عُمان: كتب – سهيل بن ناصر النهدي
سالم الغماري: اقترحنا مشروعات للاستفادة من رافد “بيت الفلج”.. دون استجابة –
بين المباني والأحياء التجارية والسكنية والمؤسسات المالية والأسواق والطرق والجسور، ومن تحت الخرسانات الإسمنتية، تجري مياه عذبة متسللة بهدوء وسط ضجيج روي والوادي الكبير والحمرية، لتصل إلى دارسيت شاقة مجراها القديم الجديد، تجري وتُصدر عند المنحدرات خريرا عذبا يجذب الطيور لترتوي، بمياه بيت الفلج.
القصة تعود إلى عام 2007م فبعد إعصار جونو عاد (فلج بيت الفلج) لينبع من بين الجبال بروي والوادي الكبير للجريان، بعد أن كان متوقفا لسنوات عديدة، ويمر الفلج بتلك المناطق في روي وبيت الفلج ودارسيت الطويان ليصل إلى دارسيت الساحل ويلتقي مع البحر.
ومع مرور الفلج بمجراه القديم يقطع العديد من الطرق الفرعية وتنساب مياهه مع مجاري الأودية ويلتقي مع عيون أخرى عادت لتنبُع من جديد بعد نضوبها، لتلتقي مع جريان الفلج الذي اتّحدت معه العديد من العيون بمجرى واحد وتشكّل في عدد من المواقع بحيرات وبركًا مائية تتجمع حولها الطيور والأعشاب، وعند هطول الأمطار يزداد انسياب الفلج وينخفض مع مرور الوقت إلا أن جريانه لم يتوقف منذ سنوات.
المياه تجري أمام أعين الجميع وتذهب هدرا دون أن يحرّك أحد ساكنا! الأمر الذي جعل الأهالي في حيرة مما يحصل، فبينما يتمنون أن تتم الاستفادة من هذه المياه، أصبحوا يتمنون لو أن يتم وقفها بدل أن تجري ليل نهار ويتجمّع حولها البعوض الذي أصبح يعشش في منازلهم.
(عمان) زارت المنطقة ميدانيا وتتبّعت جريان الفلج، ففي المنطقة التجارية بروي بجانب حي البنوك أقيمت (ثقاب) للفلج بمجرى الوادي، وتابعت انسياب المياه التي تدخل إلى بيت الفلج ثم تخرج وصولا إلى دارسيت الطويان ودارسيت الساحل، وطرحت عددا من الأسئلة حول هدر المياه وعدم الاستفادة منها.. مياه عذبة تجري لتصل إلى البحر دون أن يتم استغلالها منذ تلك المدة، حتى أن السكان بتلك المناطق طالبوا بضرورة استغلال هذه المياه والاستفادة منها حسبما تراه الجهات المعنية مناسبا.
أفلاج وعيون
وقال سالم بن محمد بن حمد الغماري عضو المجلس البلدي ممثل ولاية مطرح: قديما كان هذا الفلج يسقي المزارع في دارسيت الطويان وغيرها من المناطق بالولاية، وعندما اندثرت هذه المزارع أصبحت مياه الفلج تجري دون أن تتم الاستفادة منها.
وأكد الغماري على أن العديد من المناطق بولاية مطرح فيها أفلاج وعيون مائية عديدة، وهذه العيون تجري إلى الآن، وفلج بيت الفلج الذي ينبع من روي والوادي الكبير ويمر بمناطق دارسيت واحد من بين مصادر المياه التي طال الحديث حولها أمام الجهات المعنية ولكن للأسف لم تجد أي حلول على أرض الواقع، رغم أن الكثير من المسؤولين بعدة جهات تعاقبوا على موضوع مياه الفلج.
وأشار عضو المجلس البلدي إلى أن هناك العديد من المقترحات تم طرحها للاستفادة من مياه الفلج منها إقامة خزانات كبيرة تجمع فيها المياه ومن ثم يتم توصيل المياه لسقي المزروعات في المناطق والاستفادة منها في الريّ، كما تم اقتراح إنشاء متنزه طبيعي تُستغل فيه هذه المياه أو إنشاء قرية زراعية على هيئة محمية للنباتات أو الحيوانات ويتم فيها استغلال هذه المياه بشكل مناسب، إلا أن كل هذه المقترحات لم يتم العمل بها ومياه الفلج تذهب إلى البحر دون استفادة منذ تلك السنوات!
وأكد سالم الغماري على أن مياه الفلج نقية وصالحة للشرب، وعلى الرغم من أن بعض الفحوصات المخبرية أظهرت بعض السميات في المياه المرتبطة بنوع من البكتيريا، موضحا أن ذلك يعود إلى أن العيّنات التي تم إجراء الفحص عليها أخِذت من دارسيت الساحل، حيث فتحت (حيا للمياه) أنبوبا للصرف الصحي في مجرى الوادي الذي تمر به مياه الفلج مما أدى إلى اختلاط المياه وهي التي تمّ أخذ العيّنات منها، مؤكدا أنه لو تم أخذ العيّنات من دارسيت الطويان أو بيت الفلج لأظهرت النتائج نقاوة المياه.
وقال الغماري: على حد علمي أن هناك لجنة مشكّلة من عدة جهات حول هذه المياه، ولكن لا يوجد باللجنة ممثل للمجلس البلدي، مبينا أن هناك العديد من أوجه الاستفادة من هذه المياه.
مقترحات الأهالي
واستمعت (عمان) أثناء زيارتها لدارسيت الطويان إلى مقترحات الأهالي، وقال سعود بن علي الهاشلي: اقترح إنشاء خزان كبير تحت الأرض بحيث تعاد هذه المياه إلى الخزان الرئيسي بالوادي الكبير المخصص لولاية مطرح ويتم تحليته وتصفيته ومن ثم يُوزع على المنازل والأحياء.
كما اقترح الهاشلي أن يتم تعميق الوادي وإقامة متنزهات وحدائق للألعاب المائية مع إقامة تشجير بطرق هندسية ومقاهٍ توفر أجواء جميلة واستفادة من هذه المياه إضافة إلى غيرها من الفرص التي قد توجدها مثل هذه المشروعات.
من جانبه قال الشيخ إبراهيم بن محمد الوهيبي: التقينا عدة مرات بعدد من المسؤولين ببلدية مسقط و(حيا للمياه) حيث تبادلنا العديد من المقترحات حول الاستفادة من هذه المياه، إلا أن الموضوع منذ عام 2007م، وإلى الآن لم يتم فيه أي إجراء.
وأضاف الوهيبي: فلج بيت الفلج كان يسقي مزارع المنطقة الموجودة منذ قديم الزمان، وحاليا لا توجد مزارع ومياه الفلج تذهب إلى البحر دون أن يُستفاد منها.
من جانبه قال الشيخ أحمد بن محمد الهاشلي: المياه واحدة من أهم العطايا الربانية ومن الضروري الاستفادة من هذه المياه بدل أن تذهب إلى البحر، وتوجد العديد من المقترحات لدى الجهات المعنية وهي قادرة على أن تقيم المشروعات التي يتم من خلالها الاستفادة من هذه المياه، مناشدا بضرورة الاستفادة منها وإقامة متنزهات ومسطحات خضراء يتم ريّها من هذه المياه، مؤكدا على أن أي وجه من أوجه استغلال هذه المياه سوف يسهم في عدم هدرها وأيضا عدم تسبب هذه المياه بضرر على الطرق أو المباني أو تجمع البعوض فيها.
من جانبه قال سيف بن علي بن سيف الهاشلي: لو تتم الاستفادة من هذه المياه في تجميعها ومن ثم الاستفادة منها بتوزيعها وبيعها للمقاولين في البناء ومشروعات المقاولات، مؤكدا على أن هذه المياه التي تتواصل في الجريان الليل مع النهار بلا توقف من الضروري أن تتم الاستفادة منها.
وتبقى مياه فلج بيت الفلج وغيرها من عيون الماء التي تذهب إلى البحر، تبحث عن حلول للاستفادة منها، وإلى حين اتفاق الجهات المعنية على وضع الحلول لهذا الموضوع، تضع (عمان) هذا الملف مفتوحا لمتابعة موضوع مياه الفلج إلى أن تجد آلية معيّنة للاستفادة من مياه الفلج بالشكل المطلوب.