فمع العام الدراسي وقبل أن يبدأ التدريس كانت دفاتر السعيدية تُوزع على كل طالب حسب صفه فالطالب في الصف السادس الإبتدائي تكون حصته ستة دفاتر لتصل إلى دفترين للطالب في التمهيديين ” أ” و” ب”.
كان الدفتر له قيمتة المعنوية فيعتبر عدد الدفاتر مثل النياشين التي يحملها الجندي فمن عددها يعرف المرء بأن الطالب قد بلغ مرحلة تعليمية معينة.
حزمة الكتب لم تكن لتودع في الشنطة المدرسية بل كانت تُحمل في اليد والطالب عندما كان يمشي في طريقه إلى المدرسة فهو في زهوه كأنه فاتح متبختر يمشي هوينا لتلاحقه العيون في كبريائه.
وعندما كانت الكتب الآتية من المطبعة السلطانية في ” مغب” فإن ” دليور” مدير المعارف والي إسماعيل كان يحيط نفسه بمعاونين يحسبون الدفاتر على عدد الطلبة وحسب تصنيف الصفوف فيسلمون العهدة لناظر المدرسة ويستلمون منه مايفيد باستلام الأمانة كما هي.
كان إستلام الدفتر المدرسي علامة على إيذان بدء الدراسة ويبقى الدفتر محفوظا من كل ” الشخابيط ” فهو كهندام الطالب لاينبغي أن يُعبث فيه حتى انتهاء الدراسة وتوزيع الشهادات ويوم التخرج الذي كان مشهودا يجتمع كبار رجال الدولة لتوزيع الجوائز على المتفوقين ثلاثة طلاب من كل صف وأمام مشهد باقي الطلبة ممن لم يحالفهم حظهم في نيل الجوائز.
أيقونة السعيدية وهو الدفتر كان يتصدر مشهده محيا السلطان سعيد إبن تيمور وفيه رمزية على أنه أب التعليم في عمان فالسعيدية بإسمه وبإسم جده سعيد بن سلطان الذي حكم لأكثر من خمسين عاما ويومها كانت حدود عمان ممتدة في أقاصي إفريقيا.