يتفق الباحثون على أن الحكايات الشعبية قديمة وعفوية وتمثل روح الجماعة وتشير إلى معاناتها وآمالها ومعتقداتها. فهي تعبرعن المخيال وخبرات الأوليين، وهي بذلك إرثٌ مشترك ساهم الحكاؤون في ابتداعه وتطويره وتحويره، ويصعب لذلك تحديد أصوله أو مؤلفيه، خاصة مع انتقال الحكايات الشفهية عبر الحضارات عن طريق الهجرة أو التجارة او التنقل بشكل عام. وتعد الحكاية الشعبية جزءا من الموروث الشعبي الذي يتضمن الأدب الشعبي إلى جانب أنواع أخرى من الفنون. وتشير البوعلي (2006) إلى أن الأدب الشعبي هو التراث المشترك لكل فئات الشعب المختلفة التي تجمعها ثقافة مشتركة يعبر عنه فنيا وتوظف فيه الكلمة المكتوبة أو المنطوقة والأخيرة تجعل منه أدبا شفاهيا جماعيا وهو ما يضفي عليه طابع التنظيم.
المبحث الأول:
1) أهداف البحث:
یھدف ھذا البحث معرفيا وعلمیا إلى إيجاد الروابط المشتركة بین الثقافة الشعبیة العمانیة والثقافة الشعبیة الھندیة من خلال التركيز على أدب الحكایات الشعبیة، ومن الناحية المھنیة والشخصیة فإن الباحثة لھا اهتمامات بمجال الحكاية الشعبیة، والثقافة الھندیة بشكل عام، وتهدف إلى تعمیق ھذا الاهتمام عبر البحث عن المشتركات في ثقافتين مختلفتين ومتشابهتين في آن معا وھما الثقافة العربية والثقافة الھندیة.
أسئلة البحث
تفترض ھذه الورقة وجود خصائص مشتركة بین الحكایات الشعبیة في كلا الثقافتين وتأثرا متبادلا بینھما، وھذا الافتراض یقوم على عدة أسباب منھا التاريخ الثقافي والحضاري المشترك بین الثقافتین على مر العصور، وتشابه سمات عدد من الحكایات الشعبیة العالمية مع سمات الحكایات الشعبیة المحلیة مع تكییفھا للبیئة وخصائص الثقافة المحلیة. تسعى الدراسة إلى الإجابة عن سؤالین أساسیین:
- ما ھي السمات المشتركة بین الحكایات الشعبیة العمانیة ونظیرتھا الھندیة؟
- كیف تعمل الحكایة الشعبیة على تطویع البیئة والثقافة المحلیة في بنیة الحكایة؟
2) المنھجیة:
تعتمد الدارسة على المنھج المقارن بغیة الوقوف على مناطق التشابه والاختلاف بین الحكايات الشعبیة في الثقافتین، وكشف الروابط المشتركة بین الجانبین. ومن أجل ھذه المقارنة سیتم تحدید نماذج من الحكایات الشعبیة العمانیة المروية شفهيا والتي قامت الباحثة بتدوينها، ونماذج من الحكایات الشعبیة الھندیة المترجمة إلى اللغة العربیة لعدم تمكن الباحثة من قراءة ھذه القصص بلغتھا الأم، وثم صیاغة مجموعة من المتغیرات، لتفسیرھا لاحقا والحصول على نتائج المقارنة.
يهتم الأدب المقارن بالتأمل في جملة من الأعمال التي نشأت في بيئات مختلفة وتحمل رؤى مجتمعات مغايرة(ديومة،2016)، وبذلك فإن الأدب المقارن في توجهه العام يلبي الحاجة للتواصل الأدبي بين الأمم متجاوزا بذلك الحدود القومية إلى آفاق أرحب (غيلان،2006). ويرى عوض (2015) أن المقارنة تكون بين أدبين أو أكثر ينتمي كل منهما إلى أمة أو قومية غير التي ينتمي إليها الأدب الآخر وفي العادة لغة أخرى. وهذه المقارنة تكون بين عنصر واحد أو أكثر من عنصر بغية الوقوف على مناطق التشابه ومناطق الاختلاف وقد يكون الهدف منها كشف الصلات التي بينها وإبراز تأثير أحدها في غيره، وقد يكون هدفها الموازنة الفنية أو المضمونية. ويشير أصغر وآخرون (2019) أن بعض الباحثين عدّ اختلاف اللغة بين العملين قيد المقارنة من شروطها الأساسية وإذا انتفى هذا الشرط لم تصبح دراسة مقارنة. ويحدد ديومة (2016) مراحل ثلاث للمقارنة: أولها تبسيط الأعمال المراد مقارنتها إلى عناصرها الأولية، بمعنى الوصول إلى النواة الأساسية، أي الفكرة الجوهرية التي تقوم عليها. ثم مرحلة رصد التشابه بينها سواء من حيث الشكل أو المضمون أو الاستخدامات اللغوية. أما المرحلة الأخيرة فتتعلق بتلخيص النتائج.
وتبرز ثلاث مدراس رئيسية في منهج الأدب المقارن هي المدرسة الفرنسية والمدرسة الأمريكية والمدرسة الروسية. وقد تركزت اهتمامات المدرسة الفرنسية التي تسمى أيضا بالمدرسة التاريخية – كونها قامت على المنهج التاريخي – على دراسة التأثر والتأثير في تاريخ الأدب والأدب الأوروبي خاصة. حيث تتم المقارنة بين أدبين مختلفين في اللغة ومشتركين في وجود علاقة تاريخية تربط بين أعمال الأمتين. ظهرت هذه المدرسة في أوائل القرن التاسع عشر واُنتقدت حتى من قبل الباحثين الفرنسيين لعدة أسباب منها نظرتها الاستعلائية تجاه الآداب غير الأوروبية واغفالها لمضمون العمل الأدبي (ديومة،2016؛ أصغر وآخرون،2019).
أما المدرسة الأمريكية والتي ظهرت عام 1958 فقد نظرت للإبداع الأدبي باعتباره نشاطا إنسانيا يرتبط بمجالات الابداع الأخرى مثل الفنون الجميلة والموسيقى (ديومة،2016). ورفضت هذه المدرسة، التاريخية القومية والاجتماعية بسبب التعدد القومي والعرقي في تركيبة المجتمع الأمريكي واتجهت للتركيز على النصوص الأدبية وجماليات النص الأدبي أي دراسة النصوص بعيدا عن العوامل الخارجية مثل القومية أو اللغة (غيلان، 2006). اما المدرسة الثالثة فهي المدرسة الروسية أو السلافية وهي مبنية على أساس أيديولوجي ونادت بربط الثقافي والتاريخي بنظام روحي لكل شعب وعدم إهمال الفروق القومية بين الثقافات وانما النظر لها بموضوعية (أصغر وآخرون، 2019). وبالتالي لا يعود للقومية هنا سلطتها بل تصبح الظروف الاجتماعية هي المسئولة عن صياغة الحياة وأنواع الفنون، فإذا تشابهت الظروف الاجتماعية في عدد من البلدان بغض النظر عن القومية أو اللغة او الجنس فإن ذلك سوف يؤدي إلى ظهور أدب متشابه (غيلان، 2006).
أما الاتجاه الرابع فقد ظهر بعد أن بقيت الدراسات العربية المقارنة متأثرة بالمدرستين الفرنسية والأمريكية، إلا أن عددا من الباحثين غيلان (2006) وأبوعسلي(2010) وعباسة(2017) يشيرون إلى مدرسة عربية في الأدب المقارن وعن واقعها وآفاقها وسماتها. ويربط غيلان(2006) بين ظهور المدارس السابقة وبين الأنساق الثقافية التي نشأت في ظلها، حيث أن الاتجاه العربي ينطلق من واقع أن المدارس السابقة تشكلت في الأصل استجابة لسياقات ثقافية أخرى، مما يستلزم من الباحثين العرب تكييف تلك المفاهيم والتطبيقات لتتلاءم مع متطلبات الثقافة العربية وخصائصها الأدبية. ويضيف غيلان أن الاتجاه العربي في الأدب المقارن قد ظهر في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وهو اتجاه مر بمراحل دراسة التشابه والاختلاف والتأثير والتأثر وعمل على تكييفه ليتلاءم مع التوجهات النهضوية لمفكريها. ويلخص عباسة سمات الاتجاه العربي في الأدب المقارن بأنه «يدرس التشابهات والاختلافات والأنماط وظاهرة التأثير والتأثر واختلاف أذواق المتلقي والترجمة وجمالية الأسلوب لكن دون أن يستغرق في دراسة التاريخ مثل المدرسة الفرنسية، أو يبالغ في النقد مثل المدرسة الأمريكية، أو يركز على أنماط المجتمع مثل المدرسة السلافية، بل يقترب كثير من المدرسة الألمانية في بعض منطلقاتها (عباسة، 2017).
وتتبنى هذه الدراسة توجهات هذا الاتجاه العربي من حيث رغبتها ليس فقط في دراسة التشابهات والاختلافات بل في النظر إلى مضامين هذه القصص والتأثيرات المختلفة فيها. ولا تسعى هذه الدراسة إلى إثبات جذور القصة وأصولها، أو إثبات تأثير قصص ثقافة محددة على قصص ثقافة أخرى قدر ما تسعى إلى إيجاد المشتركات والميزات التي تمتاز بها نماذج القصص قيد الدراسة. حيث أن الدراسة تتخذ من النزعة الكوزموبوليتية نقطة ارتكاز في رؤيتها لهذه الحكايات. ومرتكزات النزعة الكوزموبوليتية في الأدب المقارن هي التي تقوم على المرتكز الإنساني، وهي ترتبط «بقيمة الوجود الإنساني وكرامته وإمكانية التسامي اعتمادا على الطبيعة الإنسانية ومرتكز الجمهورية العالمية للأدب، فالأعمال الأدبية لا تظهر في تفردها إلا اعتبارا من مجمل الهيكل الذي سمح بظهورها، فكل كتاب تم الإعلان عنه بوصفه أدبا هو جزء ضئيل من الخليط الضخم للأدب العالمي» (لباشرية، 2019). ومرتكز المقارنة كقيمة إنسانية كما تشير لباشرية لإثبات التأثير والتأثر وليس لإثبات سلطة تأثير على الطرف الثاني.
المبحث الثاني:
1) تعريف الحكاية الشعبية وسماتها وخصائصها:
تختزن الحكايات الشعبية رمزية خاصة في شق الرمزية النفسية، فهي تعبر عن مكنونات النفس الداخلية وعن الأجهزة التي تعمل فيها وفق ميكانيزمات غاية في الدقة والحساسية. فالحكايات تتجه إلينا عبر لغة رمزية تترجم آليات عمل اللاشعور مستحضرة روحنا الواعية واللاواعية في مظاهرها الثلاثة، الأنا، الأنا الأعلى، الهو. وهذا ما يشكل صلب فعاليتها، أي أن كل الظواهر النفسية تكون مجسدة في أشكال رمزية(توفيق،2014). وقد ركز جيزاروهام Gezaroheim على رمزية الحكاية الشعبية في الجانب الفونتازمي وهو «السيناريو الخيالي الذي تنتجه الذات من أجل تدارك الرغبات المبكوتة». ومن هذه الفونتزمات فونتزام العودة إلى رحم الأم. ويتجلى في العبور حيث يعبر بطل الحكاية نهرا أو مغارة وهذا مشترك بين الحكايات والأساطير. وفونتزام تدمير الذات حيث يبتلع الغول البطل، وفونتزام المشهد البدائي الذي يبدو واضحا في موتيف الغرفة المحرمة أو الدخول إلى بيت مهجور، أو التنصت على الباب، وفونتازم العبودية والتي تساء فيها معاملة البطل من طرف أمه أو زوجة ابيه الخ(توفيق،2014).
وقد ركزت عدد من الدراسات العربية والأجنبية على أصول الحكايات الشعبية كما فعلت عدد من الدراسات المقارنة، ولكن يغدو من الصعب البحث عن أصول ومصادر الحكاية الشعبية، فهي كما تشير النبلاوي(2015) إنتاج فكري للشعوب عبر تاريخها الطويل. وهي بالتالي وليدة ظروف ومعطيات البيئة التي أنتجتها، وهي نتاج أدب شفوي تناقله الرواة من ثقافة لأخرى ومنذ عهود غابرة. ورغم أن جوزيف كورتاس يرى أن الحكايات الشعبية إرث مشترك بين الشعوب الآرية نقلتها أثناء هجرتها (الحنشي،2016) إلا أن ضبط علاقات النسب التاريخية بينها كما يشير الحنشي يبدو مستحيلا. وتتكون الحكايات الشعبية من أحداث ووقائع تتراوح بين الحقيقة والخيال، وتدعو إلى الدهشة والاستغراب، وتتميز بالإضافة والحذف حسب الراوي وقد تكون لغتها عامية بسيطة أو فصيحة وتتشابه في جميع انحاء العالم من حيث المضمون، وتختلف من حيث الصياغة وتتميز بانعتاقها من فكرة محدودية الزمان والمكان، وقد يؤدي الظرف التاريخي والاقتصادي الجغرافي دورا في إنتاجها (النبلاوي، 2015).
ومن أهم ما يلفت الانتباه في الحكايات الشعبية عالميتها وكونها تحمل سمات محلية وعالمية في الآن نفسه، ففي كل قصة سمات مشتركة تجمع بين جميع النصوص في التراث الإنساني، وسمات محلية لتعبر عن طبيعة المجتمع، وكذلك ظاهرة التضاد والمطابقة في الحكاية، تعد سمة فنية مشتركة، فالشر والقبح والكسل والغباء صفات يقابلها الخير والجمال والنشاط الخ (الحارثي، 2016).
2) الحكايات الشعبية العربية:
ذهب بعض من الباحثين أن القصص المترجمة من الفارسية أو الهندية في العصر العباسي هي بداية للقصة القصيرة في أدبنا العربي والتي حاولت أن تجد لها مكاناً في فن الملحمة غير أن العرب لم يعرفوا الشكل الفني المتكامل للقصة إلا بعد ظهور الإسلام (الندوي،2019). ومن أنواع القصص التي عرفها العرب قصص الأساطير التي تعبر عن تجارب الإنسانية البدائية وتهتم بالحديث عن الموقف الإنساني من قوى الطبيعة والآلهة الخيالية كما تخيلها القدماء وموقفهم من الكائنات والأحداث الواقعية. وعرف العصر الجاهلي نوعا مشابها لهذه القصص مثل قصة طسم وجديس وقصة عاد والريح، وقصة ثمود والناقة، إلى جانب القصص المروية على ألسنة الحيوانات والطيور، وقد تكون بعض هذه القصص وافدة على المجتمع العربي لكنها اختلطت في النسيج القصصي العربي وذابت في الذاكرة العربية (الندوي،2019).
وبعد الإسلام طرأ بعض التغيير والكثير من التنوع على محتوى القصص السابقة فأصبحت خليطا من الأسطورة والتاريخ التي تناولت تاريخ الملوك، مثل ملوك اليمن والحيرة وتدمر والغساسنة، ولأنه امتداد طبيعي للقصص الجاهلي في هذا المجال ولذلك لم يتغير شكلا ومضمونا، بل أضيفت إليه بعض المؤثرات الإسلامية مثل قصة سيف بن ذي يزن، ونبوءة شق، وسطيح أو في قصة أبهة الحبشي وغيرها. وسرعان ما عرف المجتمع العربي القصص المترجمة من الثقافات الأخرى خاصة القصص الفارسية والهندية وأشهرهما كليلة ودمنة وألف ليلة وليلة (الندوي،2019). إلا أن هناك قصصا أخرى ذات منبع عربي أصيل كما يشير الندوي فنشأت منها المقامات والسير الشعبية ومنها سيرة عنترة والقصص الفلسفية مثل رسالة الغفران وحي بن يقظان.
وقد دخلت الحكاية العربية من خلال كتب التراث واتيح لها أن تنتقل من خلال حلقات الدرس والترجمة الى الجمهور ثم دخلت مع مرور الزمن الى الرواية الشفهية الفلكلورية وهي إما نجحت في أن تكون قصة مستقلة بذاتها أو أن تضاف الى قصة أكبر منها لتكون جزءا من عقدة تلك الحكاية الشعبية (سلوم، 1982).
وإلى جانب الترجمة وحلقات الدرس فقد ساهمت عوامل أخرى مثل الهجرة والتنقل والصلات التجارية على انتقال القصص بين الشعوب فالصلات التجارية مثلا بين الخليج العربي وعُمان وعدن واليمن ساعدت في نقل الحكايات الهندية إلى خارج القارة الهندية فانتقلت اليها وإلى شرقي الهند وغربها إلى التبت وماليزيا وغيرها من البلدان (سلوم، 1982). وقد بحث سلوم (1982) في أصول سبع عشرة حكاية تراثية عربية وردت في كتب التراث العربي وعمل على مقارنتها بمثيلاتها التي انتقلت الى الهند والبلدان المجاورة وخلص إلى أن هذه القصص العربية مثل الحيوان للجاحظ والعقد الفريد ومروج الذهب والأغاني وجمع الجواهر وأخبار الأذكياء وشرح مقامات الحريري والمستطرف وألف ليلة وليلة وغيرها قد دخلت إلى شبه القارة الهندية في فترة التأثير الحضاري بعد القرن الرابع الهجري ولم تدخل إبان الفتح العسكري.
3) الحكايات الشعبية العمانية:
نالت الحكايات الشعبية في عُمان اهتماما متزايدا من قبل المهتمين في السنوات الأخيرة على المستويين الرسمي والفردي، خاصة بعد تأسيس مشروع وطني لتدوين الذاكرة الشعبية والأخبار من الرواة وكبار السن، وتزايدت الدراسات الأكاديمية والمقالات ورسائل الماجستير التي تناولت الحكاية الشعبية من جوانب عدة. وتتشابه الحكايات الشعبية العمانية في خصائصها ومضامينها مع نسيج الحكايات في الخليج العربي وتلتقي مع عدد من حكايات شبه القارة الهندية. وتشير النبلاوي (2015) إلى أن من خصائص الحكايات العمانية الشعبية إعلاء قيمة الانجاب، وكيد النساء نظرة المجتمع لبعض فئاته مثل نظرة المجتمع للرجل الفقير، ونظرة المجتمع للأشخاص ذوي الإعاقة (النبلاوي،2015). ويتضمن الجدول أدناه أهم الدراسات التي توصلت الباحثة إلى توثيقها فيما يتعلق بالحكايات الشعبية العمانية، وتنقسم هذه الدراسات إلى قسمين: يضم القسم الأول نصوص الحكايات الشعبية المدونة التي جمعها أصحابها أو أعادوا صياغتها لتتناسب مع شكل أدبي آخر، مثل أدب الطفل، والقسم الثاني يضم دراسات أكاديمية حول هذه القصص أو قصص أخرى قام الباحث بجمعها وتدوينها بغرض تحليلها في صلب الدراسة.
4) الحكايات الشعبية الهندية:
قليلة هي الدراسات العلمية المكتوبة باللغة العربية والتي تناولت بنية الحكاية الهندية وتلاقحها الثقافي والاجتماعي مع القصص العربية، ومن جانب آخر ورغم دخول نصوص الحكايات الهندية إلى العالم العربي من أشهر أبوابها وهو باب الحكايات الرائعة في كليلة ودمنة، ثم عن طريق الترجمات التي قام بها عدد من المهتمين بنصوص الحكايات الهندية، إلا أنه وللأسف الشديد فإن النصوص التي تمت ترجمتها مباشرة عن لغات الهند المتنوعة إلى اللغة العربية مباشرة هي نصوص نادرة، وغالبية الحكايات والنصوص الهندية يتم التعرف عليها عبر لغات أخرى أهمها اللغة الإنجليزية، وهو ما يجعل النص الهندي يعبر لغتين ليصل إلى القارئ العربي.
ومن الجدير بالذكر هنا قبل الاستطراد في ذكر بعض هذه الترجمات إلى اللغة العربية، أن حكايات كليلة ودمنة المعروفة بـ «بنج تنترا» الأشهر وكتب مثل «نيتي شاشترا» و«سرت ساغر» وقصص ملحمة المهابهاراتا كلها تم تأليفها على نمط بنج تنترا وهي تتضمن حكايات وقصص خرافية كثيرة على ألسنة الحيوانات والطيور وتم تأليفها في عصور متقاربة (ككرالوي،2016). ويمكن إدراك أثر هذه الحكايات وحكايات بلاد فارس مثل ألف ليلة وليلة في إشارة شاكر حسن راضي (2010) في مقدمة ترجمته لمجموعة حكايات شعبية من الهند – تحت عنوان (أميرة مدينة العاج) جمعها توماس جوزيف جاكوبس من مصادر مختلفة- يشير المترجم إلى أن هذه الحكايات هي «كليلة ودمنة» و» ألف ليلة وليلة» ولكن بنكهة هندية. ويشير إلى الكلمات الفارسية والعربية التي ترد فيها، وإلى الحكايات المستمدة من مجنون ليلى والقصص الشعبية العربية، إلى جانب تداخلها مع حكايات شعبية من أفريقيا وأوروبا القرون الوسطى وأمريكا، لكن الأصل كما يرى جاكوبس هو بلاد الهند أو البنغال(راضي،2010).
وبالإضافة إلى قصص البنج تنترا أو الترجمة الحرفية لها وهي الفصول الخمسة فهناك مجموعة من الحكايات الهندية الشهيرة، مثل حكايات هيتوباديشا وهي مجموعة من الحكايات المكتوبة باللغة السنسكريتية وتشبه حكايات البنج تنترا، وتُعرف هذه الحكايات بجذورها التي تعود لمئات القرون، ارتحلت فيها عبر دول مختلفة، وحكايات جاتاكا وهي مجموعة ضخمة من الأدب الهندي تتناول ما يتعلق بالولادات السابقة لجوتاما بوذا، سواء كانت هذه الحيوات السابقة في صورة الإنسان أو الحيوان، وتهدف إلى غرس الفضائل في الإنسان. أما حكايات تينيليرامان فهي حكايات أحد أشهر شخصيات الفولكلور الهندي الجنوبي، وتشتهر حكايات هذه الشخصية بوسائله الذكية في حل المشكلات. أما حكايات أكبر وبيربال فهي تجري في شكل حوارات بين الحكيم بيربال وملك المغول أكبر، وتصور حكمة بيربال في الموازنة بين الأيديولوجيات السياسية الملازمة لإمبراطورية المغول في ذلك الوقت. وأخيرا تُعد الراميانا واحدة من أعظم الملاحم في الهند، تهدف القصص إلى تمييز الجيد من السيء، وتحمل قصصها رسائل عن المحبة والأخوة.
وعن بعض الترجمات التي تمكنت الباحثة من الاطلاع عليها في هذه الدراسة مجموعة حكايات شعبية قام المترجم المصري رأفت الدويري بترجمتها للكاتب الهندي والباحث في الفلكلور أ.د رامانوجان. حيث يشير الدويري (1996) إلى أن هذه الحكايات ظهرت بترجمة انجليزية في مجلد (حكايات شعبية من الهند) وهي «حواديت شعبية شفاهية تم اختيارها وترجمتها إلى الانجليزية عن اثنتين وعشرين لغة هندية تغطي غالبية ولايات الهند». قام المترجم بتصنيف هذه الحكايات في شكل موتيفات أو مواضيع ونشرها بنفس التنظيم في مجلة الفنون الشعبية التي تصدر عن الهيئة المصرية للكتاب.
وقد نُشرت المجموعة الأولى والمكونة من سبع حكايات بعنوان (حكاية حول الحكايات)، والمجموعة الثانية وعددها حكايتان بعنوان (حكايات حول القدر والمقدر)، والمجموعة الثالثة خمس حكايات تحت عنوان (حكايات حول الأحلام)، وحكاية (الأمير الذي تزوج نصفه الأيسر)، والتي نشرت في مجلة الفنون الشعبية عام 1995 1، ثم خمس حكايات ظهرت تحت عنوان (خمس حكايات شعبية هندية طريفة) عام 2004 في مجلة الفنون الشعبية. وأربع حكايات تدور حول العلاقات الأسرية بخيرها وشرها عام 2006 (الدويري، 2006). ويشير الدويري إلى ترجمة سابقة لبعض ترجماته كانت قد نُشرت في سبتمبر 2001 في جريدة «أخبار الأدب» في العدد 427، وضمت ما عدده سبع عشرة حكاية شعبية هندية من ترجمة سيد عبد الخالق من كتاب (حكايات شعبية من الهند) لـ أ.د رامانوجان، وبالتالي فإن هناك حكايات مشتركة ترجمها كلا الباحثين.
وقد أرجع المترجم رأفت الدويري (1996) الحكايات المنشورة لرامانوجان إلى الأنواع التالية: أولا حكايات تدور حول رجل، ثانيا حكايات تدور حول إمراة، ثالثا حكايات تدور حول عائلات، رابعا حكايات تدور حول القدر والموت والآلهة والجان والأشباح، خامسا حكايات ضاحكة، ومنها حكايات بطلها مهرج أو شخص شديد الذكاء، سادسا حكايات تدور حول الحيوانات، سابعا حكايات تدور حول الحكايات.
وظهرت مجموعة أحدث من الحكايات الشعبية الهندية مترجمة إلى اللغة العربية عن مشروع كلمة التابع لهيئة أبو ظبي للثقافة والتراث تحت عنوان (أميرة مدينة العاج: حكايات شعبية من الهند) ومجموعة أخرى بعنوان (لايلي العاشقة: حكايات شعبية من الهند) حيث قام الكاتب باختيار وجمع مجموعة من الحكايات الشعبية الهندية المنوعة من لغات الهند المختلفة ومناطقها المختلفة ولباحثين ومترجمين مختلفين ليضمنها كتابه هذا (جاكوبس، 2010).
5) الدراسات السابقة:
من الدراسات التي استفادت منها الدراسة الحالية ما يلي:
- دراسة الدكتورة آسية البوعلي في الحكاية الخرافية والشعبية العمانية. وتتناول هذه الدراسة شكل ومحتوى حكاية خرافية وأخرى شعبية من القصص الشعبي العماني، تحاول فيه الباحثة معرفة إلى أي مدى تمثل الحكايات منتجا ثقافيا معبرا عن الشعوب، وشكلا مؤثرا في تأكيد المعتقدات الشعبية العمانية، وما الذي تحققه هذه الحكايات مما لا يمكن تحقيقه في الواقع؟ وتتبنى الباحثة المنهج الموروفولجي طبقا للتحليل البنائي للحكايات لدى فلاديمير بروب. وتوصلت الباحثة إلى مجموعة كبيرة من النتائج حول اختلاف طبيعة الصراع وسمات البطل والافتتاحية بين الحكاية الخرافية والشعبية وتشابه استخدام النوعين للرموز والزمان والمكان والوحدات الوظيفية.
- دراسة الدكتورة عايدة النبلاوي في الحكايات الشعبية العمانية ودلالتها الاجتماعية والثقافية. وتهدف هذه الدراسة إلى التعرف على أهم خصائص الحكاية الشعبية العمانية وتصنيفها واهم موضوعاتها ودلالاتها الاجتماعية والثقافية وذلك باستخدام المنهج الانثروبولوجي، وخلصت الباحثة إلى أن للحكايات الشعبية في المجتمع العماني دورا حيويا في نسق القيم والعادات والتقاليد، حيث كشفت الدراسة عن أنماط الحياة داخل المجتمع، مثل تأكيد مفهوم الذات لدى الفرد، وإلقاء الضوء على الفئات الضعيفة في المجتمع، وظهور المرأة كشخصية محورية في أغلب الحكايات مع تجسيد الحكايات لصور التضاد بين النساء.
- دراسة الدكتور أحمد الحنشي وهي دراسة مقارنة في الموتيفات بين حكاية شعبية عمانية وأخرى فرنسية. وخلص الباحث إلى ان دراسة الموتيف في حكايات متعددة سواء في الفضاء الثقافي الواحد أو المتعدد يقدم صورة عن مدى التقارب بين الحكايات المختلفة وان الحكاية الشعبية لا جنسية لها. والتقارب بين هذه الحكايات لا يعني نقلا وتقليدا وليس مجرد اقتباس. فهناك مكونات أخرى في الحكاية الشعبية متولدة عن السياقات الجديدة التي احتضنت الموتيف حسب الثقافة الأخرى وخصائصها.
المبحث الثالث: الحكايات الشعبية
في عُمان والهند نماذج مختارة للمقارنة:
تتناول هذه الدراسة تحليل أربع حكايات: اثنتان من التراث الهندي، واثنتان من التراث العماني الشفهي المروي بلغة غير اللغة العربية. وبالنسبة للحكايات الهندية فقد تم اختيار الحكاية الشعبية الأولى من مجموعة (لايلي العاشقة: حكايات شعبية من الهند) وهي بعنوان (كيف فاز ابن الراجا بالأميرة لابام). للكاتب توماس جوزيف جاكوبس وترجمها من اللغة الإنجليزية إلى اللغة العربية شاكر حسن راضي. وقد قام جاكوس بجمع هذه الحكايات من مصادر متعددة منها حكايات الجاتاكا وحكايات بيدبا. أما الحكاية الثانية التي تم اختيارها فهي بعنوان (حكاية سوخو ودوخو الأختان غير الشقيقتين) وقد وردت هذه الحكاية ضمن مجموعة من خمس حكايات شعبية أخرى للباحث رامانوجان، ترجمها إلى اللغة الإنجليزية، وقد تُرجمت بدورها إلى العربية على يد الكاتب رأفت الدويري. أما بالنسبة للحكايات العمانية فهي حكايات شفوية من راوية عمانية، قامت براويتها بلغة محورة من اللغة السندية، وقمتُ بترجمة هذه الحكايات الشفوية وتدوينها باللغة العربية2. ويجدر هنا الإشارة إلى هذه اللغة التي تُسمى باللغة «الخَوْجية» أو «الكهوجكي» وهي ذات أصل سندي، والرطنة التي تتحدث بها هذه القبيلة العمانية حاليا هي خليطٌ من السندية والكتشية والعربية والفارسية (اللواتي، 2018). وقد اخترت من سجل الحكايات الشفوية حكايتيَ (الأمير العفريت) و(الملك الظالم). ويمكن قراءة النصوص الكاملة للحكايات العمانية كونها لم تُنشر من قبل في المدونة الملحقة بالدراسة.
الحكاية الهندية الأولى:
كيف فاز ابن الراجا بالأميرة لابام
أحداث القصة بالتسلسل
- الملكة تحذر ابنها من الصيد في أحد الاتجاهات؛
- الأمير يخالف تحذير الملكة؛
- يسمع من الببغاوات عن أميرة محبوبة من الببغاوات؛
- يصر على البحث عنها؛
- يرفض نصائح والديه بعدم الرحيل ؛
- يمنح طعامه للنمل ؛
- ينقذ نمرا من شوكة مغروزة في قدمه ؛
- يقابل أربعة دراويش يتشاجرون على أربعة أشياء سحرية؛
- يحتال عليهم ويستولي على الأشياء ؛
- يصل الى بلاد الأميرة؛
- يشترط الملك عدد من الشروط لإتمام الزواج ؛
- استخراج الزيت من ثمانين رطلا من الخردل بمساعدة النمل؛
- قتل عفريتين عن طريق النمر وزوجة النمر؛
- القرع على طبل في السماء عن طريق السرير الطائر ؛
- مساعدة الأميرة للأمير في تنفيذ شرط رابع ؛
- زواج الأميرة من الأمير.
ويمكن تحليل أهم مكونات القصة في 11 محورا تظهر حسب الجدول الآتي:
جدول1: حكاية كيف فاز ابن الراجا بالأميرة لابام
تبدأ احداث القصة بتحذير تفرضه الأم الملكة على ابنها الأمير بعدم الصيد في الاتجاه الرابع، والاكتفاء بالصيد في ثلاثة اتجاهات. هذا المحظور والممنوع تقابله رغبة من الابن في تجاوزها، وفكرة (الثيمة أو الموتيف) المحظور والمحرم أحد الأفكار المتكررة في الحكايات الشعبية. ومن خلال الأرقام التي ترد في القصة نلاحظ ارتباط المحظور أو المحرم بفكرة الرقم أيضا. فالباب الثالث أو الصندوق الثالث أو الاتجاه الثالث هو رقم المتاعب أو الحظ أحيانا، وقد يتكرر في القصص الشعبية على شكل ثلاث أمنيات أو ثلاثة عفاريت أو ثلاثة مخارج الخ. إلا ان العدد 4 هنا يعتبر تجاوزا لم هو مسموح ويعد استخدامه او اللجوء إليه أمرا قسريا أو زائدا أو غير موفق. ويحدث التحول في القصة عند تجاوز هذا المحظور أو بعدم اتباع الأوامر، فرغم أن الأبن هنا يخالف وصية أمه ويواجه الكثير من المصاعب إلا أنه في النهاية ينال ما كان يتمنى. تعكس القصة أيضا قيما أخلاقية متناقضة، فهي تظهر من جهة محاولة الأمير الالتزام بأوامر أمه التي يخالفها في النهاية بسبب فضوله، إلا أنه يثبت شجاعته واقدامه، وثم مساعدته للحيوانات وهي قيم إيجابية، مقابل سرقته للدراويش أو النساك التي تظهر وكأنها حيلة ذكية وهي قيمة سلبية فيها استغلال للطبقات الأدنى في المجتمع. ويمكن أن نلحظ العامل الطبقي في القصة فالأميرة تسامح تجرأ الأمير وتسلله إلى مخدعها ليلا وتقبل الزواج منه لأنه ابن الراجا أو الأمير. تنتهي القصة نهاية سعيدة بزواج الأمير من الأميرة، ونجد أن فكرة (الزواج) هي غاية القصة التي يبلغها البطل في النهاية.
الحكاية الهندية الثانية:
سوخو ودوخو الاختان غير الشقيقتين
أحداث القصة بالتسلسل:
- الرجل وزوجتيه القديمة والجديدة ؛
- الرجل يفضل الزوجة الجديدة وابنتها لنشاطهما وطبعهما الجيد ؛
- موت الزوج ؛
- الزوجة القديمة وابنتها تطردان الزوجة الجديدة وابنتها؛
- دوخو وامها تعيشان على غزل القطن ؛
- دوخو تقابل الريح السحرية ؛
- دوخو تساعد البقرة وشجرة الموز والحصان ؛
- السيدة العجوز (الأم القمر) تهدي دوخو ثلاث هدايا سحرية ؛
- غيرة الزوجة القديمة وابنتها سوخو ؛
- سوخو تحاول الحصول على الهدايا ؛
- سوخو تسىء معاملة الحيوانات ؛
- سوخو تبتلعها الحية ؛
- أم سوخو تموت من الجنون .
ويمكن تحليل أهم مكونات القصة في 11 محورا تظهر حسب الجدول الآتي:
جدول2: حكاية سوخو ودوخو الاختان غير الشقيقتين
تبدأ أحداث القصة بسرد العلاقة المضطربة بين الأب وزوجتيه وبالتالي ابنتيه، حيث يفضل الزوج الزوجة النشيطة وابنتها النشيطة مقابل الزوجة الكسولة وابنتها الكسولة. يبدأ التحول في القصة حين يموت الأب، ويحدث التحول مع الفقد (الموت) أو غياب العنصر الذي يبقي بقية العناصر في حالة توازن. وتعكس القصة عددا من القيم الأخلاقية النبيلة ومنها أن الانسان الطيب دائما يُقابل بالجزاء الطيب وإن عانى قبل ذلك من المصاعب والمتاعب. تتبدى الأخلاق القيمة هنا في مساعدة الفتاة البطلة لغيرها من الكائنات، وقناعتها عند اختيارها للهدايا، ومحبتها هي وأمها لزوجة أبيها واختها غير الشقيقة ويكافئ ذلك كله بعدة هدايا أهمها زواجها من شاب وسيم. وتؤكد القصة ان اتباع القواعد في تحقيق مكسب دنيوي محدد لا يكفي ولا ينجح دون الالتزام بالخلق الطيب وذلك حين تلتزم الفتاة السيئة بنفس خطوات أختها في الحصول على المكاسب لكن نهايتها تكون مخيفة حين تبتلعها الحية وهي الهدية التي اختارتها.
الحكاية العمانية الأول:
حكاية الأمير العفريت
أحداث القصة بالتسلسل:
- نذر المرأة العقيم عند شجرة النبق ؛
- المرأة ترزق بفتاة ؛
- الشجرة تطالب الأم بإيفاء النذر وتزويجها من ابنتها؛
- الشجرة تتحول إلى شخص غني مع قصر ؛
- فضول صديقات البنت في معرفة اسم الزوج ؛
- اختفاء الزوج والقصر ؛
- البنت تبحث عن زوجها بعد ندمها ؛
- وصول البنت الى عالم العفاريت ؛
- البنت تعمل خادمة لدى زوجها ؛
- تعرف الزوج عليها عن طريق خاتمها ؛
- البنت وزوجها العفريت يعودان الى قصرهما ؛
- البنت تطرد صديقاتها .
ويمكن تحليل أهم مكونات القصة في 11 محورا تظهر حسب الجدول الآتي:
جدول 3: حكاية الأمير العفريت
تبدأ القصة بالنذر الغريب الذي تقطعه الأم على نفسها بعد يأسها من الانجاب، من تزويج ابنتها من الشجرة إذا رزقت بطفل. يكشف هذا الفعل عن جانب ديني غيبي يتعلق بعادة النذور، والاعتقاد بقدرة سحرية كامنة في الشجرة التي تحددها القصة بأنها شجرة نبق. والجدير بالذكر ان شجرة النبق أو السدر او السدرة من الأشجار الشائعة في الجزيرة العربية ولها فوائد علاجية منها احتوائها على عناصر مغذية للمرأة الحامل إذا تم تناوله بكميات معتدلة، وقد تكون القدرة الغيبية للشجرة مرتبطة بمكانتها الدينية، فقد ورد ذكرها في القرآن على انها (سدرة المنتهى) وبالتالي تُعد من أشجار الجنة في التصور الإسلامي. والنذر ذاته من أجل الانجاب فكرة شائعة في بعض المجتمعات الشرقية. وتمتد عناصر القصة السحرية هنا حين تتحول الشجرة الى شاب وسيم من عالم الجن لا نكتشف من عالمه السري سوى اسمه، الذي ما أن يفشي به يختفي عن الأنظار. تكشف القصة عن بعض القيم الأخلاقية في جانبها السلبي مثل التدخل في خصوصيات الزوجين، وأن المحافظة على أسرار البيت سبب رئيس للغنى المعنوي الذي تمثل هنا في عودة الزوج إلى زوجته، والغنى المادي والذي تمثل بظهور القصر والعودة إلى الحياة الجيدة بعد اختفاء القصر ومعاناة الفتاة من الفقر.
الحكاية العمانية الثانية:
حكاية الملك الظالم
أحداث القصة بالتسلسل:
- الملك الذي يتزوج في الليل ويقتل العروس في النهار؛
- الملك يتزوج ابنة الحطاب؛
- البنت تهرب في الصباح ومعها 3 أشياء تخص الملك؛
- البنت تنجب صبيا؛
- الولد يبحث عن والده؛
- الأم والابن يهربان من الملك إلى الغابة؛
- الابن يقتل العفريت في الغابة؛
- الابن ينقذ الفتاة المخطوفة ويتزوجها؛
- الولد يبحث عن تفاحة سحرية لوالدته.
- الولد يذهب لمقابلة والده الملك ؛
ويمكن تحليل أهم مكونات القصة في 11 محورا تظهر حسب الجدول الآتي:
جدول 4: حكاية الملك الظالم
تشير هذه القصة المعقدة في حبكتها إلى عدد من العادات الاجتماعية والدينية والمعتقدات الشعبية. فبداية القصة التي تبدأ مع الملك الذي يتزوج ويقتل الزوجة في الصباح تذكرنا بشهريار وشهرزاد، وشهرزاد هنا والتي تمثلها ابنة الحطاب تنتهج أسلوبا آخر للنجاة غير الحكايات، وإن كانت تتشابه مع شهرزاد في ذكائها وشجاعتها، حين توافق على الزواج لحماية والدها العجوز بعد أن تكون قد خططت لتفاصيل الهروب قبل أن يصلها السياف بكل اتقان، وتكون قد اخذت معها خفية ثلاث أشياء تخص الملك، وكأنها تعلم ان عليها أن تثبت في يوم ما بنوة الجنين الذي في أحشائها. وحين تشير القصة الى اختطاف فتاة مجهولة في ليلة عرسها من قبل عفريت وحبسها في قفص تقول الراوية (ولهذا يضعون القرآن عند مخدة العروسة) وهنا إشارة الى الإيمان السائد بحماية القرآن للفتاة العروس وضرورة حملها للقرآن في مراسيم الزواج لحفظها من (النظر أو الحسد أو القوى الأخرى). وحين ترى ابنة الحطاب قدرة ابنها على قتل العفريت لإنقاذ الفتاة المخطوفة تتجرأ فتطلب لنفسها تفاحا سحريا من بلاد العفاريت وبمساعدة الفتاة المخطوفة التي تزوجها ابنها، ويبدو ان طلبها الغريب هذا كان سببا في اكساب الابن المزيد من الشجاعة والثقة في النفس لمواجهة والده الملك بعد هروبهما منه في المرة الأولى.
الخلاصة
رغم تنوع الحكايات الشعبية التي تناولتها الدراسة بالتحليل إلا أنه يمكن تحديد السمات المشتركة بين الحكايات الهندية والعربية. فمن حيث الشخصيات، نجد أن هناك شخصيات ثابتة قد ظهرت في جميع القصص ولم يتجاوز عددها السبع شخصيات في كل قصة. وهناك بطل واحد محوري في كل منها، وعدد من الشخصيات المساعدة، وقد ينتقل دور البطولة إلى شخص آخر ولكن لا يتشاركان في دور البطولة. وتمثل الشخصيات رغم تنوعها طبقتين رئيستين: الغني والفقير. فطبقة الغني تظهر في شخصية الملك، الملكة، الأمير، الأميرة، التاجر الخ وشخصية الفقير يمثلها الحطاب والدراويش والخادم وتعكس المهن المذكورة هذه الطبقات فنجد إما أصحاب المهن البسيطة مثل غزل الصوف والتحطيب، أو مهن الطبقات الغنية مثل صيد الحيوانات. ونجد هذا الفارق الطبقي ظاهرا حتى في أماكن الحدث مثل القصر والكوخ، في حين تمثل الغابة العنصر المشترك الذي تذوب فيه الطبقات.
وتشكل العلاقات والمشاكل الاجتماعية محور هذه القصص، وتبرز قيمة الزواج كأهم الأمنيات والجوائز التي يحصل عليها البطل أو البطلة غنيا كان أم فقيرا، وسواء تم الزواج بأنسي أو بشخص من عالم الجن، فالحكايات الشعبية تتقبل تماما زواج الأنس بالجن بل ان اختلاط العالمين رغم ما بينهما من حدود واقعية ومعنوية يبدو شيئا مقبولا وممكنا. إلى جانب ما للسحر من دور في تحقيق أمنية الزواج أو الانجاب أو الرزق الوفير. ونلاحظ أن جميع الطبقات الاجتماعية تتساوى في حاجتها إلى السحر والقوى الغيبية في تحقيق أمنياتها وتجاوز المألوف والاتيان بأمور خارقة خاصة إذا كانت شروط تحقيق المأمول شروطا تعجيزية كاستخراج الزيت من حبوب الخردل، ويتم تحقيق أغلبها عن طريق التواصل مع الجن أو عبر أشياء لها قوى سحرية.
تتشارك هذه الحكايات أيضا في اعتقادها بأهمية الأرقام وهي تؤكد بشكل غير مباشر على دور الأرقام في تحقيق التوازن والنظام والرقم الذي يظهر بشكل متكرر هو الرقم 3 يليه الرقم 7. من أوجه التشابه الأخرى والجلية في القصص السابقة الثنائيات المتضادة التي تظهر من خلال الخير والشر، الثواب والعقاب، الغني والفقير، الليل والنهار، الإنس والجن، وتأكيدها جميعها على القيم الأخلاقية الإيجابية في تحقيق الأمنيات.
وتقوم الحكاية الشعبية بتطويع السمات المحلية في القصص ولولا هذه الإشارات البسيطة لما أمكن التفريق بين هوية هذه القصص، فمثلا نجد البيئة الهندية متمثلة في القصص بأسماء الأشجار والثمار وأنواع الحيوانات على القصص فنجد النمر والببغاء والحية في القصص الهندية، ونبات التنبول الشائع مضغه لدى شعوب جنوب شرق آسيا. في حين تظهر الظبية في القصص العمانية وشجرة النبق أو السدر اللصيقة بالبيئة العربية. وأخيرا تتصف لغة وأسلوب الحكايات أعلاه كأغلب الحكايات الشعبية بأنها لغة بسيطة ومباشرة، لكنها قد تفتقد إلى الربط المنطقي بين أجزاء القصة، وقد تتكون من أكثر من عقدة كما هو الحال مع الحكاية الأخيرة والتي تبدو وكأنها دمج بين حكايتين في بنية واحدة. أيضا قد تأتي التحولات في القصة مباشرة وفجائية ودون تمهيد، وقد تنتهي بنهاية سريعة أيضا رغم تشابك الأحداث في بعض الأحيان.
الهوامش
- نُشرت في العدد 47 أبريل/يونية 1995 في مجلة الفنون الشعبية (الدويري، 2006).
- تم تسجيل هذه الحكايات بصوت الراوية الراحلة (سكينة محمد سعيد) عام 1996 من قبل الصحفي (حسن أحمد سعيد).
• المصادر
- آلبوغبيش،عبدالله(2015). دراسة مقارنة نقدية لقصة من «غادة السمان» وأخرى لـ «بيجن نجدي» من منظور المدرسة الأمريكية. إضاءات نقدية، س 5، 2 17، صص 76 – 51.
- البوعلي، آسية (2006). الحكاية الخرافية والشعبية العمانية: دراسة في الشكل والمحتوى. الفنون الشعبية. ع 70. صص 43 – 60 .
- توفيق، يوسف (2014). الأبعاد الرمزية في الحكاية الشعبية. الثقافة الشعبية، ع 25.صص 26 – 45.
- جاكوبس، توماس جوزيف (2010). أميرة مدينة العاج: حكايات شعبية من الهند. ترجمة شاكر حسن راضي. هيئة أبوظبي للثقافة والتراث. أبوظبي.
- حسن، لبابة (28 مارس 2019). موضوعات الأدب المقارن. تم استرجاعه https://bit.ly/362uF5X
- الحنشي، أحمد (2016) الموتيف في الحكاية الشعبية: دراسة في موتيف الهروب والزواج في الحكاية العمانية نموذج «الكلبة الأنسية». في الثقافة الشعبية في عُمان: أعمال ندوة علمية محكمة (9 – 41) تحرير محمد زروق. سوريا، دار نينوى للدراسات والنشر.
- الحارثي، جوخة (2016) الأطفال في مواجهة الحكاية الشعبية. في الثقافة الشعبية في عُمان: أعمال ندوة علمية محكمة (43 – 69). تحرير محمد زروق. سوريا، دار نينوى للدراسات والنشر.
- ديومة،بابكر علي(2016). الأدب المقارن:الواقع وآفاق المستقبل. مجلة آداب. ع 36. صص 147 – 164
- رامانوجان،أ.ك (1996). حكايات شعبية من الهند. ترجمة رأفت الدويري، الفنون الشعبية.ع 50 مارس. صص 79 – 28.
- رامانوجان،أ.ك (2004). خمس حكايات شعبية هندية طريفة. ترجمة رأفت الدويري، الفنون الشعبية. ع 66,67 سبتمبر صص. 139-152.
- رامانوجان،أ.ك (2006). خمس حكايات شعبية هندية ساخرة. ترجمة رأفت الدويري، الفنون الشعبية. ع 69،68 مارس. صص 75 – 82.
- سلوم،داود (1982). حكايات التراث العربية وأثرها في القصص الهندية والأقطار المجاورة لشبه القارة. مجلة الآداب. ع 32. صص 59 – 99.
- عباسة،محمد(2017). المدرسة العربية في الأدب المقارن. حوليات التراث. جامعة مستغانم. ع 17. صص 7-26.
- عبدالله، توفيق عزيز(2010). الحكاية الشعبية. دار زهران. الأردن.
- عوض،إبراهيم (2015). بحوث الأدب المقارن ومجالاته. تم استرجاعه من https://www.alukah.net/literature_language/0/88010/
- علي، أصغر وآخرون(2019). الأدب المقارن، مفهومه ومدارسه ومجالات البحث فيه. مجلة القسم العربي. ع 26، جامعة بنجاب، لاهور، باكستان.
- غيلان، حيدر محمد(2006). الأدب المقارن ودور الأنساق الثقافية. دراسات يمنية. ع 80. ص 25
- ككرالوي،ذاكر علي خان(2016). التراث القصصي الهندي. أقلام الهند. ع 3 (كتوبر-ديسمبر). تم استرجاعه من http://www.aqlamalhind.com/?p=455
- لباشرية، خديجة (2019). النزعة الكوزموبوليتية في الأدب المقارن: دراسة في المرجعيات والمرتكزات. مجلة دراسات وأبحاث. جامعة الجلفة. ع 34. صص 318 – 331.
- مصطفى، اللواتي(2018). اللغة الخوجية أرث عريق وحاضر بحاجة إلى صوت. مجلة شرق غرب. ع 18. تم استرجاعه من
- https://sharqgharb.net/allghtt-alkhwje-att-ierth-areq-whadtr-bhajtt-iela-ssaw-n/
- النبلاوي،عايدة (2016). الحكايات الشعبية العمانية ودلالتها الاجتماعية والثقافية:دراسة انثربروبولوجية. مجلة الآداب والعلوم الاجتماعية، مج3، ع 2. صص 347 – 371.
- الندوي، معراج أحمد معراج (2019). القصة القصيرة وجذورها في التراث العربي. مجلة الدراسات المستدامة، مج 1، ع 61. ص 3 – 48.
• ملحق : مدونة الحكايات
- الحكاية الأولى من الحكايات العمانية: الأمير العفريت:
كانت هناك امرأة غير قادرة على الانجاب، رغم أنها عملت الكثير من النذور والأدعية، وفي يوم من الأيام صعدت على الجبل لبيت الخلاء، حيث لم يكن الناس في ذلك الزمان يملكون حمامات. وكانت هناك شجرة نبق كبيرة، فأخذت المرأة تدعو عند شجرة النبق إلى حد أنها قالت للشجرة سأزوجك من ابنتي إذا أنا أصبحت حاملا. وبالفعل حملت المرأة ورزقت ببنت. كبرت البنت وفي يوم من الأيام قالت لها صديقاتها لنذهب ونقطف النبق من الشجرة. وحين وصلت البنت عند الشجرة سمعت الشجرة تقول لها: اطلبي من أمك أن تؤدي نذرها. رجعت البنت إلى البيت وأخبرت أمها بما حدث. لم تهتم أمها. ومرة أخرى تكرر طلب الشجرة، وفي المرة الثالثة قامت الشجرة بتهديدها. جهزت المرأة أغراض العرس وذهبت للشجرة، وجلبت مندوسا ووضعت فيه كل أغراض البنت حيث لم تكن لديها أغراض كثيرة لأن العائلة فقيرة.
تحولت الشجرة إلى شاب جميل تزوج البنت. وبعد سبعة أيام حين ذهبت الأم لرؤية ابنتها التي تركتها عند الشجرة فوجئت برؤية قصر، ورأت ابنتها في عزّ وحولها صديقاتها، أما الزوج كان يأتي فقط كل ليلة. سألت صديقات البنت: من هو زوجك؟ وما اسمه؟ لكن البنت قالت إنها لا تعرف. فقلن لها صديقاتها: عليك أن تسأليه فكيف حصل هو فجأة على هذا القصر والأموال؟
وفي الليل حين جاء الزوج سألته البنت وأصرت عليه ولكنه رفض ان يجيب، ولكن مع إصرار الزوجة قال لها: إذا أخبرتك فإني سأهرب واذهب بعيدا. لكن البنت ظلت مصرة حتى في أحد الليالي أخبرها زوجها: اسمي برق برق الزمان ونور نور البحر! ومع اختفائه اختفى القصر ورجعت هي على ما كانت عليه من فقر الأحوال وكما تركتها أمها. وفي الصباح حزنت الفتاة لضياع كل شيء. وعادت للبس ملابسها الرثة، وحملت معها سبع أطقم من الجوارب ورحلت عن البلاد، وأخذت تمشي وتجتاز الغابات وجواربها تتقطع الواحد تلو الآخر، حتى وصلت إلى مدينة برق الزمان وكان هو ابن أحد الشياطين. فجلست عند النبع حيت تأتي النساء لجمع المياه، ورأت أحد الخادمات قادمة فسألتها الخادمة: لماذا تجلسين هنا وهل انت من الأنس؟ قالت لها: نعم أنا أنسية. سألتها لماذا جئت إلى هنا، ألا تعلمين أن هذه بلا العفاريت وقد يأكلونك، على أن أخبئك. ما رأيك أن أخفي حقيقتك وتكوني كخادمة لدى سيدي. وافقت الفتاة وأصبحت خادمة لدى زوجها الذي لم يكن يعرفها. أوكلت إلى البنت مهمة ملئ الماء في القربة. فقامت البنت بوضع خاتمها في قربة الماء الصغيرة التي كان يشرب منها الأمير، وحين كان يشرب الماء وجد الخاتم. وعرف الفتاة وكيف قامت بتتبعه. فقال لها الأمير: لا يمكن أن تعيشي هنا وسط العفاريت. وفي الليل هرب الأمير مع الفتاة، وهرب طائرا حتى وصل إلى بلاد البنت وأرجع قصره كما كان. وحين قامت الفتيات بزيارتها طلبت البنت منهم المغادرة لأنهم تسببوا في دمار منزلها. وعاش الأمير العفريت والفتاة في سعادة.
- الحكاية الثانية من الحكايات العمانية: الملك الظالم
كان هناك ملك يتزوج في الليل ويقتل البنت في الصباح. وفي يوم من الأيام كان يمر بالغابة ووجد رجلا عجوزا يجمع الحطب وابنته تساعده وتربط له الحطب في حزم، رأى الملك الفتاة وقام بخطبتها. شعر العجوز بالحزن فقد كان رجلا كبيرا في السن وليس له بنت غيرها. وفي كل الأحوال إن لم يوافق سيقتلهم الملك. قالت له البنت: وافق يا أبي ولا تغتم، أنا سأهرب. تزوج الملك بالفتاة وفي الصباح عند بزوغ الفجر، قامت الفتاة بالهرب وأخذت الشال الذي كان يستخدمه الملك وخاتمه المصنوع من اللآلئ والأحجار الكريمة، ومنديلا كان يستخدمه. واختبأت في غار سري في منزلها.
حين استيقظ الملك في الصباح وكان كالعادة يطلب من السياف أن يأخذ الفتاة إلى الغابة ليقتلها ويجلب دمها وعينيها كدليل على موتها، فكان يشرب الدماء ويدوس على العينين. وحين وجد السياف ان الفتاة هربت ذهب إلى الغابة وقتل ظبية وأخذ دمائها وعينيها وجلبها للمك. أما الفتاة فقد أصبحت حاملا ورزقت بولد وقامت بتربيته وقد مات والدها العجوز حتى كبر الولد وأصبح عمره عشرن سنة. واخذ يسأل عن أبوه وأصر على معرفة الإجابة. فأخبرته أمه بما حدث وخوفها من أن يقتلهما معا. فأصر الولد أن يذهب لزيارة والده. فقامت أمه بتجهيزه وألبسته الأشياء التي كانت هربت بها. دخل الولد على الملك وتفاجأ الملك حين وجده يلبس تلك الأشياء فسأله عن أمه وأباه. فقال له في البداية لا أعرف. ثم أخبره انه ابن ابنة الحطاب وأنها حية. فقال له الملك: أين أمك الآن؟ قال سآتي غدا معها. وحين عاد أخبر أمه، وقررا الهرب خوفا من الملك، وذهبا إلى الصحاري والغابات. وحين وجد الملك أنهما لم يعودا قام بالبحث عنهما ولم يجدهما.
أما الولد وأمه فقد ذهبا إلى غابة أخرى وهناك وجدا قصرا، وفي هذا القصر فتاة تجلس محبوسة في قفص، وهناك عفريت كبير يحرسها. فسألتها الأم: ماذا حدث لك؟ قالت الفتاة كانت ليل زفافي (ولهذا يضعون القرآن عند مخدة العروسة) وقد حملني هذا العفريت وجلبني إلى هنا وحين سيستيقظ سيتزوج مني. سألها الولد: وكيف يمكن القضاء على هذا العفريت؟ فقالت الفتاة: ان روحه في جناحيه، فإذا قضيت على جناحيه تكون قد قتلته. قام الولد بلوي عنق العفريت وبضرب أجنحته حتى مات، قم قام الجميه بدفنه. وكانت هذه الغابة مليئة بالخيرات. فقال لها: من أين انت فقالت أنا ابنة ملك البلاد الفلاني، فقال لها وأنا ابن الملك الفلاني، وقاما بالزواج. أما الأم فقالت للولد لقد سمعت أن في بلاد العفاريت هذه يكون هناك تفاح، يبكي في الليالي المظلمة، ويضحك في الليالي المقمرة. فقالت له: انا أريد هذا التفاح. وأصرت على الولد أن يجلب هذه التفاحة. قالت الفتاة ولكنه سيهلك في بلاد العفاريت، لكن الأم كانت مصرة. فقالت له الفتاة: خذ معك طاقية الاخفاء هذه، فصعد على الفرس وذهب للبحث عن التفاحة، حتى وصل إلى مدينة ذات أبواب عليها عفاريت واستخدم طاقية الاخفاء ومشى بينهم، وحين دخل تفاجأ برؤية أحد البشر، فقال له الانسان: ما الذي أتى بك إلى هنا إلى بلاد العفاريت. فأخبره قصته. قال له سأخبرك أين قصر الأمير واقطف التفاحة واهرب تاريخ 14 فقط تنضج التفاحة، ففعل ذلك وأعطى التفاحة لوالدته، ثم قرر أن يذهب لمواجهة والده، فوجده نادما على ما حصل.
• الصور
- https://www.pinterest.com/pin/278308451947949084/
- https://ichef.bbci.co.uk/news/976/cpsprodpb/0D58/production/_103061430_hi048690047.jpg