Image Not Found

الابتعاد عن الإسراف والتبذير

حيدر اللواتي – لوسيل

بالرغم من البيانات والخطابات والمقالات التي تُكتب في الوطن العربي من أجل عدم التبذير والابتعاد عن الإسراف في الأكل والشرب، ونحن مقبلون على شهر رمضان المبارك، إلا أن الواقع غير ذلك في الكثير من الدول العربية والاسلامية. فالأوضاع التي تعيشها الأمم اليوم تختلف كثيراً عما كانت تعيشها في العقدين الماضيين، حيث تعاني معظم الدول العربية من الفقر والبطالة وسوء الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، الأمر الذي يتطلب النظر إلى مسألة الأكل والشرب وفق حاجة كل شخص وعدم رمي الأكلات الفائضة في سلة المهملات يومياً وخصوصاً في هذا الشهر الفضيل.
هذه القضايا سبق أن حذر منها الكثير من العلماء بضرورة الابتعاد عن مظاهر الإسراف والتبذير في المجتمعات العربية والإسلامية، بالرغم من أن الاسلام لم يُحرم زينة الحياة الدنيا والطيبات من الرزق، وإنما يحرص على أن يبتعد الفرد عن الاستمرار في الإسراف والتبذير، وضرورة التوسط والاعتدال في كل أمر ومنها الطعام والشراب. وهناك العديد من الآيات القرآنية التي تحثنا على هذا الأمر منها قوله تعالى: “يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين”. ففي مثل هذه المظاهر تضييع للمال والثروة، والكل مسؤول عن نوع الطريقة التي يكتسب منها المال. فهو مسوؤل أيضا عن عدم الإسراف والتبذير في استخدام المرافق الحيوية العامة التي تخدم الناس من ماء وكهرباء، حيث تستفيد منها الحيوانات والطيور أيضا، وهذا يعني عدم الكفران بالنعم التي منحها الله لنا، وعدم رميها في القمامات في الوقت الذي يئن الكثير من الفقراء من قلة المال والطعام. فالمبذرون هم إِخْوان الشَّيَـاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبّهِ كَفُورًا، ففي ذلك ضرر على الناس في أبدانهم ودينهم ودنياهم. وهذا النوع من التبذير نراه أيضا يحصل في أيام الولائم والزواج والمناسبات الدينية والاجتماعية بسبب زيادة الأطعمة واللحوم وأنواع المأكولات والمشروبات التي ترمى في نهاية المطاف مع القاذورات، وقليل يتم توزيعها على أهلها وعلى الجمعيات الخيرية. وأي ضرر في ذلك فإنه يصيب عامة الناس.
وهناك اليوم أناس يقومون باقتراض من البنوك والمؤسسات التمويلية من أجل السمعة والرياء والتفاخر بين أفراد مجتمعه من أجل تحقيق بعض المكاسب الدنيوية، وبالتالي يتخلى عما يبقى من الطعام في حفلات الاعراس التي تقام في الفنادق والصالات دون أن يقوم بتوزيعها على المحتاجين. إذن علينا عدم انفاق المال والاسراف من أجل تحقيق تلك المظاهر الخداعة، وأن نتعامل مع الأكل والشرب والانفاق وفق بقية الشعوب في العالم، حيث لا يقدم الكثير منهم على شراء أية سلعة أو منتج لا يحتاج إليه، بل يحرصون على شراء المواد الغذائية والفواكة والخضراوات بكميات قليلة من واقع الثقافة التي يتحلون بها ألا وهي ثقافة الانفاق وترشيد الاستهلاك.
وعلينا أيضا في مثل هذه الظروف التي تمر بها الدول الاسلامية والعالم في خضم الأزمة الروسية الأوكرانية أن نعي هذه المسائل بأن هناك اليوم ضعوطاً كبيرة في استيراد الحبوب والزيوت واللحوم والاحتياجات الضرورية الاخرى من تلك الدول. فمعظم الدول العربية والاسلامية تعتمد كثيراً على الواردات الغذائية من الخارج، الأمر الذي يمكن أن يضر الأمن الغذائي التي نعمل من أجل تحقيقه.