أستطيع بكل ثقة واطمئنان، بعد أن أنهيت قراءة مجلداتها الثلاثة، أن أصف “موسوعة يوميات المقيمية في الخليج والوكالة السياسية في مسقط”، التي جمع وراجع وثائقها وترجمتها وطباعتها.. الأخ المكرم محمد الحارثي، وأصنفها من بين المراجع التاريخية عالية القيمة؛ باعتبارها وثيقة سياسية واقتصادية واجتماعية… تقدم الفترة الزمنية التي تتناولها وشخصياتها المثيرة والبارزة، وأحداثها المختلفة بتفاصيل دقيقة ومدهشة وتتميز بالثراء والتنوع، كما أن التقارير المستقلة التي تحدثت عن بعض الشخصيات مثل سيرة السيد سعيد بن سلطان، والسيد سلطان بن أحمد، والرحلات الاستكشافية إلى دواخل عُمان بما احتوته من تفاصيل للأمكنة وأسمائها وشخصياتها ومكوِّنات الحياة والثقافة العُمانية، وأحداث الأوبئة والكوارث الطبيعية، مثالا “تقرير حول وباء الكوليرا الأخير في مسقط و”مطرح”، مع الملاحظات العامة حول هذا الوباء في عُمان”. و”مسح طبي لمسقط من قبل الطبيب الجراح أيه. أس. جي. جايكار”، وجغرافية عُمان التي وضعها “المقدم س.ب. مايلز”، والوجود البرتغالي في شرق الجزيرة العربية، وتقارير منفصلة عن النشاط التجاري ونموه أو انكماشه وعوائده وغيرها من الملفات المهمة… أضافت معلومات ثمينة جدا لليوميات، ومسحا شاملا لكل ما له علاقة بشؤون المنطقة، لتجعل منها وثيقة تاريخية متكاملة الأركان، ومحتوى بالغ الأهمية للأنماط والتعاملات التجارية وأساليب الحياة وثقافة الإنسان، والعلاقة الدقيقة التي تربطنا ببريطانيا، في تلك المرحلة الزمنية الحساسة للخليج والجزيرة العربية، وكيف كانت تدير دفة السياسة بحنكة ومهارة بما يخدم مصالحها ويحقق أهدافها السياسية ورصد انعكاساتها العميقة التي تواصلت حتى اليوم بتشابكاتها وتعقيداتها المحلية والإقليمية والدولية، وصراعات القوى العالمية، والإقليمية الناشئة، للسيطرة والهيمنة وتوثيق العلاقات وعقد الاتفاقيات والمعاهدات، وتظهر أهمية واستراتيجية موقع عُمان الحيوي، التي كانت موانئها ومحطاتها وطرقها البحرية مركز النزاع والاستقطاب، وعليها ومن أجلها تتشكل وتقوى وتتفكك التحالفات، تنهار قوى وتصعد أخرى على أكتافها. يؤكد مترجم الموسوعة محمد بن عبدالله الحارثي في المقدمة أنها (أي الموسوعة) “استعرضت من خلال وثائق متعلقة بيوميات المقيمية في الخليج والوكالة السياسية في مسقط لحقبة، ما زالت تلوكها رحى الأيام، وتجسدها بالوقائع والوثائق لما حدث وكيف يبنى على مقتضاها. إنها جمرة متَّقدة من الوثائق، التي تتضح في طياتها مدى دور المقيمية، سواء في الحالة التوافقية أو التعارضية، وما آل إليه الواقع خلال المرحلة وما بعدها. فقد وجدنا للأمانة التاريخية، وحرصا على تدوين تاريخ الأمة برجالاتها وأحداثها من خلال ترجمة هذه الوثائق. ناهيك أنها تُعد بداية لموسوعات أخرى تصبُّ في إطار إعادة فهم التاريخ في المنطقة على حقيقته، التي ربما غابت عن الكثيرين نتيجة عدم الاستناد لوثائق مقرة كما نعمل في هذه الموسوعة…”. يجدر بالذكر أن الموسوعة تغطي الفترة التاريخية من 1873 وحتى 1958م. وفي الجزء المعنون بـ”خلفية المذكرات السياسية لمنطقة الخليج”، استعرض محمد الحارثي الصعوبات التي واجهت مراحل البحث والمراجعة والتصوير وإعادة النسخ والترجمة، تأكيدا على الجهد الكبير والمراحل الشاقة والعمل المضني الذي بذل من أجل أن تجد هذه الموسوعة طريقها إلى النشر.
لقد أكدت الأحداث والمواقف والمشاهد التي تقدمها الموسوعة على جملة من الحقائق والمؤشرات، من أهمها:
– إن العُمانيين سرعان ما يلتفُّون ويهبُّون لنجدة أي قائد وزعيم وشخصية استثنائية برزت من رحم الأحداث الفاصلة، فأظهر شجاعة وغيرة على الوطن، والعمل بإرادة وصلابة على تحقيق استقلاله ووحدة ترابه، وأخذ زمام المبادرة والمسؤولية للدفاع عنه، وطرد المحتل الغاصب وتطهير البلاد من أطماعه… فيما ينفرون ويحتقرون ويلفظون كل من استجار ولجأ وتعاون مع الأجنبي وتسبب في دعوته وإدخاله إلى أرض الوطن.
– إن الصراع على السلطة بين الإخوة وأبناء العم في الأسرة الحاكمة، والانكماش الاقتصادي، وشح الموارد، والاستعانة بالأجنبي، هي أسباب أو نتائج طبيعية لضعف القيادة أو الحاكم أو النظام السياسي سلطانا كان، أم إماما، والتي تقود كذلك إلى تهاوي أساسات الدولة وإشاعة الفوضى وغياب الاستقرار والاقتتال الداخلي والصراعات بين القبائل، وتدخل القوى الإقليمية والعالمية في شؤون البلاد… وهي دروس عميقة علينا أن نستوعبها ونستفيد منها في كل زمان.
– كانت الصراعات العنيفة والاقتتال الداخلي التي تغذيها النزعات القبلية، والتحالفات القائمة على المصالح والرغبة في التوسع وتقوية النفوذ والسلب… من الأسباب الرئيسية لشيوع الفقر والجهل والتخلف والتشرذم، وافتقاد الأمن والاستقرار في البلاد، خلال الفترة الزمنية التي تناولتها تقارير “المقيمية في الخليج…”، والتي دفعت بأعداد كبيرة من العُمانيين إلى الهرب والهجرة إلى مناطق شرق إفريقيا، والبلدان الخليجية فيما بعد. فلا غرو بأن يُعد المكسب الأكبر والأبرز لنهضة عُمان الحديثة في 1970، بناء الوحدة الوطنية، وجمع كلمة العُمانيين على أساسات ودعامات الدولة الحديثة. كما أن زيادة الضرائب والرسوم تسببت في السخط والغضب الشعبي وإشعال الثورات والانتفاضات القبلية والتمرد على السلطان والتحالف ضده وتغيير الولاءات، وانفلات زمام الأمن في مناطق متعددة من البلاد، واتساع الفجوة بين الشعب والسلطة السياسية، وفي المقابل لم تحقق سياسة رفع نسب الضرائب إلا إلى انخفاض عوائدها وليس ارتفاعها كما هو مؤمل، وهي من حقائق التاريخ التي تستدعي المسؤولية قراءة أحداثه وتحوُّلاته بعُمق ووعْي وتجرُّد، فالكثير من الأسباب والدوافع والانعكاسات والنتائج تتكرر على فترات زمنية لأننا نتجاهل ولا نكترث ولا نقرأ التاريخ، ولا نضع دروسه العميقة في الحسبان.
– ستبقى هذه التقارير ذات مصداقية عالية يمكن التعويل عليها واعتمادها كمستند تاريخي مهم، ومرجع أساسي للدارسين والباحثين في شؤون عُمان والخليج، فهي إلى كونها وثيقة تتصف بالدقة وحُررت بمهارة واحترافية ومنهج علمي، وبقلم شاهد عين، مراقب ومتابع لتفاصيل الأحداث والتطورات بشكل يومي، فإنها كذلك تُعد وترفع من قبل مسؤولين وموظفين بريطانيين مكلَّفين في الخليج ومسقط، إلى حكومتهم في لندن، فتتطلب منهم المسؤولية ومهام وظيفتهم وإخلاصهم لعملهم، أن تتميز تقاريرهم بالمهنية والأمانة والدقة والشمولية؛ لكي تحقق غرضها في وضع من يبعث لهم بها أمام الحقائق كاملة، لتبنى عليها قراراتهم وسياساتهم حول المنطقة والفاعلين والمؤثرين فيها، فلا مجال للتلاعب والتشكيك فيها إذن إلا في هامش الأخطاء المحدودة.
– تميزت التقارير المستقلة، التي أعدت حول تفشِّي الأوبئة والأمراض المُعْدية التي حصدت الآلاف وأصابت أضعافهم من المواطنين على مراحل زمنية مختلفة، مثل الكوليرا والطاعون والجدري، مثالا “تقرير حول وباء الكوليرا الأخير في مسقط ومطرح مع بعض الملاحظات العامة، حول هذا الوباء في عُمان”، تميزت بمعلومات دقيقة ومؤشرات علمية وبيانات تقصٍّ شملت مصادر العدوى ـ بؤر المرض ـ أسماء أول المصابين ـ عدد الوفيات ونسبتهم من عدد المصابين ـ الإجراءات الاحترازية وسياسات الحظر وانعكاساتها ـ تمدد المرض إلى دواخل عُمان وأسماء بعض القرى والأماكن السكنية، وأعداد المصابين فيها خصوصا في مسقط ومطرح ـ أساليب التداوي ونوع العلاجات التي يستخدمها العُمانيون لمواجهة هذه الأمراض وخصائصها وطبيعتها وفوائدها… مما يشكل مرجعا متكاملا عن الأوبئة وتاريخها وعلاقتها بعُمان، والخسائر التي تسببت فيها…
– تحتوي التقارير اليومية، التي تضمنتها الموسوعة، على مسح شامل ومفصل لأحداث الفترة التاريخية التي تتناولها في جوانبها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، على سبيل المثال، لا الحصر، حركة التجارة، عوائد الجمارك والإصلاحات التي شهدتها، أسعار الذهب والفضة والعملات، تجارة الرقيق، إنتاج النخيل من البسور، النمو والانكماش وأسبابهما، تاريخ التنقيب عن النفط في المنطقة والشركات الغربية العاملة في الخليج، وأخبارها والتحديات التي تواجهها، كميات الأمطار التي سقطت، مواسم الخصب والجفاف، تاريخ الأوبئة والجوائح وانتشار الأمراض وأنواعها، عادات المجتمع وأعرافه وتقاليده ومناسباته، مكوِّنات مائدته الغذائية، وأنواع وشكل الملابس التي يرتديها الرجال والنساء، أنواع وقيمة الوجبات الغذائية ومصادر المياه ومستوى تلوثها وعذوبتها، عدد السكان والمدن والقرى وطبيعة الحياة، الأعراق والأديان والمذاهب وخصائص العلاقات والتعاون فيما بينها، طبيعة العلاقة بين القبائل والشيوخ، حنكة ودهاء وذكاء وغرابة تصرفات بعض القيادات والزعامات القبلية، الصراعات والمصالح طبيعتها وانعكاساتها، الأحداث البحرية بما في ذلك غرق وجنوح وحركة السفن وأسمائها ووصولها إلى مسقط والموانئ الأخرى، والاشتباكات المسلحة والقرصنة التي تجري في عرض البحر، وحركة نقل وتغيير المسؤولين البريطانيين ونشاطهم السياسي والعسكري، وتاريخ تشغيل أول كابل تلغراف والذي بدأ العمل في نوفمبر 1901م، و”ربط السيب ببلدة مطرح بخط هاتفي” في يناير 1909م، وأخبار عن مشاريع خاصة بالقطاعين الصحي والتعليم وكهرباء مسقط وإنارة قصر السلطان وقيمة التعرفة لطاقة “مصباح بقوة 40 شمعة هو 2 روبية في كل شهر”، وشق وتعبيد اللبنة الأولى للطرق ووصول السيارات إلى عُمان وإحضار “آلة حفر بئر ارتوازية مع مهندس فارسي” من البحرين ومشقة حملها إلى ولاية القابل من شرقية عُمان في أكتوبر 1929 … والتي تقدم ملمحا عن التطور التدريجي الذي بدأ في الوصول إلى كل من مسقط ومطرح والسيب ودواخل البلاد. كما احتوى تقرير زيارة نائب الملك “اللورد كرزون” إلى مسقط في العام 1903 على تفاصيل مهمة لبرنامج الزيارة وحفاوة وحميمية الاستقبال، وشخصيات الوفد الذي كلف باستقباله، بما في ذلك نصوص الكلمات التي ألقيت من قبل “جماعة الرعايا البريطانيين والمشمولين بالحماية البريطانية الآخرين في مسقط”، وكلمة نائب الملك، وخطاب السلطان فيصل، ورد النائب عليه، والتي تعد كذاك مرجعا ووثائق عالية القيمة، لتلك الفترة من تاريخ عُمان… فلا غرو إذن أن يجد فيها كل باحث ومتخصص في الحقول السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية… ضالته وما يحتاج إليه من معلومات لأبحاثه ودراساته.
– سيجد الباحث تفاصيل لأحداث ومواقف تبعث على الطرفة وتشعر القارئ بالدهشة والتشويق، وتقدم له وجبه دسمة من المعلومات وأوجه الاختلاف في الحكم على الأشياء والبت في القضايا ودوافع الخلافات بين القوى… مثالا على ذلك قصة اللؤلؤة “ذات القيمة العالية”، والتي “اكتشفها رجل من كمزار”، و”اهتم السلطان بشكل شخصي بهذا الموضوع، واستمر الخلاف حولها لأكثر من عام مهددا بنتائج خطيرة. ولكن في النهاية، شكلت لجنة تسوية لهذا الأمر بشكل ودي، وكانت هذه اللجنة مؤلفة من بعض شيوخ القبائل بمساعدة خبراء مسلمين… وقد تم طرح أسئلة صعبة حول حقوق صاحب الأرض والسيادة، الذي كان ذو الحظ السعيد المكتشف لهذه اللؤلؤة أحد رعاياه… ثم فإن السلطان حصل بموجب ذلك على ثلث قيمة تلك اللؤلؤة…”، وقد تواصلت تداعيات وتطورات هذا الحدث الذي أضيف إليه الكثير من الخلفيات. وأحدث وصول أحد القضاة الكبار إلى مسقط لتلقي العلاج الطبي حماسة لدى “السلطات المحلية في تطبيق الشريعة الإسلامية في المدينة. وقد عوقب العديد من الرجال لاحتساء الخمر ولعب القمار”. ومن المواقف الظريفة كذلك أن “زعيم دبي أصدر أمرا لجميع بائعات الهوى إما بإيجاد أزواج لهن أو بمغادرة البلدة خوفا من أن ينزل العقاب الإلهي على منطقته”. أحداث ومواقف ومشاهد شيقة ومثيرة لتلك المرحلة المهمة من تاريخ المنطقة. من بين الحوادث الظريفة التي ضمنت في تقارير “المقيمية”، والتي تشير إلى تجذر ثقافة الاحتجاج والسخط، وتعبِّر عن أهم خصيصة إنسانية لمقاومة ما يراه ظلما وانتزاعا للحقوق الطبيعية، والبحث عن الضعيف “كبش الفداء”، لحماية القوي المتنفذ، تتعلق بتلك “الإشعارات التي أمر بنشرها السيد شهاب، في المدارس المحلية تحظر التدخين على جميع الطلاب، والخروج من منازلهم بعد مغيب الشمس، والجلوس في المقاهي، وأماكن لهو مماثلة”، فقابله الطلبة باستياء بالغ من “حرمانهم من مصادر الترفيه الرئيسية فكتبوا رسالة مشتركة إلى السيد شهاب يحتجون فيها على قراره. وتكون لدى السيد شهاب انطباع بأن مدير المدرسة هو أساس المشكلة فاستدعاه للمثول أمامه. وهنا أصر جميع طلاب المدرسة البالغ عددهم ١٥٠ فتى على مرافقة مديرهم لتقديم المساعدة له إذا ما اقتضى الأمر. ولسوء حظ ممثل السلطان أن مدير المدرسة أيضا ينتمي إلى عائلة “البوسعيدي” وهو قريب من سمو السلطان نفسه، لذا لم يسعه أن يعاقبه بل عوقب مساعده… وهو شاب لم يشارك في المظاهرة… الذي شكل بديلا مناسبا….”. وفيها الكثير من التفاصيل عن حياة أفراد الأسرة الحاكمة، وشخصيات اجتماعية عاشت تلك المرحلة وسلوكياتها وزياراتها وما تحصل عليه من أعطيات ومساعدات حكومية، وتنقلات وتعيينات الشخصيات في الحكومة وعزلها…
– الكثير من التحركات والأفعال والمواقف وإن طبعت دعاية، فربطت بمصلحة الوطن والأمة والمبدأ ونصرة صاحب الحق والحقيقة.. إلا أنها وبحسب ما ترويها اليوميات تقرأ بواقع ومسار يخرجها عن الهدف المعلن والشعار المرفوع.. إلى تحقيق مصلحة الزعيم أو الحلف أو الحاكم أو القوى المهيمنة على المشهد السياسي وفي مقدمتها بريطانيا، وتعظيم دورها وترسيخ سلطتها والحصول على منافع مالية وإن تسبب ذلك السلوك في نقل الانتماء والانقلاب على القِيَم والأخلاق والمعاهدات ومثل خطرا على الوطن… أيا كان موقعها وتأثيرها في سير الأحداث وصناعة التاريخ. وهو ما سوف يحدث تحوُّلا في المفاهيم والتصورات وشكوكا في القناعات المكتسبة من بعض المصادر التاريخية المحلية، أو السرد الشفاهي لكبار السن.
لا شك لدي، بأن هذه الموسوعة ستصبح المرجع الأهم والمصدر الأبرز، التي سيستند إليها كل مؤرخ وباحث وصاحب رسالة علمية للفترة التاريخية التي تشملها، وسوف تحفز الكثيرين على الكتابة، وقد تحدث تحوُّلات في الأفكار والقناعات. فهذا النوع من المشاريع الكبيرة تسعى إلى تحقيق جملة من الأهداف، منها، تهيئة وتقديم ووضع مصادر مختلفة ومتنوعة للتاريخ وأحداثه وشخصياته تنتمي إلى مرجعيات متعددة أمام القارئ والباحث، وإحداث تحوُّلات في الرؤى والقناعات والأفكار لمصلحة الحقيقة، وتحفز على طرح الأسئلة المفصلية التي يدخل الكثير منها في إطار المسكوت عنه أو المقدس والثابت الذي لا يجوز تداوله، وتعزز الفهم وتعمق النقاش وتدعو إلى المزيد من البحث والتأمل والتأليف والتحقيق…إلخ. فمشكلة العُمانيين أنهم لم يكتبوا تاريخهم رغم غزارته وثرائه، ولم يقدموه مثل الشعوب الأخرى. لذلك ستبقى الوثائق الأوروبية المرجع الأهم والأبرز وقد يكون الوحيد واليتيم، فالأوروبيون أتقنوا توثيق ورصد تفاصيل حياتهم وإقامتهم في بلادنا وكتبوا كل شيء وسجلوا جميع ما لاحظوه واطلعوا عليه وكشفت عنه أبحاثهم وجولاتهم في أنحاء البلاد.
أخيرا، خالص الشكر للأخ العزيز المكرم محمد بن عبدالله الحارثي، على هذا الجهد والإضافة غير العادية للمكتبة والقارئ والباحث.