Image Not Found

عين الوطية.. مياه كبريتية ساخنة يمكن استعمالها للاستشفاء

ينابيع عين الوطية تتدفق بغزارة تصوير ـ خلفان الرزيقي

عُمان: كتب ـ سهيل بن ناصر النهدي

قديما.. كانت العين محطة استراحة لقوافل الإبل ويستطب الناس بمياهها الحارة –

تدفق (عين الوطية) يدخل البهجة في النفوس، حيث تنبع من بين الصخور مصدرة عزفا جميلا، إلا أن ثمة حزنا يعتري ذلك المكان، إذ تسيل مياه العين حائرة منذ سنوات، فلم تعد بساتين النخيل والليمون بالوطية تشتاق لمياه العين لترتوي من بعد عطش، فقد ذهبت البساتين، وحلت بدلا منها العمارات والمنشآت والطرق، ولم يعد ساعد فلج الوطية ينتظر جريان مياه العين عبر سواقيه، فالسواقي اختفت، ولم تعد إبل القوافل القادمة من دواخل عمان وشرقيتها وظواهرها وبواطنها، تحط رحالها حول العين لتسقي الإبل بعد عنا السفر من مسافات طويلة قطعتها لتستريح ويغتسل من مائها رجال القافلة بعد مسيرة أيام، ليهبطوا ببضاعتهم التي جلبوها على ظهور الجمال في سوق مطرح، ولم يعد الأهالي يحتاجون إلى الاستشفاء من ماء العين الساخنة.

عين (الوطية) تتدفق بغزارة كبيرة مصدرة خريرا عذبا.. مياهها حارة مائلة إلى الملوحة، تقع العين على سفح جبل خلف المباني والمنشآت والمشاريع بمنطقة الوطية العامرة بمنشآت حكومية وأحياء سكنية.

وتنساب مياه العين لتنضم للمياه القادمة من العامرات عبر وادي عدي لتجري إلى البحر دون أي وجه استفادة من مائها.

تشكل مياه العين بركا مائية يستخدمها بعض الأهالي لسقي مواشيهم، ولكن أحد المواطنين الذي كان يرعى أغنامه بالقرب من العين قال: تشرب الأغنام والماعز من هذه المياه، ولكن نحن نشاهد بعض ناقلات مياه المجاري تقوم بإفراغ حمولتها بهذه البحيرات التي تكونت من مياه العين مستغلة وجود مياه العين لتفريغ مياه المجاري!.

أسئلة حائرة

وعند زيارة العين بمنطقة الوطية التقت «عمان» بمحمود بن عبيد الحسني أحد المهتمين بموضوع الهدر المائي بمحافظة مسقط، الذي أعرب عن استغرابه من تواصل عملية هدر المياه دون أي وجه للاستفادة منها.

وقال الحسني: أنا من أبناء ولاية مطرح وأعرف هذه العين جيدا منذ كنت صغيرا في السن، مشيرا إلى أن العين توقفت عن التدفق في سنوات سابقة إلا أنها عادت منذ عام 2007م، بغزارة شديدة وهي إلى اليوم تجود بمياهها الساخنة التي تميل إلى الملوحة، ولكن لم تتبنَ أي جهة مشروعا للاستفادة من هذه المياه للاستطباب أو التداوي على سبيل المثل كون أن هذه العين مياهها حارة وتميل للملوحة وتصلح للتداوي.

وفي جانب آخر تواصل إحدى الشركات شق حفر لمرور أنبوب على ما يبدو من واقع العمل الميداني، لكن يواجهون صعوبة في الحفر بسبب مياه العين المتدفقة والجارية في مجرى وادي عدي، حيث يقوم عمال الشركة بمحاولات لشفط المياه ووضع أنابيب لها وتحويلها إلى موقع آخر.

كتاب ووثائق

وحصلت «عمان» على نسخة من كتاب بعنوان (فلج الوطية بولاية مطرح) يسلط الضوء على فلج الوطية الذي وصفه الكتاب بأنه مثال حي على التأثير المباشر وغير المباشر لمجموعة من العوامل منها قدم قنواته وحفر الآبار أعلى منابعه والامتداد العمراني والطرق مما أدى إلى تأثر الفلج وانقطاع جريانه.

كما أكد الكتاب أن مياه الفلج قادمة من ينبوع من المياه المعدنية حارة يستفاد منها في الاستشفاء وعلاج العديد من الأمراض الجلدية وغيرها.

ويذكر الكتاب أن مياه الفلج كان يستنفع منها في ري أراضي زراعية مختلفة موجودة بمنطقة الوطية (وحدة الخيالة حاليا)، ومنطقة السليعة (منطقة مجمع الحارثي حاليا) ومنطقة الردة (بجوار مشتل البلدية) ومنطقة حديقة القرم الطبيعية، حيث يستدل على ذلك بوجود آثار القنوات المتجهة إلى تلك المناطق.

كما تضمن الكتاب صورا لوثائق تبين ذكر تاريخ فلج الوطية، ووثائق عن تقرير فني مؤرخ بتاريخ 17 / 12 / 1974م تم إعداده من قبل المختصين بدائرة موارد المياه التابعة لوزارة التنمية آنذاك ورد من خلاله تعرض قناة الفلج للانهيار من قبل الشركة المنفذة لازدواجية طريق روي ـ السيب.

اليوم.. حتى سكان المباني الواقعة حول العين لم تعد تهمهم العين وسخونة مائها، فقط وحده ذلك الراعي الشاب الذي يرعى أغنامه بالقرب من العين، يحرسها وهي تجود بمائها لتشرب أغنامه منها ويرحل، ولم يعد أهالي الوطية ينتظرون قدوم مياه العين عبر سواقي الفلج ليرتوون منه،.. فقط بقي بعض المشتاقين لأيام الطفولة من أبناء ولاية مطرح يأتون لزيارة العين ويتذكرون أيام طفولتهم وذكريات بهجة الطفولة وأيام العين، يقضون أمامها سويعات، ثم يرحلون وهم يتساءلون كما تساءلنا مرات عدة، لماذا لا يستفاد من مياه هذه العين؟

وبين بحث عن إجابة أو رد..، تواصل «عمان» فتح ملف الهدر المائي وموانع الاستثمار، فمنذ فتح الملف قبل عدة أسابيع، وقد تناول في البداية هدر مياه ساعد (بيت الفلج)، وانسيابها من عدة عيون عبر مناطق روي والوادي الكبير ودارسيت الطويان والساحل وصولا للبحر، ومياه العامرات التي تتدفق إلى أن تصل أيضا إلى البحر، لم تبادر أي جهة لترد على ما نشر أو تبشر بدراسة لوقف الهدر المائي.

والى حين رد الجهات المعنية على الهدر المائي وموانع الاستثمار، تواصل «عمان» زياراتها الميدانية لعدد من المواقع التي تنبع منها المياه لتنقل عبر الكلمة والصورة، مشاهد من الهدر المائي الذي يطرح العديد من علامات الاستفهام حول الصمت الذي يطبق على هذا الموضوع على الرغم من أهميته البالغة في توفير أهم مصادر الأمن المائي.