الطاولات، وتحويل هزائمهم الحالية في كل مكان إلى إنتصارات، إنتصار على الدماء والجثث، كما هي عادتهم دائما.
تركز الخطة على النافذة الزمنية المتاحة لهذه الحرب المفاجئة، وهي مدة قصيرة من اليوم حتى عام 2025، مدتها ثلاث سنوات فقط، ولوطالت إلى عام 2030 فهي أيضا لا تزيد عن ثمانية سنوات فقط، للإعداد وشن حرب عالمية، ستكون أكبر وأشرس من الحروب العالمية السابقة.
يتكلمون في الظاهر عن حرب غير نووية، ولكنها في الباطن والحقيقة حرب نووية لا رحمة فيها، ولا هوادة، ولا خوف من نتائجها، حتى ولو أدت إلى رد صيني بالنووي مقابل النووي، وتدمرت أجزاء من الولايات المتحدة نفسها، بسبب الصواريخ البالستية الصينية.
والدليل على إنها حرب نووية في الحقيقة هو ما جاء في ثنايا الدراسة، وفي النتيجة التي إستخلصوها، حيث يعتقدون بأن الرد الصيني النووي، وتدمير أجزاء من بلادهم، لا يمنع من تدمير الصين بشكل كبير، وقلب نظام حكمها الحالي، وإنتصارهم حتى ولو كان على أنقاض بعض مدنهم المدمرة.
وتستخلص الدراسة أيضا بأن الصين بعد ضربها، وتدمير مراكزها الحساسة، ستتقبل بالهزيمة النكراء، وستستسلم من غير قيد أو شرط، كما فعلت اليابان في الحرب العالمية الثانية، بعد ضرب مدينتين لها بالنووي، وتدمير إسطولها البحري، وأسطولها الجوي، وتخويفها بالغزو الروسي المزيف. بعدها تمكنوا من إحتلال اليابان كاملة، وقبلها إحتلال ألمانيا، واللتين ما زالتا تحت الإحتلال والتنكيل.
ويراهنون على الطبيعة المسالمة للصينيين، وتاريخهم المخزي في حروب الأفيون عليهم، وبقائهم تحت الإحتلال الغربي لمدة 100 سنة كاملة، في التاريخ الحديث.
ولكنهم في الأساس يعتقدون بأن الصين لن ترد نوويا، فحكام الصين الحاليون أجبن من أن يستخدموا قدراتهم النووية، بالتالي فإن الصين ستكون أكبر الخاسرين، وسيلحقها تدمير تام لصناعاتها الكبيرة الهامة، وبنيتها التحتية الإستراتيجية، من مطارات وموانئ وجسور وطرق وسدود ومحطات توليد الطاقة ومراكز الحكم والجامعات الهامة.
والأهم من كل ما سبق هو تصفية نظامها الحاكم بضربات مباغتة ومميتة، ومن يبقى منهم سيكون ومنبوذا من شعبه، الذي سيثور عليه، خاصة الأغنياء والطبقة المتوسطة والمبهورون بالغرب، وهم كثيرون في الصين.
فوق ذلك كله هناك صينييو تايوان، وهونج كونج، والساكنون في الغرب، والنظام التايواني، وكلهم مبهور بالغرب، والذي يعبدونه عبادة الأتباع للأسياد ولآلهة، حيث سيتم الإستعانة بهذا النظام التايواني، في حكم الصين، التي تم تدميرها، وإعادتها للعصور الحجرية، بعد الحرب النووية المدمرة والفجائية.
وهناك سطوات الإعلام الغربي المسيطر على العالم بأجمعه، والذي يستطيع تضخيم هزيمة ودمار الصين أضعافا مضاعفة، وفي نفس الوقت إخفاء خسائر الغرب مهما كانت، وزرع اليأس والخوف الشديدين في نفوس الصينيين الباقين، ونفوس العالم كله.
هل سيصطف بوتين ودولة روسيا مع الصين، إثناء الحرب النووية المباغتة على الصين؟
يعتقد نفس الخبراء بإن روسيا لن تأتي لنجدة الصين، وستقف متفرجة، لأن الصين لم تأت لنجدة روسيا، في حربها الحالية في أوكرانيا، حيث بقيت متفرجة، وأظهرت جبنا وإزدواجية معا.
ثم إن روسيا واقعة في نفس أوهام الصين، بأن الغرب المتحضر جدا لا ينوي شرا لهما، ولن يستخدم الأسلحة النووية في قتل ملايين البشر، وتدمير دولا كبيرة بأكملها، وإنه سيتصالح مع روسيا لا محالة، لذا يفكرون في إبقاء جسور العودة، حتى لو كانت شعرة معاوية.
إن النخبة الروسية ما زالت تتأمل في أن تصالحها أمريكا، وأن تعترف بها كند لها، وتعطيها بعضا من دولاراتها، والحضارة الهوليودية، والتطور العلمي، وتشاركها بعضا من وفرتها وتقدمها الإقتصادي، وهي كلها أوهام زرعتها أمريكا فيهم، ايام غورباتشوف، وبعد سقوطه، وفي أيام بوريس يلتسين.
نفس هذه الأوهام متعشعشة في النخبة الصينية، ونظام حكمها الحالي، بجانب جبنهم وخوفهم وخورهم، بالرغم من كونهم أكبر بلاد العالم، مساحة وسكانا وتقدما علميا وقدرات عسكرية وثروات طبيعية وبشر متعلمين وو.
هؤلاء الخبراء والعسكريون يراهنون على غفلة الصين وروسيا معا، وحسن ظنهما بالغرب، وعدم تمرسهما على أساليب الخداع والتمويه التي تمتاز بها الأنظمة الغربية، ثم إنه ليست لديهما الخبرة التي لدى الذين إستعمروا العالم بأجمعه، بكل إجرام وخداع، ولمدة تقارب 500 سنة.
وبينت هذه الخطة والمباحثات إن نظام واشنطن لا يبالي لعواقب الحرب النووية، ولا يبالي لو تدمرت بعض المدن الأمريكية نفسها، ولا يهمه موت مئات الألوف وربما الملايين من مواطنيه، كما هو لا يبالي الآن بموت عشرات الألوف من الآوكرانيين، فنرى هذا النظام في واشنطن مستعدا للتضحية بآخر مواطن أوكراني أوروبي أبيض، من أجل هزيمة روسيا.
ومن باب أولى هو غير مهتم بموت الصينيين أو أي أحد، مهما بلغت أعداد القتلى، فإعلامهم قادر على إخفاء هذه الأعداد من القتلى.
كل ذلك لإبقاء هيمنتهم وتسلطهم على العالم، ليتمكنوا من نهبه وسرقة ثرواته، ومن ضمنهم ثروات الصين وروسيا وإيران، التي خرجت من أيديهم مؤخرا.