قد يعتب البعض بأنه لدى استضافة معالي وزير النقل والاتصالات وتقنية المعلومات؛ لم يركز أعضاء مجلس الشورى كثيرا على قطاع الموانئ وعلى الجوانب الاقتصادية لقطاع النقل والاتصالات وتقنية المعلومات.
ربما لدى أعضاء الشورى بعض الحق في التركيز على الطرق أكثر من بقية القطاعات . وذلك لسببين أولهما ان الوزارة تقدم خدمات بشكل رئيسي لذا تولت لجنة الخدمات بالمجلس الأمر ، ولإتصال الطرق بحياة الناس بشكل مباشر ؛ فلولا الطرق لما حصلت التنمية في أي بلد . أما السبب الآخر فقد فات مكتب المجلس إحالة الأمر الى اللجنة الاقتصادية والمالية لتولي الشق الاقتصادي للموانئ والمطارات والاتصالات وتقنية المعلومات.
واقعا واقتصاديا يلقى قطاع التعدين رعاية جيدة جدا ، فهناك منشآت وأرصفة وتسهيلات في الموانئ تنشئها وزارة النقل تساعد على تصدير المواد التعدينية ، وهي كلها منشآت تكلف الحكومة مئات ملايين الريالات .
وخلال الفترة القادمة ستنشئ الوزارة ميناء منجي في محافظة ظفار لتوفير ميناء لنقل المواد التعدينية وتصديرها الى الخارج. وكذلك ستنشئ ميناء الشويمية متعدد الاغراض بمحافظة ظفار لتوفير ونقل المواد التعدينية وتصديرها الى الخارج.
إن جل المواد التعدينية كالجبس والرخام والأوبال وغيرها من المعادن التي تزخر بها جبال السلطنة تصدر الى الخارج بحالتها الخام ، وفي مقابل كل التسهيلات بالانشاءات التي تقوم بها الوزارة ، فالبلاد لاتستفيد الا النزر اليسير ، وتفقد الجبال معادنها التي تكونت في باطنها عبر ملايين السنين ، فالمعادن ثروة ناضبة ، وتصديرها بصورتها الخام لايحقق أي منفعة أو قيمة مضافة للبلاد والناس على الاطلاق.
فهل توازي قيمة إنشاء البنية التحتية لخدمة ونقل المعادن ، والتي تحتاج بعد إنشائها الى تجديد مستمر وصيانة من مخازن وأرصفة ومناولات وموانئ المبلغ الزهيد المستحصل من رسوم تكاد تكون رمزية ! وهل تغطي الرسوم قيمة ماتصرفه الحكومة على خدمة هذا القطاع ؟ ولماذا على الحكومة أن تصرف كل هذا الصرف سواء أكانت في أزمة مالية أم لا ؟
إن أنصار الليبرالية الجديدة لايؤمنون بدور الحكومات في الصرف على إنشاء البنية الأساسية للبلدان من مدارس ومستشفيات وطرق ومشاريع خدمية !! فلم يطالبونها بأن تنشئ لهم كل هذه البنية الأساسية وتتكلف كل هذه التكاليف الباهضة لنقل المعادن ليبيعوها في الخارج !؟ ان قطاع المعادن ملك للبلاد ، وعليه ان يساهم في الناتح المحلي ، ويحسن الوضع المالي والاقتصادي .
ان الاعلان عن مناطق الامتياز للتعدين أمر طيب اذا أرفقته اتفاقيات قوية ومتينة بين وزارة الطاقة وبين من يتم منحه حق الامتياز ، لتحقق هذه الاتفاقيات أولا عائدا طيبا وجيدا للبلاد ، وثانيا بأن ينشئ قطاع التعدين مشاريع القيمة المضافة داخل البلاد ، فلا تصدر المعادن بصورتها الخام الا بنسبة محدودة ومحددة من الحكومة ، وثالثا ان يتم الحفاظ على جزء من هذه الثروة كما هي في باطن الجبال لأجيال المستقبل .